أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - أتعهد بأن أحبك حتى الموت














المزيد.....

أتعهد بأن أحبك حتى الموت


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4865 - 2015 / 7 / 13 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


شرّفني منذ أيام قليلة أن أكون حاضرا زواج ابنة خالي. كان الزواج تقليديا في مضمونه مع أن المراسيم لم تتم في الكنيسة لعدد توفر مكان في هذا الوقت من السنة. وصل الموكب الى المنتجع في البرية البعيدة وترجلنا من سياراتنا. كانت كروم العنب تحيط بنا من كل جانب وفي وسط المنتجع تم بناء مطعم يقدم الخمور من نتاج العنب التي يتم تصنيعها في المكان ذاته. كان المنتجع يطل على بحيرة مترامية الاطراف مما زاد سحر المكان أضعافا.

وصلنا قبل موعد اتمام المراسيم بثلاثة ارباع الساعة تقريبا. أخذ المدعوون بالتقاط الصور مع احبائهم. منهم من جلس على ضفاف البحيرة ومنهم من اخذ صورة قرب دوالي العنب او تحت الاشجار الباسقة. اغتنمت الفرصة والتقط صورة لي تجمعني بزوجتي وابنتي أمام القوس الذي يجمع العروسين في الذكرى الثانية والعشرين لزواجنا. كان الندل يجولون ويقدمون للمدعوين الشراب والمقبلات. حان موعد اتمام المراسيم. دعا القس الجميع للجلوس في اماكنهم.

علت الموسيقى الاحتفالية. تقدم الشهود اثنين اثنين، رجلا وامرأة، وأخذوا أماكنهم خمسة رجال على اليسار وخمس نساء على اليمين من المنصة. تقدم والدا العريس ثم والدة العروس وقد اقتادها ابنها. أخيرا، صدحت موسيقى الزواج الشهيرة المعروفة بال (Wedding March)، فوقف المدعوون فيما العروس تمسك بيد أبيها الذي اقتادها وسلمها لعريسها على المنصة، وعاد من ثم ليأخذ مكانه الى جانب زوجته في الصف الاول.

سار العرس بحسب البرنامج المرسوم له. سأل القس الجمع "من يعطي هذه الفتاة زوجة لهذا الرجل؟" أجاب والد العروس بالايجاب. تلى المدعوون ترنيمة الزواج التي اختارها العروسان. تكلم عم العروس عن معنى الزواج، ثم تلاه القس متمما الطقوس الى ان حان وقت تبادل العهود. حمل العريس الورقة التي عليه تلاوتها. نظر إليها. فتح فمه، لكنه لم يقل شيئا. ساد صمت عميق. عاد العريس محاولا تلاوة العهد فاختنق صوته مجددا. تسمرت العيون على العريس الذي قال أخير "أرجو المعذرة، لقد غلبتني مشاعري حيث ما عدت أقوى على الكلام." أخيرا نطق العريس بالعهود بصوت متهدج يعبر عن مشاعره وقامت العروس بعدها بترداد الكلام ذاته بصوت أكثر رباطة وجأشا "أنا سلمى، أتخذك أنت عادل زوجا لي... "
فيما كانت سلمى تتفوه بعهودها، أخذتني أفكاري الى مكان آخر يبعد آلاف الاميال عنا. بطل القصة هو باتريك بتريدس الذي يعمل مساعد مدير في مطعم سان جورج في مدينة نيويورك. قام هذا الرجل بنشر إعلان تحت اسم مزيف على موقع Humans of New York، كتب فيه عن شعوره بالإخفاق في عمله وما ينتج عنه من ضغط يتسبب به على زوجته. كان السيّد بتريدس يظن انه ينشر سرا عندما تعرفت الزوجة على صاحب السر ونشرت بدورها بعد ساعة تعليقا كتبت فيه تحت اسم آلي بتريدس " أنا هي الزوجة، ولا يمكنني أن أكون أكثر فخرا أو حبا لهذا الرجل من نيويورك. عشقي لك لا يمكن للسماوات ان تسعه، وأنا على استعداد، يا حبيبي، لمواجهة الصعاب معك مهما كانت الظروف/ I am the wife and I couldn’t be more proud´-or-more in love with this human of New York. I adore you to the moon and back my darling and I look forward to all the ups and downs the life brings us." حصل تعليق آلي على 115000 إعجاب و2800 تعليق في يوم واحد.

كلها لحظات قليلة مضت، عشت فيها فوق ناطحات سحاب نيويورك، عندما سمعت الناس يصفقون للعروسين بعدما أنهت سلمى عهودها قائلة "أتعهد أمام الله والناس، ابتداء من هذا اليوم وصاعدا، بأن أهتم بك وأرعاك، في الوفرة كما في الضيق، في الغنى كما في الفقر، في المرض كما في الصحة. أتعهد بأن أحبك وأعيش لأجلك حتى يفرقنا الموت. ولتكن هذه العهود عربون إخلاصي لك." ختم القس مراسيم الزواج قائلا "بناء على التفويض المعطى لي من الروح القدس ومن مقاطعة أونتاريو، أعلنكما زوجا وزوجة."

مبروك عليكما يا سلمى وعادل. لا شك لدي انكما صادقان في عهودكما، في زمن أصبحت فيه العهود حبرا على ورق. صلاتي لكما ان تعيشا حبكما على طريقة أجدادكما، حبا يربط الرجل بالمرأة في الضيق كما في الوفرة، في الصحة كما في المرض، حتى الموت. أصلي أن يكون حبكما ثابتا في زمن تكثر فيه المتغييرات وليس العكس حيث يكون الحب متغيرا بحسب مقاييس المرض والثروة والنزوة الجنسية.

وقبل أن ينفض العقد وينسحب العروسان، قرأ القس من سفر أفسس " يا سلمى، أحبي عادل واخضعي له. و أنت يا عادل، أحب سلمى كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها. على الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه... لأنه لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا."

هنأ الجميع العروسين. اتجه الجميع الى المطعم. كان الفرح سيد الموقف وفي اليوم التالي اتجه العروسان الى روما لتمضية شهر العسل. إنها الرحلة الاولى في رحلة العمر التي لا شك سوف تحمل معها الكثير من الافراح والاحزان، النجاح والخيبة، لكن الاساس يبقى ان يستمر العروسان ممسكين يدا بيد مهما طالت الرحلة ومهما تبدلت الظروف.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع الثائر 1 تعريف الثورة
- قصة حب
- قاضٍ ومتهم
- يسوع المفكّر 8 - العدالة الاجتماعية
- أين أبي؟
- دفاعا عن الاسلاميين
- يسوع المفكّر 7- العدالة الاجتماعية
- يسوع المفكّر 6 - حوار فلسفي
- وداعا يا ورد
- يسوع المفكّر 5 - لقاء على حافة البئر
- يسوع المفكّر 4 - الانسان
- حبّة مانغو على رأس الرئيس
- يا أبتاه، أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون
- يسوع المفكّر 3- الانسان
- يسوع المفكّر 2- الكلمة
- يسوع المفكّر 1 مقدمة
- لماذا نحن متخلفون؟
- مات الصنم، يحيا الصنم
- من أحرق سليمان، صباح، وروعة؟
- رسالة موت موقعة بالدم إلى أمّة الصليب


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - أتعهد بأن أحبك حتى الموت