أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - بهم لأننا نتعلم منهم!!














المزيد.....

بهم لأننا نتعلم منهم!!


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4865 - 2015 / 7 / 13 - 08:40
المحور: كتابات ساخرة
    


في صيف 2014 كنت في كوريا. سمعت انا وزوجتي مواء متصلا طيلة الليل. في الصباح وجدنا "قطا" صغيرا جدا بين سور حائط الجيران وسور منزلهم. قررت زوجتي طلب شرطة النجدة لإنقاذه بينما شرعت انا فعليا في إخراجه مستعينا بعصا طويلة. أسميناه "تونة" وكان بهحتنا لعدة أيام ونظرا لسفري وساعات عمل زوجتي آنذاك وضعنا صورته على الانترنت لمن يريد أخذه. وبالفعل أخذته أسرة في اليوم التالي ولم تتوفف ابنتهم عن إرسال صوره إلى زوجتي بين الحين والآخر. العجيب أنه خلال حضور زوجتي إلى مصر في يناير 2014م وكنا نزور بيت أختي في المساء اهتممنا بكلبة وأولادها بمحض الصدفة وكنا يوميا نضع لهم العشاء وأذكر أني وضعت صورتها على الفيسبوك في تلك الفترة وكان اسمها "ميشو". بعد هذه التجربة أحضرت سلوى ابنتي قطا من المدرسة. حيث كانت المدرسة الكورية بالقاهرة قد ارسلت لاولياء الأمور استمارة رغبة في استضافة قط صغير. وبعد خمسة وأربعين يوما شرفنا ذلك القطيط الجميل.. أسميناه "ريو" تعلقنا به بجنون وملأ البيت مرحا وحركة. كان يعرف أني ساخرج لعملي فيسبقني إلى باب الشقة ويظل يتبعني ويقفز فوق أقدامي. وبمجرد وضع المفتاح في باب الشقة كان يحس برجوعي فيجري نحوي حتى أحمله. كل صباح كان يتسلق كتفي وينزل معي لمدخل العمارة حتى تستقل سلوى باص المدرسة. لكن بسبب سفري إلى كوريا في صيف ذلك العام اضطررنا لتركه في الفيوم وهناك ولأنه مختلف كان مرحبا به في كل بيوت الحي حتى لم نعد نراه إلا كل عدة أيام كما قالت أمي. مرت أيام وحضرت زوجتي وفي مطلع مايو الماضي شاهدنا من البلكونة كلبة وسبعة من أولادها الصغار في قطعة أرض فضاء خلفنا. لم نتردد. جهزنا لهم الطعام والماء وأصبح هناك موعد اعتيادي بين السادسة والسابعة مساء. كبر الصغار وعرفوا مدخل العمارة كما عرفونا وفي الموعد اليومي يجلسون امام المدخل يانتظار الطعام والماء. بجرون وبقفزون في سعادة غير خافية. عند وضع الطعام تنتظر أمهم حتى يفرغوا من الأكل لتبدأ هي. في الأيام الحارة كانت زوجتي تهتم بوضع زجاجتي ماء في الثلاجة لأجلهم. يتحركون كلما انكسر الظل ناحيتنا باتجاه شبابيك شقتنا وبلكونتها بحساسية مدهشة ويشرعون في نباح يشبه التحية ممزوجا بهز الذيول كنوع من الترحيب برؤيتنا من النوافذ smile emoticon قبل أسبوع تقريبا ولا أعرف السبب مرضوا جميعا. هل اكلوا من صندوق القمامة طعاما فاسدا؟ هل انزعج احد حراس العقارات منهم فوضع لهم السم؟ لكن كل العقارات المحيطة تعرف مدى اهتمامنا بهم ولا أظن أنهم سيقدمون على شيء مثل هذا. على اية حال. قبل ثلاثة أيام مات أحدهم بعد قيء وامتناع عن الأكل. دفنته في مكان قريب وأخفيت الخبر عن زوجتي وتعللت يوميا بحجج حتى لا تنزل معي وقت إطعامهم. لكنها لاحظت من الشباك جلوس أحد الكلاب في مكان ما لا يكاد يبرحه. كانت لا تعلم السر لكني كنت أعلم. فقد كان يجلس قرب قبر أخيه. يومان تقريبا توقف فيهما عن الأكل. مساء أمس اشتريت له "فيتامين" ومضادا حيويا ووضعته له في فمه بحقنة صغيرة. كان ينام في المكان نفسه حتى الصباح. لما طلعت الشمس لم نجده. فرحنا ظانين أنه تعافى! قبل نصف ساعة أرادت زوجتي التخلص من هواجس القلق عليهم. نزلت معي لنجده قد مات حزنا على أخيه. وفاء نادر بلا حدود. قد يضحك البعض ظانا اني ارستقراطي يبحث عن تسلية. يا سادة أنا رجل ريفي من أسرة عادية كل رأس مالها في الحياة هو المحبة والتسامح. عاش ابي عمره كله يعلمنا هذين الدرسين. فأمي تضع الاطباق البلاستيك كبيرة الحجم في فناء الدار وتفتح الباب لعابري السبيل من الماعز والأغنام تدخل لتشرب ثم تخرج وكأنها أحد أفراد بيتنا. مات الكلب الصغير حزنا على أخيه معلما أياي درسا يستحيل نسيانه. وعادت زوجتي باكية وما تزال.
اللهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك وشكرك وحسن عبادتك واغرس فيها دائما بعضا من فيض رحمتك الذي لا حدود له.



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية عمر الشريف مع الكوريين!
- كوميديا المواقف وشرشحة الإفيهات:
- عندما يسطو الزمن على حقنا في الاستمتاع بحزن الوداع
- -طير أنت- ...ومّن يُطَيِّر الشعب المصري كله؟!
- عندما حاول البوذيون -بوذنة- كوريا!!!!!
- قاموس -سلي صيامك- في معاني -الانقلاب-:
- إذا لعبتَ الاستغمايه إياك أنْ تسرق -الميس-!!
- عندما تصبح الحياة فيلم رعب على الطريقة الهوليودية!!
- عندما يتحدث الشعر الكوري عن الواقع المصري!
- عزيزك الميكروباص! في زمن الغربلة لا مكان إلا للأتوبيس العموم ...
- رسائل إلى أبي من زمن المصاطب!
- لماذا أنا متفائل؟
- دخلت الجيش؟ لأ. شفته فيديو
- عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!
- علمتمونا صغارًا أن -الحركة- بركة!!
- الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-
- آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
- عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما ...
- لحظة انهزام الخريف
- بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - بهم لأننا نتعلم منهم!!