|
تصورات الطليعة وجدل الممارسة
أحمد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 14:00
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
هذا المقال محصلة نقطة سجالية هامة مع رفيق اعتز به .
أوهام الطليعة وجدل الممارسة
سجال مع الصديق رمضان متولي
ما قاله رمضان (على الثوريين أن يتذكروا دائما أنهم في أغلب الأوقات سيكونون أقلية لأنهم ببساطة لا يتذيلون العفوية ولا الوعي الزائف الذي يشكله خليط من الأفكار السائدة والمشاعر الأولية الناتجة عن حالات الإحباط والخوف من المجهول والرغبة في الاستقرار أحيانا ، أو الناتجة عن الوعي الزائف وطبول الحرب الرجعية تحت عناوين حماية "الوطن" أو "الدين" من جانب آخر - وتذكر أنك قد تصبح أقلية غير مسموعة وتتعرض للانتقاد والهجوم الآن ولكن ذلك جزء من بناء أغلبيتك ومحيطا لتأييد لك في المستقبل ، عندما تتطلع إليك الطليعة إيمانا بثباتك على مبادئك ، وثقة في قدرتك على تقديم بدائل حقيقية مبنية على الثقة في قدرة الجماهير ، وفي صحة توجهاتك واستراتيجيتك )
+++++++++++++++++++++++++
هل ستقول الجماهير غدا فعلا .. أننا كنا على حق بالأمس ؟ من التصورات الشائعة في نمط تفكير الجماعات الثورية ، والذي يتم استدعائه كلما تناقضت بدرجة أو بأخرى ، مواقف المجموعة الثورية ، مع ميول أو اتجاهات الحركة العفوية للجماهير ، أن مضمونه هو ( حسنا ، تلك الجماهير لا تعرف أين مصلحتها ، انهم يخطئون في التقدير ، يجب علينا أن نتمسك نحن بالموقف الصحيح ، قد نخسر الآن ، لكن الجماهير ستدرك غدا ، من خلال التجربة ، أننا كنا على حق ، وان موقفنا كان صحيحا ، وساعتها سنكسب اكثر ) السؤال هو …. : هل فعلا ترصد الجماهير مواقف الثوريين وتثمنها من وقت لأخر فى مجرى الأحداث ، فإذا وجدت الثوريين على حق ، تراجع موقفها وتسير وراء الثوريين ؟
، أن ما نلاحظه انه .. في مجرى أي صراع دائر يحرك الجماهير عادة غرائزها الاجتماعية وحسها المباشر ، اكثر مما يحركها فعلا دعايات القوى السياسية بوجه عام ، أو الثورية بشكل خاص ، ومن ثم تتأرجح فعليا مواقف الجماهير ، يمينا ويسارا ، فى مسار الصراعات الواقعية ، فليست غرائز وميول الجماهير دائما على حق ، لا يعني ذلك أن الدعاية السياسية لا تأثر في سلوك الجماهير ، على العكس طبعا ، ولكن الجماهير تتعرض لاستقطاب دعائي من مختلف الجبهات الطبقية ، أنها تفتش عن اقرب الحلول انطلاقا من أفكارها السابقة ، وهي عادة حلول إصلاحية واحيانا رجعية ، أن الجماهير التي خرجت توا من رتابة نمط الحياة المتكيف ، ومن هيمنة وخداع أيدلوجيا الطبقة المسيطرة ، والتي في الغالب لا يتاح سوى للقوى الأقل تصادما مع النظام أن يبث دعايته العلنية والمقبولة بينها ، المتوقع هكذا أن تسير ابتداء خلف الدعاية الرجعية بدلا من دعاية الثوريين ، إلا أن الجماهير لا تقدس أي اتجاه في مجرى كفاحها ، ففي مجري الحركة تتعلم بسرعة هائلة أن تفكر باستقلال ، وان تثق بقدارتها ، أن حسها يتحرك مباشرة خلف مصالحها ، إلا انه حس وليس وعى فعلى عن أين وكيف تتحقق هذه المصالح ، قد لا تعرف الجماهير ، في أي اتجاه يجب أن تسير لتحقيق مصالحها ، لكنها تدرك بسرعة هائلة إذا كانت هذه المصالح قد تحققت بالسير فى هذا الطريق أو لا ، إن كان هذا هو الطريق الصحيح أو الخطأ ، ففي الصراعات الضخمة تعتبر التجربة العملية هي المرشد الأهم للسير الجماهيري ، إنها كالسباح الذي ليس لديه نادي سباحة ، وتفرض عليها الضرورة أن تتعلم السباحة بسرعة فور النزول إلي الماء ، فتقوم بتصحح مسارها عن طريق نبذ القوى التي خدعت بالسير وراءها فورا ، ولا يعنى هذا أيضا أنها قد أدركت أو عرفت في أي اتجاه يجب أن تسير ، ليس بهذه البساطة في الصراعات الكبري والثورات ، لذلك يمكن فعلا أن تتحرك من خطأ إلي خطأ جديد ، من تجربة فريق إلي تجربة آخر من الوسطيين أو الإصلاحيين ، من تذيل طرف رجعى إلي تذيل طرف آخر هو أيضا رجعى ، تمتحن الجماهير عبر مسار صراعها قوى عديدة ، وتمر هي نفسها باختبارات عديدة قبل أن تسير فى الطريق الصحيح ، ومن ثم تمنح الظروف للثوريين الفرصة التاريخية الملائمة لقيادة الجماهير ، هي أيضا ثقة ليست مطلقة ، فلو تردد الثوريون ، أو ارتكبوا أخطاء ، يمكن أن تضيع هذه الفرصة لسنين طويلة ، بل حتى يمكن أن تنقلب عليهم قطاعات من الجماهير التي كانت تسير خلفهم ، والأخطر من ذلك أن الجماهير يمكن أن تقع مجددا في خداع أعداءها بسبب أخطاء الثوريين ، لدينا مثال رائع هنا ، الجماهير التي وقفت مبكرا ضد حكم العسكر ، وهتفت بسقوطه بعد أن اختبرته ، عادت – بسبب خطأ دعوة قطاعات من الثوريين لتأييد مرشحو الإخوان – إلي الانقلاب علي الثوريين انفسهم ، وتأييد حكم العسكر الذي رفضته من قبل .
أن السير فى اللحظات الأكثر تقدما ، وبعد امتحان الوسطيين وبدلاء النظام ، خلف الثوريين ليس ابدآ بسبب مجرد ( الكلام الصحيح الذي قالوه بالأمس ) بل تحديدا وبدرجة اكبر ، بسبب أن الجماهير تكون قد اختبرت فعلا مواقف الجبهات الأخري وأسقطتها من حسابها .
أن صمود الثوريين في النضال بجوار الجماهير ، هو ما يمنحهم تلك الفرصة التاريخية بعد سقوط الآخرين ، وقد تكون تكتيكات تلك اللحظة مختلفة إلي حد كبير عن ما قالوه أو ما طبقوه بالأمس ، فغالبا ما تكون ظروف تلك اللحظة الأكثر تقدما ، مختلفة بدرجة هائلة عن ظروف اللحظة السابقة عليها ، وتمثل قطع نوعي معها ، وتفرض خطابا جديدا ومهام جديدة مختلفة عن ما قالوه بالأمس . أن كشف حساب الجماهير ينفتح لتيار أو آخر فى لحظة أو أخرى ، أن قوة الدعاية قد تجعلك فى مقدمة ترتيب الامتحان الجماهيري أو مؤخرته ، ولكن لأسباب كثيرة تتعلق بالتربية والإيدلوجيا والقدرات يكون فقط في مستطاع الأحزاب والقوى البرجوازية أن تتقدم الصفوف ، وان تخاطب الغرائز الجماهيرية، وان تخدعها ، ومن ثم تضعها على ميزان الفرز الجماهيري بسرعة شديدة ، ولذات الأسباب غالبا تكون القوى الأكثر راديكالية فى الثورة هي الاختبار الذي تلجا أليه الجماهير في نهاية رحلة البحث الدامية ، حدث ذلك بوضوح فى الثورة الروسية وغيرها ،هذا إن ظلت حيوية الجماهير وضعف النظام يسمحان للجماهير بالتفتيش مرة بعد أخرى عن من يمثل مصالحها فعلا ، أن تكتيك صحيح لم تتبعه الجماهير وراء الثوريين يظل مجرد محاولة أخففت ، ولا يلتفت إلي صحته بعد ذلك إلا غالبا من يهتم بالبحث والتأريخ. وربما انت وطلائعك لتتعلم منه . فغالبا لا تهتم الجماهير بأن تقول لها ( لقد قلنا كذا فى الموقف السابق واتبعنا كذا ) فما يهمها فعلا في تلك الدوامة الدموية هو ألأن وهنا ، الاختبار الذي تضعك فيه ، قدرتك فعلا على تحقيق مصالحها وقيادتها فى تلك اللحظة ..... ذلك بغض النظر عن صحة تكتيكك في السابق من عدمه. أن التصاقك في كل الظروف بالجماهير ، يسمح لك أن تري عن قرب تطور استعدادها وميولها . ، انعطافات توجهاتها ، التحذير في كل مرة من الاتجاه الخاطئ في السير ، من خداع هذا الطرف أو ذاك ، من صحة هذا الشعار أو عدم صحته ، أن تساعدها في اختصار ( الاختبار الدامي ) وتكلفته المضنية ، في تجنب الفخاخ والانتهازيين قدر ما تستطيع ، فليس قدرا حتميا أن تمر بجميع الشراك المنصوبة قبل أن تصل إلي طريق امن ، هنا ، بهذا الالتصاق والدأب ، تلك المثابرة دون تعالي أو قفز علي استعدادها الجامح ، ستكون قريبا بما يكفي فى اللحظة المناسبة التي ستقرر فيها أن تسير خلفك . ما أريد أن أقوله هنا أن مسار الثورات اكثر تعقيدا بكثير من كونك لديك فكرة صحيحة ، وان الجماهير ستعرف ذلك غدا . انت وحدك من يجب أن يعيد النظر فى تكتيكه ، من يشرح لأعضاءه وأنصاره ، غير انه لا يشفع لتكتيك ثوري خاطئ ابدآ أن يعزى نفسه بتخلف الجماهير .....ولا يقدم الحركة بالضرورة الحفاظ علي نفس التكتيك مجددا ، فانت لا تنزل النهر الواحد مرتين ابدآ ،المشكلة هي كيف ، تخبر شخص نزل للسباحة فى منطقة دوامات اكثر من مرة وأوشك على الغرق ، أن المشكلة ليست فيه بالضرورة ، و انه يمكن أن يكون سباح ماهر ......وان المشكلة كانت فى تغير الطقس والأحوال المناخية فى كل المرات السابقة .
#أحمد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوهام الطليعة وجدل الممارسة
-
عن الحب والتبصر : رسالة من حكيم* إلى تلميذه
-
خواطر رومانسية وسياسية من عاشق مصرى إلى حبيبته السورية الأسد
...
-
انتخابات كردستان: شكرا نوشروان مصطفى!
-
محاولة فاشلة: كيف أساء نادي شالكه الألماني لنبي الإسلام؟
-
الطيب صالح: هل أقول وداعاً؟
-
شرطة الأخلاق العربية وشجاعة لبنى
-
لماذا قاطع الغيطاني ألمانيا؟
-
الاخطاء العلمية في القرآن
-
آن الأوان لتكون لحركة -فتح- فضائية
-
من غزة المحتلة للقائد الفتحاوي سمير المشهراوي
-
اعتذروا للقائد الفتحاوي محمد دحلان
-
مديرية الآثار والمتاحف على حافة الانهيار
-
الحصاد
-
الى الامام لمستقبل واعد
-
الديمقراطية والواقع السياسي الحالي
-
الواقعية في مشروع الكونفدرالية الديمقراطية
-
حرية المراة ام حرية المجتمع؟
-
القضية الكردية بين الحلول والتحديات
-
المواطنة الحرة
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|