أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الطبيخ والمريخ














المزيد.....


الطبيخ والمريخ


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 16:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الطبيخ والمريخ
نعيم عبد مهلهل

جارتنا المندائية الطيبة نوشه فرحان السهيلي كانت أجمل هداياها لجوع طفولتي هو ماعون الطبيخ الذي تعده قبل يوم من عيد ( الكرصه ) المندائي حيث يحتفل المندائيون بـ ”رأس السنة المندائية “ والذي يسمى بـعيد الكرصة والعيد الكبير في منتصف تموز، وحين أخذت السماء أمانتها وتوفيت جارتنا المندائية ( نوشه ) بكيت كثيرا وأنا في عمر الثامنة وسألت أخي الكبير المرحوم عبد الأئمة : أين ذهبت خالتي نوشه .
وكان مولعا بالفلك وكواكبه ، أجابني بردٍ موسيقي وفلكي ليطمئن احساسي المبكر بفقدان امرأة لا أحب تناول الطبيخ إلا من خلال يديها قال : طارت الى المريخ وهناك ستعدُ لكَ ماعون الطبيخ ، انت نُمْ فقط وستأتي اليكَ هي بصحن الطبيخ.
تلك الليلة نمت بعد أن مسحت دموعي على أمل أن تجيء الطيبة ( نوشه ) وتطعمني لأني نمت حتى دون أن تتعشى . ولكنها لم تأتي والى اليوم أنا اضع حلم هبوط خالتي المندائية نوشه من كوكب المريخ لتأتي ليَّ بصحن طبيخها اللذيذ.
أمي كي تعوض حزني من أجل طبيخ جارتنا صارت تطبخه مع كل عشاء .
هي تطبخه بإتقان ونكهة لكن ما كانت تطبخه الخالة المندائية يحمل طعما غريبا ربما بسبب عاطفتها الطيبة واصرارها ليكون هذا الصحن لي وحدي بعد أن تصب عليه الروبة الثخينة التي تروبها بيدها من حليب دسم تشتريه من المعيدية هيله التي كنا نراها كل صباح تفترش الارض هي وبضاعتها من القيمر والخائر والحليب الذي يبكرُ من اجله اولئك الذين يتعرض أولادهم لكسر في الساق او اليدين .
وبين طبيخ نوشه وحليب (هيله ) المعيدية انتبهت الى أن نساء اللائي يعشن في قرى الماء يركبنَ المشاحيف من اول الليل ويصلنَ المدينة في الصباح ، وقد شاهدت خيال هذا المشهد على حقيقته يوم كنت ارى نساء قريتنا التي تعينت فيها معلما وهن يصعدن المشاحيف قبل منتصف الليل ليصلن الجبايش أول الصباح ويبعن بضاعتهن من القيمر والخاثر والحليب والخريط عندما يأتي موسمه .
عاد الطبيخ يعيش اجواء موائد القرية ولكن بدون المريخ وصرت أوصيَّ على ماعون منه حتى شراء فقط لأستعيد اطياف تلك الكاهنة الطيبة التي ابقت في طفولتي حلم حقول الرز وقصائد الهايكو التي قرأتها حين كبرت وكانت حقول الرز الممتدة في الجزر اليابانية تشكل خطا من ضربات قلوب الشعراء وهي تلامس العشب ومياه الغدران.
لكن المعدان هنا يملكون ذات طيبة المرأة المندائية الطيبة والتي تركتنا وصعدت الى المريخ فيرفضون اخذ المال مقابل الطبيخ وحين سمع شغاتي عامل الخدمة في مدرستنا قصتي مع الطبيخ حرص ان يجلب صحنا كل ليلة خميس تطبخه ام مكسيم ويقول تلك ثوابا على روح تلك المرأة التي كنت تحب طبيخها في طفولتك.
بين طبيخ ام مكسيم وطبيخ جارتنا الطيبة نوشة وطبيخ أمي تدور محطات الحياة ونصل الى امكنة بعيدة ولكنها على الارض وليس على المريخ وفي كل محطة حين اسكن في ذاكرة الشوق اطلب من أم اولادي لتطبخ لنا طبيخا ، فهي ايضا تفعله بإتقان ولكن بالرز البسمتي فالرز الشتال لا يتوفر في اوربا . واغلب الرز الذي هنا اما تايلندي أو هندي........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزهات نوبخذنصر
- جويريد وملك السويد
- جلجامش في شوارع روما
- نوايا مصور الغارديان
- حفريات توفيق التميمي
- رسومات بيوت أصيلة
- تغريدة جعفر في تويتر
- بلدية باريس وبلدية الجبايش
- طفولة السميسم الله
- الحبوبة وأيام سانوبه......!
- كاهنة قرية أمُ البْشُوشْ
- النيوزلنديون أعمامنا
- غرق المشحوف ميدوزا
- خواطر قابيل وهابيل
- أطلس أبن بطوطة
- أبو العود والطور الصُبيّْ.!
- مريم وغبار الزقورات
- كيتلي جلجامش
- أجنحة حمام الدوح
- دربيل عفيفة اسكندر


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الطبيخ والمريخ