ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 4859 - 2015 / 7 / 7 - 11:24
المحور:
الادب والفن
مكالمة هاتفية
قصة: محمد عبد الله-دهوك
ترجمها عن الكردية: ماجد الحيدر
دخل الغرفة دون أن يلقي التحية واتخذ ركناً قَصيا ثم أشعل سيجارة. كانت أساريره متغضنة وكأن عقرباً قد لدغه بين عينيه. أما وجهه فقد احمرّ من الغضب. كان الشرر يتطاير من عينيه ولا يقر له قرار: فيجلس مرة ثم يقوم مرة أخرى ليذرع الغرفة ذهاباً وإياباً، ثم يغادرها ويضع هاتفه على أذنه دون أن يتلقى ردا، فيعود الى الغرفة من جديد.
عيناه تشيان بأنه في مشكلةٍ كبيرة. لكن أحداً لم يكن ليجرؤ على سؤاله بسبب لسانه السليط، فقد كان في لحظات غضبه يحرق الأخضر واليابس ويتجاوز كل محظور؛ ولهذا كان زملاؤه يتحاشونه، رغم أنهم ظلوا يبدون له الاحترام، فقد كان واحداً من مثقفي المدينة ومفكريها المعدودين.
أطبق الصمت على الغرفة ولم تسمع فيها همسة واحدة. كان الجميع يتبادلون النظرات بأطراف أعينهم. وأخيراً لم يطق (آزاد) صبرا واستجمع شجاعته وقال:
-"خيراً يا أستاذ (هوشنك) ما لي أراك غاضباً بهذا الشكل؟ هل بمقدورنا أن نقدم لك أية مساعدة؟"
استدار (هوشنك) وقد اتقدت عيناه وأجاب:
-"أي خير هذا؟ وهل تأملُ خيراً من هذا المجتمع الجاهل المريض ؟! ونريد أن نصبح دولة ونلحق بالمجتمع الأوربي! أوهوو، أوهوو.. لو بقينا على هذا المنوال علينا أن نقطع كل رجاء!"
ثم عاد، بعد أن نفّس قليلا عن غضبه وبلّ فؤاده بكلماته الحانقة، واستدار ليقول:
-" كنت أتنزّه مع صديقتي في أطراف المدينة، وفجأة تلقت مكالمة هاتفية تهددها بالقتل. هذا هو المجتمع الأوربي الذي يريدون اللحاق به!!"
وازدادت حُميّاه مثل خطباء المساجد. وطفق يتحدث عن الحرية الشخصية وحرية المرأة. وفجأة رن هاتفه، فشحب وجهه، وانهمر الخوف من جبينه وقد توقع أنها مكالمة من بيت صديقته وأن أهلها يبحثون عنه.
سارع لإخراج الهاتف من جيبه، لكنه حين رأى رقم المتصل هدأ قليلا وتنفس الصعداء. غير أنه سرعان ما ضرب الأرض بقدمه وانتصب غاضبا وهو يصرخ:
-"لم يبقَ إلا هذا!؟ لم يبق إلا أن تقع هذه البلوى على رأسي؟! أن تجعلني (هوزان) مُضغةً في أفواه الناس؟ أهكذا ربيتها؟ تخرج بحجة الجامعة ليراها أصدقائي وهي تتجول في البراري مع أحد أبناء الشوارع؟ حسناً إذن. أقسم بأنها لن ترى الجامعة بعينيها بعد اليوم...."
عن مجلة (به يف) الصادرة عن اتحاد الأدباء الكورد-دهوك- العدد 63-2013.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟