أنيس يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10 - 10:09
المحور:
الادب والفن
هل نسيء إلى بداوتنا إذا خلعنا العباءة أثناء النوم ؟
وهل يسخر المعتقل من حارسه عندما يسمعه يقول بصوتٍ عال : " فُتحت أبواب المعتقل " ؟
وهل الذاكرة حقاُ لا تتسع إلا لنهر واحد : دجلة أم الفرات ؟
لا شك أن المقالة القصيرة التي كتبها الشاعر سعدي يوسف تحت عنوان " المنتفجي .. رئيساً " تحمل الكثير من ثقافة المكان الذي غادره الشاعر منذ سنوات . كدتُ أحسب أن تلك الثقافة وشمٌ لن يزول ، وعلينا بالتالي التعامل معه بقدريةٍ أغلقت علينا كل منافذها ، وبات الافلات منها مستحيلاً . صحيح أن الشاعر سعدي يوسف اكتفى باشاراتٍ كالومضات ، الا أنها كانت كافية لندرك أن ثقافة المكان ما زالت مستبدّة .
والمكان هو العراق
وخيمة وبرٍ
نشدّ أوتادها ما بين الكتفين
ونقرأ مفرداتِ معلّقةٍ
كُتبت بلون التبر
حرفاً حرفاً
لئلا يدسّ مشككٌ حرفَ علّةٍ فيها
فنضلّ عن مقاصد الشاعر .
أربعة عشر قرناً
والسادنون ( سدنة ) في العراء
ومسام ما تهشّم يملأ بالقصائد ( موزونةً ومنثوره ) .
أما مواعيد النساء
تبقى مخبّأةً في جيوب الغجر
حتى اجتياز الحدود .
كثبٌ من الحنّاء تهدي القوافل نحو مواضع اليقظة
وضفيرةٌ هربت من قبرها
لتغسل لعنةً
إسمها .. اللغة .
أيتها الذاكرة المليئة بالصور ؛
صورٍ لأشلاء تحرّك دفّة التاريخ .
أيتها الذاكرة ..
أشيري إلى الله
لعله ينجو
من خيبةٍ أوجدها
قبل اعتلائه العرش
في سماءٍ من سماواته .
ولينتقِ الواحد منا
مذبحةً يأوي اليها ؛
فالغد مثل خديعةٍ ..
مثل أمواج البحار التي
ترسم زبداً على بدن المياه .
أيتها الذاكرة..
مَن نجا من حراب الخيبة
هوى في الملح
أو هوى إيقاعَ أسطورةٍ نُقلت
من آدمَ مكراً لأبنائه .
أيتها الذاكرة استلقي
فالوقوف يجعل الشرايين في الساقين منتفخة
كالغريزة التي نحاول انكارها .
إضطجعي ..
فالعين لا تؤخّر الرحيل متى
حان موعده .
أيتها الذاكرة ..
لا تسيري كيفما كان
ففي الأماكن موضعٌ للشبهات
وثمة من يحملون السيوف
وينتظرون إشارةً للبدء بالفتوحات .
#أنيس_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟