أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - منعم زيدان صويص - رمضان هذا العام .. فرصة لنسيان سنة مُرعبة














المزيد.....

رمضان هذا العام .. فرصة لنسيان سنة مُرعبة


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4858 - 2015 / 7 / 6 - 12:43
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كنت أتوقع أن يكون شهر رمضان كئيبا هذا العام، فمنذ أن برزت داعش قبل سنة، أثناء الحروب الأهلية الطاحنة في سوريا والعراق وليبيا واليمن وبلدان أخرى، والناس قلقة بسبب ما يحصل في المنطقة كلها، من مجازر وتفجيرات ودمار يشتد ويتسع يوما بعد يوم، ويهدد مستقبل هذه البلدان، أرضا وشعوبا، ما جعل الناس عموما يعيشون في قلق لم يألفوه في تاريخهم، ولكن يظهر أنني أخطأت في توقعاتي، لأن رمضان هذا العام لم يكن كئيبا، بل كان الشهر البهيج الوحيد في هذه السنة المرعبة، وأدخلَ على قلوب الناس سعادة لا تتوفر إلا فيه، فالناس مشغولون بمظاهر رمضان .. موائد الإفطار الرمضانية، والواجبات والفروض المتعلقة بالصوم وصلة الرحم، والحبور المصاحب لكل هذه المظاهر، بالإضافة للصلاة والعبادة والـتأمل. المطاعم والأسواق مزدحمة، ومظاهر البهجة تنم عن قيمة وقيم هذا الشهر، والجماهير في الشوارع لا تخلد إلى الراحة طوال الليل. أما القنوات الفضائية فشغلها الشاغل، بالإضافة للبرامج المتعلقة بالصيام، هو تقديم المسلسلات الدرامية الشعبية والبرامج الترفيهية، وبرامج التسلية للأطفال والبالغين على حد سواء، ومسابقات فكر واربح، وبرامج الطبخ والوصفات التي تشتهيها النفس. أما نشرات الأخبار فلم تعُد تَحْضى بالمشاهدة، لأن أخبار القتل والحرب والدمار لم تتوقف، والناس لا يريدون أن يشاهدوا المناظر التي تقشعر لها الأبدان.

وأخطأت مرة أخري لفشلي في التنبؤ بردود أفعال الناس النفسية والطريقة التي استقبلوا بها هذا الشهر، بعد كل ما حصل العام الفائت وما قبله، ولم أكن أعلم كم كانوا، في قرارة أنفسهم، أو على الأقل في عقلهم الباطن، يتحينون الفرص لمشاهدة، أو لعمل، أي شيء يُنسيهم ما حصل، ويحوّل انتباههم عن أفلام الرعب الحقيقية والموثقة التي كانوا يشاهدونها ليلا نهارا طوال العام الفائت.

في المناطق الهادئة التي يمكن الإحتفال فيها، الناس منشغلون أجساما وعقولا، بهذا الشهر وما يمثله ويترتب عليه، وهم لا يريدون أن يشاهدوا الأطفال المعذبين الذين يصرخون من الفزع والجوع، فكل دمعه من دموع هؤلاء الأطفال، أو دموع ذويهم، أثمن من ألف داعشي ونُصرتي، ولا يريدون أن يشاهدوا البشر وهم يُقتلون بدم بارد، ولا صور أمهات يحاولن دفع الموت والجوع عن أطفالهن، ولا منظر المرأة الأفغانية المضرجة بدمائها والتي تسقط أرضا بينما عشرات الرجال ينهالون عليها ضربا بالهراوات إلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد تلفيق اتهام ضدها، ولا يريدون أن يشاهدوا ما يحصل في اليمن، هذا البلد الفقير المعدم، حيث يفتك اليمنيون ببعضهم البعض ويفتك بهم الجوع والمرض. الناس لا يريدون أن يروا أجساد عشرات الآدميين البريئين الممزقة، تملأ المساجد في يوم الجمعة، وفي هذا الشهر بالذات، أو تنتشر على شاطئ المتوسط الدافئ في تونس، ولا يريدون أن يروا قوارب متهالكة محشوة بإخوتهم في الدين والإنسانية – رجالا ونساءً وأطفالا -- يحاولون قطع البحر المتوسط ليصلوا إلى سواحل أوروبا طلبا فقط للحياة والطمأنينة، فتنقلب القوارب في البحر ويغرق ركابها بالعشرات والمئات، ولا يريدون أن يروا الدواعش في لباسهم المرعب يقتلون أسراهم بطريقة فجة ووحشية ويعلمون الأطفال كيف ينفذون حكم الإعدام، أو أن يروا قاتلا حقيرا يأخذ صورة سلفي مع رأس رجل قطعه للتو، ولا يريدون أن يروا الطائرات تُسقط حممها على المناطق المأهولة. لقد تعبت عقولهم من المتناقضات والإدّعاءات بأن ما يحصل هو تآمر دولي على الأمة العربية. وهم، بعد كل هذا وذاك، يريدون أن يتوقفوا عن الشعور بالخزي والعار والذنب لأنهم لا يستطيعون وقف هذه الجرائم المرعبة.

كنت أتوقع أن يختصر الناس الاحتفالات، أو يقتصروها، كما كان يحصل دائما، في رمضان وغيره من المناسبات، وبعد كل مأساة نشهدها بالمنطقة، على الصلوات والشعائر الدينية. ولكن الناس برهنوا أنني مخطئ في هذا أيضا. كان عليّ أن أُحسن التحليل، وأن أعلم أن هناك حدودا لقوة تحمّل النفس البشرية، وأن الناس، حيث استطاعوا، بحاجة ماسة لتفريغ أحزانهم وقلقهم وتوتراتهم التي تراكمت خلال العام الماضي، والاحتفال الكامل برمضان، فكيف ستكون أحوالهم لو لم يستغلوا هذه المناسبة لفعل ذلك، وماذا عساهم فاعلون لو لم يُنجدْهم شهر الصيام؟



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجمُ الأُمّة الكرْدية يبزُغ في سماء المنطقة
- بعد عاصفة الحزم .. ماذا على الدولة السعودية أن تفعل؟
- فُرصَة أمريكا لفرض حلّ للقضية الفلسطينية
- الهجمات الانتحارية وحصادها المُرّ
- التقدم يعني التغيير
- عِلّةُ ذلكَ الإخفاقِِ
- إعلام الإرهاب يشكل خطرا على مصر
- المؤامرات وجيل التكفير
- آن الأوان لتطهير الدين من السياسة
- عزوف الشعوب العربية عن القراءة
- الوجوه المتعدّدة لرجب طيب أردوغان
- الحملة الحالية ضد الفكر الإرهابي جاءت متأخرة
- بان كي مون و أحمد إبن داود
- هل سنبقى نعيش في الماضي؟
- هل من وسيلة لحماية المسيحيين العرب؟
- إنعدام فرص الديمقراطية في العالم العربي
- هل غيّر القرضاوي نهجه المعتدل بعد إنجازات الإسلام السياسي؟
- تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش
- سايكس بيكو وأخواتُها
- وسائل الإتصال الحديثة، والإرهاب، وإسرائيل


المزيد.....




- بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة ...
- وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني ...
- سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
- هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال ...
- المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ ...
- اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن ...
- أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة ...
- بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة ...
- -القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية ...
- للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - منعم زيدان صويص - رمضان هذا العام .. فرصة لنسيان سنة مُرعبة