|
رواية 4 _ الحلقة الثالثة
لو اندرياس سالومي
الحوار المتمدن-العدد: 4856 - 2015 / 7 / 4 - 20:40
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الفصل الأول 1: 1
نبدأ رواياتنا بأول شخص ترك القاع وخرج لنا للمسرح ، يقدم نفسه : أسمي علي ، ولايهم اسم الأب من شيء ، فكل الحيامن متشابهة ساعة الرعشة ، المهم أني خرجت من لحظة كان ثمنها الكثير عند البشر ، ربما كم التعاسة التي نعيشها الأن كان سببها تلك اللحظة ، رجفة وصرخة وبعدها ، لاشيء .. غرفة شبه مظلمة ، نافذة مربعة قريب السقف تبدو النجوم فيها واضحة ، علي ممدد على سريره ، يمسك حاسوبه النقال ، عيون نصف مغمضة شاحبة جدا ، يقرأ أشعار بودلير ( أزهار الشر ) ويكتب في دفتره الصغير العبارات الآتية منها : ( الحماقة والخطأ والفجور والشح ، تحتل أرواحنا ، وتستولي على أجسادنا .. ونعود مبتهجين إلى الطرق الموحل ، معتقدين بأن دموعا زهيدة تغسل أوساخنا ) ، يرمي الدفتر بعيدا ويشاهد تقريرا في قناة أل BBC العربية في حاسوبه عن مجزرة حلبجة :
يرى الأطفال الممددين كأغصان ميتة ، تهبط دمعة على خده ، ويصدح صوت في داخله عن لطمية قديمة عاشها وهو صغير : ( أهز مهدك ياعبدلله ، وأباوع على المهد خالي ) ويعيش المشهد على كونه أحد تلك الجثث ، طفل ميت بحضن أمه المتفسخة ، تتصارع في عقله ذكريات وظلمات وتيه من طفولة بائسة ، لم تكن الذكريات البعيدة منقطعة عنه بل كانت تعيشه ومثل أفعى جريحة تلتف حول عنقه وتجثو على صدره ، يحاول أن يغمض عينيه ، ستارة سوداء تهبط لتعلن بداية المسرحية لا نهايتها ، صور تتزاحم في عقله ، تتنافس على ريادة المشهد الأول ، المشهد الأول هو المهم في الحياة ، هو من يعطي لكل السيناريو مذاقه الخاص ، المشهد الأول هو من يحدد أي دور نتخذ في قصة الحياة ، رغم تبادل الأدوار في كل فصول القصة ، العاهر يصبح قديس وبالعكس ، سلسلة تحولات ملعونة تصبح القصة مثل بحيرة مالحة من خلال هذه المعادلة ، جثة متعفنة ونحن كالديدان عليها ، جزء من هذه الجثة التي لا تنتهي دورات تحللها العضوي ، المشهد الأول هو نفسه المشهد الأخير ، كيف بدأنا ومن أين سننتهي لنفس النقطة .. المشهد الأول الذي فاز باليانصيب وجاء في عقله ليشله ويحوله مثل ثور ذبيح لايقوى إلا التفرج وأنياب الذئاب تقطع جسده .. ( طفل يشاهد التلفاز ، مسلسل السنافر ، سنفور منسجم يعاني من عدم التكيف في قرية السنافر ، كان يبتسم وهو يرى تلك الحلقة ، تدخل أمه برفقة عشيق لها ، العشيق يرتدي ملابس الزيتوني الخاصة برفاق حزب البعث ، كان يحمل قنينة عرق في يده ، تطلب منه الجلوس ، تطلب من أبنها أن ينام : علي أبني الرائع غدا مدرسة . الطفل يراقب من السلم في الطابق العلوي ، كيف أن الأم تجلس في حضن العشيق وهو يتناول المشروب ، مرارة في فم الطفل بدأت ، وشعور بالغثيان بدأ يملأ جسده ، بدأ الصراخ بين الأم والعشيق ، وسحب حزامه العسكري وراح يضربها ، كانت تصرخ وهو يصرخ بجمل متقطعة : سعدية ، أنا استاذ شعبان أمين سر الشعبة ، شوارب خشنة خشعت لي وأنتي القحبة تعانديني . ( يستمر الضرب ) وهي ترد : كلكم قواويد ، عهرة ، لاتحملون رحمة ، حزب البعث حزب كاولية . الطفل يراقب المشاهد ولايقوى على النهوض اصلا ، العشيق يرفعها من الأرض ، يجعلها تركع ويدخل قضيبه في فتحة شرجها ، تصرخ من الألم ، كان وجهه مثل أي مريض عقلي يستمتع بالمشهد ، يخرج دم من مؤخرتها ، ويلطخ قضيبه ، يتناول ثوب نومها ويمسح بقايا الدم منه ، يجلس والثوب المدمى في يده : هذا دم بكارتك أيتها القحبة ( يضحك بهستريا ) ، تزحف مثل أنثى كلب في وقت الجماع ، تزحف نحوه ببطء ، تمسك قضيبه وتمصه له ، وبعد أن يقذف على صدرها ، ينهض ويخبرها : غدا تعالي باكرا للشعبة هناك اجتماع حزبي ، تعليمات جديدة من القيادة .. الطفل علي بين صحو وبين موت يراقب ما حدث ، الأم تدخل تستحم ، وهو ينهض لفراشه يطلب من الآلهة الملعونة النسيان وعبثا تلك الدعوات ، الأم تأتي وتنام بقرب أبنها ، تضع رأسه على صدرها ، يفتح عينيه على النهد ، الأم تغط بالنوم وقبلها دمعة حزينة حفرت مجرى على خدها ، راقب الدمعة كيف سالت ، دمعة حملت تلال من الذكريات البعيدة التي تخنق الروح ، علي الصغير يقرب فمه من الحلمة ، يمصها وسائل من مخدر يدخل في عروقه ، تجعله ينام .. ) . مشهد أخر راح يولج في خياله ، خالته بدرية ، التي كانت تعمل ( ملاية ) في مدينة الناصرية ، تدير مجالس العزاء وإقامة الشعائر الحسينية ، كانت تطلب من علي أن يدخل معها للحمام حتى يفرك لها ظهرها ، تذكر جيدا مرة من المرات الأتي : كان يمسك الليفة وهو يمررها على كل جسدها العاري ، كانت هناك أثار عضة أسنان على رقبتها ، سألها عن تلك الآثار ، قالت له بأنها أثر مسمار ، لم يقتنع طبعا لأن بدرية كانت غير متزوجة ! ، تلك المشاهد وغيرها بالعشرات من بيت الدعارة الذي كان يسكن فيه ، بدل أن تحوله إلى ديوث حولته إلى ملعون هارب من كل شيء ، قاسي القلب وأكثر ، الطفل علي يهوى قتل القطط كثيرا ، كان تجعله يشعر بالراحة النفسية . كل قطة يقتلها يبكي عليها ويدفنها في طقس جنائزي .. أمه الرفيقة بالحزب وخالته الملاية جعلته يدرك بأن السياسة والدين تهب من يمتهن بها شهوة جنسية مفرطة وغريبة ، شهوة متقدة تحتاج الكثير من الحطب حتى تبقى شعلتها أبدية ، والقحبة في العراق كما هو الحال في باقي بلدان العروبة حين تتقاعد من الخدمة أما تعمل في الإرشاد الديني أو تعمل قوادة تصطاد الفتيات الجائعات والهاربات ، والجزاء على قدر التعب ، مأوى ووجبات أكل مقابل بيع الجسد ، كانت الشهوة في المساجد ومقرات الحزب مثل تنور مشتعل ، ومن غير المساكين من الجياع وأنصاف البشر والمفرطين بالطيبة هم الوقود المناسب لها ؟! ، زمن متشح بالأسود حزنا على الحسين ، الحسين المسخ المصنع في عقول الشيعة ، واللون الزيتوني حيث عسكرة الشعب وقتال أعداء الوطن من الصهاينة والفرس ، البدوي العربي لا ينام ليلا وإلا سيفه تحت رأسه ، الأشباح والجن والأعداء من القبائل الأخرى دائما ينصبون له المؤامرات ، مجمل عقد نفسية راحت كموروث تفتك في شريطنا الوراثي ، تنقل عبر العصور جينات المسخ الحالي الذي نراه في التلفاز ، وهو يتغنى بالنصر الكاذب المدعم من رب الأرباب ، يعرف أنه يكذب ويعرف جيدا أن من يشاهد يبصق عليه ويستمر بالكذب ، الأسود الشيعي والزيتوني البعثي لونين لا ثالث لهما هما سمة ذاك العصر الذي عاش به الطفل علي ، في بداية التسعينات ، تلك الحقبة المميزة في حياة هذا الشعب المسكين الذي حوله صدام إلى تلال من الجماجم وجثث نصف متفسخة بفعل الجوع والألم ، ثمنا لأحلامه المريضة بأن يكون قائد الشعب العظيم نحو المجد ومهما كان الثمن قاسيا ، المهم في النهاية يجلس على عرشه كما فعل الخلفاء الساقطين من قبله ، مسلسل من الاستعباد والمهانة ، لهذا قرر علي بأن يبتعد من الاثنين ، ويهجر عائلته وكل المدينة التي ترعرع بها ويعيش هنا ، رغم طول المسافة بين ذكريات أمه وخالته في سلك الدعارة لكن التاريخ يعود بقوة في بعض اللحظات ، وهذا ما سنشاهده أكثر في بقايا القصة لاحقا .. تأملات مجنونة رافقته وهو صغير ، جعلته يفهم السيناريو مسبقا ، مرت ثلاثين عاما على تلك الأحداث ، ومازالت خطوطها تتواصل في عقله .. علي يبعد حاسوبه النقال ، يعاود النظر للنافذة المربعة في أعلى السقف ، يتذكر علي أصوات أمه في لحظات الجنس ، وجسد خالته العاري ، يمسك قضيبه الساخن ويتنهد ، يقذف بهدوء ، ومن ثم طعم سائل في فمه نفس الطعم من نهد أمه ، ينام كليا دون قلق ! يتبع ....
#لو_اندرياس_سالومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية 4 _ الحلقة الثانية
-
رواية 4 الحلقة الاولى
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|