أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهمي الكتوت - أوروبا تسعى لإفشال النموذج اليوناني














المزيد.....

أوروبا تسعى لإفشال النموذج اليوناني


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 4856 - 2015 / 7 / 4 - 20:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم يعُد حجم الخلاف بين الحكومة اليونانية ومجموعة اليورو من الناحية الموضوعية؛ ذا شأن مالي كبير، بعد إعلان الحكومة اليونانية حزمة إجراءات تقشفية تمس الطبقة الوسطى والعليا في المجتمع اليوناني، وتلامس الطبقة العاملة في بعض جوانبها. وبعد التنازلات الأخيرة التي أعلن عنها رئيس وزراء اليونان -وفقا لما أوردته الفاينانشيال تايمز- فإن تسيبراس مستعد لقبول عرض الدائنين في نهاية الأسبوع، في حال إجراء بعض التعديلات عليه، وهي الإبقاء على تخفيض ممنوح للجزر اليونانية في ضريبة المبيعات، وتأجيل رفع سن التقاعد إلى 67 سنة إلى شهر أكتوبر المقبل.
لكنَّ جَوْهر الخلاف يتمحور حول كَسْر إرادة الشعب اليوناني، وفرض سياسة الاحتكارات الرأسمالية. والخنوع لشروط صندوق النقد الدولي، وإرغام اليونان على الإذعان والاستسلام.. لقد أصبح الجانب السياسي يتقدَّم على الجانب المالي، بمحاولات الترويكا إفشال الحكومة اليسارية في اليونان لسد الطريق أمام عدد من الدول الأوروبية من اتباع النموذج اليوناني. وأصبح واضحا أنَّ بعض الزعماء الأوروبيين يعملون على إسقاط الحكومة اليونانية، بحملها على قبول اتفاق يخالف تفويضها الشعبي، ووضعها أمام خيارات صعبة: إمَّا الخنوع لحزمة الإجراءات، وإمَّا الخروج من مجموعة اليورو والعودة إلى العملة المحلية الدراخما.
وقد أصْدَر صندوق النقد الدولي تقريرا استثنائيا قبل أربعة أيام من استفتاء الأحد، يحمِّل الحكومة اليونانية مسؤولية تفاقم الأزمة؛ فقد اعتبر التقرير أن وضع اليونان المالي ازداد تفاقما نتيجة التغيرات الكبيرة في السياسات الحكومية منذ تولي حزب سيريزا المناهض لسياسات التقشف الأوروبية مقاليد السلطة في اليونان، كما تضمن التقرير تحريضا للدائنين برفض التراجع عن حزمة الإجراءات في إشارته إلى أنَّ البلاد قد تحتاج إلى شطب جزء كبير من ديونها إذا لم تطبق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة؛ مما يُعتبر تدخلا سافرا للتأثير على الرأي العام اليوناني في التصويت ضد برنامج سيريزا.
... إنَّ تفاقم الأزمة اليونانية ناجمٌ عن السياسات المالية والاقتصادية الانكماشية التي فرضتها ترويكا الدائنين، بفرض الضرائب غير المباشرة وتقليص الإنفاق على الخدمات العامة التي أسهمت بتعميق الازمة، واستمرار حالة الكساد الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وفرض سياسة التخاصية والتخلي عن مقومات الدولة لصالح الاحتكارات الرأسمالية، وإخضاع الدولة والمجتمع اليوناني لحزمة من الإجراءات لصالح الطغمة المالية؛ الأمر الذي أدى لتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25%، ووصل الدين العام اليوناني إلى 180% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ازدادت معدلات البطالة بين الشباب إلى نحو 60%.
والمثير للدهشة مُطالبة اليونان بتحقيق فائض بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2018. وهي مطالبة بنفس الوقت بفرض سياسات تقشفية صارمة، من زيادة ضريبة القيمة المضافة على قطاعات السياحة -وهو القطاع الرئيسي في اليونان- وتخفيض معاشات التقاعد التي تم خفضها سابقا بنسبة 25%، وهي سياسات انكماشية، لا تسمح بخروج الاقتصاد من ازماته. وقد اعتبر خبراء الاقتصاد هذا الاستهداف إجراء عقابيا سيسفر بالتأكيد عن ركود اقتصادي أعمق؛ فالتصويت بالموافقة على حزمة إجراءات الترويكا في الخامس من يوليو يعني استمرار إملاءات صندوق النقد والمؤسسات الأوروبية، واستمرار حالة الكساد.
علما بأنَّ الانسحاب من مجموعة اليورو ستكون له آثار سلبية على الجميع، وليس على اليونان وحدها؛ فاليونان ستحرم من المساعدات الأوروبية، لكن انسحابها يُبشِّر بتفكك المجموعة ويعتبر فشلا ذريعا للسياسات الاقتصادية الأوروبية، مما يفاقم ازماتها، خاصة وأنَّ مصيرَ الديون الأوروبية على اليونان سيبقى بالمجهول، والتي تبلغ حوالي 350 مليار يورو؛ الأمر الذي يضعف الثقة بسندات عدد من دول المجموعة مثل إسبانيا والبرتغال وأيرلندا وقبرص. كما يترك آثارا سلبية على أسواق المال عامة في أوروبا.
أما على الصعيد الداخلي، فقد تباينتْ مواقف الأحزاب السياسية المؤثرة على الشارع اليوناني بين مؤيد ومعارض لشروط الترويكا الأوروبية، فبينما عبَّر الحزب الشيوعي اليوناني عن رفضه لأي إجراءات تقشفية مطالبا الحكومة بالتراجع عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات السابقة، وفك الارتباط بالاتحاد الأوروبي وإلغاء جميع المذكرات. في حين تصطف المعارضة اليمينية في حزب الجمهورية الجديدة، وحزب الباسوك الاشتراكي الديمقراطي، اللذيْن يتحملان مسؤولية تفاقم الأزمة أثناء وجودهم بالسلطة حتى يناير 2015، ومعهما حزب النهر "الوسطي" لصالح القبول بشروط الترويكا للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وتقف أوساط متأرجحة بين القبول بالشروط المجحفة التي تفرضها الترويكا، وما يعنيه ذلك من التوسع في السياسات التقشفية، وزيادة الفقر والإملاق، وبين الرفض، وما يعنيه من سلوك طريق وعر مليء بالتضحيات وتحمل آثار العقوبات التي ستفرضها الاحتكارات الرأسمالية على بلد صغير من وقف المساعدات، والخضوع لقانون الاستبداد في عصر العولمة الرأسمالية، والاعتماد على الذات، وبدعم متواضع من الدول الصاعدة، تجربة تحمل كثيرًا من الصعوبات لكنها تتطلب إرادة سياسية وتضحيات محتمله، لإنقاذ الاقتصاد والشعب اليوناني من طواغيت رأس المال وشق طريق الانعتاق، التي ستلحق به دول أوروبية أخرى.



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة اليونانيَّة ثمرة السياسات الليبراليَّة
- لهذه الأسباب تراجع حزب العدالة والتنمية
- الانكماش الاقتصادي يرجئ رفع سعر الفائدة
- نكبات جديدة في ذكرى النكبة
- الخيارات المتاحة أمام البلدان النامية
- تحية للعمال في عيدهم
- السياسة الأمريكية.. والبلدان النامية
- تراجع اليورو وارتفاع الدولار
- شخصية استثنائيَّة.. شعب وقضيَّة
- ليس دفاعا عن أحد.. بل رفقا بالأمة
- بين دعم المركزي وتحديات الحلفاء
- اتفاقية أوسلو ولدت ميتة
- ثورات شعبية.. أم مؤامرة؟
- اليوم العالمي للعدالة الاجتماعيَّة
- اليونان تخوض معركة أوروبا
- الحرب على الإرهاب
- الاقتصاد العالمي في عام 2015
- الأزمة تطحن الفقراء.. وتزيد ثروة الأثرياء
- موازنات الدول النفطية.. وهبوط أسعار النفط
- الاتحاد الأوراسي الاقتصادي


المزيد.....




- المغرب والصين يسعيان لعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة
- سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
- أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه ...
- صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر ...
- ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
- عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة ...
- وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع ...
- موديز ترفع تصنيف السعودية وتحذر من -خطر-
- ارتفاع جديد.. بتكوين تقترب من 100 ألف دولار
- -سيتي بنك- يحصل على رخصة لتأسيس مكتب إقليمي له في السعودية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهمي الكتوت - أوروبا تسعى لإفشال النموذج اليوناني