حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4853 - 2015 / 7 / 1 - 22:56
المحور:
الادب والفن
عودة الروح
كنت صغيراً فى السن لم يتجاوز عمرى عشر سنوات خرجت مع أحد الأقران للنزهة بين الغيطان .
وبينما نحن كذلك إذ سمعنا عن بعد صراخاً كصوت الرعد
فأصغينا لنعرف سبب الصياح الذى أزعجنا هذا الصباح
فإذا بشخص يقاوم الغرق فأصابنا الخوف والأرق وتبللت أجسامنا من العرق.
رحنا نصيح مثل المجانين ونتحرك نحو اليسار ونحو اليمين عسى أن يرانا أو يسمعنا أحد المارين.
فنحن صغار لم نتعلم السباحة ولم تكن فى حياتنا للرياضة مساحة
لا نعرف غير الدراسة فى فصل الشتاء ،وفى الصيف العمل والشقاء
ومرت حوالى دقيقة بين الخيال والحقيقة
وشعرنا أن الغريق قد مات وأن أوان إنقاذه قد فات.
إنتابتنا حسرة كبيرة وشعرنا بمرارة خطيرة ،
كادت تسد حلوقنا وتطمس عيوننا وتحرق قلوبنا
على هذا الفتى الصغير الذى فقد حياته فى ثوان معدودة وأصبحت فرصته فى النجاة محدودة.
وفى لحظة فارقة والنفس فى الهموم غارقة ظهر شاب قوى البنية كأنه ملاك طاهر أو فارس مغامر .
وبسرعة البرق قذف بنفسه فى الماء العميق دون استعانة بصديق أو شقيق
وغطس لبعض الثوانى تحت الماء ثم قبّ برأسه وهو يحمل الطفل الغريق دون زفير أو شهيق.
واجتمع الناس من كل مكان وكان بطن الولد منتفخاً كالبالون وبالمياه مشحون
فضغطوا على بطن الطفل فى رقة وحنان وأناموه على جنبه فى أمان
حتى خرجت منه مياه كثيرة فراح يكح بصعوبة مريرة
وعادت له الأنفاس وراح ينظر نحو الناس.
ثم صاح الولد ببكاء شديد فكأنه قد ولد من جديد
وجاءت أمه ينتفض قلبها من الرعب ،وتصرخ وتلطم خديها وتشق الجيب
فبادرها الحاضرون وهدءوها ، وعلى فلذة كبدها طمئنوها
فهدأ قلبها وارتاح بالها حين رأته يتنفس وعلى يديها يتحسس.
أما أنا وصديقى فلقد كنا سعداء ومشينا فى فخر وخيلاء بإنقاذ الطفل من الفناء
فقد نالنا شىء من دعوات الأم التى قدرنا الله تعالى فأبعدنا عنها الهم والغم.
#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)
Hassan_Ahmed_Omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟