درية عونى: شخصية من مصر

محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4853 - 2015 / 7 / 1 - 11:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

درية محمد على عونى (أوائل 1937 "تقريبا" - 15/5/2015) ولدت وتوفت بالقاهرة، تنتسب إلى أب كردى متمصر ولدعام 1897 بديار بكر بكردستان وتوفى بالقاهرة فى 12 يوليوعام 1952، وأم مصرية صعيدية هى السيدة زينب الرفاعى أنجب منها ابنين إضافة إلى درية. وقد تأثرت بوالدها المؤرخ المرموق الذى وفد إلى مصرعام 1913 خوفاً من ملاحقة السلطات التركية للطلبة الأكراد - ليكمل دراسته بالأزهر الشريف ويحصل منه على الشهادة العالمية، ويحصل عل ليسانس الأداب قسم الجغرافيا جامعة القاهرة. بعد انتهاء دراسته منعته السلطات التركية من دخول أراضيها لكونه من أشد المدافعين عن القضية الكردية. فبقى فى القاهرة وعمل في قصر عابدين وعهد اليه الملك فؤاد بترجمة الوثائق العثمانية المرتبطة بمصرإلى العربية والنسخ العربي التى أنجزها عونى مودعة في دار الكتب، تحت إسم "وثائق عابدين"، وعهد اليه أيضا بمهمة الإشراف على مكتبه القصر. كما كلف بتدريس اللغة والحضارة الفارسية للأميرة فوزية عندما خطبت لشاه أيران عام 1938، ومنحه شاه إيران وساماً فارسياً رفيعاً تقديراً له، علاوة على وسام النيل الذي منح له من مصر. لكن العلاقة ساءت بينه وبين الملك فاروق عندما رفض طلبه بأن يتلاعب بالوثائق ويثبت إنتماء الملك إلى النبي محمد ، مقابل مكافأته بألف فدان. ولكنه رفض أن يخالف ضميره حتى توفى فى12يوليوعام 1952. بعد وفاة والدها سافرت إلى العراق لمدة عامين حيث كان يعيش عمها ويتولى رعايتها. بعد العراق سافرت إلى باريس والتحقت بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية كما درست الترجمة الفورية أيضاً.
تميزت درية بكونها مؤرخة وكاتبة وصحفية موهوبة، وحققت نجاحات سريعة فى بداية حياتها العملية كصحفية بوكالة الأنباء الفرنسية، ومراسلة لدار الهلال عندما تولى رئاسه مجلس إدارتها الأستاذ أحمد بها الدين، الذى عينها مراسلة للدار فى باريس ، حيث نجحت فى تحقيق خبطات صحفية وانفرادات دولية ومد مجلة المصور بالرسائل والتحليلات والتحقيقات النادرة بدءاً من الموضة ومهرجان كان السينمائى حتى حرب التحرير الجزائرية ولقاءات سيمون دوبوفوار وسارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلى ليفى أشكول و جى موليه رئيس الوزراء الفرنسى وديجول. اقتحمت الفضاء الإعلامى الفرنسى كأول صحفية مصرية التحقت بالعمل بوكالة الأنباء الفرنسية لتتولى فيها أهم المسؤليات، وليتم اختيارها بالاقتراع العام المباشر أول رئيس لنقابة الصحفيين المهنيين فى فرنسا. و كانت درية أول صحفية قامت بتغطية الحرب العراقية ـ الإيرانية لحساب وكالة الأنباء الفرنسية وأول من عرفت القارئ بفرنسا والعالم، بقوات البشمركة الكردية العراقية من خلال تغطية رائعة فى جبال كردستان، غير مبالية بالمخاطرة بروحها. وأشتهرت كصحفية بجرأتها وجلدها وصراحتها اللاذعة ويقظتها الفكرية. وقد كانت محط إهتمام العالم عندما نجحت وساطتها فى الإفراج عن رهائن احتجزوا بالسفارة السعودية بباريس. وقد مكنها انصهارها فى المجتمع الفرنسى من أن تكون بوصلة للمصريين ولم تمن بوقتها أو جهدها على أى مصرية أو مصرى يزور باريس، وقد كان بيتها المطل على هضبة «مونمارتر» يموج بالمستشرقين والأدباء والشخصيات العامة.
دفعهاغضبها الساطع على وضع كردستان إلى مواقف مشرفة وجريئة تجاه قضية الشعب الكردي, وساهمت بكتاباتها ومقالاتها وعملها الصحفى في التعريف بالقضية الكردية وعدالتها, وأظهرتها في كافة المحافل التي حضرتها، رغم الأوضاع الشائكة فى العالم العربى وفى ظل حالة التعصب للقومية العربية التى اجتاحت المنطقة وأصرت على دفن واقتلاع القومية الكردية ، وسلب أصولها التاريخية، ومسح هويتها. فتركت ثروة للمكتبة العربية تشرح وتفسر هذه القضية السياسية والإنسانية تتكون من أربعة كتب: الأكراد، - عرب وأكراد.. خصام أم وئام،- الأكراد عبر العصور، - الأكراد فى مصر عبر العصور. كما أسهمت فى فعاليات احتفالية تكريم والدها «بأربيل» عاصمة كردستان حيث أصدرت وزارة الثقافة بالإقليم كتابا بعنوان «محمد على عونى المؤرخ والأديب الكردى - المصرى».
ورحلت درية عونى بعد معاناة مع المرض امتدت لعدة شهور. تاركه وراءها علما غزيرا وسيرة ذاتية مشرفة ورصيدا هائلا فى الصحافة المصرية والفرنسية لتصبح رمزا للشجاعة والصمود. وقد مهدت وشاركت فى ثورة يناير 2011 ومن آخر أقوالها «ثورتى يناير و30 يونيو أسقطتا كثيرا من الأقنعة ومصر تعيش حاليا حالة مخاض عسير وسوف تلد قادتها». وقد قدم فؤاد معصوم رئيس العراق التعزية الرسمية لعائلة الفقيدة، تقديرا لما قدمته للشعب الكردى

#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات