أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حُب وعنف في المتاهة الملحيّة














المزيد.....

حُب وعنف في المتاهة الملحيّة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 14:42
المحور: الادب والفن
    


يمزج المخرج التركي درويش زعيم بين أكثر من جنس ابداعي في كل فيلم من أفلامه الروائية. وفي فيلم "نقطة" على وجه التحديد يوظف البنية المُحكَمة للخط الإسلامي حيث تتعاضد مع السياق السردي الذي تتصاعد وتيره كلما تشكفت أبعاد القصة السينمائية. لقد جمع المخرج بين باقة من الأفكار القيّمة مثل الحب، واليأس، والجريمة، والعقاب، والخط العربي، والمتاهة الروحية مازجًا هذه الأفكار جميعًا بطريقة فنية تذكرنا بالرصانة والإحكام اللذين نجدهما في فن الخط الإسلامي. يمنحنا الفيلم متعة بصرية خالصة وسط المتاهة الملحية البيضاء.
أبو ظبي: بعد النجاح الساحق الذي حققه المخرج التركي درويش زعيم في فيلم "بانتظار الفرودس" يقدّم لنا اليوم تحفته السينمائية "نقطة" التي تتناول عدة محاور في آن واحد. منها الحُب، الجريمة والعقاب، والخطاب البصري الكامن في فن الخط الإسلامي، إضافة الى عدد من المحاور الثانوية التي حبكها المخرج وكاتب السيناريو درويش زعيم "المولود في قبرص عام 1964".
يحيلنا المشهد الأول الى جمالية الخط الاسلامي الذي يستعمله المسلمون في مختلف أرجاء المعمورة حيث تركز عدسة الكاميرا على جملة شديدة الأهمية مخطوطة بعناية فائقة تذكرنا بالتقنيات المحكمة للخط العربي والاسلامي. تقول هذه الجملة "عفى الله عنه" ثم تنفتح عدسة الكاميرا على بحيرة صافية من الملح، بحيرة تمتد على مدّ البصر، وثمة أناس متناثرون هنا وهناك. ينحسر المشهد كثيرًا ليقتصر على الشخصية الرئيسة أحمد " جسّد دوره الفنان المبدع محمد علي نور أوغلو" وحبيبته التي قرر أن يقترن بها. ولعل مشاهد القُبل الحارة كانت تكشف لنا كمتلقين أنهما يعيشان قصة حب جارفة غير أن الملابسات والظروف الغامضة سوف تفضي ببطل الفيلم الى ما لا تُحمد عقباه. يقطع هذا الجو الرومانسي مجئ صديقه سليم الذي ينفرد بأحمد جانبًا ليخبره بحاجته الماسة للنقود كي يبعث عمه المريض للعلاج في أميركا. يعرف أحمد عصابة مافيا محلية لا تتورع عن القيام بأية عملية خطيرة. ويبدو أن أحمدًا قد ارتكب حماقة كبيرة حينما أحاطهم علمًا بأهمية النسخة الثيمنة من القرآن الكريم التي تعود الى القرن الثالث عشر والتي يمكن أن تُباع، على أقل تقدير، بمليون يورو مما دفع العصابة لإختطافه كرهينة مقابل هذه النسخة النادرة من مخطوطة القرآن الكريم.

الخطاب البصري
على الرغم من أن عنوان الفيلم "نقطة" يوحي بأن هناك إحالة واسعة الى جماليات الخط الإسلامي إلا أن واقع الحال ينحصر في المطاردة بغية الثأر والانتقام، وكأننا نشاهد فيلمًا من أفلام الجريمة. لم نرَ ذلك التركيز المطلوب على جماليات الخط الإسلامي. وأن الجملة الوحيدة التي كنا نشاهدها على الشاشة هي "عفى الله عنه" وكأن المخرج يريد أن يذكرنا بفكرة التسامح والصفح عن الذنوب الكبيرة التي قد يرتكبها أيًا منا في هذه الحياة التي لا تسير دائمًا على ما يُرام. أما الخط الإسلامي كتقنية فنية فقد غابت تقريبًا لأن هيمنة عنصر الجريمة قد طغى على غيره من العناصر مما حرمنا من فرصة الاستمتاع بجمالية التقنيات الفنية المُحكمة للخط الاسلامي. حينما تسيطر العصابة المدججة بالسلاح على أحمد وسليم لمدة قصيرة من الزمن تنقلب إثرها الموازين إذ يمسك يختطف أحمد المسدس من آسريه ويصوب النار عليهم فيرديهم قتلى في الحال، ثم نكتشف أن سليمًا الذي كان مقيّدًا قبل قليل قد فارق الحياة هو الآخر. لا يعرف الجميع المكان الذي دُفن فيه سيلم باستثناء صديقه أحمد. وبعد رحلة شاقة وطويلة في بحيرة الملح المنبسطة على مدّ البصر يواحه أحمد مصيره المحتوم. فها هي عائلة الضحية تواجهه وتطلب منه أن يدلهم على مكان القبر الذي يضم جثمان ابنهم سليم. ثمة عنف شديد، وضرب قاس بالعصي، وركلات قوية في مواقع حساسة من جسد علي الذي يصل به الأمر الى حد الاعياء. يناوله أحدهم معولا ويطلب منه أن يحفر القبر، لكن من أين تأتي القوة لأحمد بعد أن تلقى هذا الكم الكبير من الضرب والركلات العنيفة في معظم أجزاء جسده؟. يترك المعول ويتحرك باعياء شديد مترنحًا ذات اليمين وذات الشمال. يمشي وكأنه فقد بصره وسط هذه المتاهة الملحية البيضاء ثم يسقط مغميًا عليه ليموت وحيدًا أعزل في البرية الملحية النائية.

تقمص الشخصية
لا شك في أن المتابعين للمسلسل التركي الشهير " الأجنحة المتكسرة" الذي عرض مُدبلجًا على شاشات بعض الفضائيات العربية يعرفون الممثل محمد علي نور أغلو الذي أدى دور " نوزد" وأتقنه أيما إتقان. فهو شخصية كارزمية بحق يستطيع أن يشد انتباه الجمهور. وفي فيلم "نقطة" يعود محمد علي من جديد الى ذات الشخصية الآسرة التي يتفاعل معها. فكنا نراه في بعض المسلسلات يتفاني من أجل محبوبته، وها هو اليوم يتفانى من أجل صديقه ويعرِّض حياته للعرض بغية إنقاذه من الموقف الصعب الذي يعانية، بينما هو يقطع الخطوة الأولى صوب حياة زوجية مرتقبة, فقد رأيناه في مفتتح الفيلم وهو يعانق حبيبته غير مرة، ولكنه يستجيب لنداء صديقه سليم فيقع ما لا تُحمد عقباه. بعد انتهاء عرض الفيلم في "سيني ستار 3 في المارينامول" كان محمد علي نور أوغلو هو الشخصية الوحيدة الحاضرة من طاقم الفيلم وقد أجاب باستفاضة على أسئلة الحضور الذين سألوه عن قصة الفيلم فقال أنها خيالية من جهة ومستوحاة من كتب ومصادر تاريخية من جهة أخرى. وأضاف بأن مدة التصوير قد استغرقت 12 يومًا في تلك البحيرة الملحية النائية. وقد تغلب الممثلون على بعض الصعوبات التي واجهتهم في أثناء التصوير. أما عن دلالة "النقطة" في الفيلم، وفيما إذا كانت موجودة أم لا؟ كان محمد علي بأن على المشاهد أن يبحث عن هذه النقطة ولا بد أنها موجودة في مكان ما من القصة السينمائية. وختامًا لابد من الاشارة الى أن تيار السينما الجديدة في تركيا يزدهر يومًا بعد يوم. وهذ الباقة من الأفلام المستقلة هي خير دليل على أن السينما التركية متعافية وتتقدم بالتجاه الصحيح لأن استقلالية السينما تمنحها حرية اختيار الموضوعات الحساسة والاشكالية التي تريد أن تعالجها من دون أن تضع في حسبانها مقص الرقيب.




#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء القصة السينمائية
- امرأة صينية تدجِّن شراسة الصحراء
- أطفال كورد يحلمون بالوصول إلى الفردوس المفقود في المحار المك ...
- اصطياد اللقطات اللونية المدهشة في صحراء نيفادا
- التطرف الفكري في رواية -الأشباح والأمكنة- لذياب الطائي
- تكريس الدعاية الرأسمالية في فيلم-صُنع في الصين- لكيم دونغ-هو
- الرسم بالضوء لاصطياد اللحظات الهاربة
- كُتّاب بريطانيون يعيشون على حافة الفقر
- هشاشة البناء الدرامي والرؤية الإخراجية المشوشة
- قدحٌ من الدموع المجففة إلى أوديت
- توثيق شامل للأفلام الروائية الطويلة في العراق
- تحت ظلال السنديان الإيطالي لموسى الخميسي
- اغتصاب الطفولة في -جراح الروح والجسد- لمليكة مستظرف
- شاهندة . . . أول رواية إماراتية
- الواقعية في السينما المصرية (2- 2)
- الواقعية الإيطالية الجديدة وموجاتها الثلاث (1 - 2)
- التعويل على الحوار في فيلم سُبات شتوي لنوري بيلكَه جيلان
- الشاعر السعودي حيدر العبدالله يتأهل للمرحلة الثالثة في مسابق ...
- القسوة والبشاعة وتقطيع الأوصال في أفلام أنتوني بيرنز
- الميتا سردية والبطولة المضادة في تل الصنم


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حُب وعنف في المتاهة الملحيّة