|
عساكر الفصل الخامس
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 13:27
المحور:
الادب والفن
اتضح كل شيء في رأس لاد-لاد، جفف دموعه، وتأمل تمثال فينوس، ثم ابتسم، بشوشًا، على العكس من طبعه الصارم. كانت السي آي إيه قد ساعدتهما على شن هجوم الورلد تريد سنتر، وهي قد ساعدتهما كذلك على الهرب من أفغانستان، بشرط ألا يصمد مقاتلو الله، وأن تسقط المدن الأفغانية واحدة تلو أخرى بلا قتال. لقد ساعدتهما خصوصًا على الإقامة في البيت الأبيض مع أهداف أسوأ بكثير: إخضاع الشعب الأمريكي، وذلك بتحريك شبح الإرهاب، وتحويل الأزمة الاقتصادية إلى المرتبة الثانية، إخضاع أفغانستان، بلد استراتيجي لتمرير البترول، تحضير الحرب على العراق، بلد استراتيجي كذلك، وثاني احتياطي عالمي للنفط. لكن لاد-لاد وصهره كانا يعرفان أن هذه المساعدة ستنتهي عندما لا تعود السي آي إيه في حاجة إليهما، فكان عليهما أن يوقظا الأبالسة القدامى في كل مكان من العالم، وبدورهما أن يساعدا السي آي إيه على إخفاء ظمأ القادة الأمريكيين للنقود، وكل الشركات الرأسمالية الكبرى، خلف الحجة المضحكة للقتال ضد التعصب الديني. في أسوأ الأحوال، يمكنهما مساعدتها على أسلمة المافيا، حل أقل تكلفة بكثير من كل ترسانة ضد-المخدرات، على أسلمة الرئيس الذي يتكلم تقريبًا نفس لغتهما، وإن كان الأمر كذلك إذا كانت الطبقة المغلقة في السلطة تريد أن تهتدي إلى الإسلام. يمكنهما أيضُا أن يساعداها على زيادة نفوذها العالمي، وخاصة على أسلمة السود لهدف انتخاب رئيس مسلم وأسود، في حالة ما ذهب بولوش إلى جهنم. فكرا في كوف-كوف، السكرتير العام لهيئة الأمم، لم يكن أمريكي الجنسية، لكن هذا سيخدم القضية من حيث هيبتها ونفوذها. فكرا كذلك في مس رز وبووي-بووي، إذا كان الواحد أو الآخر يغذيه الطموح ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة. طرق أحدهم الباب، فخبأ الرجلان لحيتهما المستعارة بسرعة. كانا خائفين من أن يكون جاسوسًا من طغمة المرحوم القمندان مسعود. - ادخل. بووي-بووي، فتنفسا الصعداء، وأخرجا لحيتهما الاصطناعية. - تمام، يا ملتحي قفاي؟ سألهما بووي-بووي. - ما عدا البواسير التي أمسكنا بها لقدر ما نُمضي وقتنا قاعدين، تمام، نحن نشكرك! نقل إليهما أوامر الرئيس: - السيد الرئيس يطلب منك لاد-لاد أن تدلي بتصريح فيديو تدعم فيه صد-صد في جهاده ضد أمريكا. هكذا ستقدم الدليل للعالم أجمع على تواطؤ الرئيس العراقي مع القاعدة، وعلى إسناده للإرهاب. - لكن صد-صد لا علاقة له بالقاعدة، تدخل الشيخ العُمَرِي. ريما كان متواطئًا مع كل مواخير العالم، لكن لا مع القاعدة. - أنت، تخرس! بصق بووي-بووي. لا أحد يطلب منك رأيك. - أنا الرئيس السابق لطالبان، وأوجب احترامي. - الرئيس السابق لقفاي! - هل تسمع، يا حماي؟ أنا الرئيس السابق لقفا بووي-بووي! - واعتبر نفسك سعيدًا أن قفاي يمنحك هذا الشرف. - هل تسمع، يا حماي؟ عليّ أن أعتبر نفسي سعيدًا أن قفا بووي-بووي يمنحني هذا الشرف. - ستخرس في الأخير! - هل تسمع هذا، يا حماي... - قلت لك اخرس. - اخرس، يا صهري، اخرس. طالما أنهم سيحتاجون إلينا، سيمكننا البقاء في البيت الأبيض. هل تفهم هذا على الأقل؟ - أفهم... لا، لا أفهم. - هذا شيء عادي لرئيس قديم لقفاي، قذف بووي-بووي. - طالما أنهم سيحتاجون إلينا، سنبقى على قيد الحياة، أيها الأحمق! - إذن كن مطمئنًا، يا حماي، سأخرس إلى الأبد. - أخذتَ من الوقت ما فيه الكفاية! بصق بووي-بووي من جديد، قبل أن يستدير نحو لاد-لاد: التصريح مبرمج خلال ساعة. هكذا سيكون الرئيس معززًا، وستعطي لحربه حجة خَدَّاعَة لكن متينة. موافقًا على المضمون، محتجًا على الشكل، اعترض لاد-لاد على الكيفية التي ستُقَدَّم فيها الأشياء: - بلا لحية، أو حتى بلحية اصطناعية، الكاسيت الفيديو ليس ممكنًا. لحيتي الحقيقية رمزي الحقيقي! - إذن تصريح مكتوب، يا عاهرة الماخور! وسأرسل رئيس قفاي هذا إلى هوليود لأعمل منه ممثلاً متنكرًا. - ممثل متنكر، لماذا؟ سأل الشيخ العُمَرِي. - بعد تصريحه الكتابي، سيحتاج لاد-لاد إلى دعم، إلى سند نفسي من طرف كل المرائين في العالم أجمع. ستكون القدوة، رئيس قفاي! - إذا كان الأمر كذلك، لا تصريح، قال لاد-لاد بدافع التضامن مع صهره. أنا لا أعرف الكتابة بالعربية. - رئيس قفاي يعرف. - نسيت، قال الشيخ العُمَرِي. ثم، أنا أفغاني. - حذار يا رِجَّالَة، صاح بووي-بووي، أنتما تتآمران ضد أمريكا! وأنتما تعرفان ما ينتظر من يتآمر ضد أمريكا؟ - نحن لا نبالي، طالما أن أمريكا ستحتاج إلينا، أجاب الرجلان، وهما يصفقان. كان بووي-بووي يعرف أي معنى لكل هذا. - طيب، طيب، قال مادًا ذراعه، مصوبًا سبابته، لا هوليود ولا ماخور، أنتما الأحسن، وسيكون لكما الرئيس سندًا بنفسه. - وأنتَ؟ سأل لاد-لاد بابتسامة ماكرة. - وأنا ماذا؟ لكما سندي، بما أني أجعل منكما رئيسين لقفاي. - لا، وأنتَ، ألا تحدثك نفسك بأن تكون رئيسًا؟ - أنا رئيس لعدة شركات وجمعيات في حال ما لم تكن تعلم. - لا، لا، ليس هذا ما أكلمك عنه. - وعن ماذا، يا ماخور الخراء؟ - ألا تحدثك نفسك بأن تكون رئيسًا للولايات المتحدة... تمم الثاني: - ...الأمريكية؟ - آه! لا، لا، لا... قال بووي-بووي محركًا رأسه على دفعات. أنتما تتلفظان بحماقات، يا جِدْعَان، أم ماذا؟ - آه! بلى، بلى، بلى... نحن لا نتلفظ بحماقات، بووي-بووي. - أأنتما متأكدان مما... ثم أوطأ صوته، وهو يحدد نظرة مرتابة إلى فينوس... - ...تقولان، أيها المخبولان؟ - لا تقلق من أذني الرئيس، قال لاد-لاد مشيرًا إلى التمثالين، إذا أنت موافق، فلن يكون الأمر سرًا لأحد. هنا ليس أفغانستان، ليس جزيرة العرب، هنا بلد ديمقراطي... - لا البيت الأبيض... في رأسك هَبَل أم ماذا؟ - في رأسي كما أقول لك، لأننا سنطرح السؤال على الكل، حتى على بولوش، وسيوافقون، وسنكون من وراء دمقرطة البيت الأبيض للمرة الأولى في تاريخه. قل فقط نعم، و... تمم الشيخ: - ...وسنريك الطريق. - أي طريق مخابيل؟ أي فجور؟ - لا شيء من كل هذا. - إذن ماذا، يا ماخور الماخور؟ - أسلم تسلم. انفجر في ضحك متقطع: - أسلم ت... أسلم ت... - إنه الطريق الأوحد الذي سيقودك إلى المكتب البيضاوي. - أسلم ت... أسلم ت... - فكر جيدًا بووي-بووي، واعطنا ردك بسرعة. على كل حال نحن هنا إلى ما شاء الله... والآخر: - نحن لا نتحرك. - قل نعم، واترك الباقي علينا. بفضلنا، ستكون أول رئيس أسود، أريد القول اسود ليس تمامًا، أول رئيس أسود مبيض للولايات المتحدة... والآخر: - ...الأمريكية. - رئيس أسود ومسلم. إذا رفضت اتصلنا بمس رز. - امرأة رئيسة؟ أبدًا! - إنه ممثل متنكر توقف في هوليود، يا معتوه، قال الشيخ العُمَرِي. - آه! صح؟... استغرب بووي-بووي. لم ألاحظ ذلك أبدًا. - إذن أنت موافق؟ سأل لاد-لاد. - بما أنكم ستقيمون الديمقراطية في البيت الأبيض لأول مرة في تاريخها، سأستشير زملائي، الرئيس أولهم... وتصادى صوت الرئيس من فم فينوس: - يسلم فمك، بووي! أنت الأفضل! - شكرًا، سيد الرئيس. - وقل لهذين القميئين ألا يعملا سياسة في ظهري. - سأقول لهما، سيد الرئيس. غير أن... - ماذا؟ - فكرة أن أصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة... والآخر: - ...الأمريكية. - ...بدأت تعجبني. - أنجز المهمة التي كلفتك بها لدى هذين القميئين وسنتكلم في الأمر بووي. - في نهاية المطاف، ليسا قميئين إلى هذا الحد، بريزيدنت، أجاب بابتسامة واسعة للاثنين الآخرين. - أنجز مهمتك، أيها الماخور، أو أعزلك في الحال، بووي-بووي! هدد الرئيس. شرح سكرتير الدولة للشيخ العُمَرِي ولاد-لاد أن أمريكا إذا أرادت احتلال العراق، فهذا للتخفيف من توقفها على السعودية في مادة النفط، وبالتالي للتخلي عن العجوز الأمير ولي العهد عبدولدول. نسي لاد-لاد كل الدسائس الأمريكية، نسي كل أهداف الأسلمة التي له أو الصحوة، نسي حتى رأسه، ووافق في الحال على كتابة التصريح. كان في نهاية الأمر مثل كل الرؤساء العرب المفلسين الذين هم مستعدون لبيع كل شيء لكلام أبدًا لا يستجاب من قادة العالم. وأمريكا الكافرة، وأمريكا الكافرة، والله أكبر، الله أكبر، والإسلام سينتصر، والإسلام سينتصر. صيغ النص بثلاثين ثانية، لكن أثبت الشيخ العُمَرِي لأول مرة أنه ليس عربيًا، وهمس في أذن لاد-لاد الذي قال: - نعم، عندك الحق، يا صهري، من يضمن لنا رحيل هذا الكلب عبدولدول؟ أجاب بووي-بووي: - هو بنفسه! انتظر، أعطيك إياه. ومد له تلفونه النقال. لم يدر لاد-لاد ما يقول، تلعثم، قدم احتراماته للأمير العجوز ولي العهد، اعتذر عن تدميره لصورة العائلة الملكية، ووعد على فعل كل شيء لطمأنة الخواطر في بلده. سموك، سموك، سموك، أمام دهشة الصهر أكبر دهشة. انتزع بووي-بووي التصريح من يدي لاد-لاد بابتسامة هازئة، وأوضح له إذا أراد أن يكون الرئيس القادم لجزيرة العرب، عليه أن يتابع دروسًا خاصة في السي آي إيه، تمامًا كزملائه العرب، خاصة الرئيسين التونسي والمصري. أضاف أن الدورة ستكون طويلة، ونصحه بالبقاء في ميدان الأسلمة غامزًا بعينه. خوفًا من أن يسمعهم الرئيس، عمل بووي-بووي "ششش"، وهو يضغط إصبعه على فمه. لم ينبس لاد-لاد بكلمة عن شهية السلطة لديه في أمريكا، الآن وقد أفلتت السعودية من بين أصابعه، وبدوره، غمز صهره بعينه، ، وبدأ كلاهما التبشير بصوت منخفض. - بسم الله الرحمن الرحيم... همهم الأول. - أشهد أن لا إله إلا الله... همهم الثاني. - لكني لا أعارض ما تقولان، أيها القميئان! تدخل الصوت الذكوري لفينوس. كانت السي آي إيه تسمع كل شيء، حتى أنفاسهم، وكرب الأرباب، ترى كل شيء. شرح بووي-بووي أنهما لم يتسلما بعد الأمر بأسلمة شخصه، إلا أنه اعترف أن أباه وجده كانا معجبين كثيرًا بمحمد علي. مع ذلك، هو يفضل المسيحية، تابع غامزًا بعينه، دونها لن يصل أبدًا إلى المنصب الذي يتربع عليه. طلب إليهما البدء بالرئيس الذي من الواجب أن يخلف نفسه، وغمز بعينه من جديد، حتى آلمه جفنه. صاح ضيفا البيت الأبيض في أذن فينوس أنهما ينتظران أمر السي آي إيه، أو الرئيس بنفسه، لكن لم يجب أحد. قبل أن يغادر بووي-بووي الجناح الأزرق، أشار إلى الساعة. منتصف الليل. دومًا. وأبدًا. قال للآخريْن إنها ساعة الصلاة، إشارته السرية إلى أنه لن يكون ضد اعتناقه. لَبِسَ لاد-لاد والشيخ العُمَرِي جبتهما، ألصقا لحيتهما، مدا سجادتهما عند قدمي زوس، وبدءا صلاتهما. أغاظهما العضو المنتصب لزوس، فأغمضا عينيهما مرتليْن "الله أكبر"، وهما يفتحان عينيهما، ويغمضانهما، يفتحان عينًا، وفي النهاية يستديران ليقعا على فرج فينوس. ابتسما لعريها، لجمالها، وأنهيا صلاتهما صارخيْن "جاد بلس أميريكا"!
يتبع الفصل السادس
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عساكر الفصل الرابع
-
عساكر الفصل الثالث
-
عساكر الفصل الثاني
-
عساكر الفصل الأول
-
عساكر تقديم الناشر الفرنسي
-
فندق شارون الفصل العاشر والأخير
-
فندق شارون الفصل التاسع
-
فندق شارون الفصل الثامن
-
فندق شارون الفصل السابع
-
فندق شارون الفصل السادس
-
فندق شارون الفصل الخامس
-
فندق شارون الفصل الرابع
-
فندق شارون الفصل الثالث
-
فندق شارون الفصل الثاني
-
فندق شارون الفصل الأول
-
في بيتنا داعشي 5 وأخير الرؤساء والملوك
-
في بيتنا داعشي 4 أمريكا
-
في بيتنا داعشي 3 التعايش
-
في بيتنا داعشي 2 المؤمن
-
في بيتنا داعشي 1 الله
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|