أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر الدين شنن - الريحان .. والأمير والسلطان إلى ضحايا كوباني















المزيد.....


الريحان .. والأمير والسلطان إلى ضحايا كوباني


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 13:38
المحور: الادب والفن
    


أمر أمير المؤمنين " دعوشه " المشهورين .. بقوة البأس .. وولع الذبح .. وشبق السبي .. باجتياح .. بفتح .. عين العرب كوباني . وأطلق على " كوباني " اسماً يليق بلغة .. وهالة دولة " الخلافة " .. فسماها " عين المسلمين " .. بلا كوباني .. ليواصل منها " جهاد الفتح .. في بلاد الشام جنوباً .. وفي ديار بني عثمان شمالاً .. وليصبح جاراً عظيماً لبني إسرائيل .. ولبلاد الفرنجة ..

وأمر السلطان أردوغان الأول جحافل الانكشاريين .. الذين آواهم .. ودربهم .. وعثمنهم .. وسلحهم .. بتأمين اجتياح عين العرب كوباني .. وسماها " توركباني " .. ليجعل منها " مرجاً دابقاً ثان " يتقدم منه إلى حلب . وإلى الشرق والغرب من كوباني .. ثم إلى الشام . وهكذا يكون قد صار على أبواب مكة .. والبيت الحرام .. وبعدها خطوة صغيرة .. وتصل ذراعه إلى عمامة الخلافة على ديار المسلمين في المشرقين .

والريحان أقسم بأطفال كوباني .. وأجداد كوباني .. وحرية أهل كوباني .. وكل الشركاء في وطن كوباني :

أن أمير المؤمنين .. لن ينال من كوباني .. إن الموت والهزيمة أمام أسوار كوباني .. بانتظاره .
لن يمر منها إلى حلب الغالية ..
ولن تكون جسراً للعبور منها إلى الشام .
ولن يجاور جدران الفرنجة .. ليبتز الجزية .. والجواري الحسان .. فأوربا في هذا الزمان .. هي غير ما كانت في زمن " السلطان محمد الفاتح " . إنها الآن متقدمة عليه ألف عام .. حضارة .. وعقلاً .. وتحرراً .

وأن السلطان أردوغان الأول .. لن يحظى بكوباني .. وبما بعدها جنوباً وشرقاً وغربا .. كما حظي جده السلطان سليم الأول " بمرج دابق " ومنه إلى حلب والشام ..
ولن تكون كوباني اقطاعية محسوبة من متاع امبراطوريته .. وأهل مكة أدرى بمكائد العثمانيين .. وخوازيقهم .. ومشانقهم .. والبيت الحرام .. حرام عليه إن قصده حرباً وغدرا ..
ولن يصلي صلاة الكاذب ، في مسجد بني أمية .. فصلاح الدين الأيوبي .. ما زال شامخاً .. شاهراً سيفه .. أمام المسجد الأموي .. بوجه الكاذبين .. والطامعين .. والغادرين .

* * *

قالوا :
ريحانة .. قتلت مئة من " دعوش " الأمير .
وقالوا :
ريحانة .. صارت شبحاً مرعباً " للدعوش > المهاجمين والمتربصين .
وقالوا :
تمكن " الدعوش " من أسر ريحانة .. وقطعوا رأسها .
وقالوا :
ريحانة لم تمت ..
هناك ألف .. ألف ..ريحانة ..
صار الرجال والنساء كلهم ريحانة ..
وتحول الريحان في كوباني إلى بنادق .. إلى إعصار غضب ملحمي جارف ..
صارت كوباني غابة كثيفة من الريحان تحمل طهارة الشهداء .. وعبق الدماء الثائرة التي غطت .. خلال المعارك ضد " الدعوش " .. السماء والأرض .

* * *

لم يصدق " دعوش " الأمير ، أن وراء ريحانة ، التي افتخروا بأسرها .. وقطعوا رأسها .. ليقطعوا دابر الشجاعة النادرة في مواجهتهم .. جيشاً كبيراً .. مرعباً . كل مقاتل فيه .. رجلاً كان أو صبية .. هو مثل ريحانة . قلبه أخضر كالريحان .. وساعده أشد ضراوة من صواريخهم الأمريكية .
لم يصدقوا أن هنا في كوباني الصغيرة .. لا أحد يخافهم .. لا أحد يخاف من وحشيتهم .. التي تقطع الرؤوس .. وتحرق الأحياء .. وتسحق الأطفال .
ما وجدوه في كوباني ، هو غير ما صوره لهم الخونة والأغبياء .. وهو غير ما تصوروه هم ، مقارنة بانهيار مناطق أخرى رعباً ، قبل أن يصلوا إليها .
ما وجدوه كان بركاناً يقذف الحمم في كل اتجاه .. ويقتل بحممه وغباره ودخانه ، كل من يجرؤ على الاقتراب من جدران كوباني المقدسة .
ولما طالت الحمم " الدعوش " حتى في قلاعهم المتحركة .. وحفرهم المحصنة .. انخلعوا من الخوف .. خافوا على رؤوسهم أن تسحقها نار الريحان .. فهربوا . وأصبح أمير المؤمنين مقلوع العين .. بعد أن أقلعه الريحان المقاتل بعيداً عن كوباني .
وقال حكيم .. مشارك بالكر .. والفر .. والفكر .. :
لا تأمنوا خداع الأمير .. أليس السلطان شريكه .. وربما سيده ؟ .. لابد أن " الدعوش " عائدون .
فقال حملة سلاح الريحان .. نحن بانتظارهم .

* * *

فجع السلطان بهزيمة أمير المؤمنين ، وحزن عليه ، لأنه فقد عينه " الكوبانية " .
وقصة فجيعة السلطان ، أنه كان واثقاً من أن الأمير سيفتح كوباني ، وكان هو سيربح نصف نصر ، ويوفر قدراً من مسافة الطريق أمام حلمه السلطاني ، وأن بينه وبين الأمير عهداً على تقاسم الأدوار .. والنجاحات .. والغنائم .. فهل سيحمله الأمير " شرعاً " نصف مسؤولية وخسائر الهزيمة ؟ .

احتفى الكوبانيون بانتصارهم .. وفكروا بالمصير .. والمحيط .. وبقواسم الحياة مع الشركاء في الوطن .. وفي حرب " الدعوش " الأميرية السلطانية .
أما بالنسبة للسلطان ، فقد كان كل يوم يمر عليه بعد الهزيمة ، يزيد فوق صدره .. وأعصابه .. وكيانه .. من ثقل .. وفجيعة .. وعار الهزيمة . وقرر :
أن يخوض حرباً ثانية في مرج كوباني . في هذه المرة لم يطمئن لتعبئة ومخططات أركان غرفة عمليات الموت ، تقدم بنفسه ، وانتقى " دعوش " الهجوم .. وخطط للحرب .. ودبر بإشرافه لزوميات الهجوم والفوز .

عند الفجر المحدد .. تسلل " الدعوش " إلى كوباني . وكان استخدامهم سلاح الذبح والإرهاب الدموي ، هو أكثر من استخدامهم آليات وخبرات الحرب التقليدية . كانوا يرتكبون في كل بيت يصلون إليه مذبحة . ليس بالضرورة أن يكون المذبوحون مقاتلين .. يكفي أنهم من أهل كوباني .. ورائحة الريحان تملأ فضاء البيت .. كانت ثأراً همجياً وليست حرباً .. أو فتحاً مبرراً .

في ثلاثة أيام تجاوز عدد المذبوحين المئتين .. وجاء الذبح تنفيذاً لتوصية الأمير والسلطان :
اذبحوا . اذبحوا .. وكلما ذبحتم من الناس أكثر .. كلما أضعفتم المقاومة ضدكم أكثر ..

لكن كوباني قلبت التوصية .. إلى تعمية .. فكان ذبح الأطفال .. ومن يجرون للنجاة .. يضاعف من صلابة المقاومة واستبسالها .

* * *

وكانت خاتمة الهجوم الأميري السلطاني الثاني الهزيمة .. وفرار " الدعوش " المهاجمين من القتال مذعورين .. متلمسين رؤوسهم للتأكد من سلامتها.

صدمت الهزيمة الثانية في كوباني أمير المؤمنين .. صمت وقتاً .. ثم نطق ، معتبراً الهزيمة قدراً مكتوباً باللوح المحفوظ .. وعقوبة على أمر وقع ولم يدرك بما يرضي الله .
وجلس مع بعض المقربين منه ، في غرفة نائية ، حول مجمر يتصاعد منه دخان بخور ملون ينساب فوق الرؤوس .. ناشراً رائحة تهدئ البال .. وتريح النفس .

ووقف السلطان غاضباً .. مهزوزاً .. خلف الميكرفون . وقبل أن ينطق بحرف .. أمعن النظر حوله .. ليتأكد من جاهزية الحراسة .. وقال :

إن تركيا .. لن تسمح بإقامة دولة على حدودها .. مهما كان الثمن .. دون أن يسمي هذه الدولة .

وحدث لغط .. ومغط .. عند مستمعيه . وكان السؤال .. كيف لتركيا أن تمنع وجود دول على حدودها ؟ ..

وحلل البعض .. أن ما عناه السلطان هو وجود دولة للأكراد في كوباني وأخواتها جنوب تركيا .. وبعض آخر قال .. إن المعنى يتضمن سوريا كلها . لكن الجميع كانوا على رأي واحد .. أن السلطان فقد توازنه .

وبين صمت الأمير .. وصراخ السلطان .. شكل الريحان لحظات إنسانية تاريخية يانعة .. هي .. بالمطلق .. متعارضة مع لحظات الشيطان المتوحشة .. التي ترسم أحلام الأمير والسلطان .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسم الغزو البربري المفتوح
- ارتدادات الحرب السورية
- ما ذنبنا .. ؟ ..
- الوحدة الوطنية .. أو الضياع
- المعارضة السورية إلى القاهرة .. ثم إلى أين ؟
- المعارضة في زمن الحرب
- مابين داعش والتحالف السعودي الأميركي
- عاصفة الحزم إلى الشام .. وبلاد الشام
- ياعمال العالم و يا أيتها الشعوب المفقرة اتحدوا
- مقدمات الانهيار .. ومقومات النهوض
- مذبحة اليمن مستمرة و بعدها إلى الشام
- السياسة والحرب والحلقة المفقودة
- الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل
- المملكة إذ تخوض حرب الامبراطورية
- أوراق معارضة ( 2 ) ولادة المعارضة
- أوراق معارضة ( 1) ولادة وطن
- يوم المرأة السورية وحق الحياة والحرية - إلى نائلة حشمة -
- حول خواتم الحريق السوري
- العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
- العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر الدين شنن - الريحان .. والأمير والسلطان إلى ضحايا كوباني