أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسن محاجنة - رمضان والبطيخ














المزيد.....


رمضان والبطيخ


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4850 - 2015 / 6 / 27 - 18:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رمضان والبطيخ
في الصيف وخاصة في تموز ، حين "يغلي الماء في الكوز " من حرارة الشمس اللاهبة والمُشتعلة ، وفي آب اللهاب ، كما تصفُ أمثالُنا الشعبية هذه الأشهر شديدة الحرارة ، دون أن ننسى حزيران بالطبع . لا أحسن ولا أفضل لتبريد الأحشاء الملتهبة من بطيخةٍ باردةٍ ،ناضجةٍ ومُبردةٍ ّ!! تلتهم لُبّها ، فتسلبك لُبك ، ببرودتها ، حلاوتها ، حمرتها القانية وعصارتها تسيل على الفم والشفتين ، ومع طعمها اللذيذ تتسرب إلى الجسم والأحشاء برودة ناعمة خَدِرة.. الله الله عليك يا مقاثي "وهي جمع مقثاة " البطيخ .
وقديما وقبل دخول الثلاجات الى بيوتنا ،كانت العائلات وخصوصا أرباب الأُسر الكبيرة (وهل كانت أُسر صغيرة حينها ؟) ، كان ربُ الأُسرة يشتري حِمْل البطيخ كاملا (من 50 -100بطيخة )، لتخزنها العائلة وتتلذذ بها خارج الموسم ..
شخصيا لم أُعاصر ذاك الزمان ، حينما كان باعة البطيخ يطوفون القرى ، مُحمِلين البطيخ على ظهور الجِمال ، وكان ما يحمله الجمل من بطيخ ، يُسمى "حِملا " ، أي بالفُصحى حمولة جمل !!
تطورت الاحوال فأصبح الباعة يقدمون على التراكتورات ، وخاصة في فترة نهاية موسم البطيخ ، وعادة ما كانت عائلتان أو أكثر تتناصفان حمولة عربة تراكتور البطيخ ، لتخزينه للأيام التي ينعدم فيها البطيخ .. وعادة ما كان يتم خزن البطيخ بين أكوام التبن ، التي توفرت في كل بيت قروي ، كغذاء للحيوانات الاليفة . وكُنّا( أي عائلتنا ) نملكُ حمارا وهو بمثابة السيارة لوالدي الذي كان يُتاجر بالأقمشة ، يحمل حماره بالاقمشة ويطوف القرى مناديا على بضاعته ، وأطلقَ الناس على هذه المهنة إسم "حَدّار " !! والتي ظاهريا تبدو وكأنّ لا جذر لغويا لها ، لكن وحسب تحليلي الذي لا يُلزم أحدا ، فأعتقدُ بأنها مزج بين كلمتين ، هما "حد" بمعنى بجانب ، و"دار " التي هي بيت ، وبما أن البائع يصل حتى بيت الزبون ، فقد أطلقوا عليه وعلى مهنته كلمة "حَدّار"!
لكن ليس أشهى ولا أطيب من البطيخ في أوانه ، وخصوصا تناول بطيخة في المقثاة وهو " على أُمه" !! تكسر البطيخة بقبضة اليد ، وتنتزع لبها وتلتهمه ..
لكن في الحقيقة ، فمقالتنا ليست عن البطيخ ، بل عن سلوك بعض الصائمين في رمضان ، في مكان ما ، لكنه ككل الأمكنة ... ومع اشخاص محددين ، لكنهم ، تقريبا كل الأشخاص !!مقالتنا عن بعض الصائمين الذين خرجوا من جامع ما ، ولكنهم غالبية الصائمين المُصلين في غالبية الجوامع .
سائق سيارة الشحن المحملة بالبطيخ ، أدركته إحدى الصلوات وهو في طريقه إلى مكان ما ، لإفراغ أو بيع حمولة الشاحنة من البطيخ . فَضّل أن يؤدي الصلاة في وقتها ، مع جماعة المسلمين . بحثَ عن أقرب مسجد ، ركنَ شاحنته وهو مطمئن ، فهذه أيام رمضانية مُباركة ، والكل صيام ولن تمتد أياديهم لبطيخاته !!
وهو بقرب المسجد بيت الله وحرمه ، فلن يجرؤ أحدٌ ولو كان لصا من ظهر لص ، أن يعتدي على الشاحنة وحمولتها !! فالشهر فضيل والوقت وقت صلاة وهو في حمى المسجد !!
دخل مطمئنا ، خالي البال ، لكنه لم يتوقع هذا المشهد :
https://www.youtube.com/watch?v=UZWICszSTck
نعم لا شك لدي بأن هؤلاء جميعا ، يُصلون ويصومون عن إيمان وعن قناعة .. ليكسبوا الأجر والثواب ويفوزوا فوزا عظيما بالجنة ، التي وعد الله ،عباده المصلين الصائمين .
كما لا يساورني شك ، بأن قسما منهم ، يعتبر شاحنة البطيخ رزقا ساقَهُ الله اليهم ، رزقا حلالا ، وقد يجدون في ثنايا الكتب "فتوى " تبيح لهم الإستيلاء على المال المتروك أو السائب ..
لكن الغالبية في ظني ، تقصر ذات يدهم عن شراء بطيخة تُبردّ الأحشاء بعد صوم طويل ، وفي نهاية المطاف ، فالله غفور رحيم ، سيغفر لهم !!
قال المُستشرق الياباني الذي لا أذكر إسمه ، وبعد ان عاشر العرب المسلمين ، قال يصفهم بأنهم " متدينون جدا وفاسدون جدا " ..
وشاحنة البطيخ خير دليل .. فهم متدينون جدا (صائمون مُصلُّون ) ، وفاسدون جدا ، لم تسلم من ايديهم شحنة بطيخ لسائق توقف للصلاة معهم ، ليكسب ثواب صلاة الجماعة .
ماذا سيكون حال السائق لاحقاً ؟ هل سيتوقف مرة اخرى للصلاة جماعة ؟؟ أم هل سيصلي جماعة مرة أخرى ؟!



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعزية لزميلنا الكاتب شاكر فريد حسن .
- الجشع وسِفاح المحارم ..
- مكانة عرب إسرائيل وواقع الحال ..
- أُوباما : أسود وخفيف !!
- الكُنى والأسماء المُستعارة
- وحَطِّمِ آلأصنامَ تحطيماً ..!!
- بين الفخر والإزدراء ..
- ثقافة السرقات الادبية ..!!
- لآقْعُدْ على دربك ..وآرُدك ..!!
- -قوميسارة- الادب والفن ..!!
- المجرم الضحية
- التطرف القومي والأوغاد ...
- ألديك والحِمار ..
- ألبومات النصر ..وذاكرة نكسة ..
- مِنْ -فضل آلرحمان - ..
- ألسيوطي والكاماسوترا ..
- مُجتمع الرجولة ، الكرامة والشهامة ..!!
- مسيرة -الشرموطات - في القدس .. والنقاب !!
- ألعجوز والتيه .. قصة قصيرة
- أين ألنِساء ..؟


المزيد.....




- -معاوية-.. خالد صلاح كاتب المسلسل يوضح الغاية منه
- وزير الدفاع الأمريكي يرد على هيلاري كلينتون بصورة لها مع لاف ...
- ممثل شهير يعلق شعار -فلسطين حرة- على صدره خلال حفل -أوسكار- ...
- زيلينسكي يرد بحدة على سيناتور جمهوري طالبه بالاستقالة
- ستارمر يرفض إلغاء الدعوة الموجهة لترامب لزيارة بريطانيا
- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسن محاجنة - رمضان والبطيخ