أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - أحمد عصيد - جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة














المزيد.....

جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4846 - 2015 / 6 / 23 - 17:27
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


"إننا لا ننشد عالما لا يقتل فيه أحد، بل عالما لا يمكن فيه تبرير القتل". ألبير كامو

ليس للمرء إلا أن يُصعق أمام مشهد يظهر فيه رئيس الحكومة المغربي ووزيره في العدل (المنتميان لحزب العدالة والتنمية الإسلامي) وهما يتهكمان على الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي اعتبر أن جرائم الشرف لا مبرر لها ولا ينبغي أن يكون لها مكان في القانون الجنائي المغربي، وأن المطلوب استدعاء الأمن والاحتكام إلى القضاء. سلوك رئيس الحكومة ووزير العدل يجعلنا نتساءل إن كانا ينتميان معنا إلى نفس الثقافة ونفس البلد، أم أنهما يعيشان في سياق مجتمعات أخرى بعيدة عن السياق المغربي. فجرائم الشرف ليست شيئا شائعا في بلدنا، ولا هي ضمن المطالب المرفوعة من أي كان، والاحتكام إلى القانون أمر تعود عليه المغاربة بالتدريج بعد قرن كامل من العيش في ظل الدولة الحديثة بمؤسساتها وقيمها. بينما ترتبط جرائم الشرف بواقع القبيلة وبالدول التي فشلت في الانتقال السلس نحو ترسيخ بنيات الدولة الحديثة.
ومن المثير والغريب أن يعمل وزير العدل ورئيس الحكومة على إعادة أمور ليست في جميع الأحوال إيجابية ولا مطلوبة، بل وتدخل في باب السلوكات الوحشية التي يمجّها العقل والذوق السليم، إذ من الثابت أن استدعاء الأمن والرجوع إلى القضاء والاحتكام إلى القانون هي سلوكات تقوم كلها على العقل وعلى قدر من الشعور بالانتماء إلى الدولة وإلى الحضارة، بينما الذبح أو الخنق والقتل والفتك وتقطيع الأطراف تعد من الانفعالات النابعة من الهياج الغريزي الأعمى الذي لا يبقى فيه مجال لنور العقل ولا للتفكير في العواقب. ولست أدري إن كان رئيس الحكومة ووزيره في العدل قد فكرا في عواقب فعلهما على المجتمع، في حالة ما إذا شعر بعض المغاربة بأن جرائم الشرف لا يعاقب عليها مثل الجرائم الأخرى، ونتساءل إن لم يكن ذلك هو هدف الرجلين معا، حيث يظلّ التيار الإخواني حيثما وُجد ساعيا بجهد كبير إلى تدمير الأسس الثقافية للدولة الحديثة، وإحداث الفوضى التي تسمح بعد ذلك بالعودة إلى واقع البداوة السابق، الذي يتلاءم مع النهج الفكري والعقدي لهذا التيار السياسي. فكلما انزاح الواقع نحو التقاليد القديمة المرتبطة بالقبيلة، وبالسلطة الأبوية، وباحتقار المرأة، وبثقافة الثأر والعار الحِمية، كلما بعُد عن قيم الدولة الحديثة، وهو بالذات ما يطلبه التيار المحافظ حتى يتمكن من تحقيق الوصاية على المجتمع والهيمنة على الدولة.
يفسر هذا لماذا يقوم الرجلان بما قاما به من سلوك مشين ومخجل، في الوقت الذي يعملان فيه بالمقابل ـ وبجُهد ظاهر ـ على عرقلة المطالب الديمقراطية المرفوعة في المجتمع منذ عقود، والتي ترمز إلى الرغبة في ترسيخ الاختيار الديمقراطي .
إن الدوافع الموجّهة نحو اقتراف جرائم الشرف كلها مرتبطة بترسانة التقاليد والعادات السابقة على التطورات التي عرفها واقعنا نحو بناء دولة القانون والمواطنة، وقد كان هذا النوع من الجرائم طبيعيا عندما كان الاحتكام يتم إلى التقاليد الجمعية والأعراف القبلية في واقع مغلق ومحدود، أما في ظل الدولة الحديثة المنفتحة على رصيد الإنسانية، فلا وجود لتبرير جرائم الشرف نظرا لطبيعتها الوحشية العنيفة التي تستحضر الانتقام قبل كل الاعتبارات الأخرى.
إن مسيرة الإنسان في ترقيه في مدارج الحضارة مسيرة مرادفة لنمو العقل في مقابل الغريزة، فالوازع العقلي وازع مجتمعي يحيل على التنظيم وعلى القانون، بينما الوازع الغريزي وازع فطري يحيل على القوة والعنف.
والعقل في جوهره ضد العنف، والدعوة إلى تبرير جرائم "الشرف" أو التخفيف من الحكم على مرتكبيها هو سلوك يستجيب لدواعي الغريزة المنفلتة ولا أثر فيه للعقل ولا للحس الإنساني، إنها وصمة عار في جبين الشرق المتخلف، ولذا نعلن لرئيس الحكومة ووزيره في العدل أننا لسنا شرقا، نحن في أقصى الغرب جغرافيا، ولعل هذا ـ إضافة إلى ثقافتنا العريقة وإرادتنا في المضي إلى الأمام ـ يقينا بعض الشيء من التخلف العشائري العربي .



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا
- على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي الت ...
- من يقوم بتنفيذ -أجندة أجنبية- بالمغرب ؟
- المغاربة والعلمانية: قراءة في نتائج دراسة ميدانية
- الديمقراطية ومنطق -أخف الضررين-
- هل يعرف العرب معنى النصر ومعنى الهزيمة ؟
- حقيقة ما يحدث في -غرداية- بالجزائر
- عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية
- إلى المقامرين بالوطن
- لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين
- مأزق طارق رمضان
- لماذا نحن ضد إعدام 529 إخوانيا مصريا
- من أين تأتي جاذبية خطاب العنف والتطرف ؟
- حقوق المرأة في الدستور المغربي، مكتسبات معطلة
- جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية
- من المسئول عن جعل الفنانين المصريين سفراء للعسكر ؟


المزيد.....




- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - أحمد عصيد - جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة