أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جميل السلحوت - النّظافة بين الكفر والايمان














المزيد.....

النّظافة بين الكفر والايمان


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 4846 - 2015 / 6 / 23 - 01:45
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أشعر بغصّة عندما تراودني فكرة المقارنة بين شعوبنا والشّعوب الأخرى، لأنّ المقارنة ليست لصالحنا، لذا فأنّني أبتعد عنها ما استطعت ذلك، فمثلا نحن ورثة مقولة "النّظافة من الايمان"ولدينا نصوص كثيرة من القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة الشريفة تحضّ على النّظافة، ولدينا آلاف المؤلّفات حول الطّهارة ومتعلقاتها، ولهذا فإنّه من المفترض أن نكون نظيفين بأجسادنا، ملابسنا، بيوتنا، شوارعنا، مستشفياتنا ، مدارسنا، مؤسّساتنا وكلّ مناحي حياتنا،
لكنّ المفترض شيء، والواقع شيء آخر. تماما مثلما هو الفارق بين من يتطيّبون ببول البعير، ومن يتطيّبون بالمسك والعود والرّيحان.
والوضع في "بلاد الكفّار" مختلف جدّا، وما رأيته وأراه في أمريكا ذكّرني بما ينسب للامام محمّد عبده ـ رحمه الله ـ عندما زار فرنسا وكتب عنها "وجدت فيها اسلاما ولم أجد مسلمين" .
فثقافة النّظافة هي السّائدة، مثلها مثل قِيَم حميدة أخرى. لذا فإنّ النّظافة تبدأ من البيت، فالبيوت ملزمة بأن تضع قمامتها في أكياس نايلون داخل حاويات القمامة المخصّصة لكلّ بيت، والتي تأتي سيّارات القمامة لأخذها يوما بعد يوم في بض الحارات، ويوميّا في حارات أخرى، والقاء القمامة خارج الحاويات ممنوع، ويحاسب عليه القانون، وهذا سلوك اعتاد عليه النّاس، والمحلّات التّجارية مسؤولة عن قمامتها، تضعها في حاوياتها الخاصّة، ويتّفق كلّ محلّ مع شركة نظافة لنقلها على حساب المحلّ، والمحلّات مسؤولة أيضا عن نظافة الشّارع الذي يحاذيها، ومن يخالف يعاقب بمخالفة ماليّة رادعة. والمحل مسؤول عن نظافة داخله، ومن مشاهداتي في محلّ يملكه شقيقاي داود وراتب، أن جاءت مفتّشة من الصّحة، تبحث عن أيّ غبار على رفوف المحل بغضّ النّظر عن البضاعة المعروضة عليه. كما أنّها وضعت اصبعها تحت ثلاجة ضخمة في المحل بحثا عن غبار.
والمناطق الأمريكّية التي شاهدتها في عدّة ولايات أمريكيّة، لا يرى المرء فيها إلا الماء والخضراء والأبنية والشّوارع، فلا صخور ولا أراضي جرداء، وبما أنّ الأمطار تتساقط صيفا أيضا، فإن أعشاب الزّينة مثل"النّجيل" وغيرها تفور بشكل متسارع، وأصحاب البيوت مطالبون بقصّ هذه الأعشاب حول بيوتهم بشكل مستمر للحفاظ على جمال البيئة.
وفي مناطق سكنية راقية عديدة، حيث تقوم شركات اسكان عملاقة ببناء أحياء سكنيّة في المناطق لتأجيرها، مثل شركة Versailles on the lakes وهي شركة لها أحياؤها السّكنيّة في العديد من المدن الرّئيسيّة في أمريكا، وكل حيّ عدد شققه ما بين ثلاثمائة وخمسمائة شقّة، وأبنيتها من ثلاث طوابق، تتوزّع على عدّة أبنية، وكل شقّة فيها واجهة مطلّة على الشّارع، وتتوزّع الأبنية بطريقة منظّمة، فيبدو كلّ حيّ كأنّه مستقل بذاته، يحيط به سور، وله مدخل ببوّابة ألكترونية، أو عليه حراسة لمنع الغرباء من دخوله، وتخترق الحيّ شوارع منظّمة...وهناك مواقف للسّيارات أمام كلّ بناء، كما يوجد موقف تحت كلّ بناية، يتم تأجيره لمن يرغب من مستأجري الشّقق، وفي الحيّ بحيرة صغيرة فيها أسماك، وربما اثنتان، تتوسّطها نافورة أو أكثر، وهناك بركة سباحة، ودار ضيافة لمن يريد عمل احتفال من مستأجري هذه الشّقق. وطبعا هناك مكتب اداريّ لكل حي اسكانيّ. وتحيط الحدائق والورود والأشجار بالأبنية والشّوارع من كلّ الجهات، تتجوّل بها السّناجب والأرانب البرّيّة، وتحط الطّيور على أغصان أشجارها، وبجانب المصاعد في كلّ بناء، ماسورة ضخمة لها باب قابل للفتح في كلّ طابق، يلقي بها ساكنو الشّقق قمامتهم لتسقظ في حاوية في التّسوية التحت أرضيّة. وممرّات الطّوابق مفروشة بالموكيت، حيث يقوم عاملون بتنظيفه بشكل دائم.
ومن مشاهداتي في هذه الأحياء، أنّ موظّفي النّظافة يجوبونها، في يد الواحد منهم دلو بلاستيكيّ، وفي اليد اليمنى ملقط طويل يلتقط به ورقة تذروها الرّياح، أو عقب سيجارة ألقاه أحدهم في الشّارع، ويأتي رجل آخر يحمل على ظهرة مكنسة تشفط أوراق الأشجار المتساقطة، وشاهدت فتاة حسناء جاءت تحمل عصا طويلة وفي رأسها شبكة...طافت حول بركة الماء لتلتقط ورقة من على سطح الماء.
22 حزيران 2015



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيعة في أمريكا
- الليلة الأخيرة في هيوستن
- في المركز العربي في هيوستن
- عواصف ماطرة في هيوستن
- في هيوستن عند ابن العمّ والحضارة
- وكالة ناسا أكبر مركز للعلماء
- استحالة السلام مع نتنياهو
- بدون مؤاخذة ذكرى هزيمة 5 حزيران
- أسرانا ومعارك الأمعاء الخاوية
- الجريمة والعقاب
- بدون صوت
- خلافة
- عمران
- طاؤوس
- الأمير
- متأمّرون
- محمّد جوهر يترجّل
- باقية
- ثقافة
- غربان


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جميل السلحوت - النّظافة بين الكفر والايمان