|
ك (الغرس الفاسد) بفروعه و ثماره ..
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 21:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(1)
مثلما ذكرت في مقال سابق ، فالارهاب والتطرف الديني الاسلامي لم يأتيا من فراغ ، فجذورهما موغلة في التأريخ الاسلامي و ما قبله و ترتبط بتراث و بيئة صحراوية قاسية شحيحة في تأمين موارد العيش ، و بتقاليد بدوية بدائية إعتمدت العنف و الغزو ، و الذبح و السبي منهاج صراعها من أجل البقاء .. لا أدخل في تفاصيل تلك الحقب وما تلتها والتي جاءت على منوالها ، او لنقل ( التي اخذت منها اغلب تقاليدها وانماط علاقاتها وفعالياتها) لتنجب بعد ظهور الاسلام و انتشاره العديد من الفرق و الجماعات ، تعتمد كل منها تفاسير واجتهادات دينية ( ايمانية و تكفيرية ) خاصة بها تتوائم مع مصالحها و منافعها و تبرر بتلك التفاسير والاضافات المارقة جرائمها و تجاوزتها على حقوق الاخرين في العالم الاسلامي بل و محاولة تجاوز هذا العالم الى العوالم غير الاسلامية ايضا .. منهج العنف و السيف و الذبح و السبي و السلب ( كما يؤكد شهود عيان عايشوا تلك الحقب ووثقوا احداثها و تفاصيلها و منهم من افتخر و أشاد بها ..) لم يقتصر على تلك الجماعات و الفرق بل ان معظم مشاهير قادة الفتوحات الاسلامية اعتمدوا تلك الاساليب العنيفة الهمجية منهاجا و ستراتيجية لفتوحاتهم و توسيع رقعة النفوذ الأسلامي في جغرافية العالم ، هذا المنهج تواصل عبر زمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم خلفاء بني امية ثم خلفاء بني العباس و بعدهم سلاطين آل عثمان ، وبعد سقوط الامبراطورية العثمانية ، استلم الارث هذا غالبية ولاة و حكام و رؤساء العالمين العربي و الأسلامي ..
(2)
من تلك الجذور انفلقت و نبتت و تأسست كل الجماعات والفرق الاسلامية المتزمتة و المتعصبة ، تسترت بالقرآن و السنة ستارا يخفي نواياها الدنيوية الجشعة و اتجاهاتها الشريرة للاستحواذ على السلطة و السلطان ، و منها ما نرى و ما نسمع عنها و ما نتعامل معها اليوم من عصابات ارهابية و جماعات الأسلام السياسي التي لا مبالغة في القول عنها ان اغلبها من نتاج المدرسة ( الاخوانية ) ربيبة الأم الوهابية المنحدرة من اصول خوارجية .. تأسس تنظيم الأخوان المسلمين في النصف الاول من القرن الماضي (20 ) في مصر بتمويل ودعم اكبر القوى الاقليمية غنا و ( تخلفا فكريا ) و برعاية و توجيه من مخابرات أكبر القوى العالمية نفوذا في المنطقة ( حينها )، و الهدف من تأسيس هذا التنظيم الديني السياسي لم يكن ايمانيا و حبا بالأسلام و المسلمين ، بل كان من أجل الابقاء على حالة التخلف الثقافي و الجمود العقلي الحضاري لشعوب و امم العالم الاسلامي و تصديا لمد الافكار التحررية و الديمقراطية و الاشتراكية التي بدأت بالأنتشار عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى في اوساط المتنورين و المتعلمين ، و هكذا فالهدف من تأسيس حركة الأخوان جاء ضمن مخطط واسع و محكم بتأسيس ( قواعد أيديولوجية دينية مذهبية متعصبة ) مهمتها تسطيح الفكر و الوعي و ارجاعه الى انماطه المتخلفة الغابرة و عدم استيعاب او تقبل الحداثة و التجديد في الفكر الأنساني و اعتبارها ( كفرا و الحادا ) و أن تصبح (العلمانية و الفكر و التفكير العلمي ) و كما يصر المتعصبون و المتزمتون الاسلاميون المعنى المرادف للكفر و الألحاد ..!!
(3)
تنظيم الأخوان المسلمين بعد تأسيسه في مصربدأ بتنفيذ المهام الموكلة اليه بأتجاهين متوازيين ، إتجاه علني أو شبه علني } الظهور بمظهر ايماني ورع مسالم مع الدعوة لأفكارها و تفاسيرها الدينية مع مزجها بشيء من القوموية العروبية و كسب المريدين لها في اوساط البسطاء من غير المتعلمين في مجتمع يعاني المتعلمين من شبيبته من البطالة و التهميش في ظل حكم ملك ينحدر من أصول غير عربية و كان في حالة خلاف حاد و مستمر مع حكومة بريطانيا العظمى ..{ ،أما الأتجاه الاخر لنشاط الاخوان المسلمين – و كان سريا – فكان يتمثل بتسليح العناصر التي تم كسبها و حازت على ثقة قادة التنظيم و تدريبهم على القتال و كذلك استخدام العنف و الاغتيالات السياسية و تخريب المنشآت الحيوية كأبتزاز و ضغط و كتأكيد لحضورها و وجودها ضمن الحلبة السياسية المصرية .. و فيما بعد و على هذا المسار و النهج سارت و تسير تنظيمات الاخوان المسلمين التي تأسست في بلدان المنطقة . و بمراجعة تأريخية لسيرة و سلوك هذا التنظيم ( الأسلامسياسي )فأنه اينما تواجد و نشط كان بؤرة فتن و خلافات و اضطرابات اجتماعية و سياسية و دينية ، بل ان التنظيم نفسه و بسبب تهافت قياداته و زعاماته على مكاسب و امتيازات الزعامة و النفوذ كان و لايزال عرضة لخلافات و صراعات داخلية حادة .. إن كل الأدلة التي تزاح عنها الستار تؤكد وتكشف اكثر يوما بعد يوم ان هذا التنظيم هو الحاضنة التي تفرخت منها بشكل مباشر و غير مباشر كل المنظمات و الجماعات الأرهابية ، فهو الجهاز الذي يسخر الدين الاسلامي أداة لتجنيد البسطاء و المعوزين وذوي العقد و العاهات النفسية و الساخطين من عباد الله و غسل ادمغتهم بما تريد من تفاسير و اجتهادات و تربيتهم على الحقد على كل من لايمارس طقوس الدين وفق طقوسهم ، و على التعصب و التزمت و عدم تقبل اي رأي من خارج اطار التنظيم و بالتالي تسخيرهم كروبوتات مبرمجة كقوة ضاربة متطرفة قوامها قتلة وأرهابيين و انتحاريين أو ما يسميهم التنظيم ( بالجهاديين و المجاهدين ) .. نعم ، ان تنظيم الاخوان هو الحاضنة التي خرج منها الفكر المتعصب والمتزمت الديني بكل نزعاتها العنيفة ومن جوهر افكارها تفرخت كل المنظمات الارهابية المعروفة في عالم اليوم بدءا من خلايا و جماعات الارهاب الصغيرة كتنظيم ( التكفير و الهجرة و أشقائه ) و الى الفرق و المنظمات الارهابية الواسعة النشاط كالقاعدة و داعش و اخواتهما ..
(4)
إن آخر ما استجد في الشأن الأخواني تقرير بريطاني يتداول حاليا في مكاتب السفارات و مسؤولي الأمن القومي و اللجان الأمنية في برلمانات العديد من دول العالم . أعد هذا التقرير مكتب ( ناين بدفورد الدولي للمحاماة ) و يتناول نشأة الأخوان المسلمين و تنظيمها الدولي و أنشطتها و صلاتها بعصابات الأرهاب الدولية التي تتبرقع بالاسلام قناعا و مبررا لجرائمها العنيفة بحق الانسانية و التراث الأنساني . هذا التقرير صدر في الثاني من نيسان – ابريل الماضي و لم يكتف بالتأصيل الايديولوجي لجماعات الأخوان بل قدم ايضا أدلة مادية متينة تثبت العلاقة العقائدية و السياسية و المادية بين تنظيمات الاخوان و تنظيمات ارهابية مثل القاعدة و داعش في العراق و سوريا ، و كتائب القسام و حماس في غزة ، و انصار بيت المقدس و ولاية سيناء في مصر ،و بوكوحرام في نايجيريا ، و الشباب في الصومال و غيرها .. تقرير ( ناين بدفورد الدولي للمحاماة ) يدلل بالوثائق و الاثباتات على طبيعة الاخوان الحقيقية و يقدم ايضا تفاصيل دقيقة عن حركة التمويلات المالية بين تنظيم الاخوان و عدد من المنظمات الارهابية عبر دول اوربية و الباهاما و تركيا و مصر أثناء حكم الاخواني المعزول ( محمد مرسي ) .. الأمر الذي يؤكد تورط جماعة الاخوان في تقديم دعم مباشر و غير مباشر للجماعات الأرهابية المسلحة و ذلك استنادا للستراتيجية التي تتبناها الجماعة على ضوء دعوة المرشد العام السابق للأخوان في مصر ( محمد مهدي عاكف ) الذي دعا الى ضمان تقديم الدعم المالي و المادي للجماعات الأرهابية ، و من ابرز الأدلة بهذا الخصوص نشاط ( خيرت الشاطر )المنتمي لجماعة الأخوان الذي تم رصد تحويله لمبلغ (25) مليون دولار لـ ( أيمن الظواهري )الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة ، و ذلك خلال فترة رئاسة ( محمد مرسي ) لمصر ، و قد حول هذا المبلغ بهدف تأمين دعم ( القاعدة) لحكم الأخوان في مصر .. كما ويشير التقرير الى المفاوضات التي جرت بخصوص التمويل بين ( أيمن الظواهري )و كل من ( الشاطر ) و تنظيم ( أنصار بيت المقدس ) ، بالأضافة الى تورط جماعة الأخوان في تمويل غير مباشر للعصابات الارهابية في كل من العراق و سوريا بالأعتماد على النفوذ السياسي و المالي لدول مثل قطر و تركيا اللتين تستضيفان قيادات جماعة الاخوان و عقولهم المدبرة ، كذلك يكشف التقرير عن اتصالات بين الرئيس الأخواني المعزول (محمد مرسي ) بـ ( محمد الظواهري ) شقيق أيمن الظواهري ، يطالب فيه مرسي الظواهري بتصعيد العمليات الأرهابية ضد الجيش المصري في سيناء و ذلك عندما علت الاصوات المطالبة بالتظاهر ضد حكم الاخوان في ( 30- يونيو حزيران – 2013) ، كما تم رصد مكالمة يطلب فيها مرسي من الظواهري ارسال (3000) ارهابي لمحاربة الجيش المصري في سيناء . و يقول التقرير ان التضامن بين الاخوان و القاعدة كان يبدو واضحا من عملية اطلاق سراح ارهابيين من التنظيمات الاصولية المسلحة و هو ما حدث عام (2012 ) اثناء حكم الاخواني ( محمد مرسي ) . ما جاء في هذا التقرير ليس الا غيض من فيض و لاشك في ان المزيد من ادلة اثبات ( العلاقات الحميمة ) بين المنظمات الارهابية و تنظيم الاخوان المسلمين بمستواه الدولي و فروعه الاقليمية ستنكشف لاحاقا و بتفاصيل مملة .
و هكذا و على ضوء تلك الادلة و الاثباتات الموثقة لايمكننا ان نقول سوى ان تنظيمات الاخوان اينما تواجدت و حلت في مجتمعات العالم ، و هي حتى وان شاركت في العملية السياسية في البيئات الديمقراطية ، فإنها ستبقى تنظيمات متآمرة هدامة أشبه بالألغام الموقوتة تشكل خطرا كامنا على امان المجتمع و استقراره ، وان عين العقل و الصواب هو في تقيد و حظر نشاطاتها ..
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمات (4)
-
هوامش ديمقراطية ..
-
مواجهة التطرف و الارهاب االديني .. مهمّة من ؟
-
مقدمات (3)
-
حيرة من الموقف الدولي و حربها ضد الأرهاب ..!
-
مقدمات (2)
-
أغان قديمة
-
مقدمات (1)
-
داعش و أخواتها .. بيادق ، مجرد بيادق
-
آراء مختصرة ..
-
بعد جريمة تدميرو نهب التحف الاثرية في الموصل ..هل يتخلى المج
...
-
التخلف و التقدم .. ملاحظات
-
شيء عن الأرهاب الأصولي و انتشاره في العالم الاسلامي
-
هوامش
-
مزار على ناصية زقاق
-
ألأخوة العربية الكوردية ..!!!
-
تصريحات العامري و المطلوب من الحكومة العراقية المرتقبة ..
-
شيء عن ذكرى تأسيس البارتي ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني )
-
المالكي و المطلوب بعد تنحيته ..
-
أراجيح الدكتاتور ..!!
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|