|
جاسميّة أمّ الكَيمر .. والدولار .. وقانون تناقص الغلّة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 20:14
المحور:
كتابات ساخرة
بينما كنتُ مُنشغِلاً بـ " رَكْنِ " سيارتي على رصيف أسواق " السيّد " ، في يرموك الأربع شوارع . سيّارتي المُصَفّحَة من كُثْرَةِ " الصَكَعاتِ " كقلبي . الـ " أوبل " الصامدة على الضَيْم ، موديل 1990 ، التي لاتزال " مانيفيست " ، كعذراء داخل شرنقة . السيّارة التي لا أستطيعُ السير بها لمسافةٍ تزيدُ عن 500 متر من البيت ، لأنّ جميع نقاط " السيطرة " تشتبِهُ بأنّها مشمولة بالمادة ( 4 ) إرهاب ، وهناكَ احتمالٌ كبير في " إعدامها " ، بعد عيد الفطر المبارك مُباشرةً . بينما انا مُنشَغِلٌ بهذا الأمر الجَلَلْ .. وإذا بـ جاسميّة " أمّ الكَيمَر " ، ( وكانت تُكنّى سابقاً بـ " أم اللبَن " ، ولكنّ " الحِراك الاجتماعي الزائف " هو من عمل على إنجاز " نقلتها النوعيّة " من حالٍ إلى حال ) ، تتوجهُ نحوي مباشرةً ، وهي تحملُ بيديها الكريمتين صحنَ " كّيمر " ، ناصع البياض ، وذو رائحة ريفيّة باذخة ، يستحّق أنْ يخون الأنسانُ من أجله بلاده كلّها ( من " سبتة ومليلة " ، إلى مضيق هرمز ) ، ليحصلَ على كيلو واحدٍ منه . " جاسميّة " هذه تعرفُ أنّني " إقتصادي " فظيع ، و " مسودَن " ، بسبب نقاشٍ سابقٍ معها حول سريان قانون " تناقص الغِلّة " على إنتاج أبقارها من الحليب " كامل الدَسَم " . وهو الأمرُ الذي دفعها إلى بيع كيلو " الكَيمر " ( العربيّ القُح ) بـ 40 الف دينار في عيد الفطر المبارك من العام الهجري المُنصَرِم . ( وأودّ التاكيد هُنا على كلمة " مُنصَرِم " ، لأن دلالاتها اللغويّة ، والسلوكيّة ، تعجبني جداً ) . يومها قالتْ لي بثقةٍ استفزّتْ كرامتي الأقتصاديّة ، أنّها فعلتْ ذلك استناداً إلى مبدأ " الكلفة ـ العائد " في مزرعتها السعيدة . "جاسميّة " صاحتْ بي ، ( وأنا أحاولُ إنزالَ " جامة " الـ " الأوبل " بكلتا يديّ ) : لا يابه خوش اقتصاديّين ، ودولاركم بـ 1400 دينار . ثم مدّتْ رأسها من نصف " الجامة " المفتوح ، فأمتلأتْ السيارة برائحة الحليب الطازج . و بصوتٍ خفيضٍ يشبهُ الهمس ، قالتْ لي وكأنّها تبوحُ بسرٍّ خطير ، وبلُغَةٍ اقتصاديّة سليمة : سأعوّضُ " خسائري الدولاريّة " في عيد الفطر القادم ، عندما سأبيعُ كيلو " قيمر العرب " بـ 60 الف دينار .. وسنرى كيف سيتدخلُ البنك المركزي لمنعي من ذلك . وسنرى أيضاً ، كيف سيتمكنُ المؤمنون – المسلمون من تعويض هذا الأرتفاع " الحلزوني " في المعدل العام للأسعار ( و جاسمية " العارِفة " تقصد بذلك معدل " التضخّم " ) .. من خلال " دوام " يوم السبت " اليهودي " !!!!! . واختتَمَتْ " جاسميّة " تهديدها ، وهي " تركبُ " سيّارتها البيكاب نيسان دبل قمارة الـ " فُل أوبشن " موديل 2015 ، بلونها " الكَيمريّ " المُميّز ، وتشيرُ لي بأصابعها الرقيقة ، التي تشبهُ أصابع رجال الأعمال في شارع " الوول ستريت " : [ وقد أُعذِرَ .. من أنذَر ] . كانتْ يدي المعروقة لاتزالُ ملتصقةً بـ " ستيرن " الـ " الأوبل " ، من شدّة الحر . " لِفِتْ " الـ " ستيرن " اليابس ، كأنّني " ألوف " ستيرن مال تريلة .. قاطرة ، ومقطورة . وتوجّهتُ إلى أقرب نقطة سيطرة من موقع الحادث ، وتوقفتُ هناك ، وقلتُ لجنوده الطيّبين : أنا وسيّارتي هذه مشمولان بالمادة 4 إرهاب . وهاربان . و محكومان بالأعدام . وأريدُ أن يُنَفّذَ بنا الحكم ، و " نِنْعَدِم ْ " ، قبل عيد الفطر المبارك . ولابو حتّى " المسواك " . وحتّى الدولار . وحتّى " الكَيمر " . وحتّى الأقتصاد . وحتّى قانون تناقص الغلّة في مزارعنا السعيدة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صورة شخصيّة
-
عصرُ النبوّاتِ .. ولّى
-
مطرقة الرئيس أوباما .. والمشاكل التي ليست مسامير
-
تمثالٌ .. لأمّي
-
عشائر .. عشاير
-
ِأمثليّة باريتو .. ومتلازمة الفساد وانعدام الكفاءة في الدولة
...
-
أميرتي الصغيرة .. التي تقرأ الأقتصاد
-
امتحانات الطلبة .. وامتحان المصير
-
لأنَ هُناك الكثير من الأشياء
-
في أحد الأيام
-
بغداد .. شيءٌ من تاريخ السُلطة ، و تاريخ الرجال
-
أعيشُ طوال اليوم
-
في هذا البلد الفارغ
-
العُطَل العظيمة .. في العراق العظيم
-
عطلة .. ورة .. عطلة
-
عن هذا الحِداد .. الطويل الأجل
-
بعد خراب الموصل ، وغيرها .. وقبل خراب المدن ، التي لم تُخَرّ
...
-
قُبْلَة
-
في هذه المدينة التي بلا قلب
-
1 آيار .. 2 آيار
المزيد.....
-
ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم
...
-
بعد 7 سنوات من عرض الجزء الأخير.. -فضائي- يعود بفيلم -رومولو
...
-
-الملحد- يثير الجدل في مصر ومنتج الفيلم يؤكد عرضه بنهاية الش
...
-
رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 .
...
-
مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|