|
من ذاكرة التاريخ : العلاقات العراقية الامريكية ودور اسرائيل بتخريبها
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 18:27
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من ذاكرة التاريخ
العلاقات العراقية الامريكية والدور الاسرائيلي بتخريبها حامد الحمداني 17/6/2015
خرج العراق من حربه مع إيران بعد ثمان سنوات من الدماء والخراب، وهو يملك جيشاً جراراً هو في واقع الحال أكبر جيش في الشرق الأوسط، ويمتلك ترسانة حربية ضخمة من شتى أنواع الأسلحة التقليدية منها، وأسلحة الدمار الشامل الصاروخية والكيميائية والبيولوجية والجرثومية، إضافة إلى الأعداد الهائلة من الدبابات، والمدفعية والطائرات، وكميات كبيرة من العتاد والقنابل التي جرى حشوها بالغازات السامة كغاز السارين، والخردل، هذا بالإضافة إلى أن العراق كان قد قطع شوطاً طويلاً في بناء مفاعله النووي لغرض الحصول على السلاح الذري .
لقد كانت الأسلحة تنهال على العراق خلال سنوات الحرب من دول الشرق والغرب دون قيود، وكان النظام العراقي قد سخّر كل إمكانيات البلاد الاقتصادية، وموارده النفطية من أجل التسلح، كما ساهمت السعودية وبقية دول الخليج مساهمة كبرى في دعم العراق اقتصادياً لضمان تدفق السلاح إليه، بسبب خوفهم من المد الإسلامي الإيراني من جهة، وبضغط من الولايات المتحدة من جهة أخرى.
لقد قُدّرَ ما كان يملكه العراق من الطائرات عند نهاية الحرب بما لا يقل عن[ 500 طائرة ] من مختلف الأنواع، ومن الدبابات [5000 دبابة] بالإضافة إلى [3500 مدفع ] من مختلف العيارات، وأعداد كبيرة من الصواريخ المختلفة المدايات التي تتراوح ما بين 150 ـ 1250 كم، وكميات كبيرة من القنابل الكيميائية، والبيولوجية، والجرثومية، هذا بالإضافة إلى القوة البحرية.
كانت هيئة التصنيع العسكري التي كان يشرف عليها [ حسين كامل ] صهر صدام حسين تعمل ليلاً ونهاراً دون توقف من أجل توسيع المصانع الحربية، وتخزين كميات هائلة من مختلف الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل ، وكان قد تم وضع 70% من موارد العراق النفطية تحت تصرف حسين كامل.
لقد وسع النظام العراقي الجيش خلال سنوات الحرب حتى تجاوز الرقم المليوني جندي وضابط،، وإذا ما أضفنا إليه الجيش الشعبي الذي أجبر النظام الصدامي جميع البالغين وحتى سن الستين على المشاركة بهذا الجيش خلال الحرب فإن عدد قواته المسلحة لا يمكن حصرها. لقد خلقت تلك الحرب من صدام حسين اعتي دكتاتور عرفته البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث جعل من نفسه قائداً عاماً للقوات المسلحة، ومنح نفسه أعلى رتبه عسكرية في الجيش وهي [رتبه مهيب ركن] علماً أنه لم يسبق له أن خدم في الجيش[الخدمة الإلزامية] فقد كان شريراً فاراً من وجه العدالة لقيامه بأعمال إجرامية، كان منها اشتراكه في محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم، رئيس الوزراء، وقائد ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
ركز الدكتاتور جهوده لإخضاع الجيش وضباطه بإقدامه على إعدام أعداد كبيرة من الضباط حتى بمجرد الشك في ولائهم له، وخلق أجهزة أمنية واسعة ومتعددة داخل صفوف الجيش وخارجه لتقدم له التقارير عن كل حركات الناس وسكناتهم، وحماية نظامه الدكتاتوري الفاشي بشتى وسائل البطش والإرهاب والتعذيب والقتل والسجون.
ولم يكتفِ الدكتاتور بكل ذلك بل أقدم على تصفية معظم قيادات حزبه، وخلق قيادات هزيلة بدلاً منهم تأتمر بأوامره ولا تتجرأ على معارضته، وهكذا أصبح الحزب أداة طيعة في يده، وغدا ما يسمى بمجلس قيادة الثورة، والقيادة القطرية لحزب البعث، ومجلسه الوطني، ومجلس وزرائه مجرد موظفين عنده ينفذون أوامره لا غير، والويل كل الويل لمن يشك في ولائه له، وصار صدام حسين يتخذ وحده كل القرارات مهما كانت خطيرة، دون أن يجرأ أحد من أعضاء وزارته أو قيادة حزبه أو مجلس ثورته على مجرد مناقشته حتى ولو كان القرار يهدد مستقبل العراق وشعبه.
خرج العراق من حربه مع إيران، بوضع اقتصادي لا يحسد عليه، فقد أستنفذ نظام صدام كل احتياطيات البلاد من العملة النادرة والذهب، البالغة [36 مليار دولار] وكل موارده النفطية خلال سنوات الحرب، والتي تقدر بـ [ 20 مليار دولار سنوياً ] وفوق كل ذلك خرج العراق بديون كبيرة جداً للكويت والسعودية، وفرنسا والاتحاد السوفيتي السابق والبرازيل وغيرها من الدول الأخرى، وقد جاوزت الديون [90 مليار دولار] وصار العراق ملزماً بدفع فوائد باهظة لقسم من ديونه بلغت حدود 30 % ، مما جعل تلك الفوائد تتجاوز 7 مليارات دولار سنوياً. هذا بالإضافة إلى ما تطالب به إيران من تعويضات الحرب، بعد أن أقرت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة بأن العراق هو المعتدي في تلك الحرب، وتطالب إيران مبلغ [160 مليار دولار] كتعويضات حرب.
لقد أثقلت الديون كاهل الاقتصاد العراقي، وتوقفت معظم مشاريع التنمية، هذا بالإضافة إلى ما يتطلبه تعمير ما خربته الحرب من أموال وجهود فقد جاء في تقرير أمريكي عن وضع العراق الاقتصادي ما يلي: {إن الوضع الاقتصادي في العراق لا يبشر بخير، دخله وصل إلى 25 مليار دولار في عام1988، ولكن صورة الاقتصاد العراقي خلال السبعينيات قد تلاشت، وحل محلها وضع اقتصادي مظلم، وخراب واسع في أنحاء البلاد، وفي ظل الحكومة الحاضرة وسياستها الاقتصادية، فإن الاقتصاد يتحول من سيئ إلى أسوأ، وإن ذلك يمهد لسياسة عراقية متهورة في محاولة للخروج من المأزق الاقتصادي الذي يمر به العراق}.
لقد أصبح العراق بعد حربه مع إيران يملك القوة، ولكنه في الوقت نفسه يعاني من اقتصاد متدهور، وديون تثقل كاهله، وجواره بلدان عربية ضعيفة عسكرياً ولكنها غنية جداً، تغري ثرواتها أصحاب القوة، وخاصة بالنسبة إلى بلد مثل العراق، الذي يحكمه نظام دكتاتوري يقوده رجل كصدام حسين، هذا الرجل الذي أصابه غرور لا حدّ له بعد أن أنتصر في حربه ضد إيران، وأصبح لديه جيش جرار، وترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة التقليدية، ومصانع حربية متطورة، ولكنه يفتقد إلى المال لسداد ديونه، وتعمير ما خربته الحرب، هذا بالإضافة إلى ما يتطلبه لإدامة جيشه ومواصلة تسلحه ناهيك عن مشاريع التنمية التي تحتاجها البلاد والتي توقفت خلال سنوات الحرب.
ولاشك أن هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلقها النظام العراقي نتيجة تهوره واندفاعه لتنفيذ المخططات الإمبريالية بشنه الحرب ضد إيران، والتي ظنها نزهة قد تدوم بضعة أسابيع أو بضعة أشهر على أبعد الاحتمالات، وأراد لها مخططوها أن تدوم سنوات طوال، وبقوا يغذونها باستمرار، تارة يقدمون المساعدات للعراق، وتارة أخرى لإيران.
ولابد أن أشير هنا إلى أن العراق الذي خاض ثمان سنوات من الحرب لم يجابه خلالها نقصاً في السلع الغذائية وغيرها من السلع الأخرى، فقد كانت الأسواق تُملأ كل يوم بكل ما يحتاجه البلد، حيث أغرقت الولايات المتحدة وحلفائها الأسواق بالمواد الغذائية والألبسة والأجهزة المنزلية كافة، فقد كان على مشعلي الحرب أن يخففوا ما استطاعوا من التذمر الشعبي من تلك الحرب المجرمة التي حصدت أرواح نصف مليون من خيرة شباب العراق، ورملت مئات الألوف من النساء، ويتّمت مئات الألوف من الأطفال، ومزقت قلوب الآباء والأمهات، وكل ذلك من أجل أن تستمر الحرب، لكي يعبئ كبار الرأسماليين جيوبهم ببلايين الدولارات، على حساب بؤس الشعبين العراقي والإيراني وعذاباتهم ودماء أبنائهم.
أصبح العراق بعد نهاية الحرب مع إيران بما يمتلكه من قوة وسلاح مصدر خطر على الخليج، وخاصة وأن أزمته الاقتصادية قد أصبحت من العمق ما يهدد بوقوع انفجار جديد في المنطقة، ولاسيما وأن العراق يحكمه نظام دكتاتوري متهور يقوده صدام حسين.
كانت الولايات المتحدة وإسرائيل يراقبان عن كثب تسلح العراق، وخاصة في مجال الصواريخ البعيدة المدى، والأسلحة الكيماوية والبيولوجية والجرثومية، ومحاولات نظامه لتطوير قدراته النووية بغية الوصول إلى إنتاج السلاح النووي ، كل هذا أثار حفيظة الولايات المتحدة وإسرائيل، وبدأت الشكوك تتصاعد حول مستقبل القوة العراقية، ثم سرعان ما تحولت الشكوك إلى حقيقة واقعة، على الرغم من محاولات صدام حسين المحمومة لتحسين صورته إمام الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي أواخر عام 1989 توجه [طارق عزيز] نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إلى الولايات المتحدة حيث قابل الرئيس [جورج بوش] ووزير خارجيته [جيمس بيكر] وأجرى الطرفان حواراً مطولاً وصريحاً حول العلاقات العراقية الأمريكية، أصدر بعدها الرئيس بوش توجيهاً داخلياً إلى إدارته يطلب منها أن تحرص على تنمية علاقات طبيعية مع العراق قائلاً:{ إن ذلك قد يساعد في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط} .
ثم عاد الرئيس بوش في 16 كانون الثاني 1990، فأصدر أمراً رئاسياً جاء فيه: [ إن زيادة حجم التجارة مع العراق يمكن أن يكون مفيداً للمصالح الأمريكية]. وبالفعل حصلت[شركة بكتيل] على عقود في العراق تصل قيمتها إلى [1200 مليون] وفي نفس الوقت أقدم العراق على وقف دعمه لميشيل عون في لبنان، واتخذ موقفاً مرناً من الصراع العربي الإسرائيلي حيث أعلن نظام صدام أن دول المواجهة مع إسرائيل حرة في الحركة للوصول إلى تسوية سلمية للنزاع العربي الإسرائيلي .
إلا أن تلك العلاقة لم تدم طويلا، حيث ما لبثت وسائل الإعلام الأمريكية التي تهيمن عليها الصهيونية العالمية أن بدأت في الشهور الأولى من عام 1990 بشن هجومها على صدام حسين متهمة إياه بالعمل على تهديد الأمن والسلام في الشرق الأوسط، والسعي لامتلاك وتطوير أسلحة الدمار الشامل.
ورغم محاولات [الملك حسين] ملك الأردن والرئيس المصري [حسني مبارك] لتلطيف جو العلاقات بين العراق والولايات المتحدة فإن تلك المحاولات لم تستطع تبديد شكوك الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالنظر لما تمتلكه إسرائيل من تأثير كبير على السياسة الأمريكية، وعلى وسائل الإعلام الأمريكي والعالمي، فقد لعبت إسرائيل دوراً كبيراً في تخريب العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، وبدأت الصحافة الأمريكية والغربية عموماً تشن حرباً كلامية على النظام العراقي، وتصاعدت حرب الكلمات إلى حرب أعصاب، ثم إلي الكراهية، لتسير بعد ذلك إلى الحرب الحقيقية والدماء.
ففي 11 شباط 1990 قام [جون كيللي] مساعد وزير الخارجية الأمريكية، بزيارة إلى بغداد، وأجرى مباحثات مع حاكم بغداد، صدام حسين، حول العلاقات العراقية الأمريكية أثار صدام حسين قضية الحملة الإعلامية التي تشنها الصحافة الأمريكية ضد نظامه، وحاول جون كيللي التخفيف من آثار تلك الحملة مدعياً أن الصحافة تمثل وجهة نظرها، وهي حرة في الكتابة والتعبير، وهي ليست بالضرورة تعبر عن السياسة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة. وفي 15 شباط صدر تقرير عن لجنه حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة يتهم النظام العراقي بالقيام بممارسات منافية لحقوق الإنسان من تعذيب وقتل وإعدامات، وقامت إذاعة صوت أمريكا بإذاعة التقرير، ثم أعقبته بتعليق يمثل وجهة النظر الرسمية للحكومة الأمريكية، وقد أحتوى التعليق على هجوم شديد على سلوك وتصرفات الحكومة العراقية.
وفي 19 شباط ألقت السلطات الأمريكية القبض على أحد عملاء النظام العراقي، بتهمة تدبير محاولة اغتيال معارض عراقي لاجئ في الولايات المتحدة، وقامت الحكومة الأمريكية على الأثر بطرد أحد أعضاء السفارة العراقية في واشنطن، وردت الحكومة العراقية على الإجراء الأمريكي بطرد أحد أعضاء السفارة الأمريكية في بغداد.
وفي 20 شباط 1990 أعلنت إسرائيل أنها اكتشفت وجود وحدات عسكرية عراقية في الأردن، وعلى الأثر قامت الطائرات الأمريكية بطلعات استكشافية فوق الأردن، وأعلنت بعدها الولايات المتحدة عن اكتشاف 6 قواعد إطلاق صواريخ عراقية قرب قاعدة ( H2 ) الجوية الأردنية، وقامت إسرائيل إثر ذلك بتكثيف حملاتها على العراق، وقرر الكونجرس الأمريكي وقف بيع القمح الأمريكي للعراق.
وفي 21 شباط 1990 نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً عن حقوق الإنسان في العراق يتألف من 12 صفحة، وصفت فيه حكام العراق بكونهم أسوأ مُنتهك لحقوق الإنسان، وممارسة التعذيب والقتل دون محاكمة، أو إجراء محاكمات سريعة لا تتيح للإنسان الدفاع عن نفسه، وبدا وكأن الولايات المتحدة قد اكتشفت لتوها جرائم النظام الصدامي، التي مارسها بحق الشعب العراقي منذُ تسلطه على الحكم في البلاد عام 1968، والتي راح ضحيتها مئات الألوف من المواطنين الأبرياء، وسكتت عن حملة الأنفال الفاشية ضد الشعب الكردي، وقتل سكان مدينة حلبجة عن بكرة أبيهم بالسلاح الكيماوي، فلم تكن كل تلك الجرائم تحرك ضمير حكام الولايات المتحدة طالما لا تؤثر على المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
وفي 9 آذار تصاعدت الحملات ضد النظام العراقي على أثر إقدام النظام على اعتقال الصحفي البريطاني [فازاد بازوفت] مراسل صحيفة الابزورفر البريطانية بتهمة التجسس، حيث اتهمته بالقيام بزيارات لمنطقة عسكرية، تظم مجمعاً لإنتاج الصواريخ، وأحالته إلى [محكمة الثورة] التي أصدرت عليه حكماً بالإعدام .
ورغم جميع المحاولات التي قامت بها بريطانيا، وحلفائها الغربيين لإنقاذ حياته، فقد أقدم حكام بغداد على تنفيذ حكم الإعدام به في 15 آذار، وأدى ذلك الإجراء إلى تصاعد الحملات على النظام العراقي في الصحف الغربية، ووصفت صحيفة [الابزورفر] صدام حسين بأنه جزار بغداد، وكأن صدام حسين لم يصبح جزاراً إلا بعد أن أقدم على إعدام الصحفي بازوفت !!. وفي 18 آذار، أعلنت الحكومة البريطانية أنها عثرت على شحنات من أجهزة [المتسعات] التي تستخدم في التفجيرات النووية كانت في طريقها إلى العراق، وتمت مصادرتها.
و في نفس اليوم، وقف صدام حسين في اجتماع عام، أمام عدسات التلفزيون، وبيده مجموعة من المتسعات وهو يتحدث باستهزاء قائلاً: [هذه هي المتسعات التي يتحدث عنها الإنكليز؟ قد صنعها أبنائنا النشامى في هيئة التصنيع العسكري ].
وفي 27 آذار 1990 التقي صدام حسين بملك السعودية [ فهد ] في حفر الباطن بالسعودية، وشكى له من الولايات المتحدة، وأبلغه بأن الولايات المتحدة تضمر الشرّ للعراق، وقد أجابه الملك فهد بأنه لا يعتقد ذلك، وأن الرئيس بوش رجل طيب !!، ثم انتقل صدام في شكواه للملك فهد إلى حكام الكويت قائلاً: [إن حكام الكويت قد رفعوا إنتاجهم النفطي عن الحصة المقررة في مؤتمر الأوبك وأن هذا الإجراء قد أضر كثيراً ليس بالعراق فحسب بل وبالسعودية أيضا، فقد أدى إلى انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهذا ما أدى إلى انخفاض دخل العراق بشكل كبير، ذلك أن انخفاض بمقدار دولار واحد لبرميل النفط يعني خسارة العراق لمبلغ بليون دولار سنويا ]. وقد وعد الملك فهد بالاتصال بأمير الكويت والتباحث معه حول الموضوع ، وكانت هذه الشكوى مؤشراً واضحاً على نوايا الحاكم بأمره في بغداد.
وفي الوقت نفسه وجه صدام حسين تحذيراً شديداً إلى الدول التي تتجاوز حصص الإنتاج، وطالب برفع سعر البرميل الواحد من النفط إلى مستوى 25 دولا، وعدم السماح بهبوطه إلى ما تحت 18 دولار. كان موقف الحكومة السعودية مع الحفاظ على حصص الإنتاج، وأقدمت الحكومة على إعفاء وزير النفط [أحمد زكي يماني] من منصبه بالنظر لمساعيه الكبيرة والمكشوفة في خدمة المصالح الأمريكية والغربية.
و في 29 آذار من نفس العام أعلنت بريطانيا أنها عثرت على قطعة من مواسير المدفع العملاق الذي كان العراق يسعى لتصنيعه في طريقها إلى العراق، وجرت مصادرتها. وكانت المخابرات الإسرائيلية قد قامت قبل أسبوع من هذا التاريخ [ 22 آذار] باغتيال العالم الدكتور [جيرالد بول] الخبير في صنع المدفع العملاق، في أحد فنادق العاصمة البلجيكية [بروكسل]. وفي 30 آذار 1990 أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أن إسرائيل لابد أن توجه ضربة وقائية للعراق، في أي وقت تشعر فيه بأنه قد أصبح خطر عليها، ثم أعقبه رئيس الوزراء [ شامير] بالقول بأن إسرائيل ستوجه ضربة للعراق إذا أحست انه في طريقه لإنتاج قنبلة نووية. وفي 1 نيسان رد صدام حسين على التهديدات الإسرائيلية قائلاً: [ إن العراق سوف يرد على إسرائيل إذا ما تجرأت على استخدام السلاح النووي ضد العراق، وأنه سيحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج ].
وفي 3 نيسان 1990 أطلقت إسرائيل قمرأً تجسسياً، وأطلقت عليه أسم [الأفق]، وكان الهدف من إطلاقه مراقبة ما يدور في الجانب العراقي . وفي 14 نيسان وقف رئيس وزراء إسرائيل شامير يهدد ويعلن بأن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحرية العمل لتدمير قواعد الصواريخ العراقية. و في 18 نيسان، رد صدام حسين في مقابلة له مع وفد عربي من اتحاد نقابات العمال قائلاً: [ إن أي هجوم من قبل إسرائيل على العراق سيواجه بحرب شاملة، لن تتوقف إلا بتحرير كامل الأرض العربية].
وفي 19 نيسان، أعلن الرئيس الفرنسي [متران] أن فرنسا تؤيد جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، وأن الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن الدولي سوف يجتمعون في تموز القادم لبحث الموضوع المذكور.
وفي 21 نيسان أعلن العراق أن طائرة استطلاع أمريكية وطائرات الأواكس قد حلقت في سماء العراق.
وهكذا بدأت الحرب الكلامية وتصاعدت بين النظام العراقي من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى حتى بدا وكأن الحرب على وشك الوقوع في الشرق الأوسط بين العراق وإسرائيل وكان صدام حسين ينتهز كل فرصة للتحدث عن قوته وسطوته وأسلحته واستعداداته الحربية، ويهدد بضرب إسرائيل بالكيماوي المزدوج، ويتفاخر باستطاعة هيئة التصنيع العسكر إنتاج المتسعات في الوقت الذي كان نظامه يعاني من أزمة اقتصادية حادة لا يعرف كيف يخرج منها.
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وداع
-
مهمات اليسار العربي في عصر العولمة
-
تراجع حقوق المرأة في ظل ثورات الربيع العربي!
-
من ذاكرة التاريخ : نكبة فلسطين ومسؤولية الحكام العرب
-
شهادة للتاريخ : الهجوم الرجعي في الموصل، وموقف عبد الكريم قا
...
-
من ذاكرة التاريخ : صدام يزج العراق في الحرب ضد إيران - الحلق
...
-
من ذاكرة التاريخ : صدام يزج العراق بالحرب ضد إيران/ 2/3
-
صدام يزج العراق بحرب ضد إيران 1/3
-
من ذاكرة التاريخ : صدام يزيح البكر ويستولي على السلطة
-
من ذاكرة التاريخ : البعثيون والشيوعيون والجبهة الوطنية
-
من ذاكرة التاريخ : البعثيون والحركة الكردية
-
من ذاكرة التاريخ: عودة البعثيين للحكم من جديد!
-
من ذاكرة التاريخ: عبد السلام عارف يقود انقلابا عسكريا ويسقط
...
-
من ذاكرة التاريخ: بعد نجاح انقلاب 8 شباط 63 القضية الكردية ر
...
-
هذا ما كتبته قبيل الغزو الأمريكي للعراق
-
هكذا نجح انقلاب 8 شباط الفاشي في اغتيال ثورة 14 تموز
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة السابعة
-
أحداث في ذاكرتي/ الحلقة السادسة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الخامسة
-
أحداث في ذاكرتي / الحلقة الرابعة
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|