|
الوهم
عبد الرزاق عودة الغالبي
الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 00:56
المحور:
الادب والفن
الوهــــم
عبد الرزاق عوده الغالبي
حسن ان يرضيك نصف ما تسمع خير من ان ترفضه كليا حتى وان كان وهم تطلبه نفسك فهو اعمق من حقيقة تجرح احساسك ، ويستمر التهافت حول قطب النفاق ، ويحتل الدجل الصدارة فيرتفع صوت الكذب عاليا وهو يغزو الموقف ، واستحكمت حلقة الفساد حول العنق حتى ضاق بالنفس و بدأت عبارات التملق تتطاير في الهواء نتانة تزكم الانوف عند هروب الصدق بعيدا واوصدت دونه الابواب وسجن مع الحق في ظلمة موحشة....وتركت الساحة للنفاق..... ويتوق صاحب السلطة هذا نحو طامة كبرى فوق الرؤوس ، حبا فاق المألوف للتأنق وارتداء الاردية والملابس الجديدة ونفخة قصور الاروقة الضيقة الكذابة المليئة بالغدر والخيانة وحياكة المؤامرات .... داب يتقدم على جميع طموحاته الساذجة ، وصار هذا الداب دبقا يجتذب قراد الرياء وحشرات الكذب الالتصاق مع تزاحم عبارات الوهم والاطراء حتى تسطح الموقف كليا تحت وطأة التظاهر واقتنع ان ما لا يراه فعلا هو زيا انيقا وجديدا حتى تولد اليقين من الوهم والفراغ من الملموس و خلعت منه الملابس اقتناعا...... تفرد الوهم و التظاهر ادارة دفة الموقف فلزم المقدمة واخذت الحركات الممسرحة تتجاسر بتحويل الخيال اتجاه حقيقة لا مرئية يمسك ذيولها النفاق المتلبس في الملابس الجديدة والمسح على الصدر والاكتاف لطرد الغبار المفترض لتوطين قاعدة التملق التي لا تحبذ الحضور امام العين المجردة ، ومن يجرؤ ان يشاهد بعينه الاعتيادية ملابسا تسكنها السلطة بقوتها و جبروتها ، واستمر هذا الحال المشتعل بالرياء الى حد التصديق لدرجة ان صاحبنا لا يملك ما يستر حتى عورته وهو المؤمن تماما بان هذا النوع لملابسه المعظمة الجديدة يتطارح مع مألوفية عظمة المنصب وتمكن السلطة ...... وكأن نفيرا يجتذب الخياط وتاجر القماش و اصحاب الدراية والمعرفة الواسعة بالتصميم والاناقة والهندسة التجميلية في عموم جغرافية الدولة الواسعة واستمر التوافد نحو القصر الجمهوري للمساهمة بهذا المشروع المعظم حتى امسى القصر شارعا مزدحما بحركة الافاقين والمنافقين ومسرحا للتعابير والحركات الايمائية الماسخة ، فقد مسخت الاشياء حين بارحها الصدق فهو ملح الحقيقة الوحيد ، كل يقوم بحركات ملفتة تدل على هوية مهنته المفترضة كذبا ويتظاهر بالجدية المفرطة الفارغة من المعنى والجوهر المنسجم و عظمة السلطة الفارغة التي تتنقل بين تلك الحرف عارية تماما الا من التفاهة المفترضة التي لا تدركها الابصار و جلاوزة السلطة يقومون بتعجيل العاملين على الاسراع في العمل وانجاز القطع المكملة لتلك الملابس واستمر هذا الحال شهرا كاملا ....... وحدد الموعد النهائي للانتهاء من المشروع الجديدة وبدا المنادي يجوب الشوارع والاعلان عن موعد خروج عظمته امام الشعب في يوم يعد عيدا قوميا لتلك الدولة ، واجتمع الوزراء مع الفنيين والمهندسين وقرروا القيام بتجهيزه والقاء اللمسات الاخيرة ليخرج غدا امام الشعب ، عمت الحركة القصر واستمر العمل طوال الليل وفي الصباح تجمهر الشعب في الازقة والشوارع والساحات العامة لمشاهدة الحاكم وهو يتبختر بملابسه الجديدة ، امتلأت الشوارع بالزينة والناس..... حضر الموعد وخرج الحاكم امام الشعب كما خلقه الله الا من الوهم وسفاهة السلطة تحت هتاف الجمهور وفرحة الشعب ولا يتجاسر احد حتى الظن بان الحاكم عار تماما ، واعتقد الكثير من البسطاء انه يخفي ملابسه تحت جلده ..... ولم يحدث غير المألوف من قبل الشعب لبساطة الشعب وتميزه بصفة الولاء الاعمى للحاكم .... لكن البراءة لا تعرف الرياء وفتحت العيون العمياء والادمغة النائمة كما الغرائز تعين على التعايش في زمن انحسار العقل ... وقبيل انتهاء جولة عظمته ، اطلق طفل صيحة عالية : -" انظروا الحاكم عريان.....الحاكم عريان....!" انتبه الشعب وكأنه استيقظ من نوم عميق....! انقلبت الموازين و اصاب الحشد اعصار وتحركت فيه موجة ، تعلو وتنخفض وصار الجد هزلا ، ارتبك كل شيء وزالت الغشاوة عن العيون واستولت اليقظة على النوم وكادت العيون تخرج عن مآقيها من غرابة الموقف وتفاهة السلطة وفي الحال انقلب المواقف ، وبدا الشعب بملاحقة السلطة وفتحت بوابة الهياج على مصراعيها .....!... احاط الوزراء و الجنود الحاكم و ستروه بالأغطية المتاحة ، واسرعوا به نحو القصر ، و اوصدت الابواب .........
ملحوظة: فكرة القصة فقط من التراث
#عبد_الرزاق_عودة_الغالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|