أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدنان حسين أحمد - تركيا والطريق الطويلة إلى الاتحاد الأوروبي أو الجنة المفقودة















المزيد.....

تركيا والطريق الطويلة إلى الاتحاد الأوروبي أو الجنة المفقودة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6 - 12:15
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تسعى تركيا منذ أكثر من أربعة عقود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنها تلقى صعوبات جدية في إيجاد موطئ قدم لها في هذا الاتحاد الكبير الذي يتألف حتى الآن من 25 دولة أوروبية بشقيها القديم والحديث. ولأن جزء صغير من تركيا لا تتجاوز نسبته 3% من المساحة الكلية لها والبالغة " 780.580 كم مربّع" هي التي تقع ضمن القارة الأوروبية، وبالتالي فإن الكثير من المعارضين لفكرة انضمامها يتذرعون بأن تركياً تنتمي إلى قارة آسياً جغرافياً، وفكرياً، وروحياً، هذا إضافة إلى السبب الأول والرئيس وهي كونها بلداً إسلامياً لا تنسجم قيمه وعاداته تقاليده وأعرافه مع أوروبا المسيحية، ولهذا السبب فإن بعض الأتراك المتحمسين لفكرة انتقاد هذا الاتحاد الأوروبي يصفونه هذا أحياناً بأنه " نادٍ مسيحي " وهو غير كذلك بطبيعة الحال. ولو أردنا أن نقف عند الأسباب الحقيقية لرفض انضمام تركيا إلى الاتحاد، على رغم بدء المفاوضات التي وافقت عليها النمسا بعد جهد جهيد مؤخراً، فإن أبرز هذه الأسباب تكاد تتعلق بالجانب الديني، أو بالإسلام على وجه التحديد، على رغم أهمية الأسباب الأخر التي تتعلق بحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتقدم الاقتصادي وما إلى ذلك.
لا بد من الإشارة إلى أن الإمبراطورية العثمانية قد بدأت بإرساء دعائم إمبراطوريتها عام 1299، واستمرت حتى عام 1922، وقد توسعت لتشمل الأناضول، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وجزء كبير من جنوب شرقي أوروبا قبل أن تتفكك إثر الحرب العالمية الأولى بعد أن بدأت هذه الإمبراطورية العتيدة تترنح وتنهزم أمام الحلفاء والعرب والأرمن حيث هزمت القوات العثمانية في الشرق الأوسط، ثم انهارت تماماً لتتشكل بعد مدة وجيزة الجمهورية التركية، العلمانية الحديثة، المعروفة بحدودها الحالية، والتي قادها، وعزز وجودها القائد كمال أتاتورك. وفي هذه الحقبة، وتحديداً في الأعوام 1915 حتى العام 1923 ارتكب الأتراك مجازر جماعية بحق الأرمن يقدر عددهم بحسب الباحثين الأوروبيين بحوالي مليون، ونصف المليون أرمني ماتوا قتلاً، وشنقاً، أو جراء الظروف الصعبة القاسية التي رافقت عمليات التهجير القسري والإبادة الجماعية. والعجيب أن تركيا لا تعترف بهذه المجازر الكبيرة، ولا تريد الاعتذار لما اقترفه القادة الأجداد من جرائم إبادة للجنس البشري، وجرائم ضد الإنسانية، بل أنها تبرر ذلك بالقول بأن الأرمن ماتوا جرّاء الحرب الأهلية، والانقسامات الطائفية الحادة، أو أنها، أي تركيا، تقول بأن عدد الضحايا هو " 300.000 " وكأن هذا الرقم المهول قليلاً ولا يستحق كل هذا العناء. والغريب في الأمر أن تركيا تريد أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي بهذا التاريخ غير المشرّف، ولكنها تُقابل ليس بالعنت والرفض من قبل النمسا فقط، وإنما من قبل " 14 "دول أوروبية بما فيها فرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وإيطاليا والسويد وروسيا، ومن خارج أوروبا الأرجنتين، هذا إضافة إلى رفض أغلب دول أوروبا الشرقية التي عانت من الاحتلال العثماني وويلاته ووحشيته على مر سنوات الاحتلال البغيضة. وقد طالبت العديد من دول العالم المتحضر أن تقدم تركيا اعتذاراً عن تلك المجازر، لكن تركيا لم تعتذر حتى الآن، ومع ذلك فهي تريد أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، ولا تقبل بلقب " الشريكة الممتازة "! بعض المفكرين والباحثين الأوروبيين يرون أن السبب الحقيقي لرفض تركيا هو كونها بلداً إسلامياً، وإن القرآن الكريم يحض على قتال الناس " الكفرة " أو غير المؤمنين بالإسلام ديناً ومنهجاً وعقيدة. ومن بين الآيات التي ترد في المضمار، الآية التي تقول " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر، ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " ( آية 29التوبة ) أو "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" ( آل عمران 85 ) أو و"قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ويكون الدين كله لله فان انتهوا بما يعملون بصير " (الأنفال 39 ). كما فرضوا ضريبة الخمس على المسيحيين على أن تذهب إلى بيت مال المسلمين، هذا فضلاً عن ضريبة الجزية التي تدفعها البلدان المندحرة. ثم أسسوا لما يسمى بمبدأ الخلافة التي انتقلت بصيغة شرعية من عمر بن الخطاب إلى عثمان بن عفان، والذي يمثل ظل الله في الأرض، وواجب المسلم طاعته. هكذا خدم الأتراك مصالحهم الشخصية على مر العصور، وحينما أصبح مبدأ الخلافة عتيقاً، ولا ينسجم مع روح العصر، كان الأتراك هم أول من أبدلوا حروفهم العربية، وخلعوا الجبة والطربوش، وارتدوا الزي الأوروبي غير آسفين على الدين الإسلامي وقيمه وتقاليده. إذاً، على تركيا التي تخوض مفاوضات عسيرة مع نظرائها الأوروبيين أن تتخلص من عقد الماضي، وتتصالح مع نفسها، بحيث تتخلى طواعية عن نَفَس الشخصية التركية المُحتلة التي يجب أن يذعن لها الآخر لأي سبب من الأسباب، فقد ولّى عصر السيطرة على الشعوب، وبالذات في أوروبا الحديثة التي تتوحد يوماً بعد آخر، وتزدهر فيها حقوق الإنسان. من هنا فإن تركياً مدعوة أولاً لأن تعترف بهذه المجازر الكبيرة، وأن تعتذر للشعب الأرميني، وأن لا تحرض الأتراك مستقبلاً على محاربتهم بحجة كونهم مسيحيين كاثوليك. وعلى الحكومة التركية أن تدرك أن في فرنسا جالية أرمينية كبيرة يقدر عددها بأكثر من " 300.000 " مواطن أرميني، هم قادرون على الضغط بشكل يومي على الحكومة الفرنسية التي قد تحِّد بشكل جدي من قبول دخول تركيا بكامل عضويتها إلى الاتحاد الأوروبي، وهناك ضعف هذا العدد في أمريكا وهم يشكلون عامل ضغط وإحراج على الإدارة الأمريكية التي تقف إلى جانب حليفتها القوية تركيا، وتحث الأوروبيين على قبول عضويتها في الاتحاد الأوروبي من أجل مشروعها في الشرق الأوسط الكبير الذي يحتاج إلى خلق نموذج للإسلام السياسي المنفتح، والعلماني والذي تحتاجه أمريكا بقوة في المنطقة إلى جانب دولة إسرائيل. ليست قضية إبادة الأرمن هي العائق الوحيد الذي يحول دون دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي، بل أن هناك القضية القبرصية، فتركيا ترفض الاعتراف بقبرص الجنوبية حتى الآن، وقد أوشكت الحرب أن تندلع عام 1974 لولا الضغوط الدولية التي منعت من اندلاع حرب جديدة في هذه الجزيرة الصغيرة التي تحاصرها أعين تركيا النهمة. ومع اليونان هناك مشكلات عديدة تتعلق بالمياه الإقليمية، وغالباً ما يخترق الطيران الأجواء اليونانية غير أن القادة اليونانيين يتمتعون بحكمة عالية، ولا يريدون خوض مغامرات لا تحمد عقباها، ومع ذلك فالحكومة اليونانية تحث الاتحاد الأوروبي على قبول تركيا بكامل عضويتها على أمل أن تكون تركيا المستقرة عاملاً في شيوع الأمن والاستقرار لدى البلدان المجاورة لها، بالرغم أن نسبة كبيرة من الشعب اليوناني لا يحبذ انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى فأن النمسا مثلاً لها ذكريات سيئة فيما يخص حصار فيينا أو مآسي الحرب التي سبقت هذا الحصار بسنوات، فهي لا تريد بلداً غير متصالح مع نفسه. وإذا ما دققنا جيداً فسنجد أن الحزب الديمقراطي المسيحي الذي قد يشكل الحكومة الحالية في ألمانيا، وقد تتوج أنجيلا ميركل نفسها بلقب المستشارة الجديدة، والتي لا تقبل بعضوية تركيا في الاتحاد لأن هناك شرائح شعبية واسعة تخشى من موجات الهجرة، وتحاول التخفيف من تدفق الأجانب غير المُستحب، وبالذات القادمين من بلدان إسلامية. فهذه الدولة التي تعد الأكبر في أوروبا لا تريد أن تدخل في منافسة مع دولة طارئة مثل تركيا، والتي يبلغ تعدادها السكاني أكثر من " 70 " ومرشحة للازدياد باطرّاد كبير قد يفضي إلى المنافسة في التمثيل البرلماني في السنوات القادمة إذا ما أخذنا الانفجار السكاني الذي يحدث في البلدان غير الأوروبية، وتركيا هي أحد أبرز هذه النماذج. كما تشكل تركيا أيضاً عاملاً مقلقاً لموجات من الهجرات الجماعية الباحثة عن العمل، والمستوى الحياتي الأفضل الذي لا يتوفر في بلد منهَكٍ اقتصادياً مثل تركيا. على تركيا، إذاً، أن تضع هذه القضايا نصب أعينها، وتتصرف على أساسها بحكمة واحترام إزاء جاراتها في الشرق والغرب والجنوب كي تمهد لشعبها طريق الدخول إلى الاتحاد الأوروبي أو الجنة المرتقبة. وأن القبول بدء المفاوضات لا يعني أبداً أن تركيا قد تجاوزت كل مشاكلها مع الأوروبيين، وبات تمشي على طريق مفروش بالورود، بل أن المفاوضات العصية ستبدأ لاحقاً، خصوصاً وأن الجدول الزمني المحدد لها هو عشر سنوات، فعليها أن تتعامل جيداً مع القوميات والأقليات الأخر التي تعيش معها ضمن الحدود الجغرافية لتركيا الحالية وبالذات الأكراد منهم والذين يشكلون نسبة "20% " من التعداد السكاني لتركيا. وعلى تركيا أيضاً أن تتجنب سياسة العزل الذي تمارسه على جارتها أرمينيا التي تعاني من حصار اقتصادي مقيت، كما ينبغي على تركيا أن تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لسورية والعراق على وجه التحديد بحجة مطاردة حزب العمال الكردي الذي زجت قائده وراء القضبان، وقالت بصلف كبير سنتركه يتعفّن في السجن! يا ترى هل سيقبل الاتحاد الأوروبي بهذه المصادرة العلنية لحقوق الإنسان، وللمقاومة المشروعة التي تعطي كل ذي حق حقه، أم أن الاتحاد الأوروبي، هو الآخر، سيكيل بمكيالين أيضاً؟



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية للملحمة المُضادة - هكذا شطح الكائن مستقبلئذ - لل ...
- الناقد السينمائي عدنان حسين أحمد ل - الحوار المتمدن -: من غي ...
- هل أن المثقف العراقي مُطالب بأن يذهب إلى حتفه بقديمه؟
- المخرج باز شمعون ل - الحوار المتمدن -: أعشق سينما الحقيقة، و ...
- المخرج السينمائي قاسم حول لمجلة - العربي -: السينمائي يحتاج ...
- مسرحية - سنغافورة - للمخرج البرتغالي باولو كاسترو: كل المُتل ...
- - الدودة الصغيرة - المسرحية الراقصة للمخرجة الفنلندية إيفا م ...
- شرودر يرفض الإقرار بالهزيمة، وأنجيلا تطمح أن تكون أول مستشار ...
- مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في ...
- الشعر العراقي في المنفى: المخيلة الطليقة التي فلتت من ذاكرة ...
- الفنان يوسف العاني عضواً في لجنة التحكيم للدورة السابعة عشر ...
- ملف الأدب المهجري العراقي
- حوار في الأزرق -معرض جديد للفنان ستار كاووش والهولندي مارك ل ...
- مسرحية - فاقد الصلاحية - لرسول الصغير على خشبة المجمع الثقاف ...
- الفنانة التشكيلية رملة الجاسم . . . من التشخيصية إلى التعبير ...
- الروائي العراقي سنان أنطون لـ - الحوار المتمدن -: البنية في ...
- التشكيلي سعد علي في معرضه الجديد - ألف ليلة وليلة -: التشخيص ...
- - يوم الاثنين - شريط روائي قصير للمخرج تامر السعيد، حكاية مف ...
- خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستا ...
- الروائي العراقي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بوصلة ال ...


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدنان حسين أحمد - تركيا والطريق الطويلة إلى الاتحاد الأوروبي أو الجنة المفقودة