|
بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(3-12)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4838 - 2015 / 6 / 15 - 20:07
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كان تروتسكي قد رأى في النيب( السياسة الاقتصادية الجديدة ) والتي طرحها لينين بعد انتهاء الحرب الاهلية ، وانتفاضة كرونشتات ،أول معالم انحطاط البلشفية بالرغم من انه قبل بها . لكن بوخارين و على العكس من تروتسكي ، رأى فيها أفقاً واعداً -سياسة النيب-، و فرصة تاريخية لتوحيد الانجازات والاجراءات الجديدة بأتجاه التنمية الاقتصادية والتراكم للمجتمع والاقتصاد ، مع البنية التي تكونت نتيجة المنظومة الاقتصادية القديمة المبعدة ، والتي كانت تعتمد و بشكل اساسي على الاستثمارات الخاصة. و هذا ما اعتبره أحد البلاشفة تخلياً عن المبادئ الشيوعية - ستالين- بينما اعتبره اخر و أكثر معرفة منه في المجال الاقتصادي والاجتماعي - بوخارين- :" دافعاً اضافياً في عملية النهوض الاجتماعي ". في نيسان ( ابريل ) عام 1925 و أثناء القائه خطاباً في اجتماع لنشطاء المنظمة الحزبية ، صرح بوخارين:" ان المسألة الان تتلخص في أن نمو البرجوازية الصغيرة ، والمدخرات المأجورة عند الاشخاص سيؤدي الى تقوية اقتصادنا - وكلما عملت مصانعنا بكامل طاقتها الانتاجية كلما كان الانتاج أكبر وهذا يعني أن المدينة ستقود القرية ، والطبقة ستقود بمرونة و بنفس الوقت و بثبات ، الفلاحين نحو الاشتراكية" . قبل ذلك و في بداية عام 1925 جرى نقاش بين بوخارين و ستالين حول الاقتصاد و كان لب ذلك الحديث : هو تشكيك وعدم اقتناع ستالين ب " السياسة الاقتصادية الجديدة " النيب ، ودفاع بوخارين و تحمسه لها وعنها . وقد اورد بوخارين ذلك الحديث في مذكراته . كان ستالين و طوال الوقت مصرا على فكرته : ان وضع الرهان على هذه " السياسة" سيقود الى " قتل العناصر الاشتراكية" و احياء الرأسمالية من جديد. كان فهم الامين العام قاصراً عن معرفة اساس و عمل القوانين الاقتصادية مثمنا لقيمة القرارات الفوقية الامرية و دور ادارة السلطة السياسية البيروقراطية في تحقيق التشريك !. فقد كان يؤمن بفكرة متصلبة عن :" الهجوم البروليتاري " و " ارشادات الحزب " و " الخطة الموضوعة " و" تحجيم المستغلين الكبار" و غيرها من مفاهيم تتعارض مع الواقع الروسي الملموس . ولم يكن ذلك الحديث الطويل الذي دار بين بوخارين و ستالين قد اوصل ستالين للقناعة بالنيب . و عندما ادرك بوخارين ان ستالين لا يفهم هذه" السياسة" و أنه كان يعدها تهديداً خطيراً لمنجزات الثورة و أنحراف عن التوجه (الاشتراكي ) قرر بوخارين طرح وجهة نظره من خلال الصحف . فقام بنشر مقالة عميقة حول تلك " السياسة" في ال" بلشفيك" لم تفقد حيويتها و راهنيتها حتى اليوم. وكانت بعنوان " حول السياسة الاقتصادية الجديدة ، ومهماتنا" . أدرج فيها فقرات و مقتطفات من خطابه في أجتماع منظمة موسكو الحزبية والتي ورد فيها : " ان مغزى السياسة الاقتصادية الجديدة - التي اسماها لينين في كتيبه عن الضريبة العينية ، سياسة اقتصادية صائبة - يتلخص في أن مجموعة كاملة من العوامل الاقتصادية والتي لم تستطع في السابق أن تتفاعل لانها كانت معزولة عن بعضها البعض نتيجة لسياسة " الشيوعية العسكرية " أصبحت تملك أمكانية تحقيق هذا التفاعل الذي سيؤدي بدوره الى النمو الاقتصادي . أن " السياسة الاقتصادية الجديدة " تعني تخفيف الضغط و أعطاء حرية اكبر لدورة رأس المال . لان هذا اقل خطراً بالنسبة لبلادنا كما تعني ايضا تحجيم التأثير السلبي للادارة والتنافس الاقتصادي بشكل اكبر و نمو الاقتصاد بشكل اكبر . أن التنافس مع البائع لا يتم بأغلاق حانوته ، بل السعي لصنع بضاعة افضل من بضاعته و بيعها بسعر ارخص من سعره " وقد قرأستالين المقال و لكنه لم يهضم هذه السطور ، فقد كان من الصعب على الامين العام أن يفهم : كيف يمكن اعطاء الحرية للقطاع الخاص ؟! . ألن يؤدي ذلك حتما الى تحطيم الديكتاتورية ؟! . ان ضيق افق و تسطح تفكير ستالين قادته في النهاية لترسيخ نظام القيادة البيروقراطي الامري في توجيه الاقتصاد الوطني بالارادوية و القرار السياسي الفوقي القسري . مع رفض مطلق في نفس الوقت للامكانيات الهائلة للتنمية الاقتصادية والتي كانت ستخلقها و تحررها " السياسة الاقتصادية الجديدة " . لقد قبل ستالين و أنصت لبوخارين و قرأ له، فيما مضى عندما كان لا يعارضه الالماماً. و لكن كان السخط يتضخم في اغوار نفس ستالين ، ويتجمع رفضه ليخرج الى العلن ضد ما أعتبره : " الاستسلام الاقتصادي " لهذا المنظر اليميني الذي يتحالف مع الكولاك ، ويقف ضد سياسة التجميع الزراعي و تسريع التصنيع ، والغاء النيب! ولكن بوخارين لم يتوقف - حتى نهاية حياته- عن تأكيد القول : أن مايعتقده هو بالاساس مبني و مستمد من اعمال وأفكار لينين ، وخصوصا كتاباته الاخيرة منها و مقالاته الخمس الاخيرة و " الوصية " التاريخية . بعد وفاة لينين ، انتخب بوخارين عضوا في المكتب السياسي ، بعد ان كان مرشحاً. لقد عرف في اوساط الحزب و المجتمع كمنظر جديد للماركسية ، وكان يتمتع بجاذبية ومتصلا بالجماهير ، يمتلك شخصية بمقومات أنسانية متواضعة و حس مرهف و بساطة في تعامله مع رفاقه ، و كان مختلفا بحدة في هذا الجانب مع ستالين ، وكانت اخلاقهما متعارضة جذريا فشتان مابين بوخارين و ستالين . لقد وقف و لفترة طويلة بعيد اعن صراعات الامين العام مع المعارضة اليسارية ، لذلك أطلق عليه زينوفييف بعد ان حاول ضمه الى تكتله في صراعه مع ستالين ب " ساعي السلام" . و كان هذا النعت لا ينم عن مدحه لموقفه الوسطي المسالم ، بل تعبيرا عن احتقاره لحيادية بوخارين! و كذلك وصفه تروتسكي بنفس الشيئ" داعية السلام غريب الاطوار" !. كانت الصراعات و الخلافات و الاختلافات بين اعضاء المكتب السياسي تثير نفوره ، وتجعله سلبيا تجاه صراعاتهم على القيادة و الهيمنة . لذلك لم يتخذ موقفا واضحاً و محدداً من صراع : تروتسكي - ستالين ، و ليس ذلك مجرد صدفة ، ولكن كلا الخصمان: تروتسكي ، و زينوفييف . لم يكونا على حق في موقفهما و رأيهما في بوخارين . كان بوخارين متعلقا جدا بلينين و يقدر سلطته و هيبته و أفكاره ، رغم ان النقاش كثيرا ماكان يحتدم بينهما بسبب الاختلاف في وجهات النظر بينهما. و كان بوخارين ايضا منضبطاً في خضوعه لرأي المكتب السياسي الجماعي أكثر من أي شيئ أخر . حتى لو كان له موقف اخر مختلف . حتى عام 1928 ظل بوخارين يتعامل مع الجميع بوفاء و أخلاص رفاقي . و بذل جهدا ليبقى خارج دائرة الصراعات المحتدمة بين أطراف المكتب السياسي المتنازعة . فقد كان لديه الاولوية للاقتصاد على السياسة . وكان الاهم بالنسبة إليه ، ايجاد سبل و اتجاهات جديدة و قرته في النمو الاجتماعي و الاقتصادي للبلد ، و تحديد الافق الواعد لاعادة بنائه من جديد . و هنا وجد بوخارين نفسه واقفا ضد ما يسمى ب " قانون بريوبرجنسكي" الذي طرح على قيادة الحزب . و كان جوهر هذا القانون هو: ان عملية التصنيع الهائلة و الملحة في بلد متخلف مثل روسيا كانت ممكنة فقط على اساس صلب ، بأعتصار الموارد من الفلاحين للشروع بالتصنيع الثقيل . ولكن بوخارين كان يرفض ذلك و يرى بأنه " لايجب على المدينة أن تنهب الريف" وأن منهج التعاون السياسي و الاقتصادي قادران على تسريع نمو الصناعة والزراعة معا. و بصيغة اخرى : فأن هذا المنظر الجديد - بعد لينين -ل " السياسة الاقتصادية الجديدة " ادرك وجوب علاقة أكثر انسجاماً وجدوى أقتصادية في التعاون بين المدينة والريف ، وبين العمال والفلاحين ، والتدرج في ضخ الموارد من الفلاحين دون قسر . و هذا يعني ان بوخارين كان على وعي بأهمية التصنيع و الانتاج يجب ان ينمو بسرعة أكبر ، ولكن عملية ضخ الموارد من الفلاحين كان يجب ان تتسم بحدود معقولة و مقبولة من الريف .الامر الذي وقف ضده ستالين ليشرع بحملته لجماعية الزراعة الاكثر عنفا والاكثر الما ودموية لجموع الفلاحين!!..................... ..................................................................................................... وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(2-12)
-
بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(1-12)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...(3)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...(2)
-
تحرر المرأة...آفاق وخيارات...
-
شجون الفوات!!!(7-الاخير)
-
شجون الفوات!!!(6)
-
شجون الفوات!!!(5)
-
شجون الفوات!!!(4)
-
شجون الفوات!!!(3)
-
شجون الفوات!!!(2)
-
شجون الفوات!!!(1)
-
ايتها المضطهدات...ليكن يومكن المجيد كل الايام..
-
رد على تعليق السيد النمري!.(5-الاخير)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(4)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(3)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(2)
-
رد لاطم على تعليق واهم للسيد فؤاد النمري!!!.
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(الاخير)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(27)
المزيد.....
-
ماذا جرى قبل انفجار -تيتان-؟.. كشف آخر ما قيل على متن -غواصة
...
-
حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني
-
العراق.. مسيرة تركية تستهدف اجتماعا لحزب العمال الكردستاني
-
صديق القادري.. جنرال عراقي قاتل مع القياصرة ضد الثورة البلشف
...
-
رحيل المفكر العربي البناني – الفلسطيني إلياس خوري
-
مقتل عنصر وإصابة 2 من حزب العمال الكردستاني بغارة تركية في ا
...
-
مواجهات بين متظاهرين والشغب أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار
-
سمير لزعر// مخطط تشريد الطبقة العاملة وتجويع الشعب يضع افوا
...
-
بين هرم زوسر وضريح لينين أو ما هو دور الوعي الديني في بناء ا
...
-
اليسار الفرنسي يبحث عن طريق للمضي قدمًا بعد منعه من المشاركة
...
المزيد.....
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
-
تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|