أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - محمد كمال - دم المرأة بين عارها و شرف الرجل














المزيد.....


دم المرأة بين عارها و شرف الرجل


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4838 - 2015 / 6 / 15 - 17:00
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


دم المرأة بين عارها و شرف الرجل
المرأة عورة و عار ، و الرجل ستر و شرف؛ و ستر الرجل يكسوا عورة المرأة ، و شرف الرجل يطهر عار المرأة ؛ هذا هو العرف و العَقْدُ المخزون في مكنون العقل الباطن عند شريحة كبيرة من بني البشر ؛ و هذا العقل الباطن هو أُسُّ اللاشعور الذي يتسم بالخوارق في الأفعال و ردود الأفعال ، لا في الفكر و التأمل و التأني في كشف العلل و الأسباب و تشخيص المشاكل و القضايا و رسم الخطط و الحلول بما يحفظ الحقوق و الكرامة بالتساوي و العدل بين الرجل و المرأة .
معادلة المرأة و الرجل بموازاة العار و الشرف ترسم الكاتبة الروائية التركية إليف شافاك خيوطها الحمراء و البيضاء ، و عناصرها الملوثة و الطاهرة ، في رواية مطولة تزيد على الخمسمائة صفحة تحت عنوان " شرف " ؛ العنوان "شرف" هو التعبير الموفق عن بؤرة القوة الكامنة في لاشعور الرجل الرافض لطهارة المرأة في اصلها، و هنا تكمن القضية-المأساة في "شرفية" الرجل في أصله و "عارِيَّةِ" المرأة في اصلها على هوى التقليد المغروس في اللاشعور.
الرواية تتنقل بالقارئ بين ضفاف نهر الفرات في إحدى القرى الكردية و مدينة لندن؛ فالتنقل بين مستويين من الحضارة و التحضر حيث البون بينهما شاسع واسع يسع قروناً من الزمان ؛ القرية الكردية مازالت تعيش محبوسة في سجن تقاليد بابها شرف الرجل و قضبانها عار المرأة ؛ الحياة في هذه القرية لا تجيز للمرأة أن تختار شريك حياتها و اذا ما فشلت في تجربة الاختيار أو حاولت الاختيار ، بنفسها و لنفسها، فان دمها هو الذي يطهر شرف الرجل في العائلة ؛ و رغم أن عدداً من أعضاء عائلة في هذه القرية قررت العيش في لندن عاصمة النور و التنوير و حرية المرأة إلّا أن قوة التقاليد بقت في اللاشعور بثبات و فاعلية ؛ ففي القرية الكردية ، على ضفاف نهر الفرات ، يقرر الأب غسل عار إبنته بقتلها ، و في لندن يقرر الإبن طعن أمه بالسكين لانها على علاقة برجل غريب بينما الأب هارب من البيت مع إمرأة غريبة ؛ معادلة المرأة و الرجل بموازاة العار و الشرف نفسها ؛ لا ضير و لا عار أن يهرب الأب و يهجر زوجته و يترك كامل أسرته في عهدة الام و يعيش في أحضان إمرأة غريبة؛ و لكن لا يحق للمرأة العورة و العار أن تلتقي برجل غريب ، و هي تعيش تحت كامل الضغوط الطبيعية و الاجتماعية و النفسية ، علَّها تُنَفِّسُ عن بعض من تلك الضغوط ؛ هذه الأم لا خيار لها إلّا صون شرف الأب الهارب و هو في احضان امرأة اخرى ، و لا يحق لها أن تختار حياة جديدة مع رجل تختاره و يختارها؛ خيارها الحر يقتضي قتلها على يد إبنها و بتشجيع من عمه و صديقه و شخص من قومه تعرف عليه عرضياً ، الكل يرى ضرورة غسل العار بقتل الأم للمحافظة على شرف العائلة و شرف الأب الهارب من مسئولياته ؛ هذه الام التي تحملت أعباء اطفالها و تلبية حاجياتهم و أخذت تعمل لكسب لقمة العيش لابنائها و تدبر شئون البيت وحدها ، كل هذه المناقب و الفضائل لم تشفع لها أمام أفراد اسرتها و لا أمام إبنها البكر الذي كان إبنها المفضل، فكان جزاؤها من إبنها البكر أن اقدم على طعنها - الحبك في القصة أن الابن البكر يطعن خالته ظناً منه أنها أمه ، و مادامت النية هي قتل الأم فإن قتله لخالته هو قتل لأمه .
و بين الجريمتين ، قتل الأب لابنته و قتل الابن لامه ، هناك شريحة من الأحداث التي تتمازج فيها عارِيَّةُ المرأة مع شَرَفِيَّةُ الرجل بمحصلة يرفع فيها الرجل رأسه شرفاً على أنقاض المرأة التي سُحِقَتْ و دُفِنَتْ مع رفيق أصلها العار ، و هكذا تكون مروءة الذكورية الفَجَّةُ و شهامتها الدنيئة قد تحققت و أتت أُكُلَها ضد الأنوثة في حقها الطبيعي و الاجتماعي و النفسي و الذاتي .
فإلى متى سيبقى بون القرون شاسعاً بين أمثال القرية على ضفاف نهر الفرات و أمثال المدينة على جانبي نهر التايمز (لندن)؟!

محمد كمال
8 يونيو 2015
----------------



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظومات الفكرية والالتزام العاطفي بها
- التصورات حول الأوضاع العربية
- طنين الإرهاب في فرنسا
- ماضي التضامن وحاضر التشرذم
- الجنوب اليمني وعودة الوعي
- الذكر والأنثى والتفاضل بينهما
- وعود برلمانية في أكفان زاهية
- آفاق تكنولوجيا المعلومات
- الانتخابات بين المترشح و الناخب
- الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة
- الخطاب الطائفي المعارض
- توظيف الطائفة في الطائفية
- التمازج بين العقيدة والتاريخ
- التناظر بين البيولوجيا و الدولة
- لاستبداد سَيِّدٌ في نفوسنا
- من الأسرة إلى الدولة
- الاستبداد يُوَلِّدُ الإرهاب
- الجغرافيا العربية باحة لحرب المشاريع
- وأد الديمقراطية في دارها!!
- الاقتصاد أناني وسلبي


المزيد.....




- السعودية.. توفير خدمة هي الأولى من نوعها للنساء في الحرم الم ...
- وزيرة شئون المرأة الفلسطينية لـ«الشروق»: نواجه واقعا مأساويا ...
- من بطلة إلى ملهمة: كيف غيرت إيمان خليف وجه الملاكمة النسائية ...
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 878 ضحية في الساحل السوري
- في لبنان: جريمة قتل امرأة سبعينية في الشوف
- شهادات مؤلمة: العنف الجنسي ضد الفلسطينيين في تقرير أممي
- توغو: قوانين الإجهاض الصارمة تدفع النساء إلى المخاطر وتفاقم ...
- كيف يمكن للمرأة العربية الاستثمار في الذات لتحقيق النجاح؟
- سجلي 800..رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائ ...
- لماذا عمر النساء أطول من عمر الرجال؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - محمد كمال - دم المرأة بين عارها و شرف الرجل