يوسف عودة
(Yousef Odeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 12:27
المحور:
كتابات ساخرة
خربشات 9
يوسف عودة
رافضاً التغيير، رافضاً التعبير، رافضاً كل شيء حتى أنه بات رافضاً الرفض بحد ذاته، وكأن عجلات الحياة توقفت على قارعة الطريق رافضة السير مجدداً، توقفت مسترسلةً في سبات عميق، تزيح عن كاهلها فيه عبءا ثقيل، أثقل قواها، وهدّم من همتها، وسلب صبرها، وأفرغها من محتواها، فجردها من مبادئها وأخلاقها، وفجر عنفوانها، فأغلق أبوابها، وحطم قلبها ودق رأسها، هذا ما أصبحت عليه حياتُنا، لا شيء يستحق المجازفة، ولا حتى عناء التفكير فيه، نعم قتلوا فينا كل شيء قبل أن تُقبل علينا الحياة بجبروتها وتوقف إمداداتها، قتلونا بسُم ألسنتهم قبل سُم خناجرهم، يدسون السم وهم مبتسمون لنا، وكأنهم يريدون أن يقولوا لنا بأن هذا السُم ما هو إلا مصدر حياتكم، خذوه كي تستطيعوا التنفس ومقارعة الحياة.
هذه اللوحة ليست من نسج الخيال، أو من رواية شهيرة أراد كاتبها سلب العقول، والغوص فيها في حقول الخيال، ولا حتى لوحة زيتية رُسمت بريشة فنان تشكيلي، شكلها بألوان خياله الممزوج بواقعٍ يتعايشه وخيالٍ يهرب إليه، بل هي حياةٌ وواقع نعيشه ونتعايش فيه، واقع كان من المفترض أن يكون جميلاً، وحياةٌ وهبنا الله إياها، ورسم لنا طرق سعادتنا فيها، وسبُل سلوكها، لكن البعض رفض واتخذ منحى أخر، وبدا كعدوٍ للبشرية يوسوس في الصدور، فتكاثر وتناثر، وبدأت العدوى بالتفشي، حاملةً معها أسوأ أمراض العصر، معلنةً نهاية المبادىء والأخلاق، وبداية عصر السطوة وفرض الرأي عنوة.
معلنا باختصار، هذا حالنا في مجتمعٍ كان من الطبيعي أن يحتوينا بين أروقته، إلا أن القائمين عليه، أو من مكنّهم الله من التحكم ببعض جوانبه، رفضوا مجتمعنا بإعتباره رجعي متخلف، يركز على قيم في زمن المعجزات، وبدأوا يأخذون بنا الى مجتمعٍ هم صنعوه على مقاساتهم.
[email protected]
#يوسف_عودة (هاشتاغ)
Yousef_Odeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟