أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: فشل التوجه الى المرجعية














المزيد.....


فلسفة مبسطة: فشل التوجه الى المرجعية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4834 - 2015 / 6 / 11 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



من المواضيع الممتعة في الفلسفة، الاعتماد على مرجعيات، باعتبارها صحيحة بشكل مطلق، ورفض أي محاولة لتفنيد صحة تلك المرجعية، حتى لو تراكمت الدلائل على ذلك.
العلوم مثلا تثبت يوما بعد يوم ان عمر الأرض يتجاوز 5 مليارات من السنين، بينما لا يتجاوز عمرها حسب التوراة (6000 – 7000 سنة) فهل يمكن إقناع متدينين ان نصوص التوراة ليست حقائق علمية؟ وان البعض يعتبرها مرجعية فاشلة وخاطئة؟
اعتماد المرجعيات يمكن ان يكون خطأ منطقي في التفكير، او عدم ثقة بالذات، لكن في حالات ما يمكن ان تكون المرجعية صحيحة. هذا يعتمد على منطق الاعتماد على المرجعية. بكلمات أوضح، الفيزيائي حين يعتمد على نيوتن في تفسير قانونه الثالث – قانون الحركة– الذي يقول: ”لكل قوة فعل قوة رد فعل، مساوية لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه، تعملان على نفس الخط وتؤثران على جسمين مختلفين“ فهو يعتمد على حقيقة مطلقة أثبتت صحتها بالتجربة العلمية. رجل الدين الذي يصر على وجود الله، مرجعيته هي كتب الدين، التي لا يمكن ان تثبت شيئا بطريقة علمية لا يمكن تفنيدها.
لاحظت هذه الظاهرة بالاعتماد على مرجعيات في الخطاب السوفييتي والشيوعي عامة ، أثناء دراستي في الجامعة الحزبية. حيث أصبنا بنفس المرض في نشاطنا التثقيفي والسياسي فيما بعد. في محاضرات أساتذتنا أكثروا من اقتباس أقوال الرفيق بريجينيف الذي كان وقتها الأمين العام للحزب ورئيس الدولة. طبعا من الواضح ان أكثر الاقتباسات هي من لينين اولا، ثم يليه ماركس ويختتمهم إنجلز.
في معظم الحالات الاقتباس لا يضيف شيئا إلا مرجعية لا يحق لأي منا ان يشكك فيها.. تماما مثل نصوص الكتاب المقدس لرجل الدين.
معظم الفلاسفة يعتبرون الاعتماد على مرجعية غير مثبتة علميا، أو غير ضرورية في إطار موضوع معين، ولا تضيف أي جديد للنص او المحاضرة، يعتبرونها منطقا عديم الأهمية تصنف ضمن "استدلال فاشل" بمفاهيم الفلسفة!!
هذه الظاهرة بالتوجه الى المرجعية، واستعمالها بمكانها او بغير مكانها، بموضوعها او بغير موضوعها تسود جميع مجالات الحياة، من العلوم، الفلسفة، الاقتصاد، السياسة، علم النفس، الأبحاث، الدين ،الأدب ، الفنون وكل ما يمت بصلة لحياة البشر.
هي طريقة مبتذلة لأنها تحمى الموقف الذاتي او الرؤية الذاتية من محاولة نقد او تفنيد الموقف المطروح.
افهم مثلا ان يعتمد بحثا فلسفيا على اقتباسات من تاريخ الفلسفة لإبراز نواحي عديدة في تطور المفاهيم والنظريات الفلسفية ومرجعياتها التاريخية.
نفس الأمر في النظريات والأبحاث العلمية.
لكن ما ضرورة الاقتباسات من بريجينيف (التي أغرقونا بها في دراستنا) في مواضيع الفلسفة، الاقتصاد، التاريخ ، الصحافة ، علم النفس الاجتماعي، غزو الفضاء، النقد الأدبي ، الفنون بكل أشكالها، نظرية الدولة وغير ذلك؟ أنها بوضوح مرجعية مبتذلة ويقصد منها المكسب الذاتي للمحاضر او الكاتب. هذا أسلوب تحول الى منهج شخصي، كل فكرة يجب ان نبحث عن تبرير مرجعي لها من شخصيات لها قداسة في تفكيرنا أو مكانة في تنظيمنا. أي ان تفكيرنا لم يخرج من أسلوب التلقين والتكرار الببغاوي الى مساحة التفكير والإبداع، لذا ليس بالصدفة كان انهيار المعسكر الشيوعي وأحزابه، حين سادته قيادات طاقتها الإبداعية مشلولة، على عكس القيادات التاريخية المبدعة..
عندما يعتمد قائد سياسي على اقوال ماركس او لينين ، هذا يعني قطعا انه لا مجال لرفض الموقف.
عندما يقول رجل دين شيئا، فهذا قول مقدس لا يمكن مناقشته.
اذن المرجعية ليس لها قيمة عملية في أي بحث. والملاحظ ان اقوال المرجعية لا تصيب دائما مضمون الموضوع التي استعلمت لإثباته.
عاش في مدينتي الناصرة، مريض عقلي اسمه نمر خفيف الظل، أقواله تثير الضحك، كان يتجول في مركز المدينة وسوقها وهو يكرر كل فترة جملة جديدة، من ضمن جمله التي أحفظها : "يا رب اهدم كل المستشفيات وموت كل الأطباء حتى لا يبقى ولا مريض"
مرضت عجوز تسكن بجواره ، رفضت استدعاء الطبيب، واعتمدت على قول نمر ان المستشفيات والأطباء هم سبب الأمراض.. وان نمر هو العاقل الوحيد في الناصرة.. وإذا أحضرنا لها الطبيب ستطرده. طبعا... لم تصمد الا يومان وفارقت الحياة بسبب التهاب رئوي شديد. مرجعيتها كانت عديمة الفائدة.
هناك طرفة سوفييتية يقول البعض انها أمر حقيقي.اثناء الحرب الأهلية في الاتحاد السوفييتي بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية، قتل احد قادة الحزب الشيوعي، في معركة عنيفة مع البيض المعادين للثورة. نعى لينين القائد السياسي، لكن جثته كما يبدو بقيت في المنطقة التي يسيطر عليها الاعداء البيض.
بعد هجوم كبير للجيش الأحمر هزم البيض وفروا من ساحة المعركة واستطاع الجيش الحمر ان يحرر أسراه من سجونهم.
فوجئ القائد العسكري للجيش الأحمر ان القائد الشيوعي الذي اعتبروه ميتا كان ضمن الاسرى المحررين.
- ايها الرفيق ايفان، ما نعرفه انك استشهدت في المعركة قبل أسبوعين؟
- اطلاقا لا ايها الرفيق الجنرال، كما ترى انا حي لم اقتل.
- مستحيل يا رفيق ايفان، الرفيق لينين نعاك ببيان خاص وهو مصدر موثوق أكثر منك.. لا يمكن ان تكون حيا؟؟
هذا ما يسمى فشل الاعتماد على المرجعية .
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: فلسفة الدحض
- الحمير تعقد قمة طارئة..!!
- فلسفة مبسطة: فلسفة الدين
- فلم وثائقي يكشف: جرائم حرب إسرائيلية في حرب 1967
- من تسجيلاتي القصصية
- خبر عاجل من البي البي سي
- ابشروا يا قادة العرب: لكم ملكوت السماء!!
- فلسفة مبسطة: الفلسفة البراغماتية
- الدرجة 13
- محنة المسيحيين - محنة العالم العربي!!
- حسين الغزاوي ينتظر جائزة نوبل
- حكومة لتحضير الانتخابات القادمة
- الناصرة بلدي: نحو العمل وليس المناطحة!!
- -تايتانك- نتنياهو في بحر هائج
- السياسة الوسخة او وسخ السياسة
- فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!
- فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم (RATIONALISM)
- فلسفة مبسطة: البوذية - فلسفة السعادة والشقاء
- الشيطان الذي في نفسي
- إضراب خجول


المزيد.....




- شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت ...
- -لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل ...
- وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت ...
- شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان ...
- شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف ...
- باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف ...
- أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
- لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
- -فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ ...
- الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: فشل التوجه الى المرجعية