أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد مغامس - -كلمة سواء- في حوار الأديان















المزيد.....

-كلمة سواء- في حوار الأديان


ماجد مغامس
مهندس مهتم بالدراسات الإنسانية والدينية

(Maged Moghames)


الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 20:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


برغم تعدد مفاهيم "الحوار" إلا أن غالبيتها تتفق من حيث كونه يمثل " تبادلاً للنقاش" بين طرفين أو أكثر بدون "فرض رأي أحدهما على الآخر." ولا يعارض الكثير من المتدينين الإسلاميين, سواء المتشددون أو " المعتدلون," مبدأ الحوار بشكل عام وحوار الأديان بشكل خاص. فهم على إستعداد تام للإلتقاء بأصحاب الديانات الأخرى والجلوس معهم على طاولة الحوار. ولكن مفهوم "الحوار" بالنسبه لهم مختلف تماماً. فنظرة دقيقه للأمر تبين أن هذا الحوار – بالنسبة لهم – يجب أن لا يخرج عن كونه خطبةً أو درساً دينياً " لهداية" الآخر. وهنا ليس لللآخر الحريه في عدم تقبل " نور الحق." فعليه أن "يقتنع" بما يقدمه له "محاوره الإسلامي" والا فإنه سيكون ممن " طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم." !!!!

نظرة سريعه إلى الكثير من المصادر الإسلاميه التي تتفق مع حوار الأديان تبين أن هذه المصادر تفصل فصلاً واضحا بين أنواع الحوار، فمنها الحوار السياسي والثقافي والإقتصادي والأمني والتربوي وغيرها. وفي تعريفاتها للحوار في كل من هذه الميادين, تؤكد هذه المصادر على مفهوم النقاش وتبادل الافكار وعدم فرض الرأي على الطرف الآخر – وهو ما يتسق مع فلسفة الحوار الفعلي. ولكن عندما يأتي الأمر للحوار الديني فإن الإختلاف الجذري يظهر جلياً. فمعظم هذه المصادر تتفق على أن حوار الأديان هو "حوار يجري بين مجموعة من الناس للتعرف على تعاليم ديننا الإسلامي ودعوة الآخرين إلى الدخول في ديننا وشرح بعض الكتب الفقهية." !!!! لا داعي أن نوضح للقارئ مدى انسلاخ هذا التعريف عن ماهية الحوار الفعلي. فلا يوجد هنا ذكر لـ " تبادل النقاش" ولا التركيز على حق الآخر في التمسك برأيه. إنه خطاب أحادي, أو محاضره دينيه, أو درس دعوي.

من أين أتت هذه المصادر بهذا المنظور المخالف لفلسفة الحوار جملةً وتفصيلاً؟؟

بالتأكيد أنها أتت من كون المسلم يؤمن – كغيره من أصحاب الديانات الأخرى – بأنه يحمل الحقيقه المطلقه التي يجهلها الآخر وعمي بصره عنها. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. بل أن المسلم يجد أنه من الواجب الديني عليه أن يدعو هذا الآخر لتقمص هذه الحقيقه وذلك من باب " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر." والسؤال الذي يتعين طرحه هنا هو: إذا إعقتد كل صاحب ديانه بانه يحمل الحقيقه المطلقه التي يتعين عليه أن "يدعو" الآخر إليها, فمن أين سيتأتى حوار الأديان بطريقه تحمل فعلا مفهوم الحوار بكل جزئياته الراقيه؟؟

تظهر المعضله بشكل أكبر لدى "" المحاور المسلم" عند محاولته تأصيل مفهوم الحوار الديني. فالمسلم يفتخر بأن القرآن يدعو لهذا الحوار في صلب آياته. إذ ينطلق المتدينون بتقبلهم للحوار من الآيه: "قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ." ( آل عمران 64). دعونا ننظر الى هيرمينوطيقا هذه الآيه ومدى دلالتها على مفهوم الحوار الفعلي وذلك من خلال البحث في جزئيتين رئيسيتين وهما: المقصودون بالآيه ودلالة "كلمة سواء"؟

فيما يتعلق بماهية "كلمة سواء" فقد إتفقت غالبية التفاسير على أنها تعني لغوياً العدل والمساواه أما اصطلاحيأ وبدلالة الآيه فإنها تعني عبادة الله وعدم الشرك به.

أما بخصوص المخاطب في الآيه فقد اختلفت التفاسير فيما بينها. فمنها ( مثلا إبن كثير والطبري) ما أخذ بعمومية النص وأعتبر المخاطب عموم اليهود والنصاري "ومن جرى مجراهم" !!!. أما القرطبي والبغوي والأندلسي ( في التفسير الكبير) فقد بينوا خصوصية المخاطب من حيث أن الآيه تتعلق تحديداً بوفد نجران الذين جاؤوا للنبي محمد مختصمين في النبي إبراهيم: فالنصارى زعموا أنه كان نصرانياً واليهود زعموأ انه كان يهودياً. فرد عليهم النبي محمد بأن إبراهيم كان حنيفيا مسلماً، ثم نزات هذه الآيه. والملفت أن القرطبي والأندلسي اضافا بأن النبي أورد هذه الآيه في كتابيه للنجاشي وهرقل.

ما الذي نستخلصه من هذه النظره للتفاسير المتعدده للآيه القرآنيه؟؟

إن هذه الآيه لا تدل بحال من الآحوال على تفعيل فلسفة " الحوار" مع الآخر كما هو مفهوم من مبدأ الحوار, وتحديداً إذا أخذنا بخصوصية النص ونزوله حصريأ في وفد نجران. ففي هذه الحاله تكون هذه الآيه رداً على " إختصامهم" أكثر منها دعوة لهم للحوار. ولكن حتى لو أخذنا بعمومية النص من حيث أن الآيه تخاطب جميع اليهود والنصارى في كل الآماكن والأزمان وتدعوهم للحوار فان مبدأ هذا "الحوار" يبقى مشوباً. فدلالة " كلمة سواء" التي وضحتها الآيه نفسها متمثلةً في (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) تبين بشكل قاطع لا يقبل الشك أن هذا الخطاب للآخر لا يشكل دعوة للحوار بقدر ما هو دعوة للإسلام !!!!! وهذا التفسير مدعوم بما أورده القرطبي والأندلسي بأن النبي محمد قد أورد هذه الآيه في معرض كتابيه للنجاشي وهرقل، ومعلوم انهما كتابان كانا يشكلان دعوة للطرف الآخر للدخول في كنف الإسلام. لا بل أن كتاب هرقل إنتهى بالوعيد له في حال لم " يسلم" بأن يكون عليه " إثم الاريسيين."

من هنا إذن جاء تعريف الفكر الإسلامي لحوار الأديان بأنه "دعوة الآخرين إلى الدخول في ديننا" لا بل "وشرح بعض الكتب الفقهية." إذن فليتوقع مني أصحاب الديانات الآخرى أن أقابلهم على طاولة الحوار لأشرح لهم صحيح البخاري ورسالة القيرواني ونهاية الأرب للقلقشندي!!!

يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ونبتعد عن الرومانسيات الفكريه. الفكر الديني هو بالضروره فكر يزعم تملك الحقيقةً. والفكر الذي يعتقد أنه يحمل الحقيقه المطلقه لا يكون مؤهلا ابستمولوجيا للأنخراط في حوار. فالحوار هو تبادل وتقبل لفكر الآخر وتفهم لتمسكه بمبدأه. لكن الخطاب الديني لا يحتمل هذا الأمر. فلا يمكن أن يتحاور المسلم مع صاحب ديانه أخرى وهو على إستعداد لتقبلها، لا بل أنه – وبالاتساق مع ما ورد ذكره أعلاه – سيتوقع أنه من واجب وبصيرة الطرف الآخر أن يهتدي الى ما يقدمه من " وعظ وأرشاد" تحت قناع الحوار.

من هنا، يتعين علينا أولا أن لا نناقض أنفسنا وثانيأ أن لا نهين الدين من خلال توظيف وتطويع الآيات القرآنيه لخدمة أيديولوجيه خاصه بادعاء تقبل الحوار. علينا أن نكون واضحين. الخطاب الديني لا يتقبل حقيقة غير التي يحملها. ومن هنا ينبغي علينا أن لا نصدع رأس الآخر بأننا أهل للحوار. الخطاب الديني ليس خطاب حوار, إنه خطاب دعوة " للحقيقه." دعوة تأتي إما من خلال " شرح بعض الكتب الفقهيه" أو .... " الفتوحات الإسلاميه"!!!!



#ماجد_مغامس (هاشتاغ)       Maged_Moghames#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطوية الأستاذ الجامعي
- بلاغات البخاري غير الصحيحه
- تقاطعات بين الزردشتيه والإسلام
- (أصحابي أمنة لأُمَّتي): حادثة السقيفه وجدال السلطه
- غير الصحيح من صحيح البخاري
- بارانويا الحاله الإسلاميه
- جوانب التشريع فيما ورد عن الرسول
- -قل يا ابا الوليد اسمع- - أم - اتيتكم بالذبح-
- في الصباح: فنجان معرفه أم وليمة قينات؟؟؟
- الخطاب الديني وثقافة التخويف: الى متى؟


المزيد.....




- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد مغامس - -كلمة سواء- في حوار الأديان