|
مرحبا بك في العائلة الفيسبوكية
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 14:59
المحور:
كتابات ساخرة
سألني أحدهم، وهو شخص من عامة الشعب، ميسور الحال ماديا قائلا: يُلحُّ عليَّ أبنائي بأن يفتحوا لي صفحة في الفيس بوك، وأنا حتى الآن أرفضُ ذلك، وأحاول أن أكون بعيدا عما يفعله أبنائي كل يوم، فهم ينشغلون بالفيس بوك عن بعضهم، وعن أكلهم، وعن دراستهم،فهل أقبل وأنا في هذه السن؟ قلتُ: إن سؤالك يعني أنك بدأتَ تفكِّر في مشروع الفيس بوك، أي أنك قبلتَ، ولكنك تحتاج إلى جوابي لتبرير قبولك! ويبدو أنَّ أبناءك قد ملُّوا تدخلك في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، فهم يريدون إبعادك عن مسلسل(النكد) المتواصل، والذي اعتدتَ أن تشكوَ منه دائما، وأنا مع أبنائك، وأدعوك إلى أن تُجرِّبَ هذا المستحضر التكنلوجي الجديد! توقَّف فجأة، وسألني: أنا لم أكمل تعليمي الجامعي، ومِن الصعب عليَّ أن أتعلمَ شيئا جديدا، بعد أن نيَّفتُ على الخمسين، وما عندي من ثقافة لا يؤهلني إلى أن أتعامل مع الفيس بوك؟!! أجبتُهُ: ما أسهل أن تجد لك مكانا في عائلات الفيس بوك، المتنوعة والمتعددة، حينئذٍ ستنسى عائلتَك الحقيقية، وتتزوج الفيس بوك كامرأة جديدة، تأخذك بين ذراعيها إلى عالم الأحلام والأوهام!! وإليك النصائح التالية: يمكنك أن تختصَّ في وصفِ طعامِك اليومي، بالطبع بعد أن تُغيّر هاتفك المحمول، وتشتري هاتفا جديدا مُختصا بالصور، ولقطات الفيديو، وفي صباح كل يوم، إن لم تجد موضوعا، فالتقط صورة لفنجان قهوتك، وحبذا لو كان بُخار الفنجان ظاهرا، ومعه قطعٌ من البسكويت، وتكتب:" تفضلوا.... إفطاري بالصحة والهناء"!! وما أكثر اللقطات في منتصف النهار! فإذا خرجتَ إلى الشارع، فالتقط لنفسك صورة، أو اطلب من أحدهم أن يلتقط لك صورة بجوار سيارتك الفاخرة، واكتب تحتها: "خرجنا للعمل( اصطبحنا واصطبح المُلك لله)"!! لا تنسَ أن تعرف مواعيد الحفلات والندوات، لأنها تضم مشاهير المجتمع، وهناك، لا تخجل من لباسك المميز، وسنوات عمرك،فالتقط عددا من الصور لهؤلاء المشاهير، واطلب من أحدهم أن يلتقط لك معهم صورا، وبهذا تكون قد بدأتَ حياتَك الجديدة في أسرتك الجديدة على أحسن وجه! أما في فترات المساء والهجوع، فأسهل الأمور أن تتحول إلى داعية من دعاة الفقه، وتنقل رسائل الآخرين الدينية، وتطلب منهم أن يُرددوا الأدعية والتسابيح عشرات المرات، وأن يمرروها لأصدقائهم، وأنْ تعدَهم بالثواب والحسنات في الدنيا والآخرة!! لا تنسَ مناسبات الأيام والأعياد، فلكل يوم ووقتٍ دعوتُه الخاصة به، واحتفل بيوم الجمعة، والتصق بمَن يشبهونك، من الدعاة، والواعظين، والمخوفين، والمبشرين، وشارك أفراد عائلتك الفيسبوكيين فيما يكتبون من وعظ وإرشاد، لأنك ستظفر بمردود وفير من الإعجاب، والثناء، والشكر!! وبعد فترة ستُدمِن أذنُك صوتَ منبه هاتفك المحمول على رسائل الإعجاب والتعليق، ويصبحُ صوتُ المنبه أفضل أغاني الطرب، حينئذٍ افتح موقعك في هاتفك المحمول، وابتسم للتعليق، حتى ولو كنتُ تُتابع جنازة عزيزٍ من أسرتك، فسوف تصبح أمام الآخرين جسدا، أما روحك فسوف تَعْلَقُ بزوجتك الجديدة، صفحة الفيس بوك، ولا تكترث بنظرات الاستهجان ممن يحيطون بك!! وأثناء وجودك في منزلك، يمكنك أيضا أن تواصل حياتك الجسدية معهم، مع بقاءِ حياتك الروحية معلقةً في عائلة الفيس بوك!! لكي تُرضي مَن حولك، وتُشعرهم زيفا، بوجودك بينهم، التقط لأبنائك، أو لأحفادك صورا، واعرضها في صفحتك، لتُظهر جمالّ وجوههم، وبراءتهم، واكتب تعليقا، يشير إلى حبك لهم، ولا تنسَ أيضا أن تستغلَّ موسم حصولهم على شهاداتِ رياض الأطفال، لتُبرِزَ ذكاء أسرتك، وعليك أن تقوم بتصوير شهادة روضة أطفال لأحد أحفادك، وإلى جوارها وجه حفيدك، وهو يحمل شهادة الروضة، مع التركيز على التفوق 99% من المجموع الكلي، وأن تغضَّ النظر عن ابنك الذي لم يتمكن من الحصول على شهادة الثانوية العامة لقصر باعه وإهماله، وقلة استيعابه!! أما مكروهات عائلة الفيس بوك، والتي تُنّفِّرُ، وتُسهم في تقليل عدد أفراد أسرتك الفيسبوكية، فهي أن تُخاطبَ عقولَهم!! فاحذر أن تُحرضهم على التفكير، وأعتقدُ بأنك لن تفعل ذلك، لعدم قدرتك، فزبائن الفيس بوك سندوتشيون، من أنصار عائلة الوجبات السريعة، فهم يكرهون مَن يُشعرُهم بالنقص في كفاءتهم العقلية، وهم يتبرؤون من أي عائلة في الفيس بوك تخاطبُ العقول!! إن تحريض العقول، أمرٌ مرفوض في أُسَر الفيس بوك، لذا فخاطب عواطفهم وإحساساتهم الخارجية، واجعل من أسرتك الجديدة ملهىً ، تقضي فيه وقت فراغك، مثلما تفعل في مقهاك المفضل، حين تلعب لعبة الورق، وتذكَّر دائما أن أفضل جواذب عائلة الفيس بوك هي النِّكات، والتعليقات، والتعقيبات، والمداخلات السخيفة!!! أما إذا رغبتَ في أن تحظى بردودٍ عديدة، فاستعمل أسلوب السب والشتم، والرفض، وفق مقولة: (خالف تُعرف)، حينها، تصبح أحد مشاهير عائلة الفيس بوك!!! وآخر منافع العائلة الفيسيوكية، أن تعمد إلى صفحة إحدى الشخصيات البارزة، كوزير، أو أمير، أو شخص مشهور، تطمحُ في أن يعينك على قضاء مصلحة، وتبدأ في الإعجاب بما يكتب، حتى ولو كانتْ كتابتُه ضد قناعاتك، ثم تمدحه ثانيا، وتواظب مدة طويلة على هذا التقليد، شهرا أو شهرين،قبل أن تعرض عليه حالتك، وتطلب مساعدته، فهو سيصبح أكثر قبولا لطلبك، وسوف تُحقق أمنياتك! وهذه أبرز منافع العائلات الفيسبوكية!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سجن غزة الرحيب
-
نهر الجهالات في بلاد الخرافات
-
الويكيبيديا، والذبحبيديا
-
دعهم ينزفون
-
مَن يعرفْ ،أور أسرف؟
-
خمس سنوات بين زلزالين
-
عشر ميكافيلات ليست في كتاب الأمير
-
عُسر الذوق الفني
-
هل الدولُ تُهدَى؟
-
دعشنة مخيم اليرموك
-
بروفات حروب المعلومات
-
سلاحٌ فتاكٌ لم يُستخدم بعد
-
بيبي، ساحر السياسة في إسرائيل!
-
مِن أسرار تدمير الآثار
-
إيقاف نشاط وحدة الكلاب في الجيش مؤقتا!
-
تشرشل موديل نتنياهو الشخصي
-
كلاب تأكل العجول، وكلابٌ ترقص
-
تطهير لمثقفي اليسار في إسرائيل
-
أين تقع دفيئات إنتاج الإرهاب؟
-
عاموس عوز: حرب بدوني وبدون أبنائي
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|