طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)
الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 08:45
المحور:
الادب والفن
ومضة .... قصة قصيرة جدا
طالب الجليلي
لم تعد أمنياته وأحلامه شفافة وغالية كما كانت بل تدنت بصورة رهيبة ... قال محدثا زميله : أتدري ماهي امنيتي الحالية ؛ ان اقضي حاجتي في مرحاض حقيقي نظيف تتكرم فيه الحنفية بملآ الإبريق !!
كان قد مضى على سوقه للخدمة الالزامية شهر ونيف .. في البدئ حاول ان يتملص منها من خلال إحالة الى اللجنة الطبية ، لعله يحصل على اعفاء او احالة الى الخدمة غير المسلحة في أسوأ الحالات .!!
اصطحبه النائب الضابط الى غرفة الطبيب ، قبل ان يدخل الغرفة ناوله الملف الذي كان يده .. أستل من جيب بنطاله الخلفي خرقة صفراء وراح يلمّع بها حذائه الأحمر الفاقع اللون ... أعاد الخرقة الى مكانها وأمسك بسدارته بكلتا يديه وقام بتعديلها ثم تناول الملف وتأبطه بيده اليسرى ، دلف الى غرفة الطبيب وما ان اجتاز الباب حتى استعد وأدى التحية العسكرية .. تناول الطبيب الملف بتثاقل وجزع واضح وهو يحني رأسه قليلا ليرد التحية .. أشار النائب ضابط اليه برأسه وهو يدعوه للدخولوالوقوف بعيدا بجانب الحائط .. راح الطبيب يقلب أوراق الملف .. كان يجلس خلف مكتب خشبي قديم وقد استندت احدى قوائمه المكسورة على نصف طابوقة حمراء ! كانت جدران الغرفة المطلية باللون التبني قد أحالها دخان السجائر وتقادم السنين الى لون بني رف تقشر الطلاء هنا وهناك وهو يكشف الجص الابيض الباهت ...سأله الطبيب بنبرة تخلو من التحيّز والاهتمام : هل انت طبيب ؟! اجابه : نعم دكتور .. رد عليه النائب ضابط بحزم : قل سيدي ! انت من الان فصاعدا جندي ...! كان طبيب التجنيد يحمل عل كل كتف نجمتين ذهبيتين .. دعاه الى ان يقترب منه ويخلع حذائه وجواربه .. تمعن في قدميه وطلب منه ان يستدير قليلا ثم عاد ليكتب في احدى أوراق الملف وهو يسمعه ماكتب : فلات فوت بسيط .. أردف : يصلح للخدمة العسكرية المسلحة ، سالم مسلح ..!!انحنى النائب ضابط نحوه وهو يهمس اليه وقد نسى انه طبيبا ! فلات فوت يعني قدم مسطحه ! قال له الطبيب وهو يناول الملف الى النائب ضابط بإلقاء مسرحي واضح تنام بين مفرداته سخرية خفية : سوف تقدم على خدمة الوطن بضعة سنين الله وحده يعلم كم عددها طالما اننا نواجه عدوا معروفا بعناده الأزلي ..!!!
#طالب_الجليلي (هاشتاغ)
Talib_Al_Jalely#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟