أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - النظافة ليست من الإيمان!














المزيد.....

النظافة ليست من الإيمان!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4830 - 2015 / 6 / 7 - 23:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حكي لي صديقي أحمد الزيّات حكاية طريفة. قال: "ذهبتُ إلى شاطئ بحر بور سعيد. وكان بجوارنا أسرةٌ ربُّها رجلٌ مُلتحٍ، جاء مُصطحبًا زوجته المنتقبة وأطفاله. نظر لي الشيخُ وقال: “أودُّ أن ألفتَ نظرك إلى أن المايوه الذى ترتديه غيرُ شرعيّ. فهو لا يغطي الركبتين.” فشكرتُه على النصيحة القيمة. بعد برهة، شاهدتُ ذلك الرجلَ وقد أتى بسكين وبطيخة، وراح يقطّعها ويأكل، ثم يرمي وأولادُه وزوجتُه القشرَ فى البحر وعلى رمال الشاطئ، في مشهد غير حضاري ولا يليق بمصريّ، ولا بإنسان."
أعلمُ أن في جعبة كلُّ من يقرأ هذا المقال الآن، العديدَ والعديد من القصص المشابهة التي تحكي مثل تلك المفارقات. والفكرة هنا ليست في غياب ثقافة "النظافة" عن مجتمعنا الراهن بشكل عام، بعدما كنّا في أوائل القرن الماضي ننتمي لواحدة من أنظف وأجمل عواصم العالم، حيث حصلت مدينة القاهرة، عام 1925، على وسام أجمل وأنظف مدينة في حوض البحر المتوسط وأوروبا. إنما الفكرةُ المُرّةُ هي تقزُّم مفهوم "الفضيلة" في ذهن ذلك الشيخ المؤمن، مثلما في أذهان آلاف رجال الدين، كلّ دين، مثلما في أذهان ملايين المؤمنين! الفضيلةُ لدى الكثيرين، للأسف، تكمن في "العورة"، عند الرجل وعند المرأة. الفضيلةُ، تحتلُّ بضعةَ سنتيمترات من أجساد البشر، هل تبين أو تتخفّى. إنما النظافةُ، فليست من الفضيلة في شيء. النظافة ليست من الإيمان! إتقان العمل، ليس من الإيمان ولا الفضيلة في شيء. احترام الطبيعة واحترام الشوارع والطرقات والهواء، احترامُ الطير والشجر والحيوان، ليس من الإيمان ولا علاقة له بالفضيلة والتقوى ومهابة الله ومراقبته. احترام حقوق الآخر، وتقدير المرأة، واحترام قيمة الطفولة، وتوقير المُسنيّن، وفي الأساس، احترام القانون، ليست من الفضيلة ومنبتّة الصلة بالإيمان. إنما كلُّها أمورٌ تحضر أو تغيب حسب الهوى والمزاج والظرف والتربية ومستوى الثقافة، لكنها في الأخير، لا تمتّ بقريب صِلة أو بعيدها، بالإيمان ولا بمستوى التدين، وبالطبع، ولا بالفضيلة! هي أمورٌ، في عرفهم، لن يسألنا عنها اللهُ، مادامت بعيدة عن جسد المرأة، وعلاقته بجسد الرجل!
إنها السطحيةُ والضحالة والاستخفاف في تعاملنا مع الله، جلّ وتعالى. اختصار الفضيلة في العلاقة بين جسد المرأة وجسد الرجل، وفقط!
لكن المشكلة الأجلى أن أولئك "الجسدانيين"؛ أي الذين ينظرون للفضيلة من منظور الجسد، لا يكتفون بكارثية ضيق نظرتهم لمفهوم الإيمان والفضيلة، إنما يُصدّرون فلسفتهم الشوهاء الكسيحة لمن هم أكثر منهم وعيًا واتساعًا، (وعسرًا) أيضًا، في مفهوم الفضيلة. أقولُ: "عُسرًا"؛ لأن مفهوم الفضيلة لدى الليبرالي والعلماني أكثرُ عُسرًا ومشقّة من أولئك الجسدانيين. فالليبرالي والعلماني يحترم الطبيعة والمرأة والطفل ولا يمايز بين الناس على أساس العقيدة ولا الطبقة الاجتماعية. وكلها أمور تحضُّ عليها الأديانُ كافّة وتدخل في صميم الفضيلة والتحضر والإيمان بالخالق ومشيئته الحاسمة الواضحة في تعدد البشر بين العقائد والأعراق والطبقات والنوعين: امرأة ورجل.
أتذكّر الآن نكتة شهيرة سأل فيها شيخٌ مؤمن شابًّا ليبراليًّا: "هل تصاحب النساء؟" فقال الشابُّ: "لا!” فسأله الشيخ: "هل تعاقر الخمور؟" فأجاب الشابُّ: "لا!” فاندهش الشيخُ وهتف: "يعني كافر وهاتدخل جهنم على الفاضي يابني؟!”
المضحك في النكتة السابقة ليس فقط جهل الشيخ بمعنى الليبرالية وظّنه أنها معادلٌ للكفر واستحقاق النار، بينما هي مجرد مذهب سياسي، إنما المضحك حقًّا هو اختصاره الإيمان في البُعد عن الخمر والنساء، وفقط! ولم نره يسألُ الشابَّ: هل تهمل في عملك؟ هل تكذب؟ هل ترتشي؟ هل تقسو على امرأة؟ هل تظلم غير مسلم؟ هل تعذّب الحيوان والطير وتقتل الأخضر؟!!!

أما أجدادُنا الفراعنة، قبل الرسالات بآلاف السنين، فقد أدركوا تلك البديهيات النيّرة المستنيرة، فاسحتقوا أن يقودوا العالم نحو النور والحضارة. لهذا كان على الإنسان أن يُقرَّ باثنين وأربعين اعترافًا إنكاريًّا للشرور والآثام، في "محاكمة الروح" لكي يضمن الخلود والأبدية في الحياة الأخرى بعد الموت، فإن خالف وصيةً من وصايا الفضيلة، سقط في الهلاك، والتهمه الوحشُ "عم موت"، وفنى كأن لم يكن.
من تلك الأسئلة: هل كذبت؟ هل عذّبت حيوانًا؟ هل كنتَ سببًا في دموع إنسان؟ هل لوّثت مياه النهر؟ هل قتلتَ نباتًا بأن نسيت أن تسقيه؟ هل امتدت يدك إلى سرقة ما ليس لك؟ هل اشتهيتَ زوجة جارك؟ هل تعاليتَ على غيرك بسبب علوّ منصبك؟ هل ارتفع صوتُك أثناء الحوار؟ هل خاض لسانك في شهادة الزور؟ …. ويجب أن يُجيب المتوفى بعبارة: “لم أفعل.” بعدها يبدأ في ذكر حسناته:
كنتُ عينًَا للأعمى، يدًا للمشلول، ساقًا للكسيح، أبًا لليتيم، قلبي نقيّ، يداي طاهرتان.....
أولئك أجدادُنا الفراعين ذوو الفضيلة الحقّة، التي وصلوا إليها بالفطرة الإنسانية السليمة قبل الرسالات وقبل الأديان.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعضٌ من الحلم لا يفسدُ العالم
- في أي دركٍ من النار يسكن الأوركسترا؟
- رسالة من فاطمة ناعوت للرئيس السيسي بخصوص تهجير المسيحيين
- حزب النور... على أبواب التمكين
- خالد منتصر... أهلا بك في وكر الأشرار
- تمرّد... وكتابُ التاريخ
- بذورٌ فاسدة
- انتحارُ الأديب على بوابة قطر
- حزب النور وحلم التمكين الداعشي
- سلّة رمان ..
- حكاية حنّا وعبد السلام
- هل تحب الغُراب؟
- “بَسّ- اللي فيها كل العِبر
- هل قرأ وزيرُ العدل -أفلاطون-؟
- ميكي يجيدُ العربية
- والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن
- سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها
- النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
- المايسترو صالح سليم
- لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - النظافة ليست من الإيمان!