أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد 2














المزيد.....

يوميات متشرد 2


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4828 - 2015 / 6 / 5 - 02:43
المحور: الادب والفن
    


بعد يوم عمل ممل ، واستمرارا في عبودية مدفوعة الأجر ، توجه يوبا نحو مطعم الحي ليأخد وجبة غذاء رديئة على عجل حفظا لما بقي له من البقاء .إستمر هذا اليوم إلى الآن مكررا كما باقي الأيام السابقة .دخل إلى المنزل بعد استنزاف يومي لقواه العقلية في إلقاء درس دون جدوى .إزداد ثقل جسده بالنوم ، فلم يسعفه إلا من خلع حذائه ليسقط منهكا ، فنام بمجرد أن انغمضت عيناه المنتفختين .بعد أقل من نصف ساعة تقريبا .سمع صوت هاتفه يرن بشكل مزعج .صديقه خالد يتصل ، لكن بصوت ليس أبدا بصوته .يتكلم بلباقة متصنعة و خجولة بعض الشيء .الأكيد أنه تأثير كائنات ناعمة بجانبه . لقد كان بمعية طالبتين بالفعل كما حزر يوبا من صوته الحنون .أنا في مقهى موندريان ، يجب أن تأتي الآن ..أخبره خالد . ماذا هناك ؟! يسأله يوبا .إنقطع الإتصال في الحين فبقي السؤال في مجرد مكانه .بما أن المسألة نسوية هذه المرة ، نهض يوبا من فراشه متحمسا و منزعجا في آن .حلق لحيته الخفيفة و لبس لباسا يليق بجلسة من هذا النوع ،ثم خرج .أخد طاكسي إلى المقهى حيث صديقه .دخل المقهى متوترا بعض الشيء ،فتاه به هذا التوتر دقائق قليلة دون أن يجد مكان الطاولة المبحوث عنها . هاهم هنا .. لم يكن مهتما بذاك الوجه الممل الذي يبيت معه كل يوم ، بقدر ما انجذب إلى النعومة ، إلى رمز الإغواء والشر . وقعت عيناه الفاحصتان على الفتاة التي تجلس بجانب صديقه . لقد كانت نحيفة .وجهها نحيف أيضا ، ينتهي بذقن صغير . إنه يبدو مدببا بعض الشيء كنهاية رمح أعياه شق الأرض . عينان سوداوان يزدادان كبرا عندما تثيرها كلمات إعجاب و تغزل . الجميل ،بل الأجمل فيها هو ذاك الشعر الحريري الأسود سوادا قاتما ، يتدلى فوق كتفيها النحيفين بنعومة . توقف الوصف هاهنا ،حين لا يجب أن يتوقف عن سرد الجزء الأهم من جسد المرأة ، لأنها كانت جالسة ،واضعة رجلها اليسرى على اليمنى كما هي عادة النساء .
. جلس يوبا بجانب صديقه .فاختفى توتره لفجأة بمجرد جلوسه، وتحول إلى انزعاج لا يعرف سببه . إنزعاج داخلي مازال يحتفظ بالهدوء ظاهريا .قام صديقه كوسيط تعارفي بينهما وأصبحت الأسماء معلومة الآن .الكل يعرف الكل .لم تكن صديقتها موجودة .سأله يوبا : أين هي ؟! ستأتي الآن .أجابت هي مكانه ."النساء يسمعن للهمس أكثر من الضجيج" ، فكر يوبا .إستمر الحديث عن الدراسة في الجامعة ،و العمل ، ثم بعض الإستعراضات المقوية في مثل هكذا جلسات مختلطة ،و أطلقت دعابات هنا وهناك لترطيب الجو ، ولما لا ترطيب صديقته أيضا . مازالت صديقتها غائبة . إتصلت بها لتأتي على عجل .قالت ذلك وهي تضع هاتفها على الطاولة .يوبا بحاجة إلى رفقة طالما ينعزل لوحده أثناء تلك المحادثات الثنائية بين صديقه وصديقته . فكر : " أكيد أنهم يتهامسون بخبث " .قاطع بذاءتهم السمجة فجر كرسيه لينهض مبديا بعض الإنزعاج : "سأعود بعد قليل " ..إلى أين ؟ .سأله خالد .بحاجة لأن أمرحض قليلا .توجه نحو المرحاض دون إكراه بيولوجي .ولم يكن نهوضه إلا تعبيرا عن ذاك الإنزعاج الذي بدأ يظهر وينجلي . نزل من الدرج المؤدي لدورة المياه .قبل أن يسحب يده مل الدرابزين .توقف بسبب دوخة مفاجئة باغتته .صديقة صديقته قد جاءت أخيرا . صدم يوبا من هذا القبح المنفر و النادر . لقد كان وجهها نحيفا جدا ، وبشرتها سمراء شوهتها بثور قبيحة على شكل مستعمرات بكتيرية . كما أن شفاهها غير بارزة إذ اختفت من ملامح وجهها . لكن شعرها يحسد على نعومته الجميلة . كانت الفتاة محتشمة ، صموتة ، قليلة الكلام ، حادرة رأسها دوما نحو هاتفها النقال . يبدو أنها تحس قبحها بقوة ، وقد تولدت لديها عقد أخرى منشؤها غياب الجمال .جلس يوبا في مكانه . قدمت صديقة خالد صديقتها إليه و تعرفا الآن . على الأقل هناك شيئان جميلان فيها الآن ، شعرها الحريري وإسمها الوديع .بدأ التهامس الثنائي من جديد بينهما . يوبا مورط الآن في محادثة غير مرغوبة وتمثيلية مع سكينة . إنها لا ترفع رأسها نحو الأعلى من قوة الحياء ، من قوة القبح بوقاحة .للأسف، فالله غير عادل في مسألة تهم الأنثى لهذه الدرجة القصوى ، بحيث يكون مصيرها الأنطولوجي مرتبطا بها .لا تتكلم الفتاة إلا باختصار ، كلمة في جواب لكل سؤال يطرحه يوبا . ثم صمت مريب ومزعج بعد ذلك . نظرات مشمئزة وأحادية الجانب من يوبا نحوها . سكينة لم تلاحظ شيئا ، لأن رأسها مازال متدليا نحو الأسفل ."تبا لجلسة قبيحة كهذه "، قال يوبا مع نفسه ثم نهض بنرفزة وانزعاج ..."ماذا بك يا صاح ؟ !!" ، سأله خالد .."أشنو هاد وجه الخرا جبتي معاك أصاحبي " .لم يقل خالد شيئا فاكتفى بالصمت الآن ، فمازال هناك ما يجب إيدائه من اللطف تجاه إهانته هو وصديقته .رأس الفتاة أصبح إلى أعلى الآن .المشهد أصبح مرعبا بعض الشيء مما يقتضي بعض الإنتباه الخائف ."نتا أصاحبي راك وضحد بنادم ماعنكدش حتا الذوق الفني باش تميز الجمال من اللاجمال . هاد الذوق عندك مشاعي لدرجة خطيرة و عامية . منين جايب لينا هاد الهركاويات ، مايعرفوش حتى يلبسو أصاحبي "..الفتاتان صعقتا من كلام يوبا وهو يلعلع كالرصاص . نهضتا مباشرة بعض ذلك دون أن تنبسا ببنت شفة .تبعهما خالد لترطيب العلاقة بين صديقته على الأقل . خرج يوبا دون أن يلتفت لما يدور بينهما من حديث ثم انصرف مسرعا في خطواته مع دخان سيجارة ينفلت من فمه بغضب .



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد 2