|
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -23-
علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 21:56
المحور:
الادب والفن
سجن بالميرا ..
أمضيتُ قرابة السنوات الأربعة في جامعة درسدن التقنية .. تحديداً في بناية جورج شومان حيث يقع هناك قسم من كلية الهندسة الميكانيكية وقسم من كلية الاقتصاد .. كان مكتبي أنيقاً بمحتواه وبجدرانه العالية والضخمة/العريضة جداً .. وبذلك استسغت دفء مكان العمل في الشتاء وبرودته في الصيف برفقة فنجان القهوة ..
عندما بدأت باستكشاف البناية التي أعمل بها .. عرفت بأن مكتبي يقع مباشرة فوق بعض الزِنْزَانات الانفرادية "زَنازين الموت" .. ورأيت أيضاً مكان الإعدامات "بئر الموت" .. حينها عرفت أيضاً من يكون السيد جورج شومان .. كان جورج شومان مناضلاً شيوعياً ومقاوماً عنيداً ضد النازية الألمانية .. تم تعذيبه بشدة ثم إعدامه في "محكمة الشعب" .. التي أخذت اسمه لاحقاً .. في 11 يناير 1945 في مدينة درسدن الألمانية .. جورج شومان هو شخص واحد فقط من حوالي 18000 شخصاً تم الحكم عليهم في تلك المرحلة بالإعدام أو بعقوبات أخرى في محاكم الإرهاب النازي .. بتهمة الخيانة العظمى ..
لم يقوم الشعب الألماني بتدمير أو حرق أو تخريب بناية المحكمة النازية وذلك بدوافع الانتقام .. بل قام بصيانتها واستعمالها لأغراض أخرى مع الاحتفاظ بالجوهر حيث الزَنازين وأقبية التعذيب وبئر الإعدامات .. وعدم المساس بها حتى هذا اليوم .. بغية الاستذكار والتذكير بجرائم النازية .. في عام 1964 بدأت جامعة درسدن العريقة باستخدام هذه البناية كمكاتب ومخابر ومدرجات للتدريس وبمثابة موقع أثري/سياحي ..
منذ مراهقتي وأنا ضد السجون السياسية .. منذ مراهقتي وأنا أحلم بإغلاقها من قبل الشعب الثائر .. لا بحرقها ولا بتفجيرها .. ثم تحويلها إلى ملتقيات ونوادي فكرية وعلمية وفنية .. لأنها يجب أن تبقى صرخة في وجه الجلّاد .. ولأنها من الرموز القذرة لمرحلة تاريخية طالما استمنى فيها المستبد/الطاغي علناً من قصوره القبيحة على صور فقراء الشعب ومثقفيه الأوفياء .. مطالباً الانفراد باللّذة السلطوية/ الجنسية منفرداً باستنزال أقصى العقوبات بمعارضيه من خصيتيه المريضتين بدون جِماع مع المحاكم الوهمية والقضاة الفاسدين ..
منذ البارحة وأنا والكثير من الناس في حيرة من أمرنا .. هل نضحك ونفرح لتفجير سجن تدمر سيء الصيت على أيادي الإرهاب السلفي .. أم نحزن .. أم نندب حظنا التعيس وعجزنا عن تحقيق النجاح الذي حققته ميليشيا الإرهاب ..
منذ البارحة وأنا أقول من نحن؟ كي نتكلم عن السجون السياسية في سوريا .. هل أمضينا فيها ليلةً واحدة؟ هل تم التحقيق معنا هناك وتعذيبنا فيها؟ .. هل توجب علينا الخدمة الإلزامية هناك؟ .. وقدمنا خلالها مساعداتنا لمعتقلي الرأي سراً؟ .. إذا كان الجواب بكلمة "نعم" .. حينها يحق لك أن تَدْلُو بِدَلْوِك في البِئْرِ ومنه .. وإذا كان الجواب بكلمة "كلّا" .. حينها ينبغي عليك الصمت .. كي تترك فرصة الكلام للذين عضّوا الجدران هناك من شدة الألم ..
الآن أستطيع تحديد موقفي: أنا فقط مع إغلاق السجون السياسية وتحويلها إلى مراقص وصالات موسيقا وعروض فنية .. لا للتدمير.
***** ***** ***** *****
"عَزْباءُ دهر ولا أرْمَلةُ شهر" ..
"أرْمَلُ القَشّ" أو "أَرْمَلةُ القَشّ" .. ويقال أحياناً "أرْمَلُ عشب" أو "أَرْمَلةُ عشب" .. أي "أرمل أو أرملة لوقت محدد" .. مصطلح لغوي ألماني يُطلق على الأشخاص الذين يعيشون في العادة في علاقة زوجية أو شرائكية .. وذلك عند اضطرارهم ليكونوا وحيدين إذا ما كان أحد الشريكين لوحده في رحلة عمل أو سياحة .. قد تستمر من يوم إلى عدة أيام أو شهور ..
قد يعني هذا الوصف بحسب فهمي للكلمة وإحساسي بها .. أن كل شريك/طرف هو قلب/بذرة/محتوى الطرف الثاني .. وعند الغياب المؤقت يصبح الأول كالقش الذي يتكون من السوق الجافة الباقية من محاصيل الحبوب .. بعد إزالة الحبوب والبذور منها .. حتى أنّ قصة نشوء هذا المصطلح باللغة الألمانية غير متفق عليها بشكل نهائي ..
بعضهم يقول: يعود المصطلح تاريخياً إلى "عروس القش" .. وهي الصبية التي تنتظر طفلاً ولم تتزوج بعد .. لذا يجب عليها كعقوبة أن تضع على رأسها في ليلة الزواح إكليلاً من قش .. وبعضهم يقول: نشأ المصطلح لوصف حالة الزوجات اللواتي ينتظرن أزواجهن الذين يسافرون في موسم الحصاد إلى القرى البعيدة لجني المحاصيل وكسب الرزق .. فقالوا: " أَرامِلُ القَشّ" ..
أما في الجزء الأول من مسرحية فاوست التراجيدية للكاتب المسرحي الألماني يوهان فولفجانج فون جوته .. حيث تشكو مارتي زوجها .. ربي سامح زوجي حبيبي .. لم يعاملني جيداً .. إنه يسافر في أنحاء العالم .. ويتركني أمكث وحيدة على القَشّ .. فمن الواضخ أنّ القَشّ هنا يعني "سرير الزوجية" ..
بحثتُ في اللغة العربية عمّا يقابلها من معنى فلم أجد! هل يعرف أحدكم ماذا يقابلها بالعربي؟ في القاموس العربي/العربي أجدُ ما لايشبه الحالة التي أريد: رَجُلٌ من قَشّ: أي يتعلّق بأيّ شيء مهما كان تافهًا لإنقاذ موقفه ..
هل "أرْمَلُ القَشّ" .. هو من نقول عنه: "أعْزَبُ دهر ولا أرْمَلُ شهر" .. لا أظن .. وإذا كان هذا صحيحاً .. فلماذا لا ينطبق هذا المثل على المرأة؟ .. لماذا لا نقول: "عَزْباءُ دهر ولا أرْمَلة شهر" ..
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -22-
-
جميلة هي أمي
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -21-
-
موعد مع السيد الرئيس
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -20-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -19-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -18-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -17-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -16-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -15-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -13-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -12-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -11-
-
حكاية أبو العُلى -3-
-
حكاية أبو العُلى -2-
-
حكاية أبو العُلى -1-
-
كومبارس في مقهى ألماني
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -10-
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|