أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح15














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح15


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 00:14
المحور: الادب والفن
    


تجمع الصغار حول طابك الأكل وأمام وجبة ملكية مكن البيض والخبز والزبدة والشاي الحار , منظر يثير الدهشة في زمن أصبح الشحوب والتقشف ومظاهر الجوع هو عنوان أوقات أهل القرية ,أكلت الضيفة قليلا من الخبز والشاي وفضلت أن تترك الباقي للصغار بعد أن شاهدت حرص مضيفتها على أن تمنح الصغار حصتها المفترضة من الفطور مكتفية بالخبز والشاي, أكملت الأكل سريعا وحملت الكيس الذي يبدو ثقيلا نوعما على قدرتها على الحمل وتركت ما تحمله كمقابل سلعي بعد أن أبت العجوز أن تستلمه فأقسمت الأولى أنها لن تأخذ شيء وأنه للأطفال فأنهم بأحوج ما يكون.
كانت قد أفردت من قبل رغيفين من الخبار وشيئا من البيض ووضعت إبريق الشاس في الطبك ومع طاسة كبيرة من الماء وحملتهم وذهبت صوب الرجل راكب الحمار فقد يكون أضناه الجوع ولم يعد قادرا على التحمل وهو مريض لوحدة ,من بعيد شاهدت الحمار أكثر نشاطا وهو يلعب بذيله بقوة يحركه يمينا وشمالا وقد عرف أن السيدة القادمة هي من تأت له بالطعام , تبشرت خيرا من أن يكون صاحبة أيضا تمتع بذات القدر من الشفاء وهذا أيضا فأل خير لها وعلى القرية التي تحاول أن تنهض من الموت .
كل هذه المشاغل قد أنستها هم غياب كامل بعد أن أطمأنت أن سلمان كان محقا بتصوره أن ولدها حي وزوجته وولده فلا هو مع المرضى ولا مع الأموات ,سيكون في مكان ما قد يشتغل أو يبحث عن عمل أو قد ذهب لزيارة بعض أصدقائه مما كان يحضر معه أحينا هنا للصيد أو لأخذ الملح ,شكرا لك يا رب أن وحدك من تعرف وتنظر أين هو فقط أخبره أن صغاره في حاجة له منهم يشعرون بالخيبة والحزن لغيابهم .
دخلت باحة الدار الذي تضم الكوخ المهجور والذي وضعت فيه الرجل راكب الحمار وصاحت بصوت مرتف قلير لتثير أنتباه الرجل قد يكون غير متستر أو في وضع لا يمكن لسيدة غريبة أن تطلع عليه ,لم تسمع أي رد وكررت الصوت والسؤال أكثر من مرة ما من جواب يفيد ,أقتحمت الكوخ وهي تخاف أن يكون الرجل قد فارق الحياة دون أن يحضر عند وفاته من يتشهد له أو ينبهه لما هو متعارف من تلقين ,وجدت الرجل مسجى لا يستطيع حتى الكلام بل رفع يده سرعان ما سقطت من الوهن ,عرفت أن الرجل يحتضر ولا بد من وجود أخرين معها لذا قالت له لا تخاف فقط قاوم ستتعافى باذن الله انا واثقة تماما إن شاء الله ستتحسن صحتك فقط اهدأ وأترك الأمر لصاحب الأمر وخرجت تبحث عمن يقبل أن يساعدها .
تركض مثل مجنونة تبحث عن سلمان أو أخرين لم يكن أحد موجود في القرية إلا النساء وهي تعلم أيضا أن الزاير عليوي قد نزل للمدينة , حاولت أن تستنجد بأي شخص لكن الجميع كان خائفا من المجازفة إنها بصراحة اللعب الممنوع مع الموت ,لما دخل اليأس في عقلها من وجود من يساعدها عادت للكوخ تنظر حال الرجل عسى أن يكون شيئا قد تغير ..تقربت منه كثيرا ما زال النبض قويا وما زال النفس يصعد بقوة ,عليها أن تعيد طلاء جسد الرجل بالملح والطين مرة أخرى فهناك ما زال أمل كبير للتحسن .
عيون نساء القرية يلاحقن أم كامل وحركاتها بين دارها والكوخ المهجور وهذه الديناميكية التي تتمتع بها برغم سنها والتعب البادي على جسدها النخيل المتيبس في داخلهن شعور بالغبطة والحسد ونوع من الفضول وهن يترامقن النظرات بينهن عن هذا السر الذي يجعل منها متشبثة بالحياة ليس لها فقط بل حتى حمار الرجل نال نصيبا من أجتهادها وتعبها المتواصل. إن أمر في الكثير من علامات التعجب التي تصل أحيانا حد السخرية وأحيانا حد الدهشة .
حينما خرجت المرة الثانية من الكوخ المهجور بعد أن أنجزت فكرتها وأطعمت الرجل ما جاءت به أولا تذكرت أن موعد صلاة الظهر قد فاتها وعليها أن تذهب للنهر أولا لتزيل كل هذا العالق من علامات الموت والصبر من عليها ثم تعود للصغار,حتى الحمار أكل وشبع من يدها وعليها أن تنتهي من تجهيز ما تيسر من أكل لترتاح قليلا فقد أحست بشيء من النحول وشيء من الحرارة تدب في جسدها ,غطت طويلا بقدر ما تستطيع وهي بكامل ثيابها وعبائتها في ماء النهر الذي منحها قوة وبرد نشط كل المتراخي من أوصالها زادها بردا نسائم الهواء التي هبت لتنعش من روحها وهي في كل مرة تخاطب من سكن الماء لتعود أكثر قوة وأشد بأسا .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحتضان
- أفتراضات
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح12
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح13
- مناجاة حائرة
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح10
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح11
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح15