سليمان جبران
الحوار المتمدن-العدد: 4824 - 2015 / 6 / 1 - 20:14
المحور:
الادب والفن
العبد الفقير هو آخر من يمكن اتّهامه بالتعصّب للّغة العربيّة الفصيحة. بل إنّ بعض المتعصّبين الأغبياء عندنا يتّهمونني حتّى بالعمل على النيل من "صرحها الشامخ". لأنّهم أغبياء ومتعصّبون طبعا!
طوال حياتي كنت معلّما ، في مراحل التعليم كلّها، أحاول بجهود فرديّة مضنية، صون لغتنا، وتجنيبها العثرات أيضا. لكنّي لست بالمتعصّب الأعمى، ولا الجاهلي أيضا.
في الماضي البعيد كان يرتفع ضغطي حين أسمع أحدهم يرتكب "الموبقات" في كلمة مرتجلة حتّى. أمّا في هذه الأيّام فلم تعد تهزّني الأخطاء النحويّة. لا في الخطابات المرتجلة، ولا في صحف البلاش الأسبوعيّة، ولا في المواقع الإلكترونيّة حتّى. مع ذلك، لا بدّ لصحيفة تحترم نفسها وقارئها، أو موقع إلكتروني طبعا، من تجنّب الأخطاء الفاضحة، ما دامت مادّتها تطلع على قارئيها باللغة الفصيحة، فيقرؤها القريب والبعيد.
رجل واقعيّ أنا. لذا فإنّي لا أرى من واجب كلّ كاتب، أو مفكّر حتّى، إتقان قواعد العربيّة ودقائقها. لكنّي لا أرضى قراءة مقالة، باللغة الفصيحة، يرتكب كاتبها فيها الفواحش. لا بدّ في كلّ مؤسّسة تحترم نفسها وقرّاءها، من مراجع لغوي تعرض عليه المادّة، فيصوّب ما يجده فيها من خطأ أو زيغ. أو كما كتبنا قبل سنوات:
".. من هنا يجب، في "استطراد بديع" كما يقول الشدياق، أن يكون في كل مؤسّسة كبيرة أو صغيرة، وخاصّة في الصحف والإذاعات والتلفزيونات، "مستشار لغوي" يرجع إليه العاملون في المؤسّسة لمعرفة الصواب من الخطأ. وإذا تعذّر وجود "مستشار" فليكنْ في كل مؤسّسة، على الأقلّ، موظّف ذو ثقافة لغويّة، يعرف كيف يفتح القواميس وكتب اللغة، وكيف يفكّر تفكيراً منطقيّا، ليساعد زملاءه في القراءة الصحيحة"[على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة المعاصرة، حيفا 2009، ص. 102].
تسألون طبعا: ما الجديد ؟ ما الذي أثار فيك هذه الخواطر الآن بالذات ؟ أحزنني، وأغضبي أيضا، أن أقرأ أمس، 31- 5 – 15، في موقع القدس العربي بالذات:".. ولن نعط فرصة لمن يحاولون..". سألت بعض معارفي فأفادوني أنّ الموقع المذكور لا تنقصه الأموال، فلماذا إذن هذا الإهمال؟! هل يعرف السادة، كتّاب وصحافيّو العربيّة، أنّ الشعراء والكتّاب في اللغات الأخرى، غالبا ما يعرضون مؤلّفاتهم قبل نشرها على خبير لغوي، فيقوم هذا بإجراء التصحيحات اللغويّة والأسلوبيّة في المخطوط قبل طبعه ؟ هكذا يفعلون هناك، في اللغات الأخرى. أمّا عندنا نحن فلا حاجة إلى مساعدة أحد: اللغة العربيّة وقواعدها سهلة سائغة، وأصحابها خير أمّة أخرجت للناس !
#سليمان_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟