|
فسوة صولاغ !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1337 - 2005 / 10 / 4 - 11:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيرا ، وبعد الفشل المريع الذي اصاب وزارة داخلية الحكومة الأمريكية في العراق في عدم قدرتها على توفير الأمن للمواطن العراقي ، وبعد التحذيرات الشديدة التي انطلقت من أفواه العراقيين قبل العرب عن التدخل الإيراني الفاضح في شؤون العراق ، فسى صولاغ فسوته المنتنة في عمان من الأردن ، فأزكم الإنوف ، وأظهر أن من يحكم العراق الآن في ظل الحراب الأمريكية ما هم إلا عملاء يتحدثون بلسان فارسي خالص ، فالعبارة التي استخدمها صولاغ في فسوته تلك ، والقائلة أنه لا يريد نصحا من بدوي يركب جملا ، هي ذات العبارة التي يرددها العنصريون من الايرانيين ، ليس على السعوديين وحسب ، وإنما على العرب أجمعين ، فالمتعصبون هؤلاء ينظرون لأي عربي على أنه بدوي لا يحسن عملا إلا ركوب الجمال في صحراء العرب ، وهم في هذا يلتقون مع الأوساط الصهيونية ، وبعض الاوساط الغربية التي يدفعها حقد أعمى بسبب من الثروة النفطية التي عليها عرب الخليج ، وبسسب من تصرف بعض حكامها وبذخهم المشين ، لكن فات صولاغا أن هذا البدوي الذي يركب جملا ، هو من ذات طينة الأغلبية من أهل العراق ، هؤلاء البدو الذين نزحوا من الجزيرة العربية واليمن ، يتقدمهم الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ليشيد للعرب البدو أول عاصمة للعرب قاطبة في الكوفة من العراق، الإمام علي هذا الذي يتباكى الايرانيون على ذريته ليس لأنهم أبناؤه ، وأحفاد الرسول ، وإنما لأن أمهم شاه زنان بنت كسرى ، السبية التي زوجها عمر بن الخطاب من الحسين بن علي بعد إنكسار الفرس في معركة القادسية أمام المسلمين العرب المتجهين في فتوحاتهم شرقا . وعلى هذا فإن صولاغ الإيراني يسب في فسوته تلك مئات القبائل العربية البدوية من الشيعة والسنة التي استوطنت العراق بعد الفتح الإسلامي له ، والتي لا زال قسم من تلك القبائل العراقية البدوية في مدن مثل : الناصرية ، والبصرة ، والسماوة يعتمد على الجمل كمهنة رعي ظهرت قبل مهنة الزراعة الأكثر تقدما منها ، تلك الزراعة التي عرفها العرب في حواضرهم المستقرة خاصة في اليمن من جنوب جزيرة العرب ، حتى أنهم تفوقوا في صناعة أدواتها على جيرانهم القدامى ، والقاطنين جنوب العراق ، ففي الوقت الذي كان فيه عرب اليمن يستخدمون المحاريث الزراعية الحديدية ، كان الفلاحون في جنوب العراق القديم يستخدمون فكوك الحيوانات كمحاريث يحرثون فيها الأرض في السهل الرسوبي في جنوب العراق ذاك ، يضاف الى ذلك أن هذا العربي البدوي ، سواء أكان وثنيا أم يهوديا أم مسيحيا أم مسلما فأنه قد ساهم ، رغم فسوة صولاغ تلك ، في بناء الحضارة الإنسانية على امتداد عصورها ، والشواهد على ذلك كثيرة ، ولا حاجة بي الى إيرادها هنا . لقد فسى صولاغ فسوته تلك ليس دفاعا عن العراقيين أبدا ، وإنما كانت دفاعا عن أهله وأسياده في إيران ، وهو في ذكره لحمورابي ، وذكر تعليم العراقيين القراءة والكتابة للعالم ، إنما أراد بذلك الضحك على السذج من العراقيين ، بينما كان هدفه هو الحط من العرب ككل ، وليس الحط من البدوي الذي يركب جملا ، هذا رغم علم صولاغ أن البدوي ذاك كان من الذكاء أن جعل الملايين من البشر ، ومنهم صولاغ نفسه ، وعلى امتداد عصور كثيرة ، تنادى بصوت عال ( أن محمدا رسول الله ) خمس مرات في اليوم على حد تعبير معاوية بن سفيان حين كان يرد على المؤذن في جامع دمشق كلما ارتفع صوته بالآذان بقوله : ( لله درك يا ابن عبد الله ما رضيت إلا أن يذكر اسمك خمس مرات في اليوم . ) في فسوة تلك تحدث صولاغ عن اضطهاد الشيعة في المملكة العربية السعودية ، ولكنه لم يتحدث عن اضطهاد الشيعة العرب في الاهواز من جنوب ايران التي تسعى الحكومة الايرانية التي يتحدث صولاغ بلسانها على تغير الطبيعة السكانية للناس فيها ، وذلك بالاستيلاء على أراضي العرب الشيعة ، واحلال الفرس الايرانيين فيها بدلا عنهم ، وفي حملات تفريس واضحة الأهداف والمرامي . كما أن صولاغ قد عاب على المملكة العربية السعودية دكتاتورية الملك السعودي ، لكنه سكت عن دكتاتورية الولي الفقيه الذي تقبل يده مئات الشفاه من الايرانيين ، وذلك حين يتشرفون بزيارته ! وبما فيهم رئيس الجمهور الإيرانية ، محمود احمدي نجاد ، وعلى التقليد الكسروي المعروف في بلاطات ملوك فارس ، المصحوب بطأطأة الرؤوس دائما . وعلى هذا يكون النظامان في ايران أو في السعودية ما هما إلأ نظامان ثيوقراطيان ، يقومان على أساس من حكم الدين والشريعة ، فإذا كان النظام السعودي نظاما وهابيا سنيا ، فإن النظام الإيراني نظاما إماميا شيعيا ، أما حديث الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، فهذا حديث يجب أن يسأل السائل عنه مجلس صيانة الدستور ، والولي الفقيه الذي يجمع بيديه كل خيوط الحكم في تلك الجمهورية ، تماما مثلما يجمع الملك تلك الخيوط في تلك المملكة . لو لم يكن صولاغ على علم وقبول بالتدخل الإيراني في شؤون العراق ، والذي وصل فيه الحد الى تعين صولاغ نفسه في منصب وزير الداخلية من أجل القيام بحملة تُبعد كل العناصر العربية من أهل السنة من مناصبهم فيها ، ليحل محلهم عناصر محسوبة على ايران محتدا وولاء ، لما فقد صوابه الى هذه الدرجة من الهذيان في تصريحاته التي يرد به على تصريحات وزير الخارجية السعودي ، سعود الفيصل . لقد جعل صولاغ من وزارة الداخلية جبهة شيعية تشن الهجمات جنبا الى جنب مع القوات الأمريكية على المدن والحواضر السنية العراقية ، فهل سأل صولاغ نفسه لماذا يُسخر الشيعة في العراق بهذه الطريقة المشينة ؟ هل سأل نفسه لماذا يرفض الاخوة الكورد أن يُسخر جيشهم اللجب ، والذي يتجاوز عدده قوات وزارة داخلية صولاغ مجتمعة ، بمهمة قذرة مثل هذه المهمة ؟ وإذا قال صولاغ إن قوات وزارة الداخلية هي قوات عراقية ، فهو والحالة هذه يكذب ، مثلما عودنا على كذبه هذا دائما . كان المفروض بصولاغ أن يزج في صفوف قوات وزارة داخليته كل ألوان الطيف العراقي من شيعة وسنة وأكراد ومسيحيين وغيرهم ، كان عليه أن يبعد تسميات ألوية قوات وزارة الداخلية عن اسماء ذات صبغة طائفية ، مثلما عليها حال اسماء هذه الألوية الآن ، عند هذا وغيره كان يمكن أن تسمى تلك القوات بالقوات العراقية . وليعلم صولاغ ، بعد كل هذا ، أن التدخل الايراني حقيقة قائمة في شؤون العراق ، وهذه الحقيقة هي التي حركت العرب الساعة ، لتدارس الوضع المتدهور في العراق ، وهي التي حملت الرئيس المصري ، وهو رئيس أكبر دولة عربية ، الى الرياض من أجل التباحث في التدخل الإيراني الخطر في الشأن العراقي ، والذي قد يقود الى حرب بين العرب وإيران ، ساحتها العراق ، ولهوتها شيعته الذين تريد إيران منهم أن يحاربوا نيابة عنها .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الجمهورية الخضراء الكشميري يطارد الحلفي !
-
ما وراء الدستور !
-
انتظروا نكبة البرامكة الجدد !
-
دواقنة هذا الزمان !
-
الجريمة والقرن الأفريقي !
-
خطى في الجحيم !
-
الحكمة من تشكيل الائتلاف العراقي الموحد -
-
دستور مشلول لا ولن ينقذ بوش من الورطة !
-
الصرخي علامة من علامات تخلف العراق في العهد الأمريكي !
-
السستاني يصفع الجميع !
-
إمارة الحكيم الإيرانية !
-
بعد تعاظم الورطة السستاني يمزق صمته !
-
الجوع سيوحد العراقيين !
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 3
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2
-
العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية-1
-
علاوي وأحلام العصافير !
-
حكومات تحت ظلال سيوف الديمقراطية الأمريكية !
-
بوش الدجال بين طالبان سنة العربان وطالبان سنة إيران !
-
أوربا نحو القبول بالحصة من الغنيمة العراقية !
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|