|
بين تعرّي جينيفر لوبيز...، وعُري سياسة حكومة عبد الإله بنكيران
إدريس الواغيش
الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 17:31
المحور:
الادب والفن
لست من المُنبهرين بالجسد، على شاكلة ما رأته عيْنيّ من لقطات عارية لجسد جينيفر لوبيز في القناة الثانية أو على صفحات الفايسبوك والانترنيت، لكوني أقرب إلى الإنسان المحافظ أولا، رغم ما أدَّعيه أحيانا من إفراط في الحداثة، وثانيا لأنني كنت أتتبع أطوار مهرجان فاس للموسيقى الرّوحية الذي غطّى عليه عُري وإيحاءات"موازين" الرباط . لكن دَعْنا نرى الحَدَث من زاوية أخرى، ونتساءل ببراءة بعيدا عن سوداويّة السياسيّين ونواياهم السّيئة: هل تكون حكومة بنكيران قد حسبتها جيدا في غفلة من الجميع، ونحن على بُعد أمتار قليلة فقط من حمّى الانتخابات بجميع أشكالها: اللجن الثنائية والانتخابات الجماعية الترابية والجهوية في المغرب، وغطّت على عُري سياسة حكومة أفقرت المواطن المغربي البسيط أكثر من أي حكومة سابقة، بتعرّي جينيفر في"موازين" الرباط ؟. هل تكون حكومة عبد الإله بنكيران "الإسلامية" الفقيرة إلى الله سياسيّا، قد ربحت وهي في أرذل عمرها السياسي شيئا من الرِّهان الصّعب من خلال مهرجان "موازين"، حتى وإن لم تربحه بشكل كامل مادُمنا في بداية المشوار، فإنها حتما ستربح الكثير منه، خصوصا وهي تظهر للعالم أجمع قبل المواطن المغربي المنشغل بجيبه الفارغ أكثر، أنها وبالرغم من كونها حكومة إسلامية ذات مرجعية دينية بالأساس، فإنها مع ذلك حكومة منفتحة أكثر وتقبل بثقافة الآخر مهما اشتدت حدّة اختلافها، عكس ما يتصوره الغرب المسيحي الحذر من الحركات الإسلامويّة وموجة الإسلاموفوبيا الجديدة التي ارتفعت حرارتها بشكل مخيف في العالم المسيحي على الخصوص، من أستراليا والصين واليابان شرقا إلى أوروبا وأمريكا وكندا شرقا، عكس كل الجبهات السياسة الأخرى التي تدعي الحداثة والانفتاح، بما فيها الأحزاب التقدمية واليسارية والمنفتحة وحتى الأكثر ليبرالية. استضافة جينيفر لوبيز، أو(جي. لو) كما يحلو للصحافيين والمعجبين بها أن يلقبونها، هو مكسب سياسي لحكومة بنكيران بالدرجة الأولى، ليس لأنهم قبلوا بمرارة استضافة المغنية الأكثر شهرة في أمريكا والعالم وأيضا ممثلة(30 فيلما) ومنتجة تلفزيونية وتسجيلية وراقصة وأيضا مصممة أزياء، لكنه حدث وإن كان" أشد مَضاضَة " سيمكنها من كسب ثقة "ماما أمريكا" سيدة العالم (شئنا أم أبينا)، وأيضا (ربما) ربح المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة، إذ أن الجمهور الغفير الذي حضر إلى حفلتها الاستعراضية (أكثر من 160 ألف متفرج حسب المتتبعين) لم يأت من المريخ بل منَّا ويسكن بيننا وفينَا، ونحن إذ نلوم حكومة بنكيران على حضور جينيفر لوبيز بلباسها الذي رأيناه واستعراضها الإيحائي المثير في مهرجان "موازين"، فإننا لا نلوم في الحقيقة سوى أنفسنا، من خلال حضور آلاف من الأفراد والعائلات المغربية، فيها أصحابنا وإخواننا وأخواتنا وجيراننا ومعارفنا، ومواطنون نتقاسم معهم حبّ وهويّة هذا البلد. نحن تعوّدنا كمغاربة أن نحضر أو نتفرج على حفلات العُري، وأحيانا نستمتع ونتلذّذ في صمت، ثم بعد ذلك وقد استرحنا من تعب الضّجيج، نتفرَّغ للشَّجب والإنكار والرّفض والاستنكار. جينيفر لوبيز جاءت أكيد من الولايات المتحدة بثقافة مختلفة تماماً عن ثقافتنا، ثقافة تعوّدنا عليها في أشرطتها وحفلاتها وكليبّاتها الإباحيّة، ثقافة تؤمن ب "العُري" و"الإباحية" وهي ليست بجديدة في عالمها ، ثقافة تعطي الأولوية للإثارة بكل أشكالها، وهي إذْ تستعرض فتنة جسدها البضّ لم تكن تقصد ذلك طبعا (مهما اختلفنا)، لأن عرض الرباط لم يختلف كثيرا عن العروض التي تقدمها في حفلاتها عبر العالم، وبالتالي فهي لم تفاجئ أحدا ممن حضر لحفلتها أو شاهده في التلفاز إلا الغافلين في نوم العسل، لأن الإنسان الأمريكي خصوصًا والغربي عمومًا لا يعير اهتماما للجسد كما نحن، بقدر اهتمامه بما يقدّمه من عروض فنية، هي التي نعتبرها نحن شذوذًا وفتنةً وغوايةً ومنكرًا. الغرب أنهكه الجسد ولم يعد يُغريه بما فيه الكفاية، ولشدة ما ملّ من العُرْي، أصبح ميّالا إلى الحِشْمَة ، وإن أظهر عكس ذلك، خلافا لما قد نعتقد نحن. لكن من تتبع جينيفر على المرئي المباشر في "موازين" الرباط أو المنقول عبر التلفاز، لم يلتفتوا إلى شيء اسمه فن الرقص، بقدر ما انتبهوا بحواسهم وكاميراتهم وأعينهم إلى الجسد بكل عوراته، بعيدا عن التواءاته ومهاراته الفنية. والأكيد أن المواطن المغربي تتبّع أخبار"جي.لو" التي أشعلت "العافية" في منصة السويسي بالرباط، وأشعلت "عافية" أخرى في شبكة التواصل الاجتماعي من خلال آراء مختلفة إلى حدّ التطاحن أحيانا، وأغضبت (بعض) رواد الانترنيت بشكل عام حتى لا نعمّم، لأن الآلاف الذين حضروا وآلاف أخر ممن لم تستطع الحضور لسبب أو لآخر، لن يغضبهم ما رأوا بالمباشر أو الغير المباشر، وهم على كل حال أقلية صاخبة و قد تكون أغلبية لكنها صامتة. لكن الأكيد المؤكد الأكيد هو أن الأسابيع المتبقية من شهر شعبان في انتظار شهر رمضان المبارك ستشعل"عافية" من نوع آخر في جيوب المغاربة وتفكيرهم، وستنسيهم صخب منصة السويسي وما رأوه من صور خليعة أو(غير ذلك) لجينيفر، وسيصبح لوم حكومة عبد الإله بنكيران على مسائل مختلفة وأشدُّ ألمًا وضراوة بالمواطن المغربي وجيوبه المثقلة بأشياء أخرى، أكثر جرحًا وإيلامًا من صور جسد جينيفر لوبيز العاري أو عُريها و تعرّيها لا فرق. كتب: إدريس الواغيش
#إدريس_الواغيش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان فاس الجامعي للإبداع الطلابي يطفئ شمعته الأولى
-
وَجَعُ الإبداع في- ذكريات من منفى سحيق- للقاص صخر المَهيف
-
برنامج مهرجان بلقصيري للقصة القصيرة - دورة إدريس الصغير- في
...
-
حقيقة المؤلف في- وداعا شوبنهور- للقاص عبد السلام الجباري
-
ندوة بفاس حول موضوع: - دور الصحافة الجهوية في النهوض بحقوق ا
...
-
الكاتب والباحث جمال بوطيب عريس الملتقى الوطني (13) للقصة الق
...
-
الملتقى الوطني (13) للقصة القصيرة بفاس يكرّم الأديب والأكادي
...
-
طاحت الصومعة علقوا الشاعر:
-
قصة قصيرة جدا: عبارات وداع قديم
-
أمسية ثقافية بخنيفرة احتفاء بتجربة القاص صخر المهيف
-
جائزة أحمد بوزفور للقصة القصيرة في دورتها الثانية عشرة
-
كاري حنكو....
-
قصة : التبع
-
قصة قصيرة : التشظي
-
شعر : سفر في ليل إفريقي
-
النقابة الوطنية للتعليم (فدش) تعقد الملتقى الوطني السنوي لتق
...
-
شعر: هناك....
-
شعر : لم يعد للعصافير شدو... بعد رحيلك
-
الشاعر محمد بودويك... في حوار مع إدريس الواغيش (2/2)
-
(ألق المدافن) مجموعة قصصية لرشيد شباري تتألق في مدينة سيدي ق
...
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|