|
قصص سائقي الطاكسي بباريس ..
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 15:26
المحور:
مقابلات و حوارات
قصص سائقي الطاكسي بباريس .. غادرنا المطار عبر إحدى بواباته المفضية إلى أحد مواقف التاكسيات المنتظرة بوفرة .. نزل من إحدى السيارات الطاكسي الفارهة رجل أسيوي " فيتنامي " زاده العمر ألقا ، يدعونا بابتسامته العريضة للصعود ، على خلاف ما تعودناه من نظرائه سائقي التاكسيات ببلادنا ، الذين يقابلون الزبون بـ ـ"غوبشات " عريضة ، في جل الأحوال والأوقات وكل الظروف ، وجوه مكفهرة والكثير من التذمر ، لسبب لا يعرفه إلا الله . نعود إلى سائقنا الأسيوي ذي الوجه الصبوح ألقا ، والذي سبقنا إلى حمل الحقائب ووضعها في صندوق السيارة ، بعد أن فتح لنا الباب الخلفي لكون الجلوس إلى جانب السائق شبه ممنوع في فرنسا .. لم أصدق أذني حين سمعته ، يسأل عن وجهتنا ، بلغة فرنسية موليرية ، ما شجعني على أن أفتح معه حديثا وديا ، اعتبرته ضروريا خلال الرحلات الطويلة ، وحاجة متبادلة بين الزبون والسائق ، ولا مناص منه لتمضية الوقت الطويل والضروري لقطع المسافة الفاصلة بين مطار "شارل دجول" وباريس ، وحتى لا أقع في ورطة أحاديث سائقي الطاكسي الاعتيادية المملة التي.....الموزعة ما بين الشكوى من أزمات المرور والطقس والأسعار ، وما بين القصص البالغة الطرافة والغرابة والدهشة في الكثير من الأحيان .. سألت السائق عن أصله وفصله ومند متى وهو يقوم بهذه المهنة في فرنسا ؟ نظرت إلى عينيه السائق الضيقتين عبر المرآة الأمامية ، فلم أر في شكل وجهه وابتسامة ثغره ، إلا ما يوحي بأنه متفاعل مع أسئلتي ، التي زادته فرحا وإقبالا على سرد قصته التي يعتز بها ، والتي بدأ روايتها بتاريخ هجرته قبل 25 سنة ، بحثا عن الشغل في البلد المضياف –حسب قوله- لوفرته بها وقلته في بلاده ، حيث أشتغل كتقني في معمل لصناعة الآلات الإلكترونية الخاصة بالسيارات ، والتي لم تعد تفي أجرتها بمتطلبات أسرته وتحقيق تطلعاتها ، خاصة بعد مولد أطفاله الثلاثة ، الذين ضخموا تكاليف الأسرة ، ودفع به الشعور بالملل والضجر من مهنة التقني الروتينية إلى التفكير في غيرها ، لتحسين بأوضاع أسرته الاقتصادية والنهوض بأحوالها الاجتماعية. ومما زاد الفكرة تأجيجا ، تأثره بأمثالهم الشعبية ومقولات الحكماء والتي سرد بعضها لغته تم تدارك و ترجم لنا بعضها : " ان الله يهب كل طائر رزقه ، ولكنه لا يلقيه له في عشه" والحكمة التي قال أنه يؤمن بها إيمانا قاطعا والقائلة: " إذا كان لديك فرصة كي تغامر وتنفذ فكرة ما ، فافعل ولا تتردد ، لكن التزم بها وابق مركزا عليها ، ثق في نفسك وكن مؤمنا بقدراتك وبحدسك" ، وأردف منتشيا بنجاح فكرته، وأردف قائلا : "وبما أني أملك عقلا تجاريا متفتحا ، وأني مقتنع بوجاهة أفكاري ومشاريعي ، وبما أنه اجتمع لي بعض المال الإضافي من ، من كدي واجتهادي الذي كان يصل أحيانا إلى 21 ساعة في اليوم ، قررت شراء سيارة أجرة ، وتعلم قيادة سيارة الأجرة/تاكسي ، والعمل على الحصول على الرخصة الضرورية لذلك ، وهو ما تم لي بالفعل ، وسارت الأمور على ما يرام ، وها أنا ذا أطوف شوارع باريس ، مند سنوات ، تحسن خلالها دخلي ، وتغيرت أحوال أسرتي وأصبحت حياتها هانئة وتتوفر كل ما تتمنى ، منزل جميل في إحدى أجمل ضواحي باريس ، وأبناء يكملون دراستهم في أرقى المعاهد . وختم قصته المشوقة بقوله : لقد منَّ الله علي وعائلتي بحياة هانئة وفرحة ربما تصل فيها السعادة حد التخمة ، ولذلك فإني أصلي لله ولهذا البلد ، قبل الخروج للعمل وبعده ، شكرا لهما وامتنانا على فضلهما وكرمهما .. ومند ذلك الحين وأنا زبون وفي لهذا السائق في كل تنقلاتي كلما زرت باريس ، لأن استطاع إشعاري بالراحة بطريقة سياقته الرزينة الهادئة ، وكسب ثقتنا بلباقة حديثه اللطيف والجدي.. بخلاف سائق آخر من المغرب والذي أخدنا مرة من نفس المطار إلى باريس ، والتي سأسردها في الجزء الثاني ، وذلك للمقارنة بين عقلتين مختلفتين رغم توحد المهن والظروف . فإلى الحلقة الثانية من "قصص سائقي طاكسي " حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلغاء منصب الوزير من الحكومات .
-
صبيحة يوم جميل في إحدى ضواحي باريس .
-
الاسقالة (2)
-
الاسقالة (1)
-
ما أبشع طعم الديمقراطية في البلاد العربية ، 4
-
فاتح ماي وذكرى مقتل إبراهيم بوعرام !!
-
خطاب سياسي لا يحمل برنامجا ثوريا للتغيير !!
-
وزراء لا عهد لهم بالمناصب، فكيف يسيرون ؟
-
ما أبشع طعم الديمقراطية 2
-
فاتح ماي مكسب عمالي لا تحق المتاجرة به !!
-
ما أبشع طعم الديمقراطية في بلادنا المغرب !! ما يقع تحت قبة ا
...
-
شعوب أصبحت لا تقرأ مثلنا !!
-
المكتبات المدرسة
-
تنقية الدين
-
دنيا الاحفاد ..
-
وداعا -إزم-
-
التحدي المصري الجديد !!
-
من ذكريات الطفولة
-
الرجل المناسب في المكان المناسب
-
عيد المرأة بنكهة جديدة
المزيد.....
-
مدفيديف: مارك روته -أطلسي الهوى ومعروف بمعاداته لروسيا- وهذا
...
-
بعد محاولة الاغتيال.. الشرطة تقتل شخصا قرب مبنى انعقاد مؤتمر
...
-
لافروف يحذر.. واشنطن تدفع بأوروبا للهلاك
-
لافروف: واشنطن تدفع بأوروبا نحو الهلاك
-
لافروف يجري محادثات مع نظيره البحريني
-
مصادر في الجيش الإسرائيلي: -حماس- في وضع يزداد صعوبة والعملي
...
-
تسريب مكالمة ترامب مع المرشح المستقل كينيدي جونيور عقب محاول
...
-
ليبيا.. مصرع سيدة وإنقاذ عائلات عالقة في تاجوراء وسط تصاعد ا
...
-
الولايات المتحدة: هيئة محلفين تدين السناتور روبرت مينينديز ب
...
-
تقارير تتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران ترد
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|