|
أمم بلا ذمم (2)
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4822 - 2015 / 5 / 30 - 12:38
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
في وقت رفضت فيه دول الغرب ولعشرات السنين اطلاق اسم دولة على فلسطين ولو بالأعلام فقط ، فأنها اليوم تطلق اسم الدولة ،وبسهولة فائقة ،على عصابات داعش التي هي مرتزقة لاتجمعها قومية ولالغة ولا دين ،وهذا يسلط الأضواء على التعهد والرعاية الغربية لهذا التنظيم ،والأهداف المتوخاة من ولادته . في الوقت الذي ترفع فيه هذه الجماعات المتطرفة شعارات الأسلام والجهاد نجد ان فتكهم وتخريبهم يقتصر على الدول الأسلامية والمسلمون بالدرجة الأولى ثم بعض الأقليات التي عاشت في كنف الأسلام وبين المسلمين منذ مئات السنين ، كما انهم لايستهدفون سوى الدول و الجماعات التي ثبت مناوئتها لطغيان الصهاينة والأمريكان وحلفائهما ،ولم نشاهد واقعة لأشتباك مع الصهاينة وحلفائهم هذا اذا استثنينا بعض الحوادث العرضية التي وظفت توظيف اعلامي يخرجهم كأبطال ضد الغرب وحلفاءه . ويرجح وجود الانسجام التام بين داعش والصهاينة كون داعش تقف أحيانا في الجولان وعلى مواقع قريبة من المواقع الإسرائيلية، ومع ذلك فهي تطلق النار على السوريين، وليس على الإسرائيليين المتواجدين أحيانا على بعد مرمى حجر منها. كما أن بعض الجرحى من داعش، غالبا ما ينقلون إلى داخل إسرائيل، وليس لتركيا ، لتلقي العلاج . اذن داعش هي بداية الملاحم الكبرى التي سيقوم الصهاينة وحلفائهم بإشعالها في منطقة الشرق الأوسط والتي لن يسلم منها حتى ممولوها الخليجيون ،وما هدم الأضرحة المقدسة الذي يقوم به عناصرها في سوريا والعراق سوى تمهيد لهدم الكعبة المشرفة ،اذ ستكون الصهيونية بعيدة عن الموضوع ،حيث سيبدو وكأنّ المسلمين هم الذين يقومون بذلك . الشيخ اسامة بن لادن والخليفة ابو بكر البغدادي : بدى واضحا ً تسهيل الأجهزة الغربية لعمل هذه الجماعات والقيام بتمويلها ودعمها سراً لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها لتشويه صورة الإسلام في العالم ووصمه بالإرهاب ،لأيقاف الأنتشار الواسع للدين الأسلامي في الغرب ولأيجاد مبرر لغزو دوله والسيطرة عليها ،وخاصة تلك التي تمتلك موارد مهمة كما في العراق والسعودية ودول الخليج التي تمتلك البترول الحالي وأحتياطي المستقبل . الدور الخليجي بين الأمس واليوم : كما كان دور الدول الوهابية في الخليج بارزا ً ومميز عالميا ً بولادة ودعم وتمويل طلائع تنظيم القاعدة إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان ،والذي باركته وايدته امريكا في حينه دعما ًلرغبتها في هزيمة ندها الأتحاد السوفيتي آنذاك ،فاليوم يتكرر ذات الموقف في ولادة داعش ودعمها وتمويلها ،وكأن تنظيم القاعدة يولد من جديد ،وكأن الشيخ اسامة بن لادن الذي انتهت ورقته قد استبدل بأبو بكر البغدادي ،وظهر لجميع العالم ان قادة الخليج يصرحون علنا ً برغبتهم في اسقاط الحكومتين السورية والعراقية رغم انهما حكومات شرعية ،فيما هم من جانب آخر يشنون حربا ً ضد شعب اليمن بحجة تثبيت الشرعية ،لتثبيت رئيس مستقيل لايريده شعبه ،مع ان الأمر يتوجب ان يترك لخيارات شعوب تلك الدول حيث انه شأن داخلي . تلاقح الأفكار المختلفة : - اختلاط وتناسق وتلاقح الأفكار الصهيونية والأمريكية والغربية والوهابية مع الرغبة والتطلع الذي تنشده الحركات المهمشة على الساحة العراقية مثل بقايا البعث وناعقي الفرقة المذهبية والطائفية والباحثين عن المكاسب الشخصية على انقاض العراق المشجعين للتقسيم والتقزم . ما تذكره المصادر الأمريكية : حسب ما تورده المصادر الأمريكية انه بعد قتل الزرقاوي من قبل الامريكان في 2006، بفترة قصيرة تم تصفية شبه كلية لدولة القاعدة في العراق و خاصةً عندما قررت القبائل السنية العراقية، التحالف مع الامريكان على محاربة الجهاديين في العراق. و لكن هزيمة القاعدة كانت وقتية لان دولة القاعدة في العراق اعادت تجديد نفسها داخل السجون التي كانت تديرها القوات الامريكية، عندما تم الاتصال و التنسيق بين الارهابيين و الجهاديين الاخرين داخل هذه السجون و شكلوا شبكات موحدة و كان ابو بكر البغدادي، الخليفة المدعي الحالي لداعش احد هؤلاء المسجونين . داعش الان تضم بين صفوفها العديد من قادة العشائر السنية العراقية، و ضباط علمانيون سابقون في الجيش العراقي الذين يحاولون استعادة السلطة التي كانوا يتمتعون بها ايام النظام البعثي البائد. الاحتلال الداعشي لمدن و اراضي عراقية شاسعة كانت بمثابة الصدمة للعراقيين و المراقبين ، عندما تمكنت داعش من احتلال الفلوجة و الرمادي في كانون الثاني 2014، توقع العديد من المحللين العسكريين ان القوات العراقية المدربة من قبل الامريكان سوف تتمكن من احتواء هذا التهديد. و لكن في تموز من نفس العام، و بعد تقهقر و انكسار شامل للجيش العراقي، تقدمت داعش بأتجاه بغداد بعد احكام قبضتها على الموصل و تكريت و القائم و العديد من المدن و القصبات العراقية الاخرى. و في نهاية هذا الشهر ايضاً، اعادت داعش تسمية نفسها بالدولة الاسلامية و اعلان دولة الخلافة على الاراضي التي سيطرت عليها في العراق و سوريا. و في ذات الوقت، و حسب احصائيات المخابرات الامريكية، فان 15000 مقاتل من حوالي 80 دولة حول العالم، انهمرت الى المنطقة للانضمام الى داعش و بنسبة حوالي 1000 مقاتل في الشهر الواحد، و على الرغم من أن الغالبية من هؤلاء المقاتلين جاوؤا من الدول الاسلامية، و لكن العديد منهم جاؤوا ايضاً من دول اخرى مثل استراليا، الصين و روسيا و اوروبا الغربية مثل فرنسا، بريطانيا، المانيا و كذلك امريكا من كلا الجنسين من الطبقات الوسطى من مدن دنفر، مينابوليس، و ضواحي شيكاغو. (يتبع )
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امم بلا ذمم (1)
-
المرأة العاملة وقسوة الحياة
-
تشخيص واقعنا والعلاج
-
المرأة العاملة والأسرة
-
عاملة بعمر المراهقة
-
تقسيم العراق حلم صهيو- أمريكي
-
صفات مخلوقات الفضاء (2)
-
صفات مخلوقات الفضاء من غيرنا ( 1)
-
حسم المعركة ضرورة وطنية كبرى
-
من هذه المرأة ؟
-
ما أروع عاصفتكم
-
جسر الحضارات فرحة ناقصة
-
عالم غاب ام مبادئ ومثل
-
تسعير الكهرباء أم احياء الصناعة
-
المنطق في الأعجاز القرأني ( 6)
-
هل ينفذ اوباما مالا يريده الصهاينة
-
لاغني العرب ولافقيرهم خلصان
-
العرب يقتلون أنفسهم
-
عاصفة الخرم ..بين الفاقة والثروة
-
أمة ضحكت من جهلها الأمم
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|