|
غزة في خطر
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 16:08
المحور:
القضية الفلسطينية
نحن الشعب الفلسطيني ليس لدينا فقط مشاكل داخلية ظهرت وتفاقمت بسبب الاحتلال، ومن ثم الاختلاف حول المشروع السياسي وطريقة الحل وتقرير المصير، التي برزت بشكل واضح بعد دخول منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات مع إسرائيل، مع بداية عقد التسعينيات القرن العشرين المنصرم. بل لنا قضية من اعقد القضايا التاريخية المعاصرة؛ لدينا شعب وارض بأكملها تعرضت للتطهير والتنظيف العرقي على يد ميليشيات وعصابات الصهيونية، منذ أكثر من سبعة وستين عاما، ولا زال مشروع التطهير والتهويد وسرقة ارض الفلسطينيين وقتلهم وحصارهم وتجويعهم مستمرة لم تتوقف، حتى في ظل زخم وهم السلام والمفاوضات مع إسرائيل خلال سنوات مضت وانقضت. المشروع الصهيوني ليس استيطانا أو احتلالا عاديا وحسب، بل هو أيضا مشروع ترانسفيري ترحيلي وإحلالي خطير، كان ولا يزال يعمل وبشتى الوسائل على تصفية وجود الفلسطينيين وحيواتهم المختلفة أينما وجدوا على ارض فلسطين بكافة مسمياتها المستحدثة، في جدل العلاقة غير الطبيعية بين الفلسطينيين والعرب من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى. قضية الفلسطينيين ومعاناتهم من جرائم إسرائيل المتنوعة والخطيرة جدا على الجنس الإنساني، هي اعقد وأصعب حتى من حالات الترانسفير الابادي النهائي الذي جرى في بلدان ومناطق عدة من عالمنا القديم أو الجديد، سواء في الاستراليتين أو في كندا أو أمريكا الشمالية أو بعض المناطق في أفريقيا وغيرها، حيث أن سكان تلك المناطق والبلدان تم الانتهاء منهم وصاروا تاريخيا أثرا بعد عين لأسباب مختلفة تتعلق بوحشية المستعمر أو المهاجر المفرطة بحسب الوثائق التاريخية الموثوق بها، ولأسباب ذاتية وموضوعية تتعلق بالمقدرة الكلية لمقاومة هؤلاء السكان الأصليين في سياق جامع من الظروف الحضارية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الإعدادية العسكرية على كل حال، وبالارتباط بحقيقة العمق والمجال الحيوي والاستراتيجي لتلك المجتمعات. الفلسطينيون لم تتم إبادتهم نهائيا ولم يتم القضاء عليهم حتى النهاية بالتهجير القسري والمجازر، بل إن الهوية الوطنية الفلسطينية استعادت جزءا مهما من عافيتها ضمن مشترك التراث والثقافة العربية والإسلامية، خصوصا بعد قيام الثورة الفلسطينية في الحالة المعاصرة، وفي المقدم منها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في أواسط ستينيات القرن الماضي. لكن الفلسطينيين رغم ذلك كله لم تنفك مشاريع تصفية قضيتهم الوطنية والإنسانية عبر أكثر من سبعة عقود سواء ذلك بجهود دولية أو إقليمية. وهم، على كل حال، معاناتهم مستمرة لم تتوقف للحظة منذ أن وضع المشروع الصهيوني أول قدم له على ارض فلسطين، وهي معاناة شملت وتشمل كافة قطاعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وفي مخيمات اللجوء، هي بذلك معاناة مركبة جدا؛ معاناة من تعرض للتطهير العرقي كما في الحالات التاريخية المعروفة، ومن كتبت له ظروفه التاريخية البقاء والاستمرار تحت وطأة الجحيم الإسرائيلي والإقليمي والدولي في آن معا، وعبر فترات زمنية زادت في حدودها عن المقدرة الإنسانية المتوقعة في الاستيعاب والاحتمال. تصرفت بعض النظم العربية، وفي المقدم منها النظام المصري الحالي، بطريقة سافرة جدا في العداء وفي تضليل شعوبها فيما يخص الفلسطينيين وقضيتهم، إلى درجة تخرج عن منطوق الفهم العقلي والمحاولة حتى في الاعتذارية والتبرير، لدرجة الحكم بالإعدام على فلسطينيين استشهدوا قبل ثورات الربيع العربي بسنوات أو تم أسرهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي عبر عقود طويلة. وأيا كانت التفسيرات في فهم مثل هذه المواقف والسلوكيات تحديدا الصادرة عن النظام المصري؛ بارتباطه عضويا أو وظيفيا مع الكيان الإسرائيلي، أو ضمن التفسير العام للحفاظ على بقاء تلك الأنظمة بعد مشروع الثورات المضادة، أو من باب المعاداة التاريخية لجماعة أو حزب أو ضمن دعوى مكافحة الإرهاب وغيرها، فان استهداف الفلسطينيين عمليا بالعدوان المحتمل على قطاع غزة، ضمن معطيات يلمسها المتابع في الحديث عن القوة العربية المشتركة والتحالفات هنا وهناك، والتصريحات المتكررة بتكرار المثال اليمني، إنما سيعجل في استعادة الوعي العربي والفلسطيني سريعا جدا في مواجهة تلك الأنظمة، وسيكون بمثابة التعجيل بالانتحار الذاتي، المختلف تاريخيا عن دورات الثورات والثورات المضادة، خصوصا أن في عموم الموضوع العربي الإسلامي هناك قضية شعب واقع تحت احتلال إحلالي عنصري، تتواضع أمامه تجربة التمييز العرقي والعنصري في عهد النظام البائد في جنوب أفريقيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي. أخيرا، على فصائل المقاومة الفلسطينية وقادتها السياسيين وعلى النخب الفلسطينية قادة ومؤسسات عموما، تفهم الدائرة الأوسع للتخلف والجهل والمرض والفقر والانحطاط الفكري والثقافي الذي تحياه المنطقة العربية الإسلامية، لسحب الذريعة والتبرير أمام أي تهور غير محسوب لاستهداف الفلسطينيين تحديدا في قطاع غزة من قبل نظام الحكم المصري الحالي.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إجرائية في ظلال أوسلو
-
الحلولية الجزئية
-
هل هي حتمية الصراعات الدموية في المجتمعات المتخلفة؟
-
المصالحة الفلسطينية المتعثرة
-
كلية الحق الفلسطيني
-
في العام ال67 للتطهير العرقي في فلسطين
-
الانتخابات والاحتلال
-
الإسلاميون والانتخابات
-
الاستهلاكية تحت الاحتلال ستؤدي إلى الانفجار
-
إلى متى معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات
-
فلسطين في زمن الانكفاء
-
لماذا الوحدة الوطنية الفلسطينية ؟
-
كامب ديفيد وأوسلو والحرب على الشعب الفلسطيني
-
حقيقة المواجهة مع المشروع الصهيوني
-
الافراط في التركيز على شكل القانون الدولي
-
العدل وحق تقرير المصير
-
عن السياسة والدين
-
أساس القدرة على التحرر و تقرير المصير
-
ماذا نريد من اسرائيل؟
-
منطق الإيمان مقابل ما يسمى بالحرب الدينية
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|