أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الهيموت عبدالسلام - حكاية صور مغربية...والوهابية















المزيد.....

حكاية صور مغربية...والوهابية


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 19:00
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هي صور وأخرى ظلت تؤثث معظم البيوت المغربية إلى حدود منتصف الثمانينات فما السر في اختفائها؟ ذلك ما سنوضحه لاحقا ،هي إذن صور تجسد الأنبياء والرسل ،النبي يوسف و زوليخة زوجة عزيز مصر ،آدام وحواء والأفعى والشجرة وغيرها
من القصص التي وردت بالقرآن وكذا بسفر التكوين ،صور تجسد الأنبياء وتوثق للحظات بدء الخليقة من منظور الدين الإسلامي طبعا بين حواء وآدم وكيف أنهما أكلا من الشجرة التي أمرهما الله ألا يأكلا منها ،ولأنهما بشر تنتابهم الشهوة وحب التطلع
والرغبة في المعرفة وكذلك الطمع في الخلود فقد أكلا من هذه الشجرة طبعا كما تروي القصة إذ وسوس لهما الشيطان الذي أقسم أن يغوي خليفة الله الأرض هذا المفسد في الأرض والمسفك للدماء .
إنها صور أغنت تمثلات ومخيلة الإنسان المغربي شأنها شأن الحكايات والأحاجي والألغاز الذهنية والمسلسلات الإذاعية كسيرة سيف بن دي يزن اليمني ،مما يبرز أنه كان للمغاربة إسلام مغربي منفتح متصالح مع الصورة ،والصورة ليست فقط تربط
الإنسان بالزمان والمكان وليست فقط أفقا للفكر بل الصورة سلطة السلط ألم تسقط الصورة رؤساء الدول وفجرت العديد من الفضائح ،الصورة أكثر تأثيرا في عصرنا الحالي من أي نمط تعبيري أخر إنه عصر الصورة بامتياز كما يقول "ريجيس دوبري"
مما يبرز كذلك أنه كان للمغاربة إسلام مغربي منفتح يقبل فيه أن يجسد أنبياءه ورسله عبر الصور ويكشف عن أطراف حساسة من أجسادهم ويقبل فيه المغاربة أن يزينوا بيوتهم بهذه الصور دون إحساس بالحرج والشعور بالذنب ،ودون أن تنهال عليك
تهم التحريم والترهيب التي أصبح يمارسها الوهابيون على المغاربة في عقر دارهم، ذلك هو الإسلام المغربي التي امتزجت فيه حضارات عديدة إذ يقول "عبدالله العروي" أنه ليس للمغرب حضارة بل هو ملتقى للحضارات ،فالتركيبة المغربية التي تفاعلت
مع هجرات الفينيققين والعرب وأخرى من جنوب صحراء إفريقيا وكذلك الرومان ثم الوندال وفرنسا وإسبانيا لاحقا أعطت طرازا خاصا في الغنى الحضاري والتعدد الإثني والتنوع الثقافي لمغرب وديع فسيفسائي ،هذا الامتداد والعمق والامتزاج والتعدد
ما جعل المغربي يصلي ويرقص ،يفرح ويحزن،يفصل في حياته اليومية بين ماهو دنيوي وما هو أخروي ،يتشبت بقيمه وعاداته وينفتح على القيم التي تراكمها البشرية تباعا دون مركب بالنقص إزاء الثقافات الأخرى ،إنه مغرب الجلباب والبلغة والحايك،
مغرب رقصات أحواش وأحيدوس والعلاوي والنهاري والركادة والعروبي والعيطة ،وكناوة والعديد من الرقصات الشعبية التي تجمع بين الإيحاءات الحربية والأفراح بموسم انتهاء الحصاد بأدوات بسيطة كالدف المزمار والطبل وفي رقصات يحاور
فيه الجسد العالم ،رقصات حافلة بالفرح والحزن والمصالحة والمعنى.
إنه مغرب الأطباق المغربية الكسكس البسطيلة المروزية الطنجية الزعلوك البيصارة والحرشة الملاوي البغرير والحريرة
إنه مغرب الأسقف الخشبية المنقوشة والجبس المغربي وفن النقش عليه،الأقواس والقبب والمنارات والمئدنات والمنمنمات والقصبات والطرز والوشم والزربية
إنه المغرب المتعدد الإثنيات والثقافات والحضارات وحتى التضاريس ،المغرب الذي حافظ على خصوصيته المنفتحة على قيم الكون ومعطياته الحضارية الإيجابية بل وعمل على أقلمة العديد من الحضارا ت ومزغ-من التمزيغ- الدين الإسلامي ذاته
وفقا للعادات والتقليد والأعراف المغربية
إنه مغرب محمد بن عبدالكريم الخطابي والمختار السوسي وعبدالله ابراهيم وعلال الفاسي والحنصالي ويوسف بن تاشفين والعروي والجابري والخطيبي وغيرهم

إن سر اختفاء هذه الصور من البيوت المغربية وأنماط كثيرة في الأفراح والحزن والتضامن الإنساني هو زحف الثقافة الوهابية البدوية الصحراوية ،الوهابية التي تعادي الفن والفكر والثقافة والإبداع ،الوهابية التي خربت المراقد والمزارات والمعالم
العمرانية وكل ما يوحي بالذاكرة البشرية ، إن الوهابية هي من أنتجت كل هذا البؤس الفكري وهذا الموسم الطويل من قطع الرؤوس وتحريم العلم والابتكاروالإبداع بل وتقديس الجهل رغم أن الوهابية تقتني المنتجات الغربية بما في ذلك سجادة الصلاة
،الخطر كل الخطر هو ذاك الذي تشكله الوهابية على البشرية، إنه أخطر بكثير من الإمبريالية العالمية فالأخيرة رغم نهبهما لثروات الشعوب واحتلال فلسطين ومصادرة حق هذه الشعوب في تقرير مصيرها فإنها تخترع وتبدع وتبني وتساهم في بناء
هدا الصرح الإنساني في حين أن الوها بية تنشر القتل وشراء الذمم والكراهية والتحريم والتخريب والتكفير بل وإشعال الحروب الطائفية والمذهبية في كل أرجاء العالم الوهابية السعودية حيث لا حزب و لا نقابة ولا انتخابات و لا مسرح ولا تشكيل
ولا سينما ولا موسيقى ، هي التي تنتج عشرات لألاف من الانتحاريين والتكفيريين والمتطرفين وأنتجت داعش وجبهة النصرة وبوكو حرام وغيرها من الحركات المتطرفة أبعد ما تكون عن قيم الحضارة الحديثة ، فليس صدفة أن الوهابية السعودية التي
أنتجت كل هذا الخراب وأشعلت كل هذه الحروب وساهمت وتساهم في طمس الماضي البشري المتمثل في ذاكرته لم تستطع أن تنتج لا مفكرا ولا رياضيا ولا مبدعا ولا فنانا ،ليس صدفة أن الثورة الوهابية تزامنت مع الثورة الفرنسية التي فتحت
للإنسانية أفقا أرحب على أنقاض مجتمع تحالفت عليه الكنيسة والإقطاع في حين أن الوهابية دمرت كل المنتجات البشرية لتنطلق من الصفر وليس صدفة أن الوهابية السعودية التي تدير أكبر المقدسات الإسلامية وتتصرف في أموال الحجاج المسلمين
هذه الأموال التي كان يمكن أن تحل معظم معضلات العرب والمسلمين تحولت إلى نقمة بشرية بهذه الأموال تغدي التطرف والحروب الطائفية ، هل صدفة أن الوهابية السعودية بثقلها الديني لم تتحول يوما إلى عاصمة للدول الإسلامية كما هو شأن دمشق
عاصمة للأمويين وبغداد عاصمة للعباسيين؟؟
لا يليق بمغرب الحضارات بعمقيه الثقافي والتاريخي والفني وبمكوناته الأمازيغية والعربية والإسلامية والأندلسية والإفريقية وبدياناته الإسلامية واليهودية وبتطلعاته النضالية في التحرر وبناء مجتمع الكرامة والحرية والمعرفة والعدالة
(لا يليق) بهذا المغرب الثري جدا أن يتماهى مع الوهابية التي لم تنتج غير الدمار والخراب ليس على العرب والمسلمين بل على البشرية جمعاء.



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش : عودة إلى التوحش
- تونس الثورة التي تولد كل يوم
- تقرير تركيبي لمجريات ندوة حول التقاعد
- أضواء على الوهابية
- علي أنوزلا الصحافة الإرهاب
- فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال
- حين ينتصر منطق حرب الكل ضد الكل
- الصحافة مهنة من لا مهنة له
- لشكر في -90 دقيقة للإقناع- ونهاية حزب عتيد
- حقيقة الصهيونية ومخاطر التطبيع
- رسالة مفتوحة من تازة إلى عبدالإله بن كيران حول أحداث تازة
- حتى لاننسى فنان الشعب المغربي أحمد السنوسي -باز-
- مهداة إلى حركة 20 فبراير
- لمحات حول الثقافة والمثقفين
- رد ومحاورة الصحافي عبد الكريم الأمراني
- ياسمينة بادو وزيرة الصحة في برنامج نقط على الحروف


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الهيموت عبدالسلام - حكاية صور مغربية...والوهابية