أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9

قبل أن ينام الجميع كانت أم كامل تتأمل الأضواء الخافتة التي تخرج من الصرائف والأكواخ وعودة الحياة هنا وأصوات الحيوانات والناس وهي واضعة رأسها بين ركبيتها تبكي خفية عن عيون الصغار سمعن صوت الزاير عليوي وسلمان ينادونها ففزعت من عودتهم في هذه الساعة , عليها أن تتهيأ للخبر القادم الذي قد يقضي عليها تماما ... هدأ الزاير من روعها وأخبرها أنه كلف سلمان أن يذهب فجرا للمدينة ليتحرى أمر ولدها وأخبره أن لا يعود قبا أن يأت به .... مسكته من يده وهي تجهش بالبكاء ولا تستطيع الكلام وتوجهت صوب سيد عبد الله ابو رواية ليقسم لها أن كامل لم يمت وأنه حي يرزق ...
الآن وقد أستقر بها الحال وذهب القلق عادت للسدانة اتلطينية لتخرج لها رغيف خبز فقد خر جسدها من التعب والجوع والقهر وهي لم تناول شيئا من الصباح ... قبل أن تأكل أول لقمة نذرت للسيد عبد الله خروف من أفضل خرفان القرية فقط لو سمعت صوته أو يكلمها وأمهلت السيد هذه الليلة والليلة القادمة ,(يا بعد روحي بحق أمك الزهراء ترد علي ولدي مصباح هاي الليلة والك مدد مصباح الليلة الجاية وبعدها اخذوا أمانتكم لم يعد بوسعي الصبر أكثر) ...دخل الإطمئنان قلبها وأكملت الرغيف اللين وشربت قليلا من الماء لتتمدد بأنتظار الوعد .
في المدينة يسأل سلمان كل من يعرف كامل لا يجد إلا جوابا واحد كان بالأمس أو أول الأمس هنا , منذ يومين لم يعد أحد يعرف أين أختفى الرجل ... ذهب كحل نهائي لمكان عمله وسأل عمال البناء الذين تجمهروا في مكان واحد بأنتظار من يطل عمل أو فرصة حتى لو كانت بنصف الأجرة كلهم أكد أن لا أحد يرف عنه منذ فترة فقد أختفى الرجل وظن البعض أنه هلك بالوباء ... أخرون قالوا أنهم شاهدوه في المدينة منذ يومين أو أكثر ...تبرع أحد الأشخاص بأن يذهب مع سلمان إلى حيث تركه مرة يسكن مع عائلة في بيت واحد .... كان الجواب أكثر حيرة هذه المرة ...لقد صحونا أول الأمس من النوم ووجدنا المكان فارغ ولا أحد في الحجرة .
أنقضى نصف النهار وأكثر وأم كامل تعد الدقائق وتحسب الساعات وفبين الفينة والفينة تسأل أمل وزهرة أن ينظروا للطريق هل من قادم ,لا جديد يمكن أن يفرح العجوز وكلما مر الوقت تزداد مخاوفها وتزداد معها الأحتمالات السوداء والظنون المرة ... لم يا ولدي في اللحظة التي أرغب أن تكون معنا لنحتفل بأنتصارنا على الموت تختفي وكأنك مجرد حلم يتلاشى مع أول رمشة عين وأنتباهة ... عادت لتخاطب سيد عبد الله (مولاي أنت تعلم قسوة النر التي تعتمل في صدري وأنت تعلم ما لا أعلم , أرجوك سيدي لا تتركني فما عملتها من قبل ولن تعملها أنا أعرف أن الجميع الآن يتوسل بك ولكن أنا أم وأنت أب وتعرف قيمة الولد )...لم ينقطع النداء والتوسل وقد سلمت الشمس نوبتها الإشراقية وغابت تحت خط الأفق لتزيد من أوجاع أم كامل وألامها وأمالها بعودة سريعة لولدها الغائب .
بقي سلمان يتنقل من مكان لمكان داخل المدينة وقد عاهد الزاير عليوي أن لا يعود إلا وكامل بيده ,ما من طريق أو أشارة تدل على وجهته سوى كلمة لا نعرف ... هل يكون الرجل قد هرب أيضا من المدينة ولم يهرف وإلى أين يهرب وهو لا يملك حتى أجرة الطريق ...لا بد أنه يكون مختفيا في مكان ما هنا في المدينة , حتى الناس الذين سكن معهم أخبروه أنه لا يملك أي مبلغ يمكنه حتى شراء رغيف خبر ...لا أمل ولا رجاء أن يكون قد فر من هنا, في لحظة صفاء تذكر قد يكون الرجل وزوجته في المستشفى ...نهض من فوره وغادر المكان مسرعا نحو المستشفى لعله يجد ضالته هناك .
الليل بالنسبة للعجوز والصغار أمتحان أخر للصبر والمطاولة على قهر الظنون والتخيلات التي تداعب في كل ثانية عقلها بين أشكال سوداء ورمادية من متخيلات مصير كامل , بين أن يكون قد قضى الوباء عليه أو على زوجته , ما مصير الطفل ولمن تركوه وكيف تركوه , هل من الممكن أن يكون الطفل قد أكله الذئب المتمثل بالمرض وهو ما زال غض غرير ,كيف لها أن لا تخبر أهلها بشيء ,لا بد أن في الأمر أمر ,بين هذا الامل وذاك الظن الأسود تقضي ليلتها تتقلب بين الأحتمالات وقد أنهت أخر سجائرها كأنها تلتهم غذاء روحي يقوي جسدها المنهك .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح35 , الشخصية الأجتماع ...


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9