أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لحسن لحمادي - قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه فيليب فرانك















المزيد.....



قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه فيليب فرانك


لحسن لحمادي

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



في افتتاحية الكتاب يتحدث فيليب فرانك عن المنجز الإنساني المنقطع النظير، غير أنه اليوم يواجه أخطار نابعة من عناصر تميزه، ولعل الإنجازات العلمية كانت مصدر هذا الخطر، فالعلم المادي يكتسح كل شيء نظرا للدعم المولى له على حساب العلوم الإنسانية والدين والجمال.
يؤكد فرانك على وجود صدع بين الفلسفة والعلم، وأكد فرانك أن من أهداف الكتاب الرئيسية الدفع للاهتمام بالنواحي الأخلاقية والفلسفية، إن هذا الكتاب يعتبر أن فلسفة العلم هي الحلقة المفقودة التي يجب البحث عنها.
مقدمة: ما الفائدة من فلسفة العلم؟
1ـ الصدع بين العلم والفلسفة:
لقد كان التباعد بين العلم والفلسفة ضارا بكل الطرفين والكل يشهد بمدى وثوق العلاقة بين الفلسفة والعلم، التي شابتها عبر التاريخ تقاطعات، وهي الأهمية التي أكد دي برولويه وجاء أينشتاين ليؤكدها كذلك.
2ـ الحلقة المفقودة بين العلوم والإنسانيات:
تتجلى أوجه فقدان هذه الحلقة في حصول هوة فصلت بين التقدم العلمي السريع ومحاولة فهم المشاكل الإنسانية، وهذا كرس في الجامعات الأوربية خلال القرن التاسع عشر والعشرين فبينما كانت الفلسفة كل أصبحت جزء.
مستندا على موقف هتشنز الذي يقول أنه لا لاهوت دون فيزياء، والميتافيزياء هي دراسة المبادئ الأولى فلا تقوم العلوم الطبيعية إلا على الفلسفة الطبيعية، وتلحق بها العلوم الاجتماعية.
3ـ العلم كتوازن للعقل:
حسب هوايتهد يجب على الجامعة أن تساعد الطالب على الانتصار للتفاصيل لصالح المبادئ. إن على المدرسين حسب هوايتهد تعليم الطلاب كيف يربطون بين الحقائق الجامدة بواسطة المبادئ المجردة. يرى فرانك فيليب أننا بحاجة لفهم كامل لمبادئ العلوم الحقة لا يقتصر الأمر على المجادلات المنطقية فقط، بل يشمل القوانين التي تهم العلوم الإنسانية، لهذا نحتاج لنظام متماسك من الأفكار والنظريات، وهذا النظام يمكن أن نسميه فلسفة العلم، وسيكون هو الحلقة المفتقدة بين القطاعين.
4ـ هل العالم جهول متعلم؟
إن العالم هو أنسب من يمثل القرن العشرين، فهو نقطة الذروة الإنسانية الأوربية، ومع هذا يعتبر الفيلسوف الإسباني أورتيجا أن العالم الذي تلقى تدريبا متوسطا في هذا العصر هو جاهل بكل ما لا يدخل في نطاق تخصصه ومعارفه، لهذا فهو جهول متعلم.
5ـ الاهتمام التكنولوجي والفلسفي بالعلوم:
تهتم الفلسفة بالمنجزات العلمية حيث أنه في كل العصور كانت المنجزات العلمية ذات تأثير على تفسيرات الطبيعة، وهو ما دفع بالعلم دفعة لا تقل على ما هو حاصل تكنولوجيا، فتعليم العلوم اليوم أغفل تدريس الفلسفة، وهو قصور يلف تكوين كل المتكونين في الفيزياء، هنا يسرد معالم الخطر في عدم تلقين المدرسين للفلسفة مصحوبة بالعلم. وقد دعوا بعض الفاصلين بين العلم والفلسفة أن النظريات الفزيائية هجرت النظريات العلمية.
6ـ فلسفات بالية في مؤلفات العلماء:
حسب هوايتهد هي كل المبادئ التي استمرت لوقت طويل، حقا أصبح التعامل معها بلا اعتراض، وتقبلها دون نقد وهو ما وصفه هوايتهد باحتفاظ العلماء بفلسفة العلمي، وهو ما أعلنه تفكيرهم العلمي، وهو ما أعلنه صراحة ماسن حين أخد على عاتقه تخليص االفلسفة مما علق بها من مغالطات داخل العلم، وهو ما رام الحديث عنه فريدريك إنجلز.
7ـ إعلام أم تفهم؟
في هذا المستوى يتحدث فرانك على جعل البحث العلمي جزء اختيارات المواطنين لقادتهم، وفي عمل الحكومات على تأسيس برامج تكوينية للمواطنين.
1ـــــ السلسلة التي تربط العلم بالفلسفة:
1ـ وقائع ومفاهيم:
إن اعتماد فرانك على أبيات شعرية عمل مقصود يهدف منه هذا الرجل إلى إبراز الجانب غير المتحيز للعلم في عمله، حسب فرانك فعلى طرفي السلسة هناك الفلسفة والعلم، تتدخل فيها مفاهيم جوهرية كالخبرة والفطرة السليمة.
2ـ أنماط الوصف:
يرى فرانك أنه وجب ابتداع خطط الوصف العلمي، ويطرح هنا مثال سقوط الورقة الذي يختلف في كل مرة.
3ـ الفهم بواسطة التماثل:
تمثيل أمور بواسطة أمور أخرى، وإذا نظرنا لجوهر الأشياء الطبيعية، فإننا ننظر إلى هذه الأشياء على أنها مثيلة لأشياء اصطناعية من عمل الإنسان. وكلمة التمثيل تلمح إلى أننا نستبعد الانحرافات العارضة في الحركة الفعلية، ونبقى فقط على الجزء الأساسي للحركة أي الحركة بعجلة منتظمة.
4ـ خطة أرسطو للعلوم الطبيعية:
الحديث عن العلم يجب أن يجري على مستويين هما:
ـ مستوى الخبرة اليومية والفطرة والمشاهدة المباشرة.
ـ مستوى المبادئ العامة للعلوم.
يرجع فرانك سبب سوء فهم التفسيرات الفلسفية للعلم لهذا الخلط بين المستويين. ويرى فرانك في خلاصة عرضه لكتاب نورتروب أنه بينما كان الشرق متبن للاستمرارية الجمالية المميزة، كانت الفلسفة الغربية مرتكزة على القواعد المجردة الجمالية.
5ـ من الاجماليات المشوشة إلى المبادئ الجلية:
يريد توضح أن الإدراك المباشر يخفي التشويش بينما دراسة الأمور يضعنا في صميم مبادئها.
6ـ العلم والفلسفة كطرفين لسلسلة واحدة:
من قوانين نيوتن الكهرومغنطيسية نستطيع أن نستنتج أن تلك المبادئ تحدد الاتجاهات في عالم الحقائق إنها تساعدنا في التطبيق العملي لمشاهداتنا، وفي إيجاز يمكننا أن نسمي هذا الطرف من السلسلة، بالطرف العملي أو التقني. من المهم أن تكون المبادئ معقولة ولكن النسبية ونظرية الكم ليست معقولة على الإطلاق، ولكنها متناقضة في ظاهرها ومشوشة. ومن ثم فإنه يمكننا أيضا أن نسمي هذا الطرف التجريبي أو التقني بأنه الطرف العلمي للسلسلة. وفي العلوم القديمة يرى فرانك أن القانون كان متطلبا مثل القصور الذاتي. وهذا الطرف من السلسلة حيث تستنبط قوانين الفيزياء من المبادئ الجلية والتي لا تحتاج إلى تدليل يمكن أن نسميه بالطرف الفلسفي للسلسلة.
7ـ المعايير العلمية والمعايير الفلسفية للحقيقة:
فرق توما الأكويني بين معايير العلم والفلسفة لتحديد الحقيقة، فهو يرى أننا نصدق أمر علمي ما لأن نتائجه يمكن تحقيقها بالمشاهدة، يرى فرانك أن التغيير السليم هو أن نقول أن التجربة تعزز احد الفروض. أما معايير الحقيقة في الفلسفة فتستخلص عن طريق الاستنباط من البرهان.
8ـ الفائدة العلمية للحقيقة الفلسفية:
تحليل الدين والحقائق التي يعطيها عن الكون تأثر في الإنسان كما تأثر في سلوكاته الحقائق العلمية.
2ـــــ تحطم السلسلة:
1ـ كيف حدث التحطم:
لقد نشأ تحطم السلسلة في تصور فرانك عن أن المعيار لقبول قاعدة لم يكن هو نفس المعيار عند طرفي سلسلة العلم والفلسفة، أو بتعبير آخر من خلال محور العلم الفلسفة بأكمله.
2ـ الفلسفة العضوانية والفلسفة الميكانستية:
الرأي العضواني يتصور كل شيء في الكون يتصرف كما يتصرف الكائن الحي، وتجلت العضوانية مع فلسفة أرسطو. أما الرأي الميكانستي فيعتبر قانون التصور الذاتي أهم مميزات هذه الفترة، وهو يتصور الجسم سائرا بطبيعته نحو اللانهاية حيث لا شأن له بذلك، وهو رأي مضاد للعضوانية.
3ـ كيف ولد العلم بالمعنى الحديث:
يرى هوايتهد أن العلم الحديث ولد عندما بدأ التعاون وعندها توافر الاهتمام، بكل الحقائق والأفكار لدى نفس الشخص.
4ـ العلم كجزء من الفلسفة:
حسب فرانك أن العلم أراد أن يستنبط ما هو عملي من ما هو نظري في الفلسفة، وأبدى مثال خروج الميكانيكا العملية من النظرية، وهو ما تسبب في انفصال السلسلة بين العلم والفلسفة.
5ـ كيف يمكن للعلم أن يصبح فلسفة:
مرت العلوم في تحولها إلى مبادئ جلية من:
أـ قبلت القوانين لتطابقها مع الحقائق المشهودة.
ب ـ عرفت القوانين الميكانية بأنها غنية عن البرهان.
ج ـ اعتبرت مبادئ الميكانية مبادئ جلية. مثال التحول من نظرية قنبلة ذرية إلى حقيقة جلية جعلت القنبلة الذرية أمر يحدث في الطبيعة.
6ـ العلم التأملي والميتافيزياء:
حسب فرانك يرى بعض الناس أن الفلسفة تهتم بفروض ذات طبيعة تأملية أكثر مما يحدث في العلم،.
7ـ الإيمان بالمبادئ الجلية:
هناك فرضين للعلم:
ـ أنه يزودنا بالمعرفة العلمية.
ـ وينمي فهمنا للكون ، لا يكون لنا علم إلا إذا وضعنا مبادئ.
إن مهمة العالم تتألف من:
ـ وضع المبادئ.
ـ استخراج نتائج منطقية من هذه المبادئ من أجل استنباط حقائق بشأنها.
ـ التدقيق العملي لهذه الحقائق المشاهدة.
9 ـ العلم، والفطرة السليمة والفلسفة:
يرى فرانك أن مبادئ العلم يمكن صياغتها على نحو تكون فيه بعيدة جدا عن الفطرة السليمة، ولكن تدقيقها بالتجربة يتم دائما على مستوى الخبرة المستساغة.
يرى هربرت ونجل بالوجوب التخلص من الفطرة السليمة كضرورة فلسفية، دعى ونجل لتخليص الفلسفة العلمية من مفاهيم الفطرة السليمة. يرى فرانك بناء على إدوارد لوروي أن هناك طريقان للبلوغ من العلم إلى الفطرة السليمة:
ـ الطريق العملي: الاستنباط الرياضي والإثبات العلمي.
ـ طريق التفسيرات الفلسفية التي تربط المبادئ العلمية بالفطرة السليمة.
3ـ الهندسة: مثال لأحد العلوم
1ـ الهندسة كهدف للفلسفة:
أشار ديكارت إلى أن الهندسة أحيت الأمل في الفلسفة، وقامت على إرشادها. وأكد كانط أكثر من ديكارت وباسكال على الإيمان بإمكانية تأسيس الفلسفة بمعناها المحدد في الميتافيزياء في نهاية الأمر على مثال الهندسة التي كان مجرد وجودها دليلا على إمكانية المبادئ الجلية.
2ـ المبادئ الجلية والوقائع المرئية في الهندسة:
ديكارت يمثل المذهب العقلي، ويقول عندما أتخيل مثلثا وعقلي يستوعب هذا الجوهر و بعد ذلك صفات هذا المثلث، فالعقل هو الحكم في قضايا الفكر. فبالعقل ننفد لجوهر المثلث.
3ـ ديكارت وميل وكانت:
مل عن المدرسة التجريبية يرى أن البديهيات تكون تجريبية، فالمثلث شيء تجريبي، باعتباره شيء مشار إليه ماديا. أما المثالية مع كانط فقد رأت مخرجا بين العقلانية والتجريبية وهو أن أعضاءنا الحسية لا ترى المثلث الحقيقي الموجود في العالم الخارجي، تراه بطريقة تحددها صفات عقولنا.
4ـ بديهية أوقليدس للمتوازيات:
معروف أن مجموع زوايا المثلث يساوي زاويتين قائمتين، ولكن حسب فرانك لم تكن بديهية أوقليدس صحيحة فلن تكون هناك مثلثات صغيرة مختلفة عن حال الكبيرة، لدا سيكون صعبا استخدام القياسات للتدقيق من ما إذا كان مجموع الزوايا هو مائة وثمانين.
6ـ الهندسة غير الأوقليدية:
الهندسة غير الأوقليدية تزعم بأنه ليست هناك خطوط متوازية وأن كل الخطوط لابد وأن تتقاطع، هذا النوع يسمى بالهندسة الريمانية. أما النوع الثاني من الهندسة والذي يدعي أن هناك عددا لا حصر له من الخطوط المستقيمة التي لا تتقاطع والتي لا تنحصر داخل زاوية معينة حول نقطة أخرى، وهذا ما أقامه الرياضي الروسي ليوباتشوفسكي، والعالم المجري بولياي.
7ـ صلاحية الافتراضات في الهندسة:
يجب أن ننشئ هندسة أخرى تحدد المعاني للمصطلحات مثل الخط والمستقيم والنقطة، يرى كارناب أنه إذا استمررن في استخدم المصطلحات الراهنة فيمكننا أن نسميها على الترتيب بالاتجاه المقيد بالإعراب والاتجاه المقيد بدلالات الألفاظ وتطورها. وقد بذلت مجهودات لتحويل الهندسة لعلم يتعامل مع الأجسام المادية وهذا هو موقف وليام كنجدون.
8ـ تشكيل البديهيات:
تشكيل البديهيات يمر من مراحل شتى، فالعديد من البديهيات تتسم بأنها ليست بالنظام المنطقي البحت. لذلك يمكن صياغة نظام منطقي يحوي المفاهيم الهندسية.
9ـ تشكيل التطابق:
يستخدم أوقليدس مفاهيم أساسية شتى، وأهمها "التطابق"، وهو الأقرب إلى الصفة المادية. و يرى دافيد هلبرت أنه على الهندسة أن تتصور بحيث يجب أن ينتقل المرء من البديهيات إلى النظريات دون اعتماد على ما تعنيه. ويرى أن تطابق نظامين يستند لعملية مادية، وبدلا من هذا علينا أن نستند إلى صفات التطابق بواسطة البديهيات.
10ـ تعريفات تشغيلية في الهندسة:
كان بريدجمان أول من قال بالتعريفات التشغيلية لمصطلحات الخط المستقيم والنقطة، وأن هذه التعريفات تختلف في نوعها عن تعريفات البديهيات الهندسية المشكلة والتي يمكن أن نسميها تعريفات البداهة، ويزعم بوانكاريه أن قوانين الهندسة لم تكن نصوصا بشأن الحقائق، ولكنها كانت اصطلاحات اعتباطية حول كيفية استخدام مصطلحات مثل الخط المستقيم والنقطة، وهو الرأي الذي يعرف باسم التقاليدية، وزعم بونكاريه أن نصوص الهندسة مجرد اصطلاحات، بينما ينظرون لها باعتبارها حقائق.
11ـ مفهوم الهندسة في القرن العشرين:
في القرن العشرين كانت الهندسة مبنية على استنباطات منطقية شكلية من البديهيات. ويؤكد كل من ريمان وهيرمان هولمهولنز على أن بديهيات الهندسة هي نتائج للمشاهدة المادية، ومن تم فإن النظريات لا يتوافر لها يقين أكثر مما يتوافر لأي نص في الفيزياء. أما إيمانويل بوريل فرأى أن هدف الهندسة هو دراسة تلك الصفات للأجسام التي تعتمد على مادة تلك الأجسام، وإنما تعتمد على أبعادها و شكلها. ويرى فريدريجو أنريك وأمبرتو أمالدي أن الصفات الأولة الهندسية للأشكال صفات واضحة. وأخيرا يرى هيرمان هلمهولنز أنه تتساوى الهندسة غير الأقليدية في حدسيتها مع الهندسة الأوقليدية.
4ـ قوانين الحركة:
1ـ ما قبل جاليليو ونيوتن:
لندرك أن نظريات الحركة التي نأخذ بها اليوم لم تكن قائمة دائما، فالنظريات السابقة كانت مختلفة جدا ولا يمكن أن نعتبرها اليوم نظريات دائما. كان المعتقد أن الأجسام الأرضية تتكون من التراب والماء والنار والهواء. وكان في ميدان الميكانيكا يعتبر أن الأجسام تسعى نحو أماكنها الطبيعية.
2ـ القوانين القديمة للحركة كانت عضوانية:
أبرز التصورات المقدمة في هذا السياق نظرية المحرك الأول عند أرسطو، ومؤداها أنه توجد كرة تاسعة بعد الكرة الثامنة، وأن هذه الكرة التاسعة لا تتحرك ولكنها تحرك كل شيء. والصيغة التي وردت عند أرسطو وطوماس أكويناس هي " أن شيء متحرك إنما يحركه شيء آخر". إلا أن جاليليو في عام 1600 كما يحب أن يقول فرانك، سد الفجوة بين الظواهر السماوية والظواهر الفلكية ثم أكمل نيوتن ما بدأه جاليليو وكانت هذه هي أهم نقطة تحول في تاريخ العلم.
3ـ الكون كأحد الكائنات:
اعتبر الفيلسوف موسى مايمونيدس أن هناك تماثل بين جسم الإنسان وبين الكون المادي. وشرح أرسطو كيف نشأت الحركة في الكون. وقد ناقش أرسطو في كتابه "الفيزياء" بين حركة الكون وحركة السفن، واعتبر أنه طبقا للعضوانية لا يمكن لأي جسم التحرك من تلقاء نفسه. وعمل دافيد هيوم فيما لحق على تطهير الميكانيكا من مخلفات القوانين العضوانية، واعتبر أن تأثير إرادتنا على جسمنا أمر غامض.
4ـ النظام الكوبرنيكي والقوانين العضوانية للحركة:
الملاحظ أن أفكار كوبرنيكوس متأثرة بأفكار الفيزياء العضوانية، وظهر له أن الشمس أن تكون ثابتة وتعطي النور هذا أكرم لها وأكمل، ويمثل كوبيرنيكوس مرحلة انتقال بين علم العصور الوسطى والعصر الحديث الذي بدأ مع جاليليو، الذي قدم تصورا عاما عن خبرتنا وفطرتنا السليمة، وقال أن الجسم المتحرك لا يتوقف من تلقاء نفسه. أما نيوتن فيفترض أن الجسم الذي لا يحركه جسم آخر يظل متحركا بسرعة ثابتة في خط مستقيم حتى اللانهاية، مالم تعترضه عقبات؛ وهذا التصور يحطم كل البنيان الأرسطي للكون الذي قال أن حركة الحجرة تتجه لمكانها الطبيعي. وأخير برونو جوردانو الذي قال بتعدد الأرض فأحرق.
5ـ قوانين الحركة لنيوتن:
يستخدم قانون الحركة في خط مستقيم والعجلة الذي يعود الحديث فيهما لنيوتن، وإذا كان نظام إحداثيات تنطبق عليه قوانين نيوتن فإن جميع القوانين تكون قابلة للتطبيق، ويرى فراند أن القوانين النيوتنية تلعب دور البديهيات في الهندسة. فقبول النيوتنية حسب فرانك يعني قبول التصديق بوجود نظام قصوري، والإيمان بوجود تفسير مادي للقوانين الفيزيائية، وجاء ويتنشتاين وقال عن نيوتن والكون أن قوانين نيوتن لا يمكن اعتبارها وصفا للكون المادي، ويؤكد على أن قوانينه ليست وصفا للكون، ولكن يمكن أن تكون وصفا إذا استخدمت استخداما سليما.
6ـ التعريف التشغيلي للقوة:
محاولة وضع تعريفات تشغيلية للمصطلحات الفيزيائية نواجه فيه صعوبة، واعتبر بوانكاري أن القانون هو اصطلاح بحت، وأن القوة هي مجرد اسم لحاصل الضرب. يمكننا أن نرى أن تعريف القوة ينطوي على عنصر غموض إذا حاولنا أن نصوغه لينطبق على كل حالات الحركة كما صاغ قوانينها نيوتن.
7ـ التعريف التشغيلي للكتلة:
وقد عرف نيوتن الكتلة بكمية المادة في جسم معين، وبهذا فتعريف نيوتن للكتلة ليس بتعريف تشغيلي. ويرى ماسن أن ثبات الكتلة يكون حقيقة فلسفية يمكن استنباطها من المبادئ الجلية.
8ـ بقايا من الفيزياء العضوانية في الميكانيكا النيوتونية:
قدم نيوتن قانونا لحركة الجسم في الفراغ، وذلك كأحد القوانين الأساسية للحركة، ونعني به قانون القصور الذاتي، ويصف هذا القانون كيف يتحرك الجسم في الفراغ وهو تصور مشابه لما قال به أرسطو، ويقول أرسطو أنه لا يمكن توجيه حركة بالقوة في الفراغ. أما نيوتن أتى عكس المفهوم الأرسطي إذ رأى أن الفراغ هو المفهوم الأساسي ، فالجسم المتحرك يحتفظ بسرعته بالنسبة للفراغ.
5ـــــــ الحركة، والضوء، والنسبية:
1ـ أرسطو، سان اوجستين، أينشتاين:
المكان في تصور أرسطو هو ما نسميه اليوم بالمكان النسبي، أما بالنسبة لسان أوجستين فلم يكن هناك زمن في الفضاء المطلق المفرغ الذي كان موجودا قبل الخلق، وأنه ليس من المستساغ أن نسأل الله عما كان يفعل وقتئذ قبل أن يبدأ الخلق، و رأى أينشتاين أنه إذا افترضنا أن المادة كلها سوف تختفي من العالم، فإن المرء كان يعتقد قبل النسبية أن الزمن والمكان سوف يستمر وجودهما في العالم المفرغ، إلا أنه طبقا لنظرية النسبية فإنه لن يكون هناك زمان أو مكان إذا اختفت المادة وحركتها.
2ـ النسبية في الميكانيكا النيوتونية:
يمكن صياغة نظرية نيوتن إما بطريقة سلبية أو إيجابية، فالإيجاب هو أنه إذا عرفت الظروف الإبتدائية للكتل فإنه يمكن حساب حركتها المستقبلية، أما السلبية فهي تجري على أساس مشاهدة الحركة بالنسبة للمركبة، بشرط أن تكون متحركة في خط مستقيم.
3ـ نسبية نيوتن والظواهر الضوئية:
نظرية النسبية لنيوتن تصلح للظواهر الضوئية، وقد وجد ميكلسون أن إيجاد تفسير في نطاق النظرية السائدة بأن الضوء كان ظاهرة ميكانيكية وأن الأثير الذي اكتشفه مكسويل وسط يخضع لقوانين الحركة لنيوتن.
4ـ الصورة الكهرومغنطيسية للكون:
ذكر في هذا الصدد هنريتس هيرتز صراحة أن نظرية الظواهر الكهرومغنطيسية كانت مماثلة لقوانين المجال عند مكسويل، تماما مثلما كانت نظرية الحركة لنيوتن مماثلة لقوانين الحركة لأرسطو.
5ـ مبادئ نظرية أينشتاين:
معروف أنه كانت علوم القرن العشرين، تهدف لبناء نسق بسيط للمبادئ يمكن أن نستنبط منه الحقائق المنظورة بواسطة فيزياء القرن العشرين استنباطا رياضيا، وعام 1905 وضع ألبرت أينتشتاين نظريته عن النسبية، وكان يهدف بها لوضع مبادئ عن يستنبط منها التفاعل بين حركة الأجسام المادية وانتشار الضوء، دون تدخل نظرية الأثير لمكسويل، وكل ذلك أدى إلى مبادئ جديدة للحركة والتي تحتوي على سرعة الضوء، وقد تم ذلك في توافق منطقي، ومبدأه هو مبدأ الثبات والنسبية.
6ـ نظرية النسبية هي فرض فيزيائي:
يخلص فرانك أن نظرية النسبية أتت بتعريف جديد للمكان والزمان، ومن المعقول أن كل إنسان من المستحيل له أن يستنبط من التعريفات الجديدة حقائق جديدة، بشأن سلوك الأجسام الصلبة وأشعة الضوء، وفي الواقع أن مبدأي أينشتاين الثبات والنسبية هما فرضان بشأن مثل هذا السلوك، ومن الواضح أنه يمكن أن نستنبط نظريات بشأن الأجسام الصلبة وأشعة الضوء، إن نظرية النسبية تبدأ من فروض بشأن حقائق مادية فيما عدا أن الحقائق المفترضة في مبدأي أينشتاين الأول والثاني.
7ـ نسبية المكان والزمان:
يخلص فيليب فرانك إلى أن تنسيب المكان والزمان ينطوي على إدخال تعريفات تشغيلية جديدة تكون أفضل في تطويعها للمتطلبات الواقعية لرجل العلم، إن تنسيب المكان والزمان يعتبر تقدما في علم دلائل الألفاظ وتطورها.
8ـ اختفاء المادة وخلقها:
لم تكن للنظرية النسبية أصداء في الفلسفة بمعناها المحدد بقدر ما كان تأكيدها على أن المادة يمكن أن تختفي ويمكن إنتاجها.
6ـ هندسة رباعية الأبعاد وغير أوقليدية:
1ـ قصور الهندسة الأوقليدية:
قيل لأينشتاين أن نظريته لا تتناسب والهندسة المستوية لأوقليدية ولكن أينشتاين جادل بأنه يجب أن نستنتج من ذلك أن الهندسة الأوقليدية غير صالحة للتطبيق في حالة دوران الجسم الصلب، ذلك أنه حسب فرانك البديهيات الأوقليدية وقوانين حركة نيوتن لا تتلاءم وعلينا أن نختار إما أن نحتفظ بالتعريف القديم للأجسام الصلبة وهي في هذه الحالة لا تنطبق على الأجسام الدوارة، وإما أن نبدأ من سلوك الأجسام الصلبة، أي أن نضع هندسة غير أوقليدية.
2ـ نسبية العجلة والدوران:
يرى فرانك أنه طبقا للنسبية لأن الحركة المنتظمة بالنسبة للفراغ لا يمكن أن يكون لها تأثير على قوانين الفيزياء بالنسبة إلى هذا الفضاء، ولكن يبدو أن المركبة المتحركة أو الدوارة بالنسبة للفضاء يكون لحركتها تأثير على قوانين الفيزياء في هذه المركبة وفي النظرية العامة للنسبية لا يمكن أيضا أن نحسب السرعة المعجلة أو الدورانية، ذلك لأنه طبقا لمبدأ التكافؤ، فإن أي ظاهرة يمكن أن تعزى إلى عجلة المركبة يمكن أن تعزى أيضا إلى مجال الجاذبية.
3ـ انحناء الفضاء:
يستطيع المرء أن يقارن بين سطح منحن وآخر مستو لأن كلا منهما موضوع بنفس المكان الثلاثي للأبعاد، إن انحناء الفضاء الثلاثي الأبعاد يعني الخلل أو الزيادة في المثلثات أو بعبارة أخرى يعني الانحراف عن الهندسة الأوقليدية.
4ـ هل الكون رباعي الأبعاد حقا؟:
ذهب الرياضي الفرنسي لاجرانج إلى تسمية الميكانيكا بأنها هندسة في أربعة أبعاد، فكل نقطة كتلية تعبر مسارا في فضائنا الثلاثي الأبعاد، وعندما قدم أينشتاين نظرية النسبية عام 1905 سرعان ما اتضح أن مبادئ هذه النظرية وقضاياها يمكن صياغتها على نحو مناسب باستخدام الوجود المتواصل الزماني المكاني الرباعي الأبعاد، أي دنيا الأحداث، منكوسكي عام 1908 كتب يقول إن الذي يوجد حقا هو تركيبة من الزمان والمكان أي الوجود المتواصل الرباعي الأبعاد، وإذا فصلنا الزمان عن المكان فإنهما يصبحان شيئين ظاهريين.
7ـ تفسيرات ميتافيزيائية للفيزياء النسبية:
1ـ تفسيرات ميتافيزياء للقصور الذاتي:
حسب فرانك وطبقا لفيزياء أرسطو يتحرك الجسم بسرعة تتناسب عكسيا مع كثافة الوسط الذي يتحرك فيه، ويحاول كانط أن يثبت الصفة الجلية لقانون القصور الذاتي الذي صاغه على النحو التالي: "كل تغير في المادة يرجع إلى سبب خارجي" وقد اعتبر أن هذه الصيغة مكافئكة لصياغة نيوتن، عرض مكسويل البرهان التجريبي وأنكر قانون القصور الذاتي، على افتراض أنه من المعقول أن نقول عن نظام غسناد معين إنه حالة سكون مطلق، ويركز مكسويل على أن العقل البشري لا يمكنه أن يتصور ما هو الموقع المطلق في الفضاء.
2ـ عدم قابلية المادة للفناء كتفسير ميتافيزيائي:
اعتبر سبنسر أن علم اللاهوت الحالي في تعاليمه بشأن بداية الكون ونهايته متشبع بذلك وهو يعني هنا أنه متشبع بفكرة خلق المادة وفنائها، ومن ثم فإن هذا الاعتقاد لم يكن في كل زمان مما تعافه الفطرة السليمة، وبين سبنسر أنه من المستحيل أن تضغط المادة حتى تصبح لا شيء، وكل ما يمكن أن يتصوره المرء هو أن تنقص المسافة بين أجزاء المادة، ويرى فرانك أن ما أثبته سبنسر هو أننا لم نجد من خبرتنا اليومية ما يماثل خلق المادة وفنائها.
3ـ مضامين ميتافيزيائية لنظرية النسبية:
حسب فرانك فقد ردد كثير من المؤلفين مرارا وتكرارا أن نظرية النسبية ليست نظرية فيزيائية بالمعنى المعتاد لهذه الكلمة، أما سروكين فهو يركز استياءه على ثقافتنا منذ ظهور العلوم الحديثة حوالي 1600 قد أصبحت ثقافة حسية أي مدركة بالحواس وهو يعني بهذا أن الاهتمام الأساسي كان مركزا على الظواهر الحسية. وخلص فرانك إلى أن نظرية النسبية مهيأة لتكون تفسيرا فلسفيا أو ميتافيزيائيا للعلم، وأكد برتراند راسل هذا حين اعتبر "أنه في كل نظرية علمية جديدة، كان هناك اتجاه من كل فيلسوف نحو تفسير أعمال أينشتاين على نحو يتفق ونظامه الميتافيزيائي"، وفي الأخير قال فرانك أنه من اليسير أن نتبين من هذا أن وصف نظرية أينشتاين بأنها مثالية وأنها دحض للمادية ليس تأكيد على التشابه.
4ـ كيف تدحض نظرية النسبية المذهب المادي؟
الأسباب التي اتخذت ضد المذهب المادي:
أ ـ الكون الحقيقي ليس أوقليديا ثلاثي الأبعاد، ولكنه رباعي الأبعاد وغير أوقليدي.
ب ـ يمكن للمادة أن تتحول إلى شيء غير مادي.
ج ـ يمكن لأشياء غير مادية مثل انحناء الفضاء أن تنشأ عنها حركة لأجسام مادية ثقيلة.
د ـ لا تتعامل النظرية مع الحركة الموضوعية للأجسام المادية.
يرى فرانك أن القول بأن التفسير الرباعي الأبعاد لنظرية النسبية يتصادم مع المذهب المادي قول مضلل، واعتبر هوايتهد أن نسبية التزامن ضربة عنيفة لمذهب المادية الكلاسيكية، التي تفرض سلفا لحظة راهنة محددة تكون كل المادة عندها حقيقية في آن واحد.
5ـ هل نظرية النسبية نظرية عقائدية؟
يستشهد جوهانز ستارك بنظرية النسبية لأينشتاين كمثال نموذجي للروح العقائدية في العلم لأن النظرية تبدأ من الاعتقاد بأن سرعة الضوء لا تتغير بالنسبة لكل نظم الإسناد، وتحاول أن تعدل الفيزياء كلها لتنضبط مع هذه العقيدة، فرانك يرى أنه يرى إذا نظرنا إلى نظرية النسبية من الواجهة العلمية نجد أنها ليست عقائدية أكثر من أي نظرية فيزيائية أخرى، يرى الألماني لودفيج كليجز أن نظرية النسبية تكشف لمن على أعينهم غشاوة، عن القوة المستترة بعقلية القرن العشرين في اندفاعها نحو البحث عن المعرفة.
8ـ حركة الأشياء الذرية:
1ـ نيوتن لم يكن نيوتونيا:
مما دل على أن نيوتن لم نيوتونيا أنه اعتبر العلماء أن حركة الجسيمات المتوسطة الحجم خاضعة لقوانين الحركة لنيوتن منذ نشر نيوتن هذه القوانين، ومع ذلك فإن نيوتن لم يكن متأكدا من أن هذه القوانين تصلح لكل الأنواع الممكنة من الأجسام ومنها الجسيمات الصغيرة، وعلى سبيل المثال لم يزعم نيوتن مطلقا أن هذه الجسيمات الصغيرة تتحرك طبقا لقوانينه الثلاثة عن الحركة، فلم يحدد نيوتن يحدد شعاع الضوء على أنه مسار جسيم أو مسار الكثافة الكبرى.
2ـ التجربة الحاسمة ضد النظرية الجسيمية للضوء:
في هذا الصدد اقترح أراجو في سنة 1838 اجراء تجربة حاسيمة لمعرفة ما إذا كان الضوء جسما ماديا، وقد قال هيجينز أن الضوء يتكون من انتشار تكاتفات أو تضاغطات خلال الوسط، وفي الأخير يرى دوهيم أن التجارب الحاسمة موجودة في البيولوجيا ولن نجدها في الفيزياء.
3ـ تجربة حاسمة ثانية:
نظرية تموج الضوء مبدعها هو فيليب لينارد، وكان مدركا لهذه التجربة وأهميتها، ولم تعرف هذه التجربة حتى قام أينشتاين بالاعتماد عليها وعرفت من خلاله، ومضمون التجربة هو أن طاقة كل رزمة تتناسب مع تردد الضوء.
4ـ قوانين الحركة لكم الضوء:
معروف أنه تتحرك الفوتونات بسرعة الضوء، ولا معنى لقوانين الضوء حسب فرانك إذا لم تضع قوانين الحركة لهذه الجسيمات.
5ـ قوانين الحركة للجسيمات المادية الصغيرة جدا:
حسب فرانك فحتى الذرات الصغيرة، تخضع لنفس قوانين الحركة التي وضعها نيوتن ليستنبط حركات الأجرام السماوية، وحسب بوهر أن الحركة الدائرية لاتتم إلا بأنصاف أقطار معينة، وحسب البرنس برولوي فإن الفوتونات لها حركات لا تحددها قوانين الميكانيكا ولا تحددها قوانين الحيود.
9ـ اللغة الجديدة للدنيا الذرية:
1ـ علاقة اللايقين لهيزنبرج:
نظرية اللايقين كان الفيزيائي ورنز هيزنبرج هو أول من أعلنها، وهي تنص على أن حاصل ضرب مقداري اللايقين في مقداري ألإحداثي والزخم يساوي ثابت بلانك.
2ـ مبدأ التتامية لبوهر:
مضمون هذا المبدأ هو أنه يمكن استخدام موضع الجسيم وزخم الجسيم على نحو محدود، حيث إن استخدامهما على النحو المألوف لم يكن أمرا مجديا.واستخلص بوهر نموذج مفاهيمي نصف به حركة الأشياء الذرية، ينص مبدأ التتامية على أن حركة الشيء الذري لا يمكن وصفها بمسار الجسيم الذي يكون له في كل لحظة موضع معين وسرعة معينة.
3ـ ليس هناك معنى تشغيلي لموضع الجسيم وزخمه:
بشكل عام فإنه لا يمكن أن نقول ببساطة أن تعبير موضع وسرعة شيء ذري ليس له معنى تشغيلي، وهذه الصيغة أكثر تعميما وفائدة من النص المستخدم في كثير من الأحيان.
4ـ حقائق، وكلمات، وذرات:
5ـ الظواهر والظواهر البينية:
يسمي رايشنباخ تحرك الجسيمات وانتشار موجات في الوسط بالظواهر البينية خلافا للظواهر المنظورة والترتيبات العملية والنتائج المنظورة.
6ـ تنوع الصياغات في الفيزياء الذرية:
10ـ تفسيرات ميتافيزيائية للكون الذري:
1ـ العنصر الروحي في الفيزياء الذرية:
يخلص فرانك إلا أن الفيزياء الذرية في القرن العشرين ونظرية الكم يرخصان بإدخال العنصر العقلي والروحي في الكون الفيزيائي، بينما تدعو نظرية نيوتن إلى أنه يستحيل ذلك في الكون، وقال الويو وينزل أن هذا العالم عالم أرواح أولية، وفي هذا التفسير يفسر شروط الكم التي تحدد مثلا مستويات الطاقة في ذرة الهيدروجين على أنها أشكال تتبدى فيها الأرواح السفلى.
2ـ تفسيرات شائعة للفيزياء الذرية:
يرى سوليفان أن الفيزياء الذرية لا تتحدث عن حقيقة مثلما تتحدث الفيزياء الميكانسيتية عن المادة والحركة، ويرى أننا في النسبية ونظرية الكم لانحتاج معرفة طبيعة الأشياء التي نناقشها ولكننا نحتاج فقط إلى معرفة بنيتها الرياضية، يرى رواد مدرسة الطاقيين وأبرزهم أوستوالد أن الطاقة هي الحقيقة الوحيدة في الفيزياء.
3ـ العلم والفيزياء والميتافيزياء في مبدأ اللاحتمية:
4ـ الفيزياء والإرادة الحرة:
يخلص فرانك إلى أنه كانت هناك محاولات هدفت لإدخال الإرادة الحرة للفيزياء ومفاهيمها، وتبرير الإرادة الحرة بسبب الثغرات في الفيزياء أمر لا لزوم له، لا تستطيع الحتمية الفيزيائية أن تقدم إلا القليل لمشكلة الإرادة الحرة، وعرف أنه استخدم الرياضي أرثر إدنجتون الفيزياء الذرية الفرعية ليدعم اعتقاد الإرادة الحرة في الميكانيكا وغيرها.
11ــــــ قوانين السببية:
1ـ معنى القضاء والقدر:
يرى فرانك أن معنى القضاء والقدر وطبقا للفطرة السليمة محدد سلفا مع أنه يجد العلم التجريبي أنه غير قادر على النظر فيه إلا من الوجهة التي نربط فيها النتيجة بسبب ما. ويرى برتراند راسل أن الكون المادي لابد أن يخضع لمعادلات، والمستقبل يجب أن يحدد ولو بإدخال العقل الشمولي ليفسر معادلة الكون، والعقل الشمولي هو العقل الذي يحيط بمعرفة المستقبل والماضي وكل دقائق الأمور في الكون وهو أمر مستحيل رغم تصوره.
2ـ لابلاس، ونيوتن، والعقل الشمولي للعلم:
تخيل لابلاس طريقة عمل هذا العقل الشمولي المدرك للماضي والمستقبل، وبالنسبة للابلاس فالعقل السامي أكثر مما يفعله الفلكي بأن يفترض عددا اعتباطيا من الأجسام، وحسب فرانك فإن ميكانيكا نيوتن تحتوي على قوانين سببية، حيث نستطيع بهذه الميكانيكا أن نحسب المواضع المستقبلية للأجرام السماوية والتنبؤ بالمستقبل، فقوانين نيوتن تمكننا من التنبؤ بالمستقبل إذا درسنا الماضي.
3ـ القالب الرياضي للقانون السببي:
القالب الرياضي للقانون السببي كان خلفه كل من نيوتن ولابلاس فحسب الأخير لا يمكن إعمال هذا الفرض دون الاستعانة بالعقل السامي، فالعقل السامي يعرف كل القيم الإبتدائية لمتغيرات الحالة، ويعرف كل الدوال وهو على درجة من الحذق الرياضي، بحيث يستطيع أن يتنبأ بكل القيم المستقبلية وذلك بحل المعادلات التفاضلية.
4ـ المتغيرات ذات العلاقة وغير ذات العلاقة:
في كل مرة تسترد فيها هذه المتغيرات قيمها الإبتدائية فإن معادلات التغيير تسترد قيمها أيضا، وعلينا أن نعتبر من الأمور المسلم بها أننا نعرف طريقة قياس نستطيع أن نحدد بها قيما عددية للمتغيرات. وهناك من يعتبر خطأ أن المتغيرات التي لا تستعيد قيمها الإبتدائية هي متغيرات غير ذات علاقة.
5ـ قوانين السببية في نظرية المجال:
في نظرية المجال يتم اعتبار السببية تقوم على عملية يكون فيها عدد كبير جدا من الأجسام التي يمكن تحديد الدوال لها والتنبؤ بالمستقبل إذا عرفت هذه القيم، في نظرية المجال يبدو مبدأ السببية أكثر إبهاما منه في الفيزياء الميكانسيتية، حيث تعتبر كل الظواهر قابلة لأن تستنبط من قوانين الحركة لنيوتن.
6ـ ثغرات في القوانين السببية:
من الثغرات أن القانون السببي الرياضي أنه لا يؤدي إلى قانون سببي بشأن الظواهر المرئية، زد على هذا أن هناك ثغرات عميقة وعريضة في قابلية تطبيق قوانين السببية على المنظومات الميكانيكية.
12ــ مبدأ السببية:
1ـ مناقشة كيفية صياغة مبدأ السببية العام: السببية الهيومية والكانتية:
يخلص فرانك أنه إذا أردنا صياغة مبدأ السببية كنص بشأن الوقائع المرئية فمن الواضح أننا سنواجه مهمة معقدة وعسيرة، وصاغ هيوم السببية كتكرار للتعاقبات أو التتابعات: إذا وقعت أ فإن التعاقب أ ب يقع، وقد عرف كانط السببية عل أنها وجود قوانين تتعاقب الحالات طبقا لها، وعلى هذا فقد ميز مارجينو بين السببية الهيومية والسببية الكانطية، فهيوم يعتبر السببية مسألة تدبير من أجل أغراض عملية، وتتسم الصياغة الكانطية بمسحة كيتافيزيائية.
2ـ السببية كمعاودة لوقوع التعاقبات:
تعتمد قابلية مبدأ السببية معاودة وقوع التعاقبات على أنه يمكن تطبيقه على الدورات غير الكاملة، إن معاودة وقوع التعاقبات يعتمد على نحو الحالة المفترض حدوثها، وقيل إن التاريخ يتناول الأحداث التي تقع مرة واحدة، أما الفيزياء فتعالج الأحداث التي يتواتر وقوعها.
3ـ السببية كوجود للقوانين:
إننا نعزو إلى الجسم تلك الصفات بحيت يمكن التعبير عن نتائج تجربتنا على الجسم على شكل قوانين سببية، ونرى من هذه الاعتبارات أن قوانين الاتزان هي حالات خاصة من قوانين السببية تقاس فقط على المثال الذي أعطاه فيليب فرانك عن الرافعة.
4ـ القانون السببي والقانون الإحصائي:
حسب فرانك فقد يتحول القانون السببي إلى قانون إحصائي إذ تعددت الظاهرة النتيجة فكل طلقة رصاصة مختلف فيزيائيا عن أخرى أطلقت من نفس الفوهة، نحصل على نوعين مختلفين من القوانين إذا عدنا إلى الحركات التي تتيح أيضا أن نتنبأ بنموذج للتصادمات، ولكن التشتت لا يختفي في النتيجة يمنع التشتت في الظروف الإبتدائية.
13 ــ علم العلوم:
1ـ موضع الاستقراء في العلوم القديمة والحديثة:
بينما اعتمد في القديم على الاستنباط تبعا للأرسطية اعتمد في العلوم الحديثة بعد عام 1600 البدأ من الحقائق المرئية المفردة مستطردة إلى المبادئ العامة من خلال طريقة الاستقراء، فكانت الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا تسمى علوما للاستقراء، ويخلص فرانك أنه لم يحدث أبدا أن اتفقت أكثر المبادئ تعميما مع الوقائع المرئية.
2ـ الاستقراء، والقوانين العامة، والوقائع المفردة:
يمكننا أن نوجز ذلك في المادة اللغوية، كانت مهمة العلم أن يستدل من مادة الرؤية مبادئ عامة تتألف من رموز وترتبط بعمليات منطقية، ويمكننا أن نقول إن على العلم أن يصنع بنية للمادة اللغوية وذلك على أساس مادة الرؤية، ويمكن أن تسمى خطوات بناء مثل هذه البنية بالاستقراء، فرانك اعتبر أنه يمكننا أن نقول إن الاستقراء يبدأ من الاحساسات والوقائع والأشياء، ويربط هذه العناصر بواسطة الأفكار والنظريات والأراء الضرورية.
3ـ الاستقراء بمفاهيم جديدة:
يرى هويويل أن كل استقراء ناجح هو بمثابة مفهوم جديد، ونظام جديد يصنعه المؤلف من مادته اللغوية والمنطقية، ويتمثل هذا المفهوم في المنحنى الإهليجي في حالة كبلر، وفي العجلة في ميكانيكا جاليليو؛ وفي العجلة والجاذبية في فكر نيوتن، وبين هويويل أن تاريخ الفيزياء لا يتألف من اكتشاف الوقائع الجديدة فقط، ولكن أيضا من صياغة مفاهيم جديدة.
4ـ المفاهيم والتعريفات التشغيلية:
أجرى بريدجمان دراسة ممحصة وذكية للظروف التي يجب أن يوضع في ظلها تعريف للمفاهيم الرئيسية في الديناميكا الحرارية، فكل التعريفات التشغيلية مقصورة على ظروف هادئة ومبسطة، بل إننا يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك. يرى فرانك من كل ذلك أن كل تغير يطرأ على معرفتنا بالقوانين الطبيعية لابد أن ينتج عنه تغير في التعريف التشغيلي الذي نستخدمه.
5ـ الاستقراء بواسطة الحدس والاستقراء بواسطة التعديد والسرد:
هناك طريقين مختلفين بل وغير متوائمين، لوضع القوانين العامة للطبيعة، وهما الاستقراء والحدس، وتمثل الطريقة الأولى في تجميع مجموعة من الأحداث المرئية يمكن التعرف فيها على بعض تعاقبات الأحداث التي يتعاود وقوعها مرارا وتكرارا، هويويل يضرب أمثلة على الاستقراء الذي أدى إلى اكتشاف بعض القوانين الفيزيائية، وقد أكد الفن يما على الصلة بين الاستقراء، ونص ريشنباخ على أن كل أشكال الاستدلال الاستقرائي يمكن أن تتحول إلى استقراء بواسطة التعديد.
14ـ صلاحية النظريات:
1ـ الاستقراء والاحتمال الإحصائي:
إن الاستدلال الاستقرائي هو الطريقة التي نحسب بها هذه الاحتمالات على الأقل على نحو تقريبي، ويجب أن نتذكر دائما أننا في أي موضوع علمي قيمته، ويذكر ريشنباخ أن كلمة احتمال في العبارة هناك احتمال معين لصلاحية نظرية معينة تحمل نفس المعنى الذي تحمله في العبارة احتمال، ويميل بعض المؤلفين إلى القول بأننا يجب أن نحكم على النظريات من خلال احتمالاتها المبنية على أدلة الرؤية.
2ـ الاحتمال الإحصائي والمنطقي:
من داخل الوضعية المنطقية حاول رودولف كارناب أن يعرف احتمال النظرية بطريقة أكثر تعميما وغير مبنية على الحساب التقليدي للاحتمالات بواسطة التفاضل والتكامل، إن الاحتمال الإحصائي يستخدم في التفسير الشائع للاحتمالات في النصوص الموجودة في النظريات الإحصائية للفيزياء وعلم الوراثه، أما مفهوم الاحتمال الاستقرائي فهو مفهوم منطقي بحت، كما قدمه كنرناب، وهو لذلك يسمى الاحتمال المنطقي والنص بشأن الاحتمال الاستقرائي للفرض بناء على الدليل، حاول كارناب أن يبني منطقا استقرائيا يماثل المنطق الاستدلالي من أوجه عدة، وبما أن نصوص المنطق الاستقرائي هي نصوص منطقية طبقا لكارناب فإنها لا تذكر شيئا عن الوقائع الفيزيائية، ويرى كارناب أن القرارات البشرية لا يمكن توجيهها بنظريات المنطق الاستقرائي.
3ـ أي نظرية للاحتمالات هي النظرية الصحيحة:
لعتب رفون ميزس بأن المفهوم الوحيد الذي يمكن تحديده واضحا والذي يمكن في الواقع أن يستخدم في العلم، وحاول جاكوب برونوسكي أن يقدم معالجة مختلفة اختلافا جذريا لموضوع احتمالات نظرية معينة، وكان غرض برونوسكي تأسيس معيار لصلاحيات النظريات، وحسبه فالنظرية يزداد احتمالها كلما كانت أكثر بساطة.
15ـ نظريات عالية التعميم:
1ـ دور السببية في علوم القرن العشرين:
إن الظواهر المرئية في الفيزياء الذرية لا تتبع قوانين السببية إلا في حالة التدفق الغزير للأشياء الذرية، وإذا أردنا أن نفهم الفرق بين دور السببية في الفيزياء الذرية بالقرن العشرين ودورها في فيزياء القرن التاسع عشر، فلا بد أن ندرس البديهيات والعلاقات بين الرموز والخطط المفاهيمية، ومعروف أنه ليس لقوانين السببية للميكانيكا النيوتونية معنى في الفيزياء الذرية.
2ـ المعايير العلمية لقبول النظريات:
من المعايير العلمية لقبول النظريات كونها تتماشى مع الحقيقة بتعبير الفلسفة التوماسية، أي الحقيقة باعتبارها اتفاق بين عقل الإنسان والأشياء الأخرى في الكون الحقيقي، ومثال هذا الانعكاس عند الاتحاد السوفيتي، وفي أواخر القرن التاسع عشر اقترح بيرس إدخال خطة ثلاثية في تقديم العلم، وتتكون المعايير من الشيء المرئي، والعالم المشتغل، والعلامات التي يخترعها العالم لكي يقدم العلم، يخلص فرانك إلى أن ما يتطلبه العلماء لقبول النظرية بالمعنى الحديث هو الاتفاق مع المشاهدات والبساطة، فقيمة النظرية تكمن في اتصافها بأنها أكثر بساطة، قبل أن تكون مجرد سجل للمشاهدات.
3ـ دور الأسباب فوق العلمية:
كانت فيزياء أرسطو وأفلاطون أكثر ملاءمة لهذا الفرض من فيزياء أبيقور، فقد كان أرسطو على سبيل المثال يرى أن الأجرام السماوية تتركب من مواد أكرم من مواد أرضنا، ويخلص فرانك إلى أن التأثيرات غير العلمية على قبول النظريات هي شيء لا يصح أن يحدث ولكن بما أنها تحدث فعلا فمن الضروري أن نفهم وصفها في نطاق تحليل منطقي للعلم، ويطالب فرانك أن تكون النظريات العلمية ملائمة لمساندة المذاهب الأخلاقية والسياسية، ويسلم فرانك بأن التغيرات التكنولوجية تحدث تغيرات اجتماعية، ومعروف أن الثورة الصناعية في انجلترا انعكست على السلوك البشري، وكذلك يمكن أن يحدث مع ظهور التكنولوجيا الذرية.
يدعو فيليب فرانك إلى الحديث عن اجتماعيات العلم أو خلفية الإنسانيات في العلم، إذا شئنا أن نرسم لهذه المجالات الجديدة إطار إسناد في طريقتنا التقليدية للكلام، ويصرح فيليب فرانك بأن فلسفة العلم التي قدمت في هذا الكتاب تمس الجانب الذرائعي.
يخلص فيليب فرانك إلى أهمية العلم في حياة الإنسان وسلوك الإنسان، ويقول أن فلسفة العلم تؤدي في النهاية إلى البحث في ذرائعية العلم التي تتخيل نظاما يشمل العلوم الفيزيائية والبيولوجية كما يشمل علوم السلوك البشري على حد سواء، هذا الكلام الذي خرج به فيليب فرانك يمثله كل المفكرين الأنجلوساكسون على حد سواء. أما في منهج هذا الرجل فيعتبر أنه في كل الحالات نبدأ من منظومة من البديهيات وتستنبط النظريات.
خلاصة الكتاب:
في افتتاحية الكتاب يتحدث فيليب فرانك عن المنجز الإنساني المنقطع النظير، غير أنه اليوم يواجه أخطار نابعة من عناصر تميزه، ولعل الإنجازات العلمية كانت مصدر هذا الخطر، فالعلم المادي يكتسح كل شيء نظرا للدعم المولى له على حساب العلوم الإنسانية والدين والجمال. حسب فرانك فعلى طرفي السلسة هناك الفلسفة والعلم، تتدخل فيها مفاهيم جوهرية كالخبرة والفطرة السليمة. يعتبر فيليب فرانك الفلسفة والعلم كطرفين، الطرف الأول هو الطرف العملي أو التقني، وطرف آخر نسميه بالطرف الفلسفي، حسب فرانك نشأ تحطم السلسلة في تصور فرانك عن أن المعيار لقبول قاعدة لم يكن هو نفس المعيار عند طرفي سلسلة العلم والفلسفة، أو بتعبير آخر من خلال محور العلم الفلسفة بأكمله، ويرىفرانك أن العلم أراد أن يستنبط ما هو عملي من ما هو نظري في الفلسفة، وأبدى مثال خروج الميكانيكا العملية من النظرية، وهو ما تسبب في انفصال السلسلة بين العلم والفلسفة.
أشار ديكارت إلى أن الهندسة أحيت الأمل في الفلسفة، وقامت على إرشادها. وأكد كانط أكثر من ديكارت وباسكال على الإيمان بإمكانية تأسيس الفلسفة بمعناها المحدد في الميتافيزياء في نهاية الأمر على مثال الهندسة التي كان مجرد وجودها دليلا على إمكانية المبادئ الجلية. في القرن العشرين كانت الهندسة مبنية على استنباطات منطقية شكلية من البديهيات. ويؤكد كل من ريمان وهيرمان هولمهولنز على أن بديهيات الهندسة هي نتائج للمشاهدة المادية، ومن تم فإن النظريات لا يتوافر لها يقين أكثر مما يتوافر لأي نص في الفيزياء، و يرى دافيد هلبرت أنه على الهندسة أن تتصور بحيث يجب أن ينتقل المرء من البديهيات إلى النظريات دون اعتماد على ما تعنيه. ويرى أن تطابق نظامين يستند لعملية مادية، وبدلا من هذا علينا أن نستند إلى صفات التطابق بواسطة البديهيات. قيل لأينشتاين أن نظريته لا تتناسب والهندسة المستوية لأوقليدية ولكن أينشتاين جادل بأنه يجب أن نستنتج من ذلك أن الهندسة الأوقليدية غير صالحة للتطبيق في حالة دوران الجسم الصلب، ذلك أنه حسب فرانك البديهيات الأوقليدية وقوانين حركة نيوتن لا تتلاءم وعلينا أن نختار إما أن نحتفظ بالتعريف القديم للأجسام الصلبة وهي في هذه الحالة لا تنطبق على الأجسام الدوارة، وإما أن نبدأ من سلوك الأجسام الصلبة، أي أن نضع هندسة غير أوقليدية.
يرى فرانك أن القول بأن التفسير الرباعي الأبعاد لنظرية النسبية يتصادم مع المذهب المادي قول مضلل، واعتبر هوايتهد أن نسبية التزامن ضربة عنيفة لمذهب المادية الكلاسيكية، التي تفرض سلفا لحظة راهنة محددة تكون كل المادة عندها حقيقية في آن واحد. حسب فرانك فحتى الذرات الصغيرة، تخضع لنفس قوانين الحركة التي وضعها نيوتن ليستنبط حركات الأجرام السماوية، وحسب بوهر أن الحركة الدائرية لاتتم إلا بأنصاف أقطار معينة، وحسب البرنس برولوي فإن الفوتونات لها حركات لا تحددها قوانين الميكانيكا ولا تحددها قوانين الحيود.
يخلص فرانك أنه إذا أردنا صياغة مبدأ السببية كنص بشأن الوقائع المرئية فمن الواضح أننا سنواجه مهمة معقدة وعسيرة، وصاغ هيوم السببية كتكرار للتعاقبات أو التتابعات. حسب فرانك فقد يتحول القانون السببي إلى قانون إحصائي إذ تعددت الظاهرة النتيجة فكل طلقة رصاصة مختلف فيزيائيا عن أخرى أطلقت من نفس الفوهة، نحصل على نوعين مختلفين من القوانين إذا عدنا إلى الحركات التي تتيح أيضا أن نتنبأ بنموذج للتصادمات، ولكن التشتت لا يختفي في النتيجة يمنع التشتت في الظروف الإبتدائية. إن الاستدلال الاستقرائي هو الطريقة التي نحسب بها هذه الاحتمالات على الأقل على نحو تقريبي، ويجب أن نتذكر دائما أننا في أي موضوع علمي قيمته، ويذكر ريشنباخ أن كلمة احتمال في العبارة هناك احتمال معين لصلاحية نظرية معينة تحمل نفس المعنى الذي تحمله في العبارة احتمال، ويميل بعض المؤلفين إلى القول بأننا يجب أن نحكم على النظريات من خلال احتمالاتها المبنية على أدلة الرؤية.
إن فلسفة العلم تؤدي في النهاية إلى البحث في ذرائعية العلم التي تتخيل نظاما يشمل العلوم الفيزيائية والبيولوجية كما يشمل علوم السلوك البشري على حد سواء، هذا الكلام الذي خرج به فيليب فرانك يمثله كل المفكرين الأنجلوساكسون على حد سواء. أما في منهج هذا الرجل فيعتبر أنه في كل الحالات نبدأ من منظومة من البديهيات وتستنبط النظريات.


تم الاعتماد على الكتاب كمرجع:
"فلسفة العلم، الصلة بين العلم والفلسفة" كتاب ابستيمولوجي من تأليف فيليب فرانك، ترجمة علي علي ناصف، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1983.



#لحسن_لحمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، مقدمة معاصرة- لمؤلفه أليكس روزنب ...
- التراجيديا من منظور نيتشه


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لحسن لحمادي - قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه فيليب فرانك