|
مناجم الذهب في أسوان ..إلى أين ؟ ج1
هويدا احمد الملاخ
الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 04:22
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إن تنمية الثروة المعدنية لابد أن يكون هدفا قوميا لمصر تعد من اجل تحقيقه الخطط الجادة المسايرة لتكنولوجيا العصر الحديث ، المبنية على أسس علمية ومدروسة وفق مجموعة من الإجراءات اللازمة لتنشيط عمليات البحث والاستكشاف عن هذه الخامات واستخدام أفضل الطرق لاستخراجها واستغلالها بطريقة اقتصادية ،ويتحقق ذلك من منطلق ان الثـروة المعدنية في اى دولة من دول العالم هـي أحد الدعامات الأساسية التي ترتكز عليها فـي تطـوير صناعاتها وتنمية اقتصادها . لا شك أن مصر غنية بالكثير من المعادن النفيسة ،التي لم تحظ حتى الآن بالاستغلال الأمثل، مما نتج عنه ضآلة مساهمة قطاع الثروة المعدنية في الناتج المحلى الإجمالي ، الذي يساهم بالقليل ، على الرغم من الإمكانات الكبيرة له ، والتي وصفها الخبراء الجيولوجيون بالثروة المنهوبة والمهملة ، لأن مكاسبها لا تذهب معظمها إلى ميزانية الدخل القومي للدولة .
ومن الممكن أن تصبح مصر من الدول الغنية على مستوى العالم ، إذا استغلت تلك الثروات الطبيعية من المعادن الاستغلال الأمثل ، وتكون القاطرة الحقيقية للتنمية وفق الإمكانات والظروف المتاحة ، وعلى رأس تلك المعادن الذهب ، الذي يمكن أن يساهم بشكل فعال في إنعاش الاقتصاد المصري ، خاصة وان معدن الذهب اعتبر منذ العصور القديمة ملك المعادن، ونتيجة لندرته النسبية وخواصه الطبيعية وأصبح المقياس الدولي المعترف به لتقيم المواد والعملات حتى يومنا هذا .
وبالرجوع بالذاكرة إلى الوراء لمعرفة الجذور التاريخية لصناعة التعدين فى مصر وخاصة معدن الذهب ، وبالتحديد في العصر الفرعوني القـديم ، تسيطر علينا الحيرة والدهشة حين نحاول أن نفهم كيف برع المصريين القدماء في معرفة جيولوجيا مصر وتحديد واكتشاف مواقـع التعـدين بمنتهى الدقة والإبهار ، وكيف نجح الفراعنة فـي استخراجها فـي صورته الطبيعية ، ومعـرفة الأجهـزة والأدوات الخاصة بصناعة وعلوم التعدين ، حتى تمكن الفراعنة من تصنيع الذهب الخالص . وحين نتأمل الآثار المصرية القديمة نجد الإنسان المصري القديم قد برع في صناعة التحف والقطع الذهبية ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كثرة مناجم الذهب المصرية القديمة التي كانت تحت سيطرة ملوك مصر ، في ذلك الوقت فلم يكن هناك نوبة مصرية ونوبة سودانية .
وقد ازدهرت صناعة التعدين المصرية وتطورت مع ازدياد الاكتشافات في العصور اللاحقة حيث ارتفع عدد مواقع تعدين الذهب إلي 86 موقعا كلها بالصحراء الشرقية، امتدت من أسوان إلي النوبة وغطت الصحراء الشرقية بأكملها إلي جنوب الزعفرانة، وهي محددة بالأسماء والمواقع الجغرافية، وبلغ إنتاج الذهب أوجه خلال الأسرتين الـ18 والـ 19 . والجدير بالذكر أن كلمة النوبة تعنى في اللغة الفرعونية الذهب، ولأن منطقة النوبة غنية بالذهب؛ أطلق عليها الفراعنة اسم “نوبا”، إذ كانت هذه المنطقة تحتوى على العديد من مناجم الذهب في منطقة " وادي العلاقى " لذلك سميت المنطقة فى أغلب الخرائط المرسومة وقت الفراعنة بـ نوبا، ومنها أُشتق اسم النوبة .
و كان الانجليزي هوارد كارتر Howard Carter"" الخبير بعلوم المصريات والذي اكتشف مقبرة الملك الشاب في 29 نوفمبر 1922 واخترق عدة أبواب للوصول إليها ، وكان تابوت الملك موضوعا داخل تابوت آخر من الخشب، غطى سطحه بصفائح من الذهب وطعم بزجاج متعدد الألوان، ثم وضع الأخير بدوره داخل تابوت ثالث يشبه التابوت الذهبي، لكنه صنع من الخشب وغطى بالذهب، وقد وضعت هذه التوابيت المتداخلة على سرير من الخشب داخل تابوت آخر من الحجر ، وعلى وجهه قناع من الذهب أيضا، والتابوت وزنه 110 كيلوجرامات والقناع 54 كيلوجراما من الذهب الخالص.
كيف صهر حرفيو الفراعنة الذهب الذي يحتاج الى حرارة قوتها 1063 درجة مئوية للانصهار وكيف نجحوا في تشكيله كعلبة من قسمين أسفل واعلي، بشكل مومياء الملك وقناع بشكل وجهه، وكيف زخرفوها؟! فقد استخدم الذهب في صناعة الحلي و المشغولات المخرمة من أسلاك الذهب والفضة؛ وكانت تعكس مستويات عالية من المهارة الحرفية، واستخدمت فيها طرق أبدعت أشكالا ورموزا ، وكانت هناك كميات كبيرة جدا من الذهب كانت موجودة في مقابر ملوك مصر العظماء أمثال أحمس وتحتمس وأمنمحات وسيتي ورمسيس وغيرهم ممن ثبت تاريخيا من خلال البرديات والنقوش الكتابية ، أنهم استخرجوا الذهب من مناجم الصحراء الشرقية وخاصة منطقة النوبة . وهناك من البرديات القديمة ما يؤكد أن أحد ملوك بابل في العراق ، قد أرسل إلى احد ملك مصر وهو الملك أمنمحات الثالث ، يطلب من حكومته أن ترسل إليه بعضا من تراب الأرض المصرية المليء بالذهب .
كانت تلك لمحة تاريخية سريعة عن اهتمام ملوك مصر في العصر الفرعوني بمعدن الذهب ، وللكلام بقية فى المقال التالي .
#هويدا_احمد_الملاخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن والتاريخ
-
أسوان جسر التواصل مع أفريقيا
-
أهم المحميات الطبيعية في أسوان
-
التنمية الاقتصادية في أسوان .. ادفو نموذجا
-
التراث العراقي .. وهمجية عبدة الشيطان
-
رمز الصداقة المصرية السوفيتية في أسوان
-
تراث أسوان.. ورحلة الصمود
-
الجيش المصري وباب المندب
-
التحدي الأكبر للقارة الأوروبية
-
اليمن السعيد الى اين ؟
المزيد.....
-
هل يمهد اتفاق الغاز بين تركيا وتركمانستان لعهد جديد في أمن ا
...
-
بي بي تبدأ الإنتاج من المرحلة الثانية لمشروع آبار ري?ن للغاز
...
-
تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأحد
-
لماذا حطم الروس الرقم القياسي في شراء الذهب؟
-
النساء و-فتات الذهب-.. هكذا انهار منجم الموت في مالي
-
أسعار الذهب اليوم الأحد 16 فبراير 2025 للبيع والشراء
-
المنتجات السودانية تنتشر في السوق الأوغندي
-
كويكب ينطلق بسرعة هائلة قد يضرب الأرض ويحدث دمارا كبيرا.. إل
...
-
استطلاع: نحو ربع الألمان لا يمتلكون مدخرات
-
للأسبوع الثاني ..انخفاض كبير في صادرات نفط العراق إلى أمريكا
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|