سمير دربالي
الحوار المتمدن-العدد: 4810 - 2015 / 5 / 18 - 22:08
المحور:
الادب والفن
..وأنا أراقبُ سيْر الامتحَانات ..وأتابعُ فعْل الحبْر و إمْكان الرّبْح ..وفيما كنتُ أتملَّى وُجوهًا لم تنضُجْ ملامحُها بعْدُ -كَالْ-طَارَدَها الشّابّي في "صلواته" ..-تُصارع الوقتَ وما أشكل عليْها من أسئلة قُدّتْ على عَجَل في زمن يجُرُّ لحافه ويُكَرْكرهُ ..كذئْب يُطاردُه خيالُ غراب مغدور ..رأيت أخاديدَ كثيرة وكَدمات تنتشرُ كالفوضى في صفحات فيها عُيون ..كأنْ شُقَّ عنها في غفْلة من الأعْيُن و من التاريخ ..
تلك الأخاديدُ -يا سادة - هي أثارُ غَزوات البَعوض القادم من الوادي على السّكان في زمن النسيان ...وما أكثر الغزوات في بلدي وما أبعد حدود النسْيان ..والوادي -أو السّارقْ -[بتشديد القاف ] كما ينعته أهل القرية ، لكثرة مَا اختطف من الأرواح ، هو مجرى الماء من أعلى جبل "مَغيلة " مُرورًا بقبائل "تاغوت "و "أولاد عاشور" و "اولاد عبد الالاه .". إلى نهايات مازلتُ أجهلها ...و "أولاد عاشور" قبيلةٌ من القبائل المنْسيّة في الوسط سكنتْ الوادي وامتهنت عمَل الأرْض أبا عنْ جَدّ .وعرفتْ ككلّ قبائل تلك البقعة المنسيّة من الأرض لسعة الجوع والفقر والبعوض حتى صار يُسمّى ب- حَبّ أولاد عاشور ..رغم أن المرض قد وزّع مصائبه بلا تفْريق -رُبما لكثرة ما نالها من الأذى منْه .. و للحَبّ فعلٌ شَبيهٌ بفعل الحُبّ في الجسَد وفي الأعْماق..
مَلامحُ تحملُ تاريخًا من المعاناة لبَراءَة خَبرتْ - قبلَ أن تعرفَ كمثيلاتها معْنى الكرْكرْة -معْنى الوَجع في الظّلمات ..ووُشومًا مُبهمةً كرسُوم زيّنتْ وجوه الأجداد تاريخًا - حينَ ضاقتَ به الأرضُ وحاصَرته خيولٌ قادمةٌ من الشّرق - حفَرتْه في الجلْد عنوانَ حضارة وعنوانَ حياة ..هي تنتظرُ من يكشفُ ملامحَها ويفهمَها كالتي على وجوه الأطفال ....
وللأطفال أقلامٌ في اليَد
تحاول رسْم غدهم بعيدا عن الوادي
غارقٌ وطني في المأساة ..
وينْسى كذاكرة أصابها كسلٌ عضويٌ ..
والتاريخُ لدغاتُ بَعُوض ...
#سمير_دربالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟