محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 4810 - 2015 / 5 / 18 - 15:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل توجد حقيقة مطلقة، أم أن الحقيقة نسبية على كل حال؟
سنتناول الموضوع بداية بالتمييز بين نوعين من الحقيقة:
الحقيقة الذاتية: وهي طريقة وصول الواقع إلى أذهاننا، وهي تختلف من فرد إلى آخر، وتتحكم في تحديدها عوامل متداخلة، أولها السلامة الصحية، إذ أن ضعيف السمع أو فاقده، وكذلك ضعيف البصر أو فاقده، يختلفان في مدى إدراكهما للواقع، ما يخلف انطباعا متمايزا، ويمكن أخذ مجمل الإعاقات البدنية أو الذهنية على نفس المنوال...
ثانيا، عوامل متعلقة بالإيديولوجية، أو تجارب الحياة، أو المخزون الثقافي وما إلى ذلك مما يساهم في تحديد المستوى الفكري للفرد، فالشخص السليم المتدين مثلا، أو المتشبع بالأمور الروحانية أو اللاهوتية، لا يتبدى له المطر بالطريقة نفسها التي ينظر إليها علماني متخصص، أي أن طريقة إدراكهما وتفسيرهما للظاهرة الواقعية تختلف، وبالتالي تختلف مستويات إدراكهما للحقيقة.
الحقيقة الموضوعية: وهي المتعلقة بالواقع كما هو، دون إقحام الوعي فيه، وهذه الحقيقة مطلقة، واطلاقيتها تبرر بوجودها، فالطائر الواقف هناك فوق الشجرة، يشكل وجوده حقيقة مستقلة عن الذات، أي خارجة عن طوعها، كذلك الشأن بوجود الكرة الأرضية والسماء والأجرام وغيرها من الأشكال الوجودية....
لا يحدث أبدا تطابق مطلق بين الحقيقة الذاتية والحقيقة الموضوعية، أي أننا لا ندرك الحقيقة الموضوعية إلا نسبيا، خاصة وأن هذه الأخيرة في تغير دائم، لكن قدرة الإنسان تتجاوز أحيانا محاولة الإدراك إلى فعل التنبؤ، وذلك بفضل استيعابه لقوانين الطبيعة، ففهم منطق الحركة يساعد المرء على تنبؤ مسارها، مثلا، عندما تتجه سيارة من مدينة إلى أخرى، بسرعة محددة، يمكننا التنبؤ بساعة الوصول، في حالة سلامة السيارة، وانعدام عرقلة السير، وهلم جرا إلى ما دون ذلك من الأمثلة.
يسعى الإنسان دائما نحو الحقيقة المطلقة، يطوع الطبيعة لخدمته، يخترع ما يساعده في ذلك، فيكتشفها على نحو مجزأ، يحاول رفع وعينا إليها على أصعدة مختلفة، وعن طريق منهجيات مختلفة، تعتمد التخصص، وتذهب بالحقيقة نحو الكمال...
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟