محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 4810 - 2015 / 5 / 18 - 12:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن إشكال ماهية الشخص، يعتبر أحد الإشكالات المركزية التي تدارسها الفلاسفة منذ القدم، أو بالأحرى الإشكالية الأكثر جدلا في تاريخ الفلسفة، ولا حرج علينا اليوم، إذ ارتأينا بدورنا حشر أنوفنا في الموضوع...
ما الشيء الثابت في الإنسان؟ ما الذي يجعلني أنا اليوم، وغدا..؟
ربما لم يجادل أحد في أن الظاهر متغير، أي أن الشكل أبعد من أن يكون محددا لهوية الإنسان، نظرا لعدم ثباته...
كيف تدرك أن ذاك الشخص الذي التقيته أمس هو صديقك الذي تلتقيه الآن؟ نبرة صوته، فكره، ماضيه الذي طالما يذكرك به...
لكن كل هذه المعالم يمكنها أن تكتسي حللا جديدة في كل حقبة عمرية، أي أنك مثلا إذا التقيت نفس الشخص بعد ثلاثين سنة، فسيصعب عليك التعرف عليه، إذ أن نبرة صوته سوف تتغير، خاصة إذا تعرفت إليه أول الأمر في مرحلة الطفولة، فكره قد يتغير، فقد يكون متدينا ثم يتعرف على فكر جديد فيتبعه، أما بالنسبة لاستحضار الماضي، فأغلب تفاصيله يمحيها الزمن، دون أن يعني ذلك تقلصا في شخصية الإنسان، أو تصغيرا لها، كما لا يعني أن فقد الذاكرة يلغي شخص الإنسان !
ربما تبقى بطاقة التعريف الوطنية إحدى المحددات التي تعتمدها الدولة في التعرف على هوية الشخص، إلا أنها ليست ثابتة بالمرة، لأنك تجبر على تغييرها كل 10 سنوات...
إن البصمات التي هي ثابتة في العرف التقليدي، لا تكف عن الحركة، دائمة التغير، وفي الحقيقة فإن الصخر بدأ يتحرك منذ اكتشاف الميكروسكوب، كل شيء في تغير دائم وفي حركة دائما.
وهذا يعني بشكل مباشر، أن هوية الأشياء هو منطق حركتها، وبذلك تخرج عن ما تم ربطها به من ثبات، لبيان انعدام الثابت، وبذلك فإن الشخص يموت في كل لحظة، ويحيى في كل لحظة، يموت ويحيى باستمرار، وهذه هي جدلية الطبيعة، صراع الأضداد ينتج الحياة كما تتبدى لنا واقعا، حتى الموت لا يعني الثبات، فالجثث في تحلل دائم، والتحلل يعني الحركة، أي أن الحركة مشروطة بوجود المادة عموما....
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟