أديب حسن محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1 - 11:37
المحور:
الادب والفن
على غير عادته...
استيقظ متأخراً ذلك اليوم.
نظر إلى ساعة الحائط: الثانية عشرة تماماً....!!
هب ّ كالملسوع من سريره،نافضاً عن جسده الشرشف الأبيض.
وقف بإعياء أمام المرآة البيضاء،وحدّق في وجهه الغائم.
ارتدى بذته البيضاء الجديدة.
خرج من الباب الخلفي الأبيض لبيته.
راقب البستاني وهو يقتلع الأعشاب الخضر،تاركاً فسحة
لأعشاب غريبة بيضاء..!!
تابع سيره....
أوقف سيارة بيضاء.
جلس قرب السائق الذي لم يبد ِ أية علامة تدل على اكتراثه بوجود زبون.
نزل عند البناء الأبيض الشاهق الذي يعمل موظفاً فيه.
لم يتفحصه مراقب الدوام ذي اللحية البيضاء كما اعتاد كل صباح.
تابع المشي....
وصل إلى مكتبه الأبيض الكالح.
جلس أمام كومة بيضاء من أوراق المراجعين.
بدا له زملاؤه في المكتب كأشباح بيض،كانت أصواتهم تضرب طبلة أذنه،وهم يتحدثون متندرين بغشمه،ونزاهة يده،
استغرب عدم اكتراثهم بوجوده.
طلب فنجاناً من القهوة بالحليب.
ثم نظر إلى ساعته: الثانية عشرة...!!!
رفع حاجبيه مذهولاً.
هرع إلى المغاسل قاصداً أقرب مرآة.
صُعق عندما وجدها بيضاء ناصعة،رغم محاولاته الفاشلة في العثور على وجهه..!!
خرج إلى الشارع،واجتازه رغم سيل السيارت المسرعة،
وصل البيت.
لم ير َ البستانيّ،لكنه تعثر،وكاد أن يقع في حفرة كبيرة أمام شباك غرفته.
دخل البيت.
تأمل صورته الكبيرة وسط الجدار الأبيض،
ذهل عندما رأى عصابة سوداء على زاوية الصورة..!!
تنهد في أسى.
عبر الردهة إلى غرفته.
أحكم إغلاق الباب الأبيض.
رمى جسده على السرير الأبيض.
غطّ في نوم عميق.
فيما كانت الساعة الجدارية
تدق...إثنتي عشرة دقة...!!!
***********************************
#أديب_حسن_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟