مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 4809 - 2015 / 5 / 17 - 00:06
المحور:
الادب والفن
صديقي القديم
(54)
الليالي التي صرفتها في رحلتي الطويلة اليك لا تزال كوابيسها تلاحقني. مع أول عواء للذئاب هربت لأطلبك، ثم أتيت أنت لتطرق الأبواب، فوجدتها قد خلعت جميعا.
أوه، يا صديقي، كوخي الطيني الأبيض الجميل دنس في غيابك، وهنا بعيدا عن مرتع طفولتي عيناي على الدرب ترقبان مجيئك؛ لتعيدني إلى بيادر قريتي.
كل الأسئلة المحيرّة التي أحضرتها من أجلك ذابت عندما قدمت مبتسما. عندها علمت بأنني لم أخطو خطوة واحدة باتجاهك؛ لأنك كنت كل هذا الوقت في داخلي، وكنت أبحث عنك بعيدا بين النجوم.
(55)
أن أغاني الحصاد ستهمل هذا الموسم، ولن تغنّى. قد تكون كلماتها جميلة، والألحان كعروس راقصة، ولكن لن تكون هنالك المزيد من أغاني الحصاد في هذا الصّيف الأصفر.
ليس لأن السنابل لم تمتلئ، وليس لأن النسيم لم يسمّن البذور.
الندى زلال ـ كما في كل مرة ـ على أوراق السنابل وقت الفجر، والشمس تحيل مزارع الحنطة إلى حلية ذهبية عند الظهيرة، وأنا أقف عاجزا، وخجلا أمام هذا الجمال الفائق؛ لأن منجلي مكسور هذا العام، وأنتظر قدومك لتصلّحه لي.
(56)
أنا القروي الجاهل، قبل مجيئك يا صديقي لم أقدر قط أن أكبح جماح غرائزي، ولكن كانت لك حكمتك في هذا. ففي نهاية النهار أريتني الطريق إلى ذاتي، وعندها أصبحت جديرا بالترفع عن التوافه.
علمتني كيف إن الشمس تشرق لي أيضا كل صباح.
منعت عني ريح الرغبات عندما راقبنا النحل، وهي تسرق العبير من الزهور.
لم أختبئ بعدها أبدا، وكل مساء أنتظر القمر ليسرد لي قصة جديدة، ثم يأتي النسيم البارد ليتفقد اللحن الذي وضعته بنفسك على أوتار طمبورتي القديمة.
القرويون يتّرقبون مروري أمامهم كل مساء؛ ليسألونني عنك.
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟