أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هشام الطوخى - الوهابيون عند حصن بابليون و الميكيافيلليون يتصارعون حول زعامة الخرفان















المزيد.....

الوهابيون عند حصن بابليون و الميكيافيلليون يتصارعون حول زعامة الخرفان


هشام الطوخى

الحوار المتمدن-العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1 - 11:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ما يدور فى مصر الآن ليس موضوع الحديث ، فالحاضر لا يحمل داخله أى جديد ، الحزب الوطنى الديمقراطى جداً جداً لا يستشعر أنه يواجه أية مخاطر استثنائية ، ولديه من الكوادر القادرة على اجراء عملية التحول الشكلى وتغيير الجلد ما يكفى للمضى فيها بمنتهى الثقة ودون مخاوف من ضياع أى من مكتسبات عصر التحنيط ، والاخوان المسلمون المرابطون على أبواب حصن بابليون - منذ وضعهم هناك نبيهم حسن البنا - لم يفقدوا أبداً ايمانهم بوهابيتهم الصحراوية ولا بمقولة زعيمهم الخالدة ب " أننا لن نسعى الى السلطة لأن السلطة هى التى ستسعى الينا " ، وما يزالون يطبقون بحرفية منهج التقية وايهام القول - وان كان لا يزال غير معروف على وجه اليقين ان كانوا قد أعادوا الى الوجود " النظام السرى " العسكرى أم لا - ، وباستثناء بعض المناوشات الَّلينة من حركات التغييرالجديدة الغير مؤثرة فى استراتيجية الميدان أو فى عقلية جنود الفريقين أو الخرفان فلا جديد فى الساحة يمكن أن يدعونا الى توقع تغيير مفاجئ أو قريب فى الأوضاع الداخلية فى مصر.

أما عن مولد الحاكم بأمره الذى اقيم أخيراً فلا يختلف فى طقوسه عن أى من الموالد التى جرت على أرض المحروسة خلال الستة آلاف عام الماضية ؛ انفض المولد بهدوء وركب الخليفة وعاد الخرفان الى مراعيهم ، وبقى الميكيافيلليون من الحزب الوطنى الديمقراطى جداً والأقباط و الأحزاب الرسمية للتفاوض على الحمص ، وبقى الاخوان - على أبواب حصن بابليون ينتظرون " كورش " الذى سيفاوضهم يوماً على الدخول .

باختصار فالحديث عن الواقع الحاضر فى مصر لا يتضمن صراعاً درامياً قادراً على اثارة التوقع أو المتعة ، و علينا حينئذ البحث فى الماضى المصرى المليئ بالحكايا عن شيئ يمنحنا التسلية ،
دعونا نفتح بعشوائية أطول كتب التاريخ وأكثرها زخماً ، ولنقرأ بالصدفة احدى الصفحات

: التاريخ 640 بعد ميلاد المسيح
داخل الجدران الرخامية الدافئة لقصر القسطنطينية كان الصراع على النفوذ قد وصل الى ذروة لا يمكن التراجع عنها بين كل الأطراف ... رجال البلاط المنقسمون فى ولائهم بين الامبراطور العجوز المنهك " هرقل " ، وابنه " قسطنطين ابن ايودوكسيا " ، وزوجته - ابنة اخيه - " مارتينا " وابنها " هرقلون " .
و على الشاطئ الآخر من البحر كانت مصر خاضعة لنائب الامبراطور وبطريرك الاسكندرية " كورش " cyrus المسمى عند العرب " المقوقس " ، وتلتهب بصراع داخلى بين حزبى الخضر الملكانيين وهم أنصار الامبراطور ورجاله الأوفياء الذين لا يتصورون الحياة دونه ، والزرق اليعاقبة وهم المعارضون لسياسات الامبراطور وأفكاره الدينية ويهاجمون فساد رجال ادارته .
وهناك عند نقطة تفرع النيل - قريباً من المنطقة التى يسميها علماء الحملة الفرنسية " بطن البقرة " - كان " عمرو بن العاص " يرابط بعشرة آلاف من الجنود العرب خارج أسوار حصن " بابليون " المحمى بأسواره القوية وحاميته القادرة على الصمود - انتظاراً للامدادات - لمدة شهور تحت أى نوع من أنواع الحصار .
جاء كورش من الاسكندرية الى جزيرة الروضة للتفاوض مع عمرو ، وتم الاتفاق المبدئى على استسلام الحصن ودفع مبلغ 1200000 دينار بواقع دينارين عن كل رأس فى مصر باستثناء الاطفال مقابل احتفاظ الجيش الامبراطورى وموظفى الدولة وحاشيتهم من الخضر والأجانب واليونانيين واليهود بممتلكاتهم الشخصية ومنقولاتهم ، والحفاظ على فترة سلام يتم أثنائها عرض الاتفاقية على الامبراطور لتوقيعها فى القسطنطينية .
رفض الامبراطور العرض بغضب واعتبراستسلام أهم ولاياته وأغناها ذات الحصون القوية المنيعة لجيش يتكون من عشرة آلاف من الجنود اهانة غير مقبولة ، فعزل كورش من منصب البطريركية والنائب و نفاه . وطلب سرعة اعداد جيش لطرد عمرو من مصر ، فى تلك الأثناء مات فجأة الامبراطور بطريقة غير مفهومة ، وتم تسميم ابنه قسطنطين وسيطرت " مارتينا " على الامبراطورية ، وأعادت كورش الى كل مناصبه فى الاسكندرية التى كانت قد اندلعت فيها الحرب الأهلية نتيجة لموت الامبراطور بين الخضر المؤيدين والزرق المعارضين ، وانتهت المعارك بهزيمة الزرق ، ودخل كورش الاسكندرية فى أغسطس 641 م فى احتفال مهيب وسار بين الشعب السعيد المحتفل حاملاً جزءاً من الصليب المقدس على الأرض المفروشة بالسجاد وسط أجواء مشبعة بروائح البخور والتراتيل الدينية المؤثرة ، وألقى موعظة وخطبة احتفالية فى كنيسة " قيصرية " الموجودة على شاطئ البحر ، وبينما استمرت الاحتفالات الشعبية كان تدور رسائل المفاوضات السرية بين كورش وعمرو ، وفى شهر نوفمبر 641 م التقى الاثنان مرة أخرى واحتفلا بتوقيع معاهدة سلام بالشروط التالية :
1- يتم وقف كل أشكال المقاومة فوراً فى مصر والكف عن تجهيز أى جيوش للحرب
2-دفع مبلغ قدره 1200000 دينار دينارين عن كل رأس فى مصر يستثنى منهم الأطفال يتم دفعها على ثلاثة أقساط قبل انتهاء مهلة أحد عشر شهرا.
3- يحق خلال هذه المهلة لكل من فى مصر مغادرتها من البحر على ظهر السفن ويحملون معهم ما يشاءون من ممتلكاتهم المنقولة .
4- يحق لمن يريد من المصريين واليونانيين واليهود البقاء على أن يتم اعتبارهم أهل ذمة يخضعون ولهم الحماية وحرية ممارسة شعائهم الدينية ، ويعفون من خدمة الجيش ويدفعون جزية سنوية عن كل رأس
5- لا تقوم قوات الامبراطورية بأية أعمال حرب لاستعادة ولاية مصر
أرسل كورش وثيقة المعاهدة الى الامبراطور الجديد " هرقلون " فى القسطنطينية فصدق عليها قبل أن يتم خلعه سريعاً وتنصيب " كونستانز " constans ابن " قسطنطين " امبراطوراً جديداً .
فى صباح أحد الأيام فوجئ أهالى الاسكندرية المغيبين فى الاحتفالات والنزاعات بجيش عمرو عند أسوار مدينتهم حاملاً أعلام الهدنة لاستلام القسط الأول من المبلغ الذى تم الاتفاق عليه . ثار الأهالى واندلعت مظاهرات مجنونة تحطم مبانى الحكومة وتطارد رجال الادارة ، واتجهوا الى قصر رئيس الأساقفة وحاصروه ، فاضطر كورش للخروج اليهم لتهدأتهم فبصقوا عليه و قذفوه بالحجارة وأرادوا البطش به فاسرع يختفى منهم ، واستمرت المظاهرات والصخب الى أن دخل الليل ، فعاد الناس الى بيوتهم هادئين وقد لفهم الحزن الشديد ، وفى اليوم التالى بدأ كورش ورجال الكنيسة و الادارة فى جمع مبالغ الجزية التى فرضوها على الأهالى ، والبدء فى تنظيم أول عمليات الهجرة .
فى فترة الهدنة توفى كورش خلال أسبوع الآلام من عام 642 م ، وخرجت كل القوات الامبراطورية وموظفى الدولة وأصحاب الثروات على ظهور السفن حاملين أموالهم ومنقولاتهم الى القسطنطينية .
يقول جون مارلو :" أما المعدمون ، الجماهير الغفيرة ، أى الشعب الذى كان يصرخ بالشعارات ويقذف بالحجارة فى الصدامات بين الزرق والخضر فقد تُركوا فى الخلفية ، لم يكن بمقدورهم ترتيب وسيلة للخروج ، ولم يكن لديهم مكان يذهبون اليه " .




#هشام_الطوخى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجاذيب
- العبور الى المستقبل ... الطريق الى حافة الجسر
- الزرنيخ
- أهل الكهف
- انتخابات عصر التحنيط
- المصريون : شرعية الحاكم المقدس
- العقل الأبوى : موت العقل العربى
- نحن والتطرف : الصمت شريعتنا والمجد للصامتين


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هشام الطوخى - الوهابيون عند حصن بابليون و الميكيافيلليون يتصارعون حول زعامة الخرفان