أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - المخرج باز شمعون ل - الحوار المتمدن -: أعشق سينما الحقيقة، وأعمل من أجل الارتقاء بها















المزيد.....

المخرج باز شمعون ل - الحوار المتمدن -: أعشق سينما الحقيقة، وأعمل من أجل الارتقاء بها


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1 - 11:53
المحور: مقابلات و حوارات
    


على رغم مغادرته المبكرة للعراق إلا أن المخرج باز شمعون ظل متعلقاً بالوطن، مُحباً له، ومُتشبثاً فيه. فقبل سبع وعشرين سنة على وجه التحديد، غادر باز العراق، ولم يستطع العودة إليه حتى بعد سقوط النظام في 9 أبريل " نيسان " 2003، إذ مُنعته سلطة الاحتلال من دخول الوطن بعد ربع قرن من الغربة، وهو المسيحي الآشوري المتعلق بالموصل الحدباء، مدينة طفولته، وصباه. وقد استثمر باز هذا المنع، وصوّره، وأنجز عنه فيلماً تسجيلياً جميلاً، ومعبّراً أسماه " أين العراق. . أين العراق؟ " وكأنَّ العراق أصبح شيئاً ضائعاً في خارطة الكرة الأرضية. في العام 1997 أنجز باز شمعون فيلماً بعنوان " الرغبة والطين " يجمع فيه بين تقنيات ومضامين الفيلم التسجيلي والروائي والشعري، إن صحّ التعبير، واشترك في هذا الفيلم في الدورة الرابعة لمهرجان " أفلام من الإمارات " والتي جاءت تحت محور " السينما الشعرية " إلا أن هذا الفيلم الجميل لم يأخذ حقه من الدراسة والنقد والتحليل، فهو فيلم صورة بامتياز. أما الفيلم الثالث لباز شمعون، والذي يقع في خانة التجريب أيضاً، فهو " المونولوغ " وقد انتهى من تصويره، وسوف ينتهي من مَنتجته خلال بضعة أسابيع، وفيه استطاع أن يجمع بين الفنون القولية وغير القولية. وكما هو معروف فإن باز يكتب الشعر، ويميل تحديداً إلى الشعر الصوفي ذي النبرة الفلسفية، كما أنه فنان تشكيلي متمكن من أدواته الفنية، وقد أقام عدداً من المعارض الشخصية والمشتركة في كل من هولندا، وكندا. وجدير ذكره أن باز شمعون البازي قد درس " وسائل الإعلام المرئية والمسموعة " في جامعة كارلوفا في براغ عام 1996، ويعيش في كندا منذ 10 سنوات. وللتعرف على أبعاد تجربته السينمائية إلتقيناه، ودار بيننا هذا الحوار.
*درستَ وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في جامعة كارلوفا، في العاصمة التشيكية براغ، وتخصصتَ على وجه الدقة في دراسة " الفيلم والتلفزيون ". ما حدود إفادتك من هذا التخصص الدقيق، وهل يمكن القول إن مصادرك ومرجعياتك السينمائية هي أوروبية خالصة، أم أنك تشعر أن هناك تمازجاً بين رؤيتك السينمائية العراقية والأوروبية على حد سواء؟
- إن هذا التخصص يجمع بين السمعيات والمرئيات والفوتوغرافي في وسائل الإعلام بجميع مكوناته، أي أنه يشمل المرئي، والفن القولي بمختلف أشكاله منها التلفزيون والإذاعة والفيلم الدعائي التسجيلي الملتزم، وهذه الشمولية في الفنون ساعدتني في السنوات العشر الأخيرة، حيث أعيش في شمال أمريكا، بالتوجه بكل إمكاناتي نحو فيلم المؤلف، أي الكتابة والإنتاج والإخراج. وهذا النوع من صناعة الأفلام المستقلة والصعبة في تحقيقها هو السائد اليوم في كل من أوروبا و شمال أمريكا، الفيلم المستقل غير التجاري، الفلم الموجه والمدروس فلم " فيريتييه ". ظهر أنصار هذه السينما في كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلدان أخرى أوروبية في الستينات من القرن الماضي، ويطلق عليها بالضبط سينما الحقيقة، وهذه هي السينما التي أعشقها، وأدافع عن أهدافها، وأعمل من أجل الارتقاء بها، والإبحار فيها، والبحث في عملية تطويرها. وأعتقد هي المرجعية الوحيدة الأصيلة للأعمال التي حققتها أو التي أحلم في تحقيقها. في حقيقة الأمر ليست لدي رؤية سينمائية عراقية لسبب أساسي هو أنني تركت العراق عندما كنت صغيراً، ولم تسنح لي الفرصة للرجوع إليه إلى يومنا هذا. وبما أن المصادر شحيحة، والإنتاج العراقي ضعيف، لذلك لم يكن هذا الفيلم العراقي معروفاً عالميا، بل وحتى محلياً، إن الانقطاع عن العراق ثقافياً لمدة ربع قرن، ساهم في عدم تكوين رؤية خاصة وواضحة عن الفيلم العراقي وبشكل عام ثقافته، اللهم إلا لبعض التجارب المحدودة لمخرجين عراقيين من غير جيلي عاشوا في المنفى ولسنوات طوال وهم يكافحون من أجل تقديم تجاربهم في الخارج، ولكن اليوم الأمور بدأت تختلف عما كانت عليه السينما العراقية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، بالرغم من كل الصعوبات والمآسي والجروح التي يمر بها العراق جرت العديد من المحاولات والتجارب الجديدة والجدية التي يبحث عنها مخرجون عراقيون في الداخل والخارج. لا بأس في كون هذه المحاولات أولية وقد تم إنتاجها في ظروف صعبة للغاية، لكنها ستساهم حتماً في تأسيس سينما حقيقية ستكون لها هويتها وقوامها وتجربتها ومتفرجها وصناعها، وهذا الانطباع تكوّن عندي من خلال مشاهدتي لمجموعة قليلة من إنتاج للفيلم الروائي والوثائقي القصير والطويل ما بعد السقوط، وفي أثناء الطوفان الثاني من بينها فيلم " غير صالح للعرض " لعدي رشيد، وأقول بأنه فلم هويته السينما( فريتييه) الحقيقية الشجاعة والجريئة وهذا يفرحني، ويزرع في داخلي الثقة، ويحفزني على الإحساس بأن الفيلم العراقي سيكون له في المستقبل مكانة مميزة ومختلفة عن الفيلم العراقي الموجود سواء في داخل الوطن أو في خارجه.

*في فيلمك " الرغبة والطين " ثمة تهجين مقصود، ومزاوجة هادفة تجمع بين السينما والشعر، هل تنوي التأسيس لسينما شعرية تعتمد على التلاقح بين الفن البصري من جهة، والفن القولي في أعلى تجلياته الشعرية لخلق خطاب جمالي جديد من جهة أخرى؟ ما حدود الشعرية في هذا الفيلم، وبالذات الشعرية الصوفية، ولماذا اخترت هذا النمط على وجه التحديد؟
-هناك الصورة والشعر، لا توجد هناك إلى اليوم السينما والشعر" السينما الشعرية ". هناك سينما الكلمة التجارية... هناك تجارب عبقرية للوصول إلى هذا النوع من التهجين بين السينما والشعر، أي التجارب في السينما الشعرية، من أرقى هذه التجارب بالنسبة لي هي عند المخرج السوفياتي اندري تاركوفسكي في فيلم " أندري روبلوف "، إنه إنجيل هذا القرن في مضمونه وشكله، والشعرية الإنجيلية فيه عميقة بعمق البحر،" موت حصان في كنيسة " أليس هذا المشهد صورة إلاهية نابعة من صميم الصورة الشعرية؟ جميع عناصر الحياة متوفرة وتتكامل في مشهد واحد، بيت شعري واحد، يجسد فيه صورة للموت والله والدين والسلطة والحرب، الصورة هي خالقة الشعرية في السينما وليس العكس. في فيلم " الرغبة والطين " كان هناك تهجين مقصود ومدروس في البناء والهدف، وكان هذا التزاوج بين الصورة والشعر، وبين الشعر والسينما واختياري للشعر الصوفي كان لأسباب عديدة من أهمها العناصر الطبيعية والروحية التي يتمحور حولها المتصوف وأخلاقيته والحقيقة الشعرية العارية التي يتمتع بها المتصوف، هذا النوع الشعري الذي يتلبسه المتصوف، ويكشف عن الروحاني مع الإنسان والله، ترك لي مساحة واسعة في الدخول إلى عوالم الخلق والموت من خلال الشعر الصوفي، والأهم من هذا كله هو الصورة الشعرية الغنية الصافية التي يحتويها هذا النوع من الشعر كانت قابلة لتحويلها إلى صورة وكلمة ذات دلالات أفقية وعامودية، حتى حركة الكاميرا كان لها بناء خاص ومدروس يتراقص ويتزاوج بشكل محكوم مع التصاعد الشعري عند المتصوف. الكلمة هي الأخرى ساعدت في بناء الفيلم وارتكازه مع الأدوات الإيقاعية الأخرى التي جعلت من الصورة تصل بكمالها وجمالها إلى نوع من التكامل المضيء.
طبعا بالتأكيد أن الأدوات الفنية لعبت دوراً مهماً في نجاح الفيلم، وهي التي أتاحت للمبدع تحقيق ما يريد من الشعر في أن يكون سينمائيا أو العكس، فعليه الدخول والتعامل مع الفن القولي والفن البصري والإيقاع السينمائي واستخدامه الكلمة والصورة وما وراء الصورة. هذا يعني إنه يعمل على خلق نمط جديد من الخطاب البصري والسمعي ليصل به إلى خطاب جمالي متكامل، كما يصل بالإنسان إلى أعلى مراحل الكمال والجمال الإنساني، وهذا يعني الرجوع إلى الشعر. وكما قلت إن التاريخ هو الشعر والكلمة معاً. وهذه اللغة الشعرية هي لغة الإنسان المتقدم. وهذا هو عمليا دوري في اكتشاف وبناء نمط جديد من اللغة الشعرية داخل الفيلم، إنها طريقة تفكير مختلفة ومتميزة بالرغم من صعوبة تحقيقها.

*هل يمكن القول إن الفنان الكندي سيرج-باتريس ثيبودو قد حرر فعلاً عقله وجسده وروحه من حاجاته المادية كلها بحسب إشارتك إلى فيلم " الرغبة والطين " في رحلة طويلة استمرت يوماً واحداً، لكنه ليس ككل الأيام، وإنما هو اختصار للحياة برمتها؟
-نعم تجربة اليوم الواحد لشاعر هي اختصار للحياة، وفي أحيانٍ كثيرة هي الحياة كلها " لا أملك ولا أمتلك " وهنا تكمن الحرية المطلقة عند الشاعر.

*هل أن جمعك للديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، هو بحث متواصل، من " الكلي " إلى " الجزئي " ومن " الموضوعي " إلى الذاتي. ما الذي أفدته من الرموز الدينية الحقيقية والمجازية في تعميق الرؤية الصوفية للفيلم؟

-نعم، كانت الأديان الثلاثة أساس هذا البحث، ولكن انطلاقة البحث كانت قد تمت عملياً من الجزئي إلى الكلي، ومن الذاتي إلى الموضوعي، من حالة الشاعر " سيرج بتريس تيبودوا " الجزئي، المتصوف المتحرر في الفضاء، إلى الكلي في قيم وأخلاقيات الإنسان المعاصر، وبالتأكيد الذاتي الذي هو أنا الإنسان الذي يتحول تدريجياً إلى الموضوعي، وهذا ينطبق على مجمل الخط العام للفيلم وبنائه. إن الشعر الصوفي حافل بالمفردات والعناصر والرموز الدينية التي تنتمي إلى الطبيعة والإنسان كما ذكرت قبل قليل، ساعدني الشعر الصوفي في إخراج هذه العناصر والعمل على تركيبها من جديد " لا تنسى نحن بصدد خلق فيلم وبحاجة إلى صورة متحركة وناطقة " وتنشيطها وبنائها وكأنها إنسان يتحرك عبر عناصر كونية منها الماء والهواء والسماء والأرض، أنها عناصر ورموز مقدسة هي التي خلقت عالمنا والإنسان معه، لماذا نذهب بعيدا؟ كم من نسبة الماء في أجسادنا؟، يعني أجسادنا هي الأخرى مقدسة!. إن قيم العراء والصفاء والفضاء والنزاهة والتوحيد مع الخالق والخلق وغيرها عند المتصوف " الإنسان " كانت المركز الدرامي لـ " الرغبة والطين " والذي تم بناءه عبر المؤثرات الصوتية والكلمة ومن ثم الصورة. و كان أساس البناء هذا هو الرموز الدينية، وهي بدورها " العناصر والرموز " التي قدمت للفيلم مزاجاً ومناخاً وهوية صوفية، وبالتالي فهي جميعها عناصر مشتركة، متوحدة، ومتناقضة، ومتساوية شكلت وعمقت الرؤية الصوفية لفيلم "الرغبة والطين".

*لديك محاولات حثيثة للدمج بين الفيلم التسجيلي والروائي، هل تعتقد أنك جسدت هذا الدمج في فيلم " أين العراق، أين العراق؟ " ما الذي تحاول الإمساك به في حال تصويرك للفيلم التسجيلي، وهل لديك رؤية محددة تختلف عن بقية المخرجين سواء أكانوا عراقيين أم عرباً أم أوروبيين؟

-كانت هناك في فيلم " أين العراق ... أين العراق؟ محاولة لخلق مناخ روائي بالرغم من آنية الفكرة والحدث ومشاركة اللحظة بشكل مطلق في خلقه. قد تم خلقها بالفعل عن طريق التعامل مع المكان والزمان، وقد أضاف الزمان ملامح روائية للعمل، كما لعبت التركيبة الوجودية الفيزياوية للشخصيات الحقيقية التي تتحرك دوراً مهماً في هذه الملامح والتي أنا بصدد إبرازها والتركيز عليها، ومن ثم معالجتها عن طريق دمج مجموعة من الثيمات واختيار مركز في استعراض خطوط متناقضة ومتصارعة على طول الوقت لتصل حد المواجهة المباشرة في تقديم الشخصيات على أن تكون مركبة بمعلومات مصورة، وموثقة بواقعية عالية، ويتم اختيارها بشكل مكثف ودقيق جداً، فقط الضروري منها، لكي لا نقتل الفعل الدرامي في الفيلم. كما نحتاج إلى زرع المعلومات " المكثفة" كما لاحظت في " أين العراق ...أين العراق؟ ". طبعا الحالة الوثائقية منها كانت في بداية الفيلم أكبر حجماً مما كانت عليه وهو يتلاشى إلى النهاية، هذا ما هو معروف في الفيلم الروائي عند طرح المسائل الكبرى، أي المعلومات الكبرى أولاً. عرض المعلومات والأحداث بهذه الكثافة في بداية الفيلم يساعدنا في تحضير أنفسنا للأحداث الدرامية التي ستأتي منسابة كالماء أو الذهب الخالص وهي تمر على المتلقي وحتى الشخصية التي تتحرك داخل الفيلم. كل هذا يهيئ لي الإمساك بالحقيقة والوجود الإنساني الحقيقي البسيط وبموضوعية مطلقة خارج الدائرة التي تتحرك فيها الشخصيات، الوجود المطلق لهم والصدق الخالص، مهما كانت حقيقته سلبية أم إيجابية. هذه هي الموضوعية في تناول العمل والارتقاء به إلى التسجيلي... الروائي، التسجيلي هو تقديم حقيقة الإنسان الواقعي الغير ممثل على أن تتم طريقة معالجته بأصول روائية.

*أنت فنان تشكيلي أيضاً، ولديك محاولات في كتابة النص الشعري المفتوح، وتسعى لتوظيف الشعر والتشكيل في أفلامك الروائية تحديداً فلم الوثائقي الروائي " مونولوغ " ، هل لك أن تحدثنا عن هذه المنطقة المشتركة التي تلتقي فيها السينما والشعر والتشكيل؟

-أن " الشعر والرسم والسينما " هي أدوات أحاول استخدامها واستنطاقها في المساحة الزمنية للفيلم، سواء كان هذا مع الفلم التسجيلي أو في محاولات لخلق فيلم " تسجيلي روائي ". إن تجربة فيلم مونولوغ " التسجيلي الروائي" ثيمته قائمة على الفقر العالمي والموت والإبداع " الخلق "، وأنا بصدد البدء بعملية منتجته قريباً جداً. تم توظيف الشعر المرسل والفن التشكيلي في عملية بناء الفكرة. أنه لا يعتمد في بنائه على الحوار الكلاسيكي في الأفلام السردية، بل أن كتابته تمت على شكل مونولوغ والذي هو بدوره يتحول إلى ديالوغ "حوار " في أثناء عملية منتجته ليحل مشكلة الربط والتزاوج التسجيلي بالروائي والعكس صحيح. وهذه هي طريقة ممتعة، ولكن معقدة وصعبة التحقيق لظروف عديدة لست بصدد الدخول والتشعب فيها، لأن هناك مشاكل فنية وتقنية كثيرة آمل أن يتوفر لنا الوقت الكامل للدخول في عوالمها في مناسبة أخرى. في فلم " المونولوغ " تم اختيار متسولين اثنين من بين ما يقارب المئة شخصية، وكان الفن التشكيلي هو العامل الحاسم في عملية اختيار الشخصيات التي كنت ابحث عنها... وقد تم هذا عن طريق الاستعانة ببورتريه لشخصية واحدة من مجموعة بورتريهات عديدة عملت على تطويرها منذ مدة زمنية طويلة، أي أنها رحلة ما يقارب الثماني سنوات بدأت العمل في رسم البورتريه عندما وصلت إلى كندا على شكل تخطيطات حبر على ورق، ومن ثم بواسطة الزيت، حيث استرسلت في موضوعات متعددة متسلسلة للإنسان الخبيث، والفقير، والمكسور، والمذلول و. . .و . . .و....وبالفعل تم التوصل إلى هذه الشخصيات الواقعية بواسطة هذه الأعمال، وتمت دراسة اللون واستنباطه من خلال هذه الوجوه والضوء والمناخ والمزاج العام للفيلم. لقد كان اعتمادي كاملا على الفن التشكيلي في تصوير فيلم " مونولوغ ". مرة أخرى يتزاوج الخيال مع الواقع، والواقع مع الخيال، هذه الواقعية التي أحاول الإمساك بها هي المنطقة التي أريد الوصول إليها وبالخصوص في فيلم " مونولوغ " عبر أدوات مختلفة وأهمها الفن البصري التشكيلي والشعري. أدوات تقودني إلى العالم الذي أريد الإبحار فيه، و بناءه، العالم الذي أريد واطمح إلى ترتيبه، العالم الذي من خلاله أستطيع أن أعبّر عن همومي وهموم جزء من هذا العالم الكبير. ما يهمني من تزاوج هذه الأشكال هو أنها تقدم لك الصدق والحقيقة، أنها طريقة بالفعل خاصة للاتصال بالعالم بالرغم من أنها تحاول الكشف عن عوالم ممسوخة، غير مرئية، وغير مفهومة الهدف، و معقدة الرؤية والتركيبة، ولكنها تتجانس في أسلوب غريب مختلف في تقديمه.

*إذا كان تاركوفسكي قد قال بأن " الشعر هو الوعي بالعالم. " أو طريقة خاصة للاتصال بالعالم. يا ترى، هل حقق المخرج باز شمعون اتصالاً محدداً بهذا العالم عن طريق الشعر في فيلم " الرغبة والطين "؟ وألا تعتقد أنك حشرتَ الفلسفة في ثيمة هذا الفيلم، وهل تعتقد أن السينما الشعرية هي فضاء رحب قادر على استيعاب هذه الموضوعات الروحية؟
-إن الشعر هو الخالق الأصيل، وهو نابع من صلب الفلسفة، هو التاريخ، وأعني به الوعي، فلماذا لا تتحمل السينما القليل من الشعر للاتصال بهذا العالم؟ أنا متأكد من أن الفيلم قادر على استيعاب العناصر والرموز الروحية كما هو الحال مع الموسيقى والفنون الإنسانية الأخرى. ما يشغلني ليس ما حققه باز من اتصال بهذا العالم عن طريق الفيلم الشعري، ما يهمني هو ماذا حقق فيلم " الرغبة والطين " من اتصال بالعالم.

*في الرسم أيضاً تجمع بين أشكال فنية متناقضة أو متضاربة قليلاً مثل التشخيصية والتجريدية، ما الذي أفرزته من هذه التجربة التشكيلية، وما هو سر تعلقك بالمناطق المشتركة العويصة؟ وهل لك أن تتوقف عند تجربتك التشكيلية القائمة، والتي تنضوي تحت عنوان " مونولوغ "؟ ولماذا رحّلتَ هذه التجربة التشكيلية إلى السينما؟
-عندما تقوم بالعمل بواسطة أكثر من أداة فإن هذا يعني أن عليك أن تقف وتكتشف السر الذي يوحد هذه الأداة في منطقة واحدة، لتكون منظومة متماسكة قوية، وإذا عثرت على سر الارتباط بين هذه الأداة يعني انك نجحت في الوصول إلى هدفك وهو التوحيد بينهم " الرسم والفيلم والشعر وفنون أخرى" وتحولها جميعاً إلى صوت وصورة، وهذه المناطق المشتركة التي تعتبرها عويصة تتلاشى وتنتهي وتصبح كتلة واحدة متجانسة متناحرة ومتناقضة في داخل الفيلم.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج السينمائي قاسم حول لمجلة - العربي -: السينمائي يحتاج ...
- مسرحية - سنغافورة - للمخرج البرتغالي باولو كاسترو: كل المُتل ...
- - الدودة الصغيرة - المسرحية الراقصة للمخرجة الفنلندية إيفا م ...
- شرودر يرفض الإقرار بالهزيمة، وأنجيلا تطمح أن تكون أول مستشار ...
- مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في ...
- الشعر العراقي في المنفى: المخيلة الطليقة التي فلتت من ذاكرة ...
- الفنان يوسف العاني عضواً في لجنة التحكيم للدورة السابعة عشر ...
- ملف الأدب المهجري العراقي
- حوار في الأزرق -معرض جديد للفنان ستار كاووش والهولندي مارك ل ...
- مسرحية - فاقد الصلاحية - لرسول الصغير على خشبة المجمع الثقاف ...
- الفنانة التشكيلية رملة الجاسم . . . من التشخيصية إلى التعبير ...
- الروائي العراقي سنان أنطون لـ - الحوار المتمدن -: البنية في ...
- التشكيلي سعد علي في معرضه الجديد - ألف ليلة وليلة -: التشخيص ...
- - يوم الاثنين - شريط روائي قصير للمخرج تامر السعيد، حكاية مف ...
- خطورة البعد الرمزي حينما يرتدي حُلة الوعظ والإرشاد في - فستا ...
- الروائي العراقي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بوصلة ال ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: بعد وفاة غائب قي ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: وضعت حياتي كلها ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: نحن الكتاب عائلة ...
- الروائي برهان الخطيب لـ - الحوار المتمدن -: استقبلت -حب في م ...


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - المخرج باز شمعون ل - الحوار المتمدن -: أعشق سينما الحقيقة، وأعمل من أجل الارتقاء بها